
شبكة النبأ: نهر النيل مصدر حيوي
للمياه والطاقة للدول التسع التي يجري في أراضيها. وتعتمد مصر بشكل شبه
تام على النيل وهي فضلا عن ذلك عرضة لأخطار التغير المناخي وتراقب عن
كثب السدود التي تقام لتوليد الكهرباء في شرق أفريقيا خشية أن تعرقل
تدفق المياه في النهر.
الى ذلك أكدت مصر مؤخرا أنها يمكنها ان تمنع إقامة سدود ومشروعات
أخرى على النيل في دول المنبع في تحد لاتفاق جديد بين بعض دول حوض
النهر التي تسعى لتغيير الترتيبات التاريخية لاقتسام المياه والحصول
على مزيد من المياه للزراعة والتنمية.
حوض النيل
ووقعت أربع من دول حوض النيل الاتفاقية في أوغندا مؤخرا في محاولة
للحصول على نصيب أكبر من المياه رغم اتفاقات الفترة الاستعمارية التي
تعطي مصر نصيب الأسد من المياه وتسمح لها بمنع إقامة مشروعات مثل
السدود تضر بحصتها من مياه النهر. بحسب رويترز.
من جهته قال وزير الري والموارد المائية المصري محمد نصر الدين علام
"أي مشروع يقام على مجرى النهر لابد وأن توافق عليه مصر والسودان وفقا
لنصوص الاتفاقيات الدولية."
وقال إن "مصر تراقب وبدقة عن كثب المشروعات الخاصة بتوليد الطاقة في
دول المنبع حتى لا يتم استخدام مياه هذه المشروعات في زراعة مساحات من
الأراضي قد تؤثر سلبا على حصتنا المائية."
ووقعت تنزانيا وأوغندا ورواندا وإثيوبيا يوم 14 مايو ايار الاتفاقية
التي تنشئ مفوضية دائمة لإدارة مياه النيل والتي لا تضم مصر والسودان.
ويتوقع انضمام كينيا وبوروندي وجمهورية الكونجو الديمقراطية إلى
الاتفاقية خلال عام.
وتمنح الاتفاقية المفوضية الجديدة سلطة الاعتراض على مشروعات الطاقة
والري في الدول الموقعة.
وتعتمد مصر بشكل شبه تام على النيل وهي فضلا عن ذلك عرضة لأخطار
التغير المناخي وتراقب عن كثب السدود التي تقام لتوليد الكهرباء في شرق
افريقيا خشية ان تعرقل تدفق المياه في النهر.
وحذرت مصر بالفعل من إن الاتفاقية الجديدة تفتقر للشرعية وتعتزم
مطالبة الدول المانحة بتأييد موقفها.
لكن دول المنبع تقول أنها تحتاج إلى مزيد من المياه أيضا. وعرقل نقص
الكهرباء الاستثمار في إفريقيا رغم وجود مصادر بديلة للطاقة
الكهرومائية.
وفي يوم توقيع الاتفاقية دشنت إثيوبيا سد بيليس الذي تقول انه سينتج
460 ميجاوات من الكهرباء.
وبعد تدشين السد عبرت وسائل الإعلام المصرية عن القلق بخصوص احتمال
ان يقلص المشروع تدفق المياه الى مصر. وينبع 85 في المائة من مياه
النيل من إثيوبيا.
وقال علام ان مصر ليس لديها اعتراض على إقامة السدود ومشروعات
الطاقة الأخرى في دول المنبع ما دامت لا تؤثر على حصتها التي تبلغ 55.5
مليار متر مكعب.
ويقول محللون ان المانحين الدوليين والبنوك قد يترددون في تمويل
مشروعات من شأنها الإضرار بحصة مصر والسودان خشية التورط في خلاف
إقليمي.
ويعتقد على نطاق واسع ان مصر عرقلت قرضا من البنك الإفريقي للتنمية
لمشروع سد في إثيوبيا عام 1990.
وأفاد جمال سلطان الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية
والاستراتيجية "معظم المانحين يرون ان الإجماع بين دول حوض النيل
وموافقة مصر أساس لتمويل أي مشروع."
وقال "يمكن لمصر ان تعمل مع هؤلاء المانحين الدوليين."
ونقلت صحيفة الجمهورية عن رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف مؤخرا قوله
"امن الناحية القانونية فان توقيع الاتفاقية من جانب واحد يؤكد ان
دوافعها في أغلبها سياسية والتعامل معها يكون سياسيا أيضا."
