قيل لنا ايام دراستنا الاولية ان الانكليز هم من دعم انشاء جامعة
الدول العربية لغرض تكريس تجزئة الوطن العربي ومنع قيام الوحدة بين
اقطاره المختلفة.
قد يكون هذا الكلام عصيا على الفهم بشكل كامل , وقد يكون منسجما مع
توجه النظام الحاكم في العراق انذاك المعروف بتوجهاته القومية المتعصبة
لكنه بالتأكيد ينطوي على شيء من الصحة اذا ما أخذنا الامور بنتائجها.
ما الذي قدمته الجامعة العربية للعرب؟ وهل كانت جامعة لهم كما يفترض
بها ان تكون؟
من الملاحظ ان كل التكتلات القارية والاقليمية المعاصرة للجامعة
العربية قد طورت هيكليتها واسلوب عملها وطرق تعاطيها مع الاسباب
الموجبة لوجودها بشكل مكنها من الاستمرار والتقدم في عملها وبالشكل
الذي ينسجم تماما مع توجهات الاعضاء المنضوين تحت لواءها, الا الجامعة
العربية ما زالت في مربعها الاول حيث وضعوها.
السوق الاوربية المشتركة نمت وتطورت لتتحول الى الاتحاد الاوربي
بمؤسساته الكبيرة المعروفة , البرلمان الذي يرسم سياسات الاتحاد ,
والمفوضية الاوربية التي تنفذ هذه السياسات , والبنك المركزي الاوربي
وعملته الموحدة , والغاء تأشيرات الدخول, وحرية انتقال الاشخاص والسلع
والخدمات داخل حدود منطقة اليورو, وتنسيق عالي المستوى في الشؤون
الاقتصادية وصل الى حد امداد اليونان بمئة وخمسين مليارا من الدولارات
منعا من انهيارها.
ومنظمة الوحدة الافريقية , من افريقيا التخلف والجوع والجفاف
والايدز والدكتاتورية والحروب والانقلابات العسكرية تحولت الى صيغة
افضل واكثر تطورا هي الاتحاد الافريقي.
حتى التكتلات الهشة وغير المتجانسة مثل الكومونويلث وعدم الانحياز
والاسيان ورابطة الدول المستقلة كان لها نصيبها من التطور والرقي في
وضوح الرؤية وتحقيق الاهداف التي انشئت من اجلها فماذا كان نصيب جامعة
عمرو موسى من كل ذلك؟
ما الذي قدمته للعرب؟ وهل حققت بعض الامال المعقودة عليها او على
الاقل بعض الاهداف التي ترسمها هي لنفسها؟
خمسة وستون عاما من الفشل, القرار العربي في الجامعة مصادر من قبل
دولتين هما السعودية بما لها من امكانيات مادية ونفوذ اقليمي على دول
الخليج ومصر باعتبارها دولة المقر والبلد الذي يحتكر منصب الامين العام
للجامعة.
ستة عقود ونصف من الفشل الذريع لجامعة عمرو موسى واسلافه الاباة ,
لم يتحرك العرب شبرا باتجاه الوحدة الاقتصادية العربية التي طبلت لها
الجامعة وزمرت منذ تأسيسها,لم تحل جامعة موسى نزاعا عربيا واحدا منذ
تاسيسها, النزاع الصحراوي على حاله منذ اربعة عقود , والقطيعة شبه
كاملة بسببه بين المغرب والجزائر,النزاع بين العراق والكويت والذي
انتهى باحتلال الاخيرة لم تفلح جامعة موسى في حله واحتواء اثاره وانتهى
اجتماعهم بتطاير الصحون بين عزت وسعد العبد الله ولولا التدخل الغربي
العسكري لبقيت الكويت جزءا من السجن العراقي الكبير.
الحرب الاهلية اللبنانية المدمرة التي استمرت خمسة عشر عاما واهلكت
الحرث والنسل عجزت جامعة موسى عن اطفاء جذوة واحدة من جذواتها,ماذا
فعلت الجامعة العربية عندما ضربت طائرات امريكا ليبيا والسودان
والصومال واليمن؟ وقصفت طائرات اسرائيل العراق وسوريا وتنتهك اجواء
لبنان باستمرار؟
ماذا فعلت جامعة موسى عندما اجتاحت اسرائيل لبنان لمرات حتى احتلت
شطرا من بيروت العاصمة؟
ماذا فعلت جامعة موسى للقضية الفلسطينية؟للدم الفلسطيني المراق؟
للمشردين في مخيمات الشتات؟ للقدس والاقصى؟ لغزة المنكوبة المحاصرة؟
ليس الفشل هو وحده ما يميز جامعة الدول العربية بل طائفيتها ايضا
وكيلها باكثر من مكيال والا ما سبب سكوتها المذل المهين اثناء الاجتياح
الاخير للبنان؟ حيث اعتبرت الدولتان المهيمنتان مناصفة على الجامعة
العربية وهما مصر والسعودية وبدافع طائفي مقيت من الاخيرة ان المقاومة
البطلة لابناء الجنوب ما هي الا مغامرة غير محسوبة النتائج وبالتالي
تركت الجامعة العربية ابناء الجنوب يواجهون العدوانيين طيلة شهر كامل
ولا من نصير.
وبنفس الدافع الطائفي المقيت ايضا لم تحرك الجامعة ساكنا تجاه الحرب
الدموية التي شنها العقيد صالح ضد الحوثيين , تلك الحرب التي انتهت
بدمار واسع وضحايا ومشردين ولم تتدخل تجاه العدوان الوحشي الذي شنه
السعوديون لمساعدة صالح من الجانب الاخر من الحدود , وفي كلا المثالين
السابقين نسي السيد موسى وجامعته ان نصر الله وعبد الملك الحوثي هم عرب
من ابناء عدنان وقحطان قبل ان يكونوا شيعة روافض تبيح فتاوى الوهابيين
دمائهم.
جامعة السيد موسى ايها السادة ولدت ميتة لانها لم تكن من اجل تحقيق
الاهداف التي انشئت من اجلها ولا من اجل اي هدف اخر يصب في مصلحة
الشعوب العربية اذن لماذا انشئت؟
ولماذا هي باقية اصلا ؟هل علينا ان نصدق ما قالوه لنا في مرحلة
الدراسة الاولية؟ اعتقد ان علينا ذلك...
ahleen65@yahoo.com |