ارهاصات التغيير في مصر: عقبات دستورية وقبضة حديدية

اليأس وعدم الثقة تبعد المصريين عن المشاركة الفعالة بالانتخابات

 

شبكة النبأ: شارك آلاف المصريين في اكبر حشد حتى الآن للمرشح الرئاسي المحتمل محمد البرادعي والذي دعا مؤيديه إلى المشاركة في حملة من اجل تغيير للدستور المصري للسماح بخلافة ديمقراطية للرئيس حسني مبارك.

وفي غضون ذلك قالت اللجنة العليا للانتخابات في مصر ان الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم اكتسح انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي أجريت بحصوله على 60 مقعدا من بين 64 مقعدا تم حسم الاقتراع عليها، وسوف تجرى انتخابات الإعادة على عشرة مقاعد ينافس الحزب عليها جميعا.

في حين ألقي القبض على ثمانية من أنصار البرادعي في مدينة دمنهور بدلتا النيل أثناء جمعهم توقيعات لدعم مطلبه بتعديل الدستور بحسب ما أفاد مصدر قضائي. الأمر الذي دعا منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان العالمية هيومن رايتس ووتش للمطالبة بوقف المحاكمة التي بدأت لناشطين حقوقيين ومدوِّن، على خلفية اتهامات وُجهت إليهم "لدوافع تبدو سياسية".

واحتشد ما يقرب من أربعة آلاف مصري في الفيوم جنوب غرب القاهرة لتأييد المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكان بين المشاركين حشد كبير من انصار جماعة الاخوان المسلمين اكبر الجماعات المعارضة في مصر.

وأدى البرادعي (67 عاما) صلاة الجمعة في مسجد مبارك بالمدينة مع نحو ألف مصل لكن نحو أربعة الاف مواطن أخرين احتشدوا في الشوارع المحيطة بالمسجد.

وردد المحتشدون هتافات تقول "يا برادعي سير سير احنا معاك للتغيير" و"ارفع صوتك قول للناس التغيير جاي خلاص". كما ردد النشطاء هتافات تقول "يا دكتور ما يهمك حد انت زعيم الامة بجد" و"يا برادعي يا مصري حبك جوا الدم بيسري".

وقال البرادعي أواخر العام الماضي انه يمكن أن يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة التي ستجرى العام المقبل اذا رفعت قيود على ترشيح المستقلين للمنصب وتوافرت ضمانات لنزاهة الانتخابات.

وقال البرادعي للحشد "هذه حركة شعبية ولا يمكن أن تنجح إلا بإرادة الشعب والناس أيلي مستعدة تدي (المستعدون لإعطاء) أصواتها للتغيير وتمضي ( توقع) بيان معا سنغير وتتابع مسيرة التغيير."وأضاف انه يعتزم القيام بمزيد من الزيارات ضمن حملته في انحاء مصر.

وقال البرادعي لرويترز "اي خلافة ليس لها مصداقية ما لم تتم في اطار نظام ديمقراطي تماما تكون فيه الانتخابات نزيهة ويصوت الناس بحرية."

ومن جانب آخر قالت جماعة الإخوان المسلمين المصرية المحظورة، إن عضو مكتب الإرشاد ورئيس كتلتها البرلمانية في مجلس الشعب، محمد سعد الكتاتني، سيستقبل بمكتبه محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس الجمعية المصرية للتغيير، الذي يسعى إلى تقديم نفسه كمرشح إصلاحي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ولفتت الجماعة إلى أن هذه الزيارة هي الثانية بعد لقاء سابق جمع الكتاتني بالبرادعي في منزل الأخير، وذلك بعد يوم واحد من زيارة البرادعي لمدينة سنورس في الفيوم ضمن حملته للمطالبة بتعديل الدستور، حيث التف حوله الآلاف من أنصاره، وسط دعم جماهيري واضح من مناصري الإخوان، ما دفع بعض التقارير الصحفية إلى الحديث عن تحالف ممكن بينهما.