وقالت إثيوبيا التي لجأت الى نظام الحصص في توزيع الكهرباء لمدة
خمسة اشهر في عام 2009 عندما أدى انقطاع الكهرباء يوما بعد يوم الى
إغلاق المصانع وعرقلة الصادرات ونقص في العملة إن التوصل إلى اتفاقية
جديدة سيساعد في دعم مشروعات الطاقة وزيادة الاستثمارات.
وأكد سلطان "مصر لا تحاول تقويض مشروعات التنمية... لكنها تحاول
العمل على تنفيذ مشروعات يمكن أن تخدم مصالح جميع تلك الدول ومصر نفسها."
من جهتها وقعت كينيا مؤخرا اتفاقية جديدة تدخل تغييرات على
الترتيبات التاريخية لاقتسام مياه النيل وقالت إن مصر التي تعارض
الاتفاق ليس أمامها خيار سوى الانضمام إلى الاتفاقية الجديدة.
وبعد ما يزيد على عشر سنوات من المحادثات التي دفع إليها الغضب على
ما اعتبرته بعض الدول ظلما تضمنته الاتفاقية السابقة الموقعة عام 1929
وقعت إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا اتفاقا الأسبوع الماضي وهي خطوة
بادرت القاهرة بالاعتراض عليها.
وقالت تشاريتي نجيلو وزيرة المياه الكينية أمام مؤتمر صحفي "هذه
المعاهدة (1929) عفا عليها الزمن. لا شيء يوقفنا عن استخدام المياه كما
نحب. الأمر الآن متروك لمصر كي تنضم."
وتعطي الاتفاقية السابقة مصر الحق في الاعتراض على المشروعات التي
تقام على مجرى النيل التي تعتقد أنها قد تعطل سريان النهر الممتد بطول
6600 كيلومتر من بحيرة فيكتوريا الى البحر المتوسط. ولم يوقع السودان
على الاتفاقية الجديدة.
وتراقب مصر التي تعتمد بشكل شبه كامل على النيل وتعاني بالفعل من
تهديدات ارتفاع حرارة الأرض السدود التي تقام في شرق إفريقيا.
وقالت نجيلو إن الاتفاقية الجديدة التي تنشئ مفوضية دائمة لإدارة
المياه ستضمن لكافة الدول المشتركة في النهر الاستخدام المتساوي
للموارد.
وأضافت أن بوروندي وجمهورية الكونجو الديمقراطية من المتوقع أن
توقعا على الاتفاقية قريبا ودعت السودان ومصر الى الانضمام. وقالت "لا
تستطيع دولتان وقفنا عن تنفيذ هذا الاتفاق التعاوني."
وبينما ترغب إثيوبيا في التحكم في مواردها المائية الهائلة ترغب
كينيا في زيادة إنتاجها من الطعام من خلال إنشاء أنظمة للري في حوض
بحيرة فيكتوريا بالغرب. كما انها ترغب في توصيل المياه النقية في
أنابيب الى المزيد من المنازل. بحسب رويترز.
وقالت نجيلو "الحكومة مقيدة في جهودها لجذب التمويل من أجل تنفيذ
استثمارات ضخمة تتطلب دعما دوليا في التمويل مثل السدود."
وينبع ما يقرب من 85 في المائة من ماء النيل من إثيوبيا ونصف موارد
المياه السطحية الكينية تتركز في بحيرة فيكتوريا.
وأضافت الوزيرة إن النيل لن يكون مطروحا على الأجندة خلال الزيارة
التي تصاحب فيها رئيس الوزراء الكيني رايلا اودينجا في أول زيارة رسمية
إلى القاهرة.
الى ذلك وقعت أربع دول من شرق إفريقيا اتفاقا جديدا لإنشاء مفوضية
دائمة دارة مياه نهر النيل مؤخرا مما يضعها على مسار تصادم مع مصر
والسودان.
ويمتد نهر النيل بطول 6600 كيلومتر من بحيرة فكتوريا إلى البحر
المتوسط ويمثل موردا مهما للمياه والطاقة لتسع دول يتدفق النهر عبرها.
ويمنح الاتفاق الأصلي الذي يرجع للحقبة الاستعمارية مصر حق الاعتراض
على إقامة السدود وغيرها من المشروعات المائية في دول المنبع. وتقول
هذه الدول ان هذا وضع غير عادل في ظل احتياجها المتزايد للتنمية
والحصول على مزيد من المياه لدعم النمو الاقتصادي.
