القِمار ومحفزات الإفساد

 

شبكة النبأ: طرحت دراسة أعدتها جامعات بريطانية فرضيات جديدة قد تقلب المفاهيم المعتادة عن سلوك المقامرين المدمنين على ألعاب الحظ والميسر، إذ أشارت إلى أن دافعهم الأساسي ليس الربح، بل الإثارة التي تحدث في مناطق محددة بالدماغ جراء الخسارة، وبالتحديد الخسارة بنتيجة متقاربة.

ولم يكن القمار والمقامرة عادة أو إدمان حديث أو وليد التكنولوجيا بل وجد منذ القدم. وقد حرّمه الإسلام في مناسبات كثيرة (وحرمنا عليكم الأزلام والميسر...) بعد أن رأى الإسلام أن القمار والميسر يودي بصاحبه إلى التهلكة ويبدد أمواله في غير مكانها المناسب.

ومع تقدم الزمن ودخول الحداثة والتكنولوجيا تطورت تلك الأزلام والميسر وتحولت إلى ألعاب الكترونية مثيرة ومسلية وتوسط بها الانترنيت والكومبيوتر حيث تتسابق الشركات الالكترونية المصنعة لهذه الألعاب في صنعها وتحديثها لإيقاع اكبر عدد من الضحايا والمدمنين مقابل جوائز رمزية قد يحصل عليها واحد من مليون من المتسابقين...

مغامرات شيوخ النفط..

وقد بلغت ديون رجل أعمال سعودي 10 ملايين دولار في القمار في كازينو في لندن. فقد استدان رجل أعمال سعودي قرابة 7 ملايين جنيه استرليني في اندفاعه في المقامرة التي استحوذت عليه وأدمنها وفقا لوثائق في المحكمة البريطانية العليا .

وتشير وثائق المحكمة إلى أن فهد التميمي رئيس شركة الاستشارات السعودية كان حتى وقت قريب "مدمنا على المقامرة" وعضوا في ناد حصري اسمه ناد لي امباسادور.

وفي تفاصيل القضية، استدان رجل أعمال سعودي قرابة 7 ملايين جنيه استرليني في اندفاعه في المقامرة التي استحوذت عليه وأدمنها وفقا لوثائق في المحكمة البريطانية العليا.

 كما ورد في الوثائق أن التميمي لم يكتفي بلعب القمار بل قام بإجراء صفقات أعمال في نادي لي امباسادورز أحد أرقى كازينوهات لندن.

وتعد شركة مكتب الخدمات الاستشارية السعودي إحدى أضخم مؤسسات الاستشارات الهندسية والإنشائية في المملكة العربية السعودية ويعمل فيها أكثر من ألفي موظف ولديها مكاتب في كل من السعودية ومصر وبريطانيا. تشير وثائق المحكمة إلى التميمي بعبارة "رجل أعمال ثري ومعروف".

لم تظهر متاعب القمار التي مني بها التميمي إلا عقب نزاع مع صديق سابق له بسبب تخلفه عن الدفع ورفع دعوى قضائية ضده لتخلف عن سداد قروض بذمته.

خلال فترة امتدت خمس سنوات ما بين ديسمبر 2002 وسبتمبر 2007 استدان التميمي مبالغ تصل إلى سبع ملايين جنيه استرليني من محمد الخضري وهو مدير تنفيذي في مكتب لندن لدى بنك الإمارات Emirates NBD.

والتقى الاثنان عام 2001 عندما كان الخضري مديرا في بنك الرياض في لندن وتولى مسؤولية الإشراف على حساب يعود للتميمي.

ولاحقا لدى التحاق الخضري ببنك دبي الوطني، الذي أصبح بنك الإمارات بنك دبي الوطني قام التميمي بنقل حسابه إلى ذلك البنك. تورد وثيقة تفاصيل الإدمان على القمار بالقول: " في النادي وعندما يخيب حظ التميمي ويخسر أمواله، كان يضطر لشراء المزيد من عملة القمار للتعويض عن خسارته لكن دون أن تتوفر سيولة لديه، مما دفعه لطلب المال من الخضري الذي يمتثل لطلبات التميمي عبر الهاتف في وقت متأخر من الليل أحيانا وفي خارج أوقات العمل الرسمي في البنك، ليأتي الخضري لإحضار النقود شخصيا إلى النادي".

أشار القاضي إلى أن تلك المبالغ تراوحت بين 50 ألف جنيه وتصل أحيانا لحد ربع مليون جنيه نقدا أو بعملة القمار التي يبيعها صندوق الكازينو. بحسب أربيان يزنس.