وبحسب بيان جماعة الإخوان، فإن لقاء البرادعي والكتاتني سيتناول "تفعيل المطالب السبعة" التي تنادي بها الجمعية المصرية للتغيير، وذلك استكمالاً للقاء السابق الذي جرى منذ شهرين بينهما، وتناولا فيه العديد من القضايا المتعلقة بالحريات وموقف الإخوان من بعض القضايا، وموقف الجمعية نفسها من بعض قضايا الإصلاح.

وكان البرادعي قد زار مدينة سنورس فى الفيوم، بعد أكثر من شهر على زيارته محافظة الدقهلية، وسط غياب عدد كبير من قيادات مقربة منه، والحديث عن تقديم بعضهم لاستقالته، بينما حضر عدد من نواب الإخوان، على رأسهم مصطفى عوض الله.

 وعقد البرادعى مؤتمراً صحفياً تحدث فيه عن أهداف الجمعية الوطنية للتغيير، مؤكداً أنه لن يترشح للرئاسة إلا إن تحققت مطالبه بتعديل الدستور، وتطرق إلى علاقته مع جماعة الإخوان، فقال إنه بينهما نقاط اتفاق حول ضرورة إصلاح النظام وإجراء تغييرات فيه، وإن كان هناك اختلافات بوجهات النظر حول أمور أخرى.

الحزب الحاكم يكتسح انتخابات مجلس الشورى

من جهة أخرى قالت اللجنة العليا للانتخابات في مصر ان الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم اكتسح انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي أجريت بحصوله على 60 مقعدا من بين 64 مقعدا تم حسم الاقتراع عليها. وسوف تجرى انتخابات الإعادة على عشرة مقاعد ينافس الحزب عليها جميعا. وقبل الانتخابات فاز 14 مرشحا ينتمون للحزب الحاكم بالتزكية.

وقال انتصار نسيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات ورئيس محكمة استئناف القاهرة في مؤتمر صحفي ان أربعة أحزاب معارضة هي حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي والحزب العربي الديمقراطي الناصري وحزب الجيل الجديد وجناح حزب الغد المنشق على أيمن نور مؤسس الحزب فازت بأربعة مقاعد. ولم يفز أي مرشح مستقل.

وقالت جماعة الاخوان المسلمين أقوى الجماعات السياسية المعارضة في مصر ان أيا من مرشحيها لم يفز بمقعد. واتهمت الجماعة الحزب الوطني بتزوير الانتخابات غير أن الحزب قال ان الاقتراع سار سيرا طبيعيا في الاغلب.

وقال مراقبون حقوقيون ان قوات الامن وأنصار الحزب الوطني منعوا كثيرا من الناخبين من الادلاء بأصواتهم خاصة في الدوائر التي نافس فيها مرشحو جماعة الاخوان وان عمليات تصويت جماعي أجريت لمصلحة مرشحين عن الحزب الحاكم في غيبة من الناخبين.

وقال نسيم ان عدد الناخبين المسجلين بلغ 25 مليونا و435 ألف ناخب حضر منهم الى لجان الاقتراع سبعة ملايين و829 ألفا وان نسبة الاصوات الصحيحة الى اجمالي عدد الناخبين بلغت 30.80 في المئة.

لكن المنظمة المصرية لحقوق الانسان كبرى جماعت مراقبة حقوق الانسان في مصر قدرت نسبة الاقبال على الانتخابات بنحو خمسة في المئة.

وفي انتخابات مجلس الشعب التي أجريت عام 2005 شغلت جماعة الاخوان 88 مقعدا من بين 454 مقعدا وبرزت كأقوى جماعة سياسية معارضة في مصر منذ نصف قرن.

ومنذ ذلك الوقت لم ينجح أي من مرشحيها في أي انتخابات عامة كلية أو جزئية فيما يقول محللون انه استهداف للجماعة لمنعها من زيادة قاعدة ناخبيها وأن تصبح تحديا خطيرا لحكم الرئيس حسني مبارك الذي انتخب لاول مرة عام 1981.