ورغم المعارضة القوية من جارتيهما في الشمال وقعت تنزانيا وأوغندا
ورواندا وإثيوبيا الاتفاق في حين من المنتظر ان توقعه كينيا وبوروندي
وجمهورية الكونجو الديمقراطية خلال فترة فتح الاتفاق للتوقيع على مدى
عام.
من جانبه قال وزير المياه والبيئة في رواندا ستانيسلوس كامانزي "تفاوضنا
على النص الذي وقعناه للتوه لمدة عشر سنوات. وذا لم نوقع اليوم اوكد لك
إننا سنستمر لعشر سنوات أخرى من دون التوصل لاتفاق."
وأضاف "أساس تجمعنا هو المضي قدما بسرعة..من المؤسف أن مصر والسودان
لم يمكنهما الانضمام الينا."
وبموجب الاتفاقية الأصلية يحق لمصر التي من المحتمل إن تواجه نقصا
في المياه في عام 2017 حصة تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا وهو نصيب
الأسد في جملة تدفقات النيل البالغة 84 مليار متر مكعب.
ومصر هي اكبر البلدان العربية سكانا ويتهدد قطاع الزراعة الهش بها
بفعل التغير المناخي وربما يتجاوز النمو السكاني الموارد المائية
المتاحة بداية من 2017.
وتخشى مصر من ان فقد قدرتها على رفض مشروعات في دول المنبع قد يخفض
مقدار المياه المتدفق اليها بشكل كبير.
وأكد وزير الموارد المائية والري المصري محمد نصر الدين علام ان مصر
قالت انها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة للحفاظ
على حقوقها المائية. بحسب رويترز.
وأضاف أن اي اتفاقيات من جانب واحد تبرمها دول حوض النيل الواقعة
عند المنابع ليست ملزمة لدول المصب مصر والسودان وتفتقر للشرعية.
وقالت دول المنابع ان مقر اللجنة سيكون في بلدة عنتيبي الاوغندية
على شواطئ بحيرة فكتوريا وانه سيكون لها سلطة الاعتراض على مشروعات
الطاقة والري في الدول الموقعة او التوصية بإدخال تعديلات.
من جهته قال وزير الموارد المائية الاثيوبي أصفاو دينجامو "موارد
نهر النيل لكل الدول وليست لبعض الدول او عدد قليل منها."
المنبع والمصب
ونهر النيل الذي يمتد على نحو 6700 كلم يتكون من التقاء النيل
الابيض، الذي ينبع من بحيرة فيكتوريا (اوغندا، كينيا، تنزانيا) والنيل
الازرق ومنبعه بحيرة تانا في اثيوبيا.
ويلتقى النهران في الخرطوم ليشكلا نهرا واحدا يعبر مصر من جنوبها
الى شمالها ليصب في البحر المتوسط.
وتضع مصر والسودان ايديهما على هذا المورد المائي الكبير اذ ان
الاتفاق الحالي بشأن تقاسم مياه النهر الذي اعدته عام 1929 القوة
الاستعمارية بريطانيا، والذي تمت مراجعته في العام 1959، يمنح مصر حصة
قدرها 55,5 مليار متر مكعب من مياه النهر بينما يبلغ نصيب السودان وفق
الاتفاقية نفسها 18,5 مليار متر مكعب اي انهما يحصلان معا على 87% من
منسوبه محسوبا لدى وصوله عند اسوان في صعيد مصر.
وتخشى القاهرة والخرطوم إن يؤثر هذا الاتفاق الإطاري الجديد على
حصتيهما من مياه النيل اذ يتضمن إقامة العديد من مشروعات الري والسدود
المائية المولدة للكهرباء في دول المنبع.
ولا يشير النص الجديد إلى إي أرقام، للحجم أو الأمتار المكعبة،
للتقاسم المقبل للمياه لكنه.
وهو يسمح لدول الحوض باستخدام المياه التي تراها ضرورية مع الحرص
على الا تضر بالدول الأخرى.
كما ينص الاتفاق على إنشاء مفوضية لحوض النيل تكلف تلقي كل المشاريع
المتعلقة بالنهر (من قنوات ري وسدود) وإقرارها. وسيكون مقر هذه
المفوضية اديس ابابا وستضم ممثلين للدول التسع المعنية.
