من بين الاهتمامات الكثيرة والمتنوعة التي حفلت بها بحوث ومحاضرات
الفقيه المقدس آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (أعلى الله
درجاته) كان للمرأة وحقوقها وصيانة كرامتها حصة مهمة بل وكبيرة أيضا،
حيث نطالع الكثير مما كتبه وألفه الفقيه الشيرازي في هذا المجال مركّزا
على حقوق المرأة وعلى الحظوة الكبيرة التي حباها الاسلام للمرأة على
نحو عام.
فقد كانت المرأة مستباحة الحقوق والكرامة في آن واحد، في ظل مجتمع
جاهلي قبلي ومتأزّم يؤمن بأن المرأة لا تستحق الحياة فيُقدم على وأدها
وهي على قيد الحياة، هذا بعض ما كانت تعانيه المرأة في المجتمع العربي
قبل الاسلام، أما في الامم الاخرى فلم يكن حال المرأة أفضل حيث كان
ينظر إليها الرومان وهم مصدر الحضارة آنذاك بمثابة الشيطان، فيما كانت
تتعرض في الامة الهندية للحرق بمجرد موت زوجها حتى لو كانت بعمر الشباب.
ولم يكن حالها أفضل في الامم المتبقية، حتى جاء الاسلام فحررها من هذه
التجاوزات التي لا تليق بالمرأة ولا بالانسانية عموما.
وقد أكد الفقيه الشيرازي في عموم أفكاره وبحوثه التي تتعلق بالمرأة
ومكانتها، بأن المرأة تستمد مكانتها من الشرائع السماوية التي جاء بها
الاسلام وأكد عليها وأوجب تصحيحها في المجتمع العربي وعموم المجتمعات
الاخرى، وبهذا لم يقتصر فضل الاسلام على المرأة العربية وخلاصها من
مأساة الوأد والتجاوز وغيرها، وإنما طال فضله المرأة في عموم العالم.
وما هذه الحرية التي يتشدق بها الغربيون –مثلا- سوى نتاج مؤكد وقاطع
للحرية التي حباها الاسلام في تعاليمه للانسان عموما وللمرأة أيضا بما
يحفظ لها حقوقها من التجاوز او القتل وما شابه، بل ويتفق الجميع على أن
الاسلام هو الشريعة السماوية الفعلية الأولى التي سمحت للمرأة بحق
التملّك على سبيل المثال، فبعد أن كانت مغموطة الحقوق في كل شيء صار
لها كيانها القائم بذاته وصارت لها حرية التملك والمتاجرة والعمل بما
يناسب مؤهلاتها البدنية والفكرية أيضا.
وقد حرص الفقيه الشيرازي على أن يقدم النصح والمشورة والتوجيه
للمرأة من خلال النموذج الأمثل الذي يصلح لمثل هذه المهمة العظيمة
والبالغة الخطورة، وهذا النموذج النسائي العظيم هو (فاطمة سيدة نساء
العالمين) بنت رسول الله (ص) التي ترعرعت في بيته وفي حياض أفكاره
وتربيته التي جعلت من ابنته سيدة لنساء العالمين أجمع بخصالها وأدبها
وعلمها وسلوكها الرفيع المنتهل من منبع العلم النبوي الشريف.
وهكذا يستطيع القارئ والمتلقي أن يجد ضالته في عشرات البحوث العلمية
والمحاضرات القيمة التي خصصها الفقيه المقدس الشيرازي لدعم حقوق المرأة
والحفاظ عليها وتحصينها من الخرق او التجاوز مبديا ذلك وفق خطوات ذات
بعد مزدوج (فكري وتطبيقي) في آن وموثقا دعواته التوجيهية في كتب تضم
بحوثه ومحاضراته القيّمة في هذا المجال والتي تنطوي برمتها على توجّه
إنساني يستند الى المصلحة العليا التي وجّه بها الاسلام لكي تبقى
المرأة محصنة بحقوقها الانسانية التي لا يجوز التغاضي عنها او التجاوز
عليها في أي حال كان.
وفي الوقت ذاته يؤكد الفقيه الشيرازي في عموم بحوثه المتعلقة بهذا
المجال، على أن ثمة مهام ملقاة على عاتق المرأة نفسها، حيث ينبغي لها
القيام بها والحفاظ عليها، فصاحب الشأن أولى به كما يُقال، بمعنى يجب
على المرأة نفسها أن لا تفرط بحقوقها وفقا لما تقتضيه المصلحة، ووفقا
لما يحدده الشارع المقدس استنادا الى المعطيات الفكرية والجسدية التي
تتميز بها المرأة عن أخيها الرجل، لاسيما وأن البحوث والنصائح التي
يقدمها الفقيه الشيرازي (أعلى الله درجاته) تكون مدعمة بالأمثلة
والشروح الوافية التي غالبا ما يستمدها من سيرة النبي (ص) وأهل بيته
الاطهار عليهم السلام أجمعين.
ولقد أكد الفقيه الشيرازي على ضرورة الاهتمام بالمرأة واحترام
كينونتها ومواهبها وإشراكها في مضامير الفكر والعمل بما يجعلها فاعلة
ومنتجة ومصانة في آن واحد، وعدم مصادرة رأيها من قبل الرجل أو تحجيم
دورها الذي يتلاءم مع طبيعتها وقدراتها، لاسيما في الجانب التربوي.
حيث يكون للمرأة دورها الاول في تربية الابناء وتأسيس الخلية
العائلية الناجحة بمساعدة الزوج، فالمحيط العائلي هو الحاضنة التربوية
الاولى للانسان، والمرأة هي المسؤول الأقرب والأكثر تواجدا في هذا
المحيط بسبب عدم تواجد الرجل في هذه المحيط أثناء كسبه للرزق وضربه في
الارض وما شابه.
لذلك يؤكد الفقيه الشيرازي في بحوثه ومحاضراته الثمينة على هذا
الجانب الحيوي من دور المرأة في الحياة، وهو الدور الذي يؤكد حقوقها
ويوجب على الجميع احترامها ومراعاتها، إستنادا الى التعاليم الاسلامية
التي أوجبت ذلك على الرجل، واستنادا الى النموذج النسوي الاول متمثلا
بالنهج السلوكي الفكري الأمثل لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها
السلام.
* مؤسسة الفقيه الشيرازي الثقافية
http:// mr-alshirazi.com/ |