الغارة الإسرائيلية على إيران والعواقب المضادة

  

شبكة النبأ: يرى الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى ديفيد شينك إن إسرائيل تظلّ تشعر بالقلق من الأسلحة المتقدمة أكثر فأكثر التي توفّرها سوريا لـ «حزب الله».

وبصورة خاصة، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تعتبران أن إقدام سوريا على تسليم «حزب الله» نظم "إيغلا" المضادة للطائرات وصواريخ "فتح 110" يمثّل تصرّفاً سورياً أرعن ومسيئاً للإستقرار.

حيث يقول شينك "تصاعدت التوتّرات الإقليمية قبل أسابيع إبان ما سُمّي "أزمة صواريخ سكود". وقد انحسرت المخاوف باحتمال نشوب حرب وشيكة [في ذلك الحين]. ولكن خطر نشوب حرب جديدة ما يزال قائماً. وبغض النظر عن موضوع "السكود، ونظراً للحالة السائدة في المنطقة، فليس صعباً أن يتصوّر المرء كيف يمكن أن تشتعل نيران حرب جديدة".

ويضيف شينك، "فيمكن، مثلاً، أن تقرّر إسرائيل توجيه ضربة لشحنة أسلحة – سواء في الجانب السوري أو في الجانب اللبناني من الحدود- الأمر الذي يمكن أن يستدعي ردّاً ثأرياً. أو يمكن أن يهاجم «حزب الله» هدفاً إسرائيلياً أو هدفاً يهودياً- على غرار ما فعل في الأرجنتين في العام 1994- ثأراً لاغتيال قائده العسكري، عماد مغنية، الأمر الذي سيستدعي ردّاً ثأرياً إسرائيلياً. كما يمكن أن يهاجم «حزب الله» إسرائيل ردّاً على ضربة إسرائيلية لمواقع إيران النووية".

ويسترسل قائلا، "إن من الواضح أن إسرائيل تركّز على التهديد الإيراني حالياً، ويبدو أنها ترغب في تجنّب الحرب مع لبنان إلى ما بعد مواجهة التحدي النووي الإيراني. وبدوره، فإن «حزب الله» ميّال للإنتظار، جزئياً لأن جمهوره لا يرغب الآن في التعرّض لحرب مدمّرة جديدة، وكذلك لأنه يرغب في الإحتفاظ بإمكاناته العسكرية كاملة لاستخدامها في حال توجيه ضربة إسرائيلية ضد المرافق العسكرية الإيرانية".

فيما يرى شينك، "إن العقوبات الجاري بحثها حالياً لن تكون كافية لإقناع إيران بالتخلّي عن برنامج الأسلحة النووية. فالصين وروسيا، على السواء، لا ترغبان في فرض عقوبات تصيب إيران بـ"الشلل"، ، ويضيف، "أي عقوبات على المنتجات النفطية المكررة، ولا تقبلان حتى بفرض "عقوبات مؤذية. ويصعب تصوّر أن العقوبات المطروحة ستكون فعّالة".

وعن قدرات اسرائيل التقنية في استهداف المنشآت النووية الايرانية يقول شينك، "تملك إٍسرائيل قدرات كبيرة جداً، ولكن بعثرة الأهداف الإيرانية ووجود بعضها تحت الأرض يمثّل تحدّياً تقنياً للدولة اليهودية. والأرجح أن إسرائيل ستقوم، إذا ما اعتبرت ذلك ضرورياً، بضرب المرافق الإيرانية مع إدراكها أنها غير قادرة على "تدمير" البرنامج الإيراني، وإنما على إبطائه أو تأخيره فحسب".

ويشتشهد، "حينما قامت إسرائيل بتدمير مفاعل "أوزيراك" بالعراق في العام 1981، تكهّن كثيرون بأن الضربة لن تسمح سوى بتأخير البرنامج العراقي لسنوات قليلة. واستناداً إلى تقييم الخطر الإيراني، فاعتقادي هو أن إسرائيل ستخلص إلى النتيجة نفسها".