ولا تكف القاهرة عن التأكيد مرارا وتكرارا إن هذا النهر الذي يؤمن
90% من احتياجات مصر من المياه يشكل "مصلحة حيوية بالنسبة لها"، وهي
تعزز موقفها بالتحالف القائم بينها وبين السودان، وهو ثاني مستفيد من
الاتفاقيات السارية حول تقاسم مياه النيل.
وتم توقيع الاتفاق الحالي بشأن تقاسم مياه النيل العام 1929 بين مصر
وبريطانيا الاستعمارية وتمت مراجعته في العام 1959. ويمنح هذا الاتفاق
مصر حصة قدرها 55,5 مليار متر مكعب من مياه النهر بينما يبلغ نصيب
السودان وفق الاتفاقية نفسها 18,5 مليار متر مكعب اي انهما يحصلان معا
على 87% من منسوبه محسوبا لدى وصوله عند اسوان في صعيد مصر.
وتمتلك القاهرة بموجب هذه الاتفاقية كذلك حق النقض في ما يتعلق باي
أعمال او إنشاءات يمكن ان تؤثر على حصتها من مياه النهر مثل السدود
والمنشات الصناعية اللازمة للري. ووفق الإحصاءات الرسمية فان احتياجات
مصر المائية ستزيد عن مواردها في العام 2017، خصوصا إن عدد سكانها
يتجاوز 80 مليون نسمة وهو في تزايد مستمر.
وانتهى اجتماع تشاوري عقد الشهر الماضي في شرم الشيخ بخلاف معلن بين
مصر والسودان من جهة والدول الإفريقية السبع الأخرى من جهة ثانية.
ويعتبر الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية خاني
سلام ان "الحل الوحيد يكمن في التعاون" حول نحو 20 مشروعا في مجال
الطاقة والري واقتصاديات المياه التي تمت دراستها في إطار مبادرة حوض
النيل التي تضم كل الدول التي يمر بها. ويضيف ان "توقيع اتفاق من طرف
واحد سيؤدي الى قتل هذه المشاريع التي سيستفيد منها الجميع".
من جانبه قال وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط إن مصر راغبة في
الاستمرار في التفاوض ولكنه حذر من ان "الحقوق التاريخية" لبلده تعد "خطا
احمر". ويقول ديبلوماسيون مصريون في جلسات خاصة ان دول منابع النيل
ستكون فرصتها ضعيفة في الحصول على تمويل دولي لمشروعات كبيرة على نهر
النيل اذا لم يكن هناك اتفاق بين كل دول الحوض.
واكد ابو الغيط ان "كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالانهار تؤكد
ضرورة احترام الاتفاقات (الاقليمية) القائمة". وتابع ان "مصر لن تقبل
ولن تسمح ببناء اي مشروع في حوض النيل من شأنه ان يضر بمصالحها المائية".
وقال وزير الموارد المائية والري المصري محمد علام امام البرلمان ان "مصر
تحتفظ بحقها في اتخاذ كل التدابير اللازمة للدفاع عن حقوقها".
وعلق دبلوماسي غربي في القاهرة ساخرا وقال "المصريون يتعاملون مع
الأفارقة بنفس الطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع الفلسطينيين والتي
ينتقدونها بسببها، اذ يقولون اننا على استعداد للتفاوض ولكنهم لا
يريدون التنازل عن شيء عندما يتعلق الأمر بالقضايا الشائكة". غير ان
دبلوماسيا مصريا لخص موقف بلاده الرافض لمطالب دول شرق إفريقيا قائلا "مصر
لا تملك موردا آخر للمياه الا النيل، أما الأفارقة فلديهم مياه بالفعل
بفضل الأمطار".
موقف مصر الغاضب يزيد التوتر بشأن المياه في حوض النيل
نصيب الاسد
وفي ذات السياق أغضب المسؤولون في مصر التي تعاني قلة موارد المياه
نظراءهم في دول حوض النيل منذ وقت طويل بالتشبث باتفاقات مياه تعود
لحقبة الاستعمار تمنحهم نصيب الأسد من المياه التي تتدفق في أطول أنهار
العالم.
ولكن دول المنبع التي هي في حاجة ماسة للتنمية تأمل بإغلاق ملفات
الماضي وتهدد بالمضي قدما في اتفاق لا يتضمن مصر القوة الإقليمية
الكبرى مما قد يعمق صراعا مريرا بالفعل على موارد المياه في أنحاء
المنطقة التي تعاني الجفاف.بحسب رويترز
من جهته قال جمال سلطان رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية
والإستراتيجية انها أزمة في علاقات مصر مع دول حوض النيل.