اتفق الاثنان على قيام التميمي بالسداد لتلك القروض عند الطلب مع رسوم 10%، ووفقا للوثائق كان التميمي يفي بالسداد خلال يوم أو اثنين أو قبل ذلك في حالات حالفه فيها الحظ في القمار. لكن خلاف أوقع بين الاثنين جعل من التميمي يتوقف عن السداد بالكامل فقام الخضري بمقاضاة التميمي بنجاح في المحكمة العليا لاسترداد قرابة 240 ألف جنيه استرليني مع الفائدة، وقام التميمي باستئناف الحكم في أكتوبر في العام الماضي لكن الاستئناف رفض.

القمار يتسلل لألعاب الصغار..

وقال نائب البرلمان الاسترالي المعارض نيك زينفون مؤخرا إنه يتعين على الحكومة الاسترالية حظر تطبيقات خاصة بالهاتف الذكي "آي فون" تسمح للأطفال بممارسة ألعاب تحاكي اللعب بماكينات القمار. وتحاكي التطبيقات التي يمكن تحميلها مجانا من على الإنترنت اللعب بماكينات القمار التي يعشقها مدمنو ممارسة القمار في استراليا. بحسب الوكالة الألمانية.

ونقلت وكالة أنباء "اسوشياتيد برس أوف استراليا" الاسترالية عن النائب قوله " لدينا مشكلة قمار كبيرة كافية في هذا البلد وهذا بلا شك سيزيد من ادمان ممارسة القمار يمكن أن يصبح الأطفال خبراء في اللعب بأجهزة القمار قبل أعوام من السماح لهم قانونا برؤية ماكينة مقامرة حقيقية" وتسمح أحد الألعاب للمستخدمين بوضع صور شخصية كرمز للمقامرة. كما أنهم يمكن أن يحددوا الحد الأدنى والأقصى للمقامرة. وقال زينوفون "هذا تطبيق تدريبي للأطفال ليخسروا الأموال الحقيقية عندما يصلون إلى سن 18 عاما إنه يهيئ الناس للعب البوكر فضلا على أنه يروج لأجهزة القمار" .

وعلى صعيد ذي صلة فازت امرأة تعمل في احدى محطات التلفزة في لوس انجليس وزوجها، بالجائزة الكبرى لسحب لوتو يجرى بين عدة ولايات اميركية يعرف باسم "ميغا مليينز" والبالغة قيمتها 266 مليون دولار على ما ذكرت تقارير صحافية.

ولم يتم الكشف رسميا عن اسم الفائزة إلا أن زملاء لها في محطة "ان بي سي 4" التلفزيونية أكدوا أن المرأة التي تعمل في غرفة التحرير ليلا قد أصابت الأرقام الفائزة.

وقال عاملون في المحطة أن المرأة أتت باكرا إلى عملها لإرسال نسخ عن السيرة الشخصية لزوجها عبر الفاكس بعدما فقد عمله أخيرا.

وبعدما اكتشفت أنها فازت وزوجها بالجائزة الكبرى أجهشت المرأة بالبكاء. وقالت زميلتها نيكول ستيفنسون "بدأت تبكي". وقال ديفيد ريز وهو زميل آخر لها انه كان نائما في منزله عندما اتصلت به الفائزة لتبلغه بما حصل.

ورغم فوزها بمبلغ سيسمح لها بعدم العمل طوال حياتها هي وزوجها، إلا أن صاحبة الملايين الجديدة أنهت نوبة عملها.

وسيحصل المطعم حيث اشترت السيدة بطاقتها على 0,5 % من الأرباح أي حوالي 1,3 مليون دولار.

وكان احتمال اصابة الارقام الفائزة واحد على 175711536 على ما جاء في موقع "ميغا مليينز" الالكتروني.

وفي ذات السياق افادت وسائل الاعلام المحلية في البرازيل مؤخرا ان الفائز بالجائزة الكبرى للياناصيب في البرازيل وقدرها 16 مليون دولار نجا من مؤامرة من والده لقتله بعد ان ضبطت الشرطة قاتلين مأجورين يفترض انهما استؤجرا لقتله.

وقال تلفزيون "أو جلوبو" ووكالة انباء استادو البرازيلية ان الشرطة ابلغت فابيو دي باروس بالخطة التي دبرها والده فرانسيسكو لقتله من اجل الاحتفاظ بالمكسب الذي يتشاجر عليه الاثنان منذ ان فاز فابيو بالجائزة في 2006.

من جهته قال محامي فابيو ان معركة قانونية بدأت بعد ان رفض فرانسيسكو (60 عاما) تسليم قيمة الجائزة التي اودعها فابيو في حسابه. ولم يتحدثا مع بعضهما لفترة تصل الى ثلاث سنوات.