إمكانية ترشّح مبارك مرة أخرى

ولن يعلن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر قبل صيف العام المقبل عما اذا كان سيرشح الرئيس حسني مبارك لفترة رئاسة جديدة في انتخابات عام 2011.

وثارت الشكوك حول صحة مبارك (82 عاما) بعد عملية جراحية أجريت له في ألمانيا في مارس اذار لاستئصال الحوصلة المرارية وورم حميد من الاثنى عشر.

وقال الامين العام للحزب صفوت الشريف في تصريحات محلية ان الحزب الذي يرأسه مبارك لن يعلن عن مرشحه قبل يونيو حزيران العام المقبل.

وسوف يحدد تاريخ عقد الانتخابات قرب نهاية فترة رئاسة مبارك الحالية ومن المتوقع اجراؤها في سبتمبر أيلول العام المقبل.

وقال الموقع الاخباري أخبار مصر على الانترنت ان الشريف ذكر أن "الاعلان عن اسم مرشح الحزب الوطني للانتخابات الرئاسية عام ‏2011‏ لن يكون قبل يونيو حزيران أو يوليو تموز 2011."

وانتخب مبارك رئيسا لاول مرة عام 1981. ولم يقل ان كان سيخوض انتخابات العام المقبل. ويتوقع ترشح ابنه السياسي البارز جمال أو عضو اخر في مؤسسة الحكم اذا قرر مبارك النأي بنفسه عن الترشح.

وقال الشريف لقناة العربية التلفزيونية هذا الشهر ان قادة الحزب جميعا يتمنون أن يرشح مبارك نفسه لفترة رئاسة جديدة.

وكان رئيس الوزراء أحمد نظيف أدلى بتصريح مماثل قائلا ان النظام لم يفرز شخصية قيادية في وزن مبارك.

وبرر الشريف بحسب موقع أخبار مصر ارجاء الاعلان عن مرشح الحزب الوطني لانتخابات الرئاسة التالية بانشغال الحزب بانتخابات مجلس الشورى التي ستجرى يوم الثلاثاء وانتخابات مجلس الشعب التي ستجرى أواخر العام.

القبض على ثمانية من أنصار البرادعي..

وألقي القبض على ثمانية من أنصار المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في مدينة دمنهور بدلتا النيل أثناء جمعهم توقيعات لدعم مطلبه بتعديل الدستور بحسب ما أفاد مصدر قضائي.

وقال المصدر ان الموقوفين احيلوا الى النيابة التي بدأت التحقيق معهم السبت بتهمة "الانضمام الى جماعة غير مشروعة تهدف الى تعطيل الدستور" في اشارة الى الجمعية الوطنية للتغيير التي اسسها البرادعي بعد عودته الى مصر منتصف شباط/فبراير الماضي.

وتدعو هذه الجمعية الى العمل على اجراء اصلاح ديموقراطي في البلاد من خلال تعديلات دستورية تزيل القيود المفروضة على ترشح المستقلين لرئاسة الجهورية وتكفل نزاهة العملية الانتخابية. وهذه هي اول مرة يلقى فيها القبض على انصار البرادعي وتتم احالتهم للتحقيق بهذه التهمة.

واكدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان في بيان ان الشرطة القت القبض على الناشطين الثمانية "اثناء تجمعهم في ميدان النادي الاجتماعي بدمنهور لمناقشة مطالب الاصلاح الديموقراطي ودعوة المواطنين للتوقيع تاييدا لهذه المطالب".

واضافت المنظمة الحقوقية ان الناشطين "اقتيدوا الى مقر مباحث امن الدولة بدمنهور في ساعة متأخرة من مساء الخميس ثم نقلوا الى قسم الشرطة حيث تم احتجازهم بانتظار عرضهم على النيابة السبت" بعد انتهاء عطلة يوم الجمعة الاسبوعية.

واعربت هذه المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان عن "إنزعاجها الشديد من قيام الأمن المصري بالقبض علي مجموعة من النشطاء السياسين الذين اجتمعوا بشكل سلمي للتعبير عن ارائهم ومناقشة مطالب التغيير مع المواطنين واقناعهم بما يرونه مناسبا من خلال تبادل الأراء".