ويمكن ان تخل الخصومة بالتوازن بين دول المنبع الفقيرة ومصر كبرى
الدول العربية سكانا حيث تهدد التغيرات المناخية قطاع الزراعة الهش
هناك والتي يمكن أن تتجاوز الزيادة السكانية بها الموارد المائية بحلول
عام 2017.
وجرى أحدث فصل من فصول النزاع طويل الأمد على مياه النيل عندما
أعلنت دول المنبع بعد اجتماع عقد في شرم الشيخ هذا الشهر انها ستبدأ
محادثات منفصلة مادامت مصر والسودان ترفضان تعديل اتفاقات المياه التي
تعود الى عام 1929.
وقال مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية في مصر
أمام مجلس الشعب المصري بعد محادثات شرم الشيخ ان حقوق مصر التاريخية
في مياه النيل مسألة حياة أو موت وان مصر لن تتهاون بشأنها.
وتمنح اتفاقية عام 1929 التي مثلت القوى الاستعمارية البريطانية في
افريقيا أحد جانبيها مصر 55.5 مليار متر مكعب سنويا وهي أكبر حصة من
المياه المتدفقة في النهر وتبلغ 84 مليار متر مكعب.
كما انها تمنح مصر حق الاعتراض على اقامة سدود وغير ذلك من
المشروعات المائية في دول المنبع التي تضم ستا من أفقر دول العالم.
وقال محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري المصري بعد
الاجتماع ان مصر لن توقع على اي اتفاق لا يقرر بوضوح ويعترف بحقوقها
التاريخية.
ولكن محللين يقولون انه يتعين على مصر التي تسعى لتقديم نفسها كقائد
للدول العربية والإفريقية من أجل تعزيز ثقلها على الساحة الدولية أن
تحسن علاقاتها مع دول المنبع التي يمكن أن يكون لها أهمية اقتصادية
وتجارية في المستقبل.
وقال شيميلس كمال المتحدث باسم الحكومة الاثيوبية التي ينبع من
أراضيها النيل الازرق "حاولت مصر في السابق تعقيد القضية.. . انهم
يتلكأون"
وقال اسحق موسومبا وزير الدولة الاوغندي للتعاون الاقليمي ان مصر
والسودان "تدفعان من أجل وضع ينقض كل شيء أنجزناه طوال سنوات من
المحادثات والمفاوضات."
ودعت دول المنبع مصر والسودان للمشاركة في اتفاق جديد لكن بشروطها
وان كانت الشكوك تحيط بموقفه القانوني. وقال كريستوفر تشيزا نائب وزير
المياه والري التنزاني "نأمل أن نقنعهم."
وأثار الحديث عن مثل هذا الاتفاق القلق في مصر حيث تغذي مياه النيل
قطاع الزراعة الذي يعمل به نحو ثلث إجمالي الوظائف.
ولا يمكن أن تعتمد مصر -على عكس دول المنبع- على الأمطار وهي تحصل
على 87 في المائة من احتياجاتها المائية من نهر النيل.
وطبقا لتقديرات الأمم المتحدة فان تغير المناخ وارتفاع منسوب مياه
البحر يمكن أيضا أن يبتلع المزيد من الأراضي الخصبة المحدودة في دلتا
النيل بمصر وهي بالفعل أكبر مستورد للقمح في العالم مما يكلفها 35
مليار دولار هذا القرن.
ويمكن أن تؤدي إقامة المشروعات الكبرى مثل استصلاح الأراضي أو بناء
السدود في دول المنبع لزيادة الضغط على استخدام المياه في مصر.
ولكن حتى اذا وقعت دول المنبع الاتفاق الجديد وهو ما قد يحدث
اعتبارا من 14 مايو أيار فانها ربما لا تملك القوة المالية على المدى
القريب لبناء سدود ومشاريع أخرى يمكن أن تتيح لهم سحب المزيد من المياه
من النيل.
وقال صفوت عبد الدايم أمين عام المجلس العربي للمياه انه من الناحية
العملية حتى اذا وقعت هذه الدول اتفاقية اطارية بدون مصر فان آثارها لن
تصمد. وتساءل عبد الدايم قائلا كيف يمكن لدول المنبع وقف تدفق المياه...