واعتقل فرانسيسكو في سيابا في غرب البرازيل يوم الاربعاء.. وقالت وكالة انباء ايستادو ان الشرطة علمت بمؤامرة القتل خلال مراقبتها الاتصالات الهاتفية بين الرجلين المتهمين بالعمل كقاتلين مأجورين.

القمار ومنطقة الشعور بالرضا دماغياً

وتشير دراسة علمية اعتمدت على مسح مغناطيسي لأدمغة عشرات المدمنين إلى أنها تمكنت من تسجيل نشاط فائق في منطقتي Ventral Striatum وAnterior Insula المسئولتان عن الشعور بالرضا النفسي بعد التعرض للخسارة بنتائج قريبة من الرهان. بحسب سي ان ان.

وأضافت الدارسة التي نشرتها مجلة علوم الأعصاب إلى أنها أجرت المسح على عشرات المدمنين، وقد علّق رئيس مركز كاليفورنيا لتكنولوجيا الدماغ والمجتمع، ستيفن كورتيز، بالقول إن خلاصة البحث يظهر أهمية الرابط بين الشعور بالرضا في الدماغ والإدمان بمختلف أشكاله.

وقال كورتيز، إن الدراسة تفسر كيف يقتنع المدمنون على القمار بمواصلة اللعب على آلات مصممة لجذبهم إليها رغم خسارتهم المتواصلة.

ولفت كورتيز إلى أن المناطق التي يسجل فيها النشاط المتزايد لدى تعرض المقامر لخسارة جراء نتيجة متقاربة هي أيضاً مسؤولة عن التعلّم واكتساب مهارات جديدة، مضيفاً أن هذا قد يشير إلى أن النشاط الدماغي ربما يوحي للمقامر بأنه يتعلم من كل خسارة، الأمر الذي يدفعه إلى مواصلة اللعب على أمل الفوز.

وتابع بالقول: "الفهم الأفضل لتأثير المناطق الدماغية المسوؤلة عن الشعور بالمكافآت النفسية سيكون له في المستقبل دور كبير في تطوير وسائل علاج الإدمان بكل أشكاله، وخاصة إدمان القمار، كما قد تستفيد منه الشركات المصنّعة لألعاب الحظ."

ولفتت الدراسة إلى وجود بعض الثغرات التي قد تؤثر على نتائجها، ومنها أن جميع المقامرين الذين شملهم البحث هم من الرجال، كما أنها لم تأخذ عوامل خارجية بعين الاعتبار، مثل تأثير التدخين على الدماغ أو وجود مشاكل سلوكية نفسية محتملة لدى المقامرين المشاركين بالبحث.

يذكر أن الدراسة من إعداد طبيب الأعصاب هنري تشيس، من جامعة نوتنغهام، وزميله لوك كلارك من جامعة كامبريدج. بحسب رويترز.

 وأفادت دراسة جديدة أجريت على توائم استرالية ان فرصة أن يكون الشخص مقامرا أعلى اذا ما كان أحد والديه مدمنا على المقامرة.

وقال الباحثون في دراستهم التي نشرت في عدد يونيو حزيران في مجلة (Archives of General Psychiatry) إن العلماء اكتشفوا أن المورثات (الجينات) تلعب دورا في عدد من الادمانات وان القمار ليس استثناء من ذلك.

عوامل وراثية..

وقالت ويندي سلوتسكي من جامعة ميزوري لرويترز "كشفت ابحاث سابقة على الرجال عن ان الادمان على القمار قد ينتقل وراثيا.. وهذه الدراسة تمد هذا الاكتشاف ليتضمن النساء أيضا."

وتمكنت سلوتسكي وزملاؤها من معهد كوينزلاند للابحاث الطبية في بريسبان بأستراليا من خلال دراسة التوائم المتماثلة والمختلفة من الكشف عن التأثيرات المختلفة للعوامل الوراثية والبيئية على الادمان.

وسأل فريق الباحثين أكثر من 2700 امرأة و2000 رجل من سجلات التوائم الاستراليين عن عاداتهم في القمار كما سألوا أصدقاءهم.

وتبين أن كل من شاركوا في الدراسة تقريبا قامروا الى درجة ما لكن احتمالية ادمان الرجال على القمار كانت مثلي احتمالية ادمان النساء.

وظهرت معايير مشكلة ادمان القمار عند واحد بالمئة من النساء مقارنة بنسبة تقارب ثلاثة بالمئة عند الرجال.

واكتشفت سلوتسكي وفريقها أنه "اذا كان توأمك يعاني من مشكلة مقامرة فمن المرجح أن تظهر لديك نفس المشكلة أنت أيضا اذا كنت توأما متماثلا أكثر مما لو كنت توأما غير متماثل." وهذا مما يعني أن المورثات المشتركة تلعب دورا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/حزيران/2010 - 8/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م