الفاتيكان وبكائية لقطع جسور التواصل

وثيقة قد تقود الى توتر العلاقات بين المسيحيين والمسلمين

شبكة النبأ: بينما تعيش الكنيسة ازمة كبيرة بسبب الفضائح الاخلاقية الكبيرة اثر الاعتداءت الجنسية المتكررة على الاطفال من قبل بعض القساوسة، فان الفاتيكان يحاول تغيير انظار العالم عن ازماته وفضائحه الى الشرق الاوسط عبر بكائية غريبة على اوضاع المسيحيين وتركيز الانظار على الخطر الاسلامي. ومع ان الفاتيكان يؤكد على اهمية الحوار بين المسلمين والمسيحيين فان تصريحاته حول الاسلام واعتباره مصدر للتشريع في الدول الاسلامية ترسخ مفهوم القطيعة والصدام.

فقد أعرب البابا بنديكت السادس عشر عن قلقه الشديد حيال مستقبل المسيحيين في الشرق الأوسط، وذلك في وثيقة عمل قدمها مؤخرا، أظهر فيها مخاوفه حيال أوضاع الطوائف المسيحية في المنطقة بسبب ما تم وصفه بـ الثيوقراطية الإسلامية، وسيطرة الأفكار المتطرفة على الطبقات السياسية الحاكمة.

وجاء في الوثيقة التي سيناقشها كبار قادة الكنائس في الشرق الأوسط أن دول المنطقة - باستثناء تركيا - تعتبر الإسلام مصدراً أساسياً للتشريع، الأمر الذي يحرم المسيحيين من حقوق الأساسية، ولفتت الوثيقة أن القوى المتشددة التي ترفع شعار "الإسلام هو الحل" لا تتردد في الاتجاه نحو العنف.

وتتكون الوثيقة من 51 صفحة، وقد أشارت إلى أن "العلاقات بين المسلمين والمسيحيين كانت صعبة في معظم الأحيان، وأعادت السبب الرئيسي لذلك إلى أن المسلمين "لا يفرقون بين الدين والسياسة، ما يدفعهم إلى عدم النظر إلى المسيحيين على أنهم من المواطنين المتمتعين بحقوق كاملة."

وأضافت الوثيقة: "العامل الأهم الذي يمكنه أن يؤدي إلى تناغم بين المسلمين والمسيحيين هو أن يقر المسلمون بالحريات الدينية وحقوق الإنسان."

ولفتت وثيقة الفاتيكان إلى أن المشكلة في الأنظمة الشرق أوسطية التي تعيش فيها مجموعات مسيحية تتمثل في اعتبار الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للقوانين، وتطبيق ما جاء فيها على الحياة الفردية والعامة، حتى بالنسبة لغير المسلمين.

وتابعت قائلة: "لقد تزايدت الهجمات على المسيحيين مع تزايد نشاط الإسلاميين المتشددين.. هناك حركات إسلامية ترغب بتطبيق الشريعة بالكامل في كل الدول على الرعايا المسلمين وغير المسلمين، وهي تعتقد أن أساس مشاكل المنطقة هو الابتعاد عن تعاليم الإسلام، لذلك ترفع شعار 'الإسلام هو الحل' ولهذه الأسباب فإن البعض لن يتردد باللجوء إلى العنف."

من جانبه، ندد إبراهيم هوبر، الناطق باسم مجلس العلاقات الأمريكية - الإسلامية، بما جاء في وثيقة الفاتيكان، معتبراً أنها "لن تساهم في بناء علاقات أفضل بين المسيحيين والمجتمعات الإسلامية التي يقطنون فيها."

وأضاف هوبر، في حديث لـCNN: "الشريعة الإسلامية تحترم المسيحيين، وقد ظهر هذا عبر التاريخ، حتى أن النبي محمد نفسه كان له علاقات طيبة مع المسيحيين.

وأنهى البابا زيارته لقبرص بعد احتفاله بالقداس في قصر الرياضة في نيقوسيا، وسلم  نسخة عن وثيقة العمل المقبلة لاجتماع الأساقفة الخاص بالشرق الأوسط، ووجه البابا كلمة في حفل وداع دعا فيها لمضاعفة الجهود لبناء سلام حقيقي ودائم لجميع شعوب المنطقة.

البابا يدعو لتهدئة التوترات في الشرق الاوسط

ومن جانب آخر دعا البابا بنديكت الى "جهد دولي منسق" لتخفيف التوترات في الشرق الاوسط قبل اراقة مزيد من الدماء.

وتزامنت دعوته مع اعلان وثيقة من الفاتيكان عن الشرق الاوسط استنكرت "التغاضي عن القانون الدولي" وانتهاكات حقوق الانسان ونزوح المسيحيين فرارا من القتال في المنطقة.

وأضاف "أكرر ندائي الشخصي ببذل جهد دولي عاجل ومنسق لتسوية التوترات القائمة في الشرق الاوسط وبخاصة قبل أن تؤدي مثل هذه الصراعات لاراقة المزيد من الدماء." بحسب رويترز.

ويؤيد الفاتيكان وطنا للفلسطينيين وكذلك حق اسرائيل في الوجود داخل حدود معترف بها دوليا لكن علاقاته مع الدولة اليهودية شهدت توترا أحيانا وبرز هذا في أجزاء عديدة من الوثيقة.

ومن بين الامور الرئيسية التي تثير قلق الفاتيكان في المنطقة استمرار نزوح المسيحيين من مهد المسيحية بسبب الصراعات. وقالت الوثيقة "تشيع الهجرة بشكل خاص اليوم بسبب الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وما نجم عنه من انعدام الاستقرار في مختلف أرجاء المنطقة."وأضافت أن وضع المسيحيين في الشرق الاوسط ازداد سوءا مع الوضع الاجتماعي الذي ينذر بالخطر في العراق "حيث أطلقت الحرب قوى الشر" ومع انعدام الاستقرار السياسي في لبنان.

قبرص: انقسامنا يهدد التراث الديني

ومن جانبها أبلغت قبرص البابا بنديكت بأن تراثها المسيحي يتعرض للتهديد بسبب انقسام الجزيرة المستمر منذ عقود وهو نزاع يضر بمحاولة تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

وقال الرئيس القبرصي ديميتريس كريستوفياس لبنديكت خلال اجتماع "من المزعج بوجه خاص أنه على مدى 36 عاما يدمر تراثنا الديني في المناطق المحتلة وهذا يشكل خسارة للبشرية بوجه عام."

وقال البابا ان زيارته ليست سياسية وتجنب بشكل كبير التطرق لمسألة تقسيم قبرص بالغة التعقيد.

وأغلب القبارصة اليونانيين من الروم الارثوذكس. لكن الحكومة القبرصية والكنيسة اللتين تغتنمان فرصة الاهتمام الاعلامي الواسع بالزيارة سلطتا الضوء مرارا على ما تصفانه بالتدنيس المنهجي للكنائس في شمال قبرص حيث تقع دولة منفصلة للقبارصة الاتراك.

واعترفت السلطات القبرصية التركية في السابق بتعرض بعض الاثار للضرر لكنها قالت انها تفعل ما بوسعها لترميم الكنائس والحفاظ عليها. وقالت أيضا ان أماكن العبادة الاسلامية تدنس في الجنوب.

وفي زيارة لمتحف استعرض بنديكت قطعا من الفسيفساء الثمينة يرجع تاريخها الى القرن السادس انتزعت من جدارن كنيسة في شمال قبرص ثم بيعت في السوق السوداء. واستعادتها الكنيسة القبرصية بعد نزاع قضائي في الولايات المتحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 9/حزيران/2010 - 24/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م