وأضاف انه من السابق لأوانه القول بان دول المنبع ستبني سدودا مما
يؤدي الى أن مصر لن تحصل على المياه وأن الزراعة المصرية ستتراجع بشدة.
ومن ذلك أيضا انه من غير المرجح أن تقدم الجهات الدولية المانحة
والبنوك التمويل اللازم لبناء مشروعات مائية في دول المنبع خشية التورط
في خلافات دبلوماسية اقليمية.
ويقول محللون ان توقيع اتفاق جديد يمكن مع ذلك أن يعزز الاستثمارات
في مشروعات استصلاح الاراضي في الدول الافريقية ويساعد في جذب
الاستثمار الاجنبي في الاراضي الزراعية بدول المنبع.
ومن جهتها قالت عزيزة أخموش المحلل في منظمة التعاون الاقتصادي
والتنمية "ان توقيع اتفاق جديد يمكن أن يكون جيدا للمستثمرين المحتملين
بشرط أن يغطي فترة طويلة وأن يكون قابلا للتنفيذ."
وأضافت "يمكن أن يقلل حالة عدم اليقين الحالية بشأن المياه المتاحة
مستقبلا."
ويهدد النزاع الحالي بتآكل ثقل مصر في المنطقة.
ويبدو أن الحكومة المصرية تسير على هذا الطريق. فقد تعهدت بمضاعفة
الأموال المخصصة لمشروعات التنمية مع دول المنبع.
كما انها تحاول ترشيد استخدام مياه النيل. فقد خفضت من زراعة
المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الارز وهو محصول رئيسي للتصدير
ولكنها يمكن أن تشهد تراجعا في انتاج الذرة بنسبة 47 في المئة.
ويقول خبراء ان مصر لا تتحرك بسرعة كافية لخفض اعتمادها على مياه
النيل أو تغيير تركيزها الدبلوماسي من توزيع حصص المياه الى كيفية
استخدامها بشكل أمثل بين دول الحوض.
وعلى صعيد ذي صله صرحت السفيرة منى عمر مساعد وزير الخارجية للشؤون
الافريقية مؤخرا للصحافيين بأن مصر لا تلجأ أبدا لعمليات عسكرية أو
قصرية ضد أي دولة أفريقية فلن تتم حروب أبدا بسبب المياه بين مصر ودول
أفريقية بل ستصر مصر على الإستمرار في المفاوضات والحوار فقط لا غير.
جاء ذلك ردا على سؤال حول إمكانية أن تحدث حرب مياه بسبب الخلاف حول
مياه النيل.
وأكدت منى عمر على اهتمام مصر البالغ بعلاقاتها مع دول حوض النيل
مؤكدة أن المفاوضات مع تلك الدول لم تصل لطريق مسدود.
مخاوف مصرية
وحول ما يتردد أن إسرائيل تقف خلف بعض المواقف المتشددة لبعض دول
حوض النيل لتأثيرا العلاقات الإسرائيلية الإفريقية على العلاقات
المصرية الإفريقية قالت منى إنه يجب أن لانعتبر أن سعى أي دولة لتحقيق
مصالحها يتعارض بالضرورة مع مصالحنا ونضع ذلك كشماعة توقف تحركنا مؤكدة
أن التواجد المصري في أفريقيا بصفة عامة أكبر بكثير وأقدم بكثير من
التواجد الإسرائيلي موضحة أن مواقف الدول الإفريقية واضحة ودائما
ماتصدر قرارات قوية من قبل الاتحاد الإفريقي في هذا الاطار.
وردا على سؤال حول وجود مخاوف مصرية من التركيز الأمريكي والصينى
حاليا على التواجد في قارة أفريقيا بما قد يتعارض مع المصالح المصرية
نفت السفيرة منى عمر وجود مخاوف مصرية مشيرة إلى أن الدول الكبرى تشكل
منافسة قوية في مجال المشروعات ومع رجال الاعمال نظرا لما لديها من
إمكانيات كبيرة مما قد يقلل من بعض فرص رجال الأعمال المصريين ولكن كل
دولة تبحث عن مصالحها والتركيز من بعض الدول الكبرى أفريقيا يأتي في
هذا الإطار وليس موجها ضد المصالح المصرية فالأسواق مفتوحة والمنافسة
موجودة.
وأشارت السفيرة إلى أن الرئيس الاريتري أسياسى أفورقي سيزور مصر
مؤخرا القادم حيث من المنتظر أن يتم بحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها
ودفعها للأمام وكذلك سيتم