واكدت في بيانها انها "تدين التعامل مع الجمعية الوطنية للتغيير باعتبار انها تنظيم محظور واعتبار المطالبة باصلاحات ديمقراطية تهمة يعاقب عليها القانون".

HWO تطالب بوقف محاكمة الناشطين الحقوقيين

ومن جهتها طالبت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش بوقف المحاكمة التي بدأت لناشطين حقوقيين ومدون، جميعهم مصريون، على خلفية اتهامات وجهت إليهم "لدوافع تبدو سياسية".

وبدأت محكمة جنح في القاهرة محاكمة رئيس الشبكة العربية لحقوق الانسان جمال عيد ومؤسس مركز هشام مبارك للقانون احمد سيف الاسلام والمدون احمد غربية بتهم "الابتزاز والسب والقذف واساءة استخدام شبكة الانترنت" وهي اتهامات تصل عقوبتها الى السجن ثلاث سنوات بحسب مصدر قضائي.

واوضح المصدر ان الناشطين الثلاثة احيلوا الى المحاكمة بناء على شكوى تقدم بها الى النيابة العامة القاضي عبد الفتاح مراد بعد ان اتهمه الناشطون الثلاثة في بيان نشروه على شبكة الانترنت بانتهاك حقوق الملكية الفكرية للشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، بحسب ما افاد مصدر قضائي.

واكد نائب مدير ادارة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في هيومن رايتس ووتش جو ستورك في بيان ان الناشطين الحقوقيين الثلاثة "وقفوا لسنوات مع ضحايا انتهاكات حقوق الانسان وطالبوا بمحاسبة المسؤولين الامنيين المسؤولين عن هذه الانتهاكات".

واضاف ان "الحكومة المصرية باحالتها الناشطين الحقوقيين الثلاثة الى المحاكمة بناء على اتهامات ملفقة لا تلحق بهم الضرر شخصيا فقط وانما تلحق الضرر ايضا بكل الناس الذين يتولى هؤلاء الناشطون مساعدتهم". وقال جمال عيد لوكالة فرانس برس ان "الاتهامات الموجهة الينا ملفقة".

واكد ان القاضي مراد عبد الفتاح كان تقدم ببلاغ الى النيابة "يتهمنا فيه بسبه وقذفه بعد ان نشرنا بيانا على شبكة الانترنت في العام 2007 نقول فيه انه انتهك حق الملكية الفكرية لنشرة كتابا بعنوان +الاصول العملية والقانونية للمدونات على شبكة الانترنت+ تضمن اجزاء كاملة من احد التقارير الصادرة عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان من دون الاشارة الى التقرير كمصدر".

الشرطة تحتجز 14 رشقوا مركزا انتخابيا بالحجارة..

وقالت مصادر أمنية إن الشرطة في مدينة قوص بجنوب مصر ألقت القبض على 14 شخصا رشقوا مركزا انتخابيا ونقطة شرطة بالحجارة وأشعلوا النار في دراجات نارية.

وقال مصدر ان عشرات من أنصار المرشح المستقل في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى أنور أحمد صبرة غضبوا لان فرز الاصوات الذي كان قارب على الانتهاء في الساعات الاولى من الصباح لم يكن في مصلحة مرشحهم.

وأضاف أنهم قذفوا لجنة فرز الاصوات بالحجارة قبل انتهاء عملها وأن الشرطة أطلقت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع. بحسب رويترز.

وتابع أنهم خلال مرورهم بنقطة شرطة قريبة في طريق الهرب حطموا بابها ومصابيح الاضاءة بها وحرقوا ثلاث دراجات نارية لرجال شرطة كما قذفوا النقطة بالحجارة. وأعلن لاحقا أن صبرة لم يفز وأن الانتخابات ستعاد بين مرشحين غيره.

وقال المصدر ان الشرطة في مدينة قوص أحالت من ألقت القبض عليهم الى النيابة العامة للتحقيق معهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/حزيران/2010 - 22/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م