قدم رئيس وزراء العراق السيد نوري المالكي يوم الاربعاء 9-6-2010،
وخلال لقاء خاص مع قناة العراقية الحكومية، رسالة واضحة لزعيم القائمة
العراقية اياد علاوي، اقل ماتوصف بانها ايجابية وودية، أذ قال في خضم
اللقاء انه " مستعد للقاء رئيس ائتلاف العراقية اياد علاوي " نافياً في
الوقت نفسه وجود اية مشكلة او عدائية معه، مضيفا أن “ مكتبي مفتوح
للجميع واهلاً بعلاوي اذ ليست هنالك مشكلة ولا عدائية لي معه ولا مع
احد وانا جاهز في اي وقت للقاء وفي اي مكان ليس فيه تكلفه فلماذا هذه
الحساسية”.
بعد يوم واحد، لا اكثر و لا اقل، من تصريح المالكي نشر علاوي مقالة
في صحيفة الواشنطن بوست الامريكية بعنوان " كيف يعزز العراق ديمقراطيته
الهشة" ؟ رد فيها على رسائل المالكي الايجابية، سواء شعر ام لم يشعر
بذلك، باخرى سلبية مقوّضة للتفاؤل الذي صنعه، نوعا ما، تصريح المالكي
حول علاوي، حيث وصف حكومة المالكي بانها حكومة ذات ميل طائفي فشلت في
توفير الامن والخدمات.
هذا التصريح المثير يمكن ان نتقبل شطره الثاني من حيث انه يمثل وجه
نظر قوى سياسية معارضة للمالكي ترى انه فشل امنيا وخدماتيا كما يرى ذلك
ايضا التيار الصدري حينما يقول ان المالكي فشل "في معالجة الكثير من
الامور والقضايا منها الملف الامني حيث كانت معالجته لهذا الملف خاطئة
جدا" كما صرح بذلك الامين العام لكتلة احرار التابعة للتيار الصدري
امير الكناني لنشرة نقاش بتاريخ 8-6-2010، لكن ان توصف الحكومة بانها
طائفية وفي هذا التوقيت الخاطئ، فهذا امر يدعو للقلق ويفتح مجالات
وتاويلات ربما نحن في غنى عنها في الوقت الحالى ولاتخدم مسيرة
الديمقراطية الحالية.
السيد علاوي في نفس المقالة لم يكتف باطلاق نيران نقده على هذا
النحو، بل انه بيّن بعبارة واضحة موقفه من المالكي حينما قال بانه "
على الرغم من فشله في قلب نتائج الانتخابات فانه يرفض الاعتراف بخسارته
او برغبة العراقيين بالتغيير " وهو هنا يفتح ناره بلا هواده حول
المالكي ويرى انه "يتحدى الاعراف الدستورية وارادة الشعب".
ثم يتحدث علاوي عن اللقاء مع المالكي ويُعطي تفسيرا للسبب الذي يحول
دون اللقاء به وذلك لان " قائمة المالكي جائت بالمرتبة الثانية فان
القائمة العراقية تود اللقاء به من غير شروط مسبقة ووجها لوجه،ونحن
مصممون على بناء دولة على اساس الكفاءة والمهنية وليس على اساس الاثنية
والطائفية ولهذا المالكي يرفض الى حد بعيد لقاءنا ".
وفي يوم الجمعة وبعد مقالة علاوي المثيرة، وجه المالكي، وعبر قناة
الحرة، دعوة لعلاوي لزيارته متزامنة مع رد حاد لمستشار المالكي على
الموسوي الذي قال " إن وصف زعيم ائتلاف العراقية للحكومة الحالية
بالطائفية دليل على امتلاكه مشروع وحيد وهو
السلطة " موضحا أن “مقال علاوي يرتكز على نقطة اساسية وهي محاولة
دفع الدول الخارجية للتدخل بالعملية السياسية لصالحه اضافة الى انه
يستعين ويحرض الدول الاخرى بطريقة او بأخرى".
ويبدو ان التراشق الاعلامي بين دولة القانون والقائمة العراقية سواء
من خلال اعضائها او حتى من خلال قممها السياسية قد اصبح امرا مثار
للتساؤل والاستفهام في الوسط الاعلامي والسياسي، فها هو نائب رئيس
الجمهورية السيد عادل عبد المهدي،وفي معرض حديثة حول التنافس على
السلطة وعقدة (رئيس الوزراء)،والمناوشات الاعلامية الحادة بين دولة
القانون والقائمة العراقية، يقول، خلال استضافته لرئيس مؤسسة الرافدين
للاعلام، الاعلامي حليم سلمان،الجمعة 11-6-2010 " إننا نتعامل مع برامج
وسياسات وليس مع أشخاص رغم أهمية ذلك أيضا".
هذه المماحكات بين العراقية ودولة القانون تاتي، مترافقة مع اول
لقاء رسمي حدث عصر الخميس بين ائتلاف دولة القانون والعراقية في مقر
حزب الدعوة الاسلامية، في حين من المفترض منطقيا ان تترطب الاجواء بين
هاتين القائمتين، وبقية القوائم الاخرى، بدلا من ان تتشنج وتتوتر في
وقت اقتربت فيه جلسة البرلمان من الانعقاد من اجل البدء بمفاوضات تشكيل
الحكومة التي يبدو انها سوف تكون عصيبة ومعقدة وتحتاج لمفاوضين
وسياسيين محنكين من اجل رسم خارطة الحكومة والمشهد العراقي الجديد.
رسائل علاوي للمالكي كانت، مخالفة ومناقضة، لما قاله نائب رئيس
الجهورية والقيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي قبل هذه المقالة
بيومين بالضبط، حيث قال، في كلمة ألقاها خلال أعمال القمة الثالثة
لمؤتمر التفاعل وبناء الثقة في آسيا الذي انعقد في اسطنبول الثلاثاء
8-6-2010،" لقد نجح العراق في التغلب على العديد من التحديات التي
واجهت مسيرة بناء العراق الجديد منذ سقوط النظام السابق عام 2003،
واستطاع لأول مرة أن يبني مؤسسات ديمقراطية من خلال صناديق الاقتراع،
ولديه الآن مجالس محلية ووطنية تشريعية منتخبة بإرادة حرة، كما لديه
دستور دائم، وصحافة حرة، ومؤسسات مجتمع مدني تضطلع بدور متميز في
مختلف جوانب الحياة الإغاثية والسياسية والتربوية والاجتماعية وغيرها."
وهو تصريح متوازن وموضوعي يبعث برسائل تطمينية لدول الجوار والعالم
من جهة،والكتل السياسية في العراق من جهة اخرى، ويخلق فضاءات دافئة من
العلاقات بين الكتل السياسية الحاكمة فيه ويقدم صورا مشرقة لمايحدث في
العراق على الرغم من وجود بعض الصور المظلمة المتمثلة بالفسادة الاداري
والمالي والارهاب التي تقوم به قوى الرذيلة والظلام، فالمطلوب من جميع
الكتل، سواء في تصريحاتها السياسية داخل العراق ام خارجه، ان تُكون
متجردة من التحريض والعصبية والطائفية وان تتحمل المسؤولية التي منحها
لهم الشعب حينما تحدى الارهاب والموت وغمّس اصبعه بالحبر البنفسجي لكي
تشرق على ارضه سماء الحكومة الجديدة التي يضع على اكتافها حملا واملا
كبيرا.
[email protected] |