وعن الموقف الامريكي يقول الباحث في معهد واشنطن ديفيد شينك ايضا، "كل الدلائل تشير إلى أن إدارة أوباما تنصح الإٍسرائيليين بعدم مهاجمة إيران. وتفضل واشنطن إعطاء العقوبات وقتاً لإعطاء مفعولها أو، إذا لم يتحقق ذلك، الإستفادة من الوقت لبناء تحالف دولي لمواجهة طهران. إن السؤال حول ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لضرب إيران حتى لو صدر عن واشنطن "ضوء أحمر" حازم هو سؤال مهم. الواقع أن إسرائيل تعرّضت للنقد من جانب إدارة ريغان بعد الغارة على مفاعل "أوزيراك" العراقي، ولكن دينامية العلاقة بين إسرائيل وإدارة أوباما مختلفة كلياً عما كانت عليه في عهد ريغان".

ويضيف، "بغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة ستوافق على ضربة إسرائيلية أو ستندّد بها أو ستسعى إلى منعها، فإن طهران ستعتبر واشنطن مسؤولة عن الضربة وستواصل- أو ستعزّز- جهودها لتقويض مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعريض المصالح الأميركية لمتاعب في أفغانستان أو في العراق- أو حتى في بلدان أخرى، على غرار "عملية الخُبَر" في العام 1996 مثلاً".

ويشير ايضا، "يُضاف إلى ما سبق أن إيران تقيم علاقة خاصة مع «القاعدة»، ويمكنها أن تسعى لاستخدام «القاعدة» ضد الولايات المتحدة".

ويرى شينك ان العوقاب ستكون كارثية حسب رأيه على لبنان فيقول، "العواقب على لبنان، ستكون كارثية. في العام 2006، تسبّبت الحرب التي أشعلها «حزب الله» بسقوط 1000 قتيل وتكبّد لبنان خسائر بقيمة 7 مليار دولار. ويقول الإسرائيليون أنهم سيوسّعون نطاق التدمير في الجولة المقبلة".

ويستطرد شينك في حديثه، "لا يملك نظام الأسد مصلحةً في التورّط بالحرب المقبلة. ويعتقد العديد من المحلّلين أن تدخّل سوريا في الحرب سيعرّض للخطر نظام الأسد نفسه. الأرجح أن بشّار الأسد يفضّل، على غرار ما فعل في العام 2006، أن يبقى على الحياد وأن يهلّل لـ «حزب الله» وأن ينسب لنفسه الفضل في "النصر الإلهي". لكن الإكتفاء بالتفرّج على الحرب سيكون أصعب في المرة المقبلة. فقد عزّزت سوريا تقاربها مع إيران ومع «حزب الله» منذ العام 2006، وتعهّدت علناً بأنها ستشارك في القتال في الحرب المقبلة دفاعاً عن "المقاومة. لذلك، قد يجد نظام الأسد نفسه محرجاً فيشارك في الحرب، الأمر الذي سيجعل كلفة الحرب أكبر على جميع الفرقاء المعنيين".

ويضيف، "ليس واضحاً ما هو نوع الضربة التي ستوجّهها إسرائيل ضد برنامج إيران النووي أو ضد «حزب الله» - وليس واضحاً ما مدى الأذى الذي ترغب إسرائيل في إلحاقه بسوريا وبنظام الأسد! وإذا ما خرجت سوريا، و «حزب الله»، وإيران، من الحرب أضعفَ مما كانت قبلها، فإن ذلك سيشكّل ضربة لحركة «حماس» وللأصولية في المنطقة، الأمر الذي سيشكل حافزاً جديداً لمحادثات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية. ولكن مثل هذه النتيجة الحاسمة تظلّ مستبعدة. وفي الحدّ الأدنى، فإنه يبدو أن أداء إسرائيل في حرب 2006 لم يخلق بيئة تقنع إسرائيل بالقيام بمخاطر من أجل السلام".

ويشير ديفيد، "من الخارج، يبدو نظام طهران هشّاً ومكروهاً جداً من الإيرانيين. ولكنه ما يزال يثبت إستعداده للوصول إلى إجراءات قصوى- مثل إغتيال المعارضين الإيرانيين للنظام الإستبدادي- من أجل البقاء في السلطة. وليس واضحاً ما إذا كانت الضربة الإسرائيلية ستتسبّب بنشوء "موجة وطنية" في إيران تشكل دعماً للنظام الذي يكرهه الشعب. وإذا ما حصل مثل هذا الإلتفاف الوطني حول النظام، فسيكون ذلك عاقبة سلبية فعلاً للضربة الإسرائيلية. إن هذا العامل هو أحد العوامل الحاسمة المجهولة".

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة.

وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/حزيران/2010 - 27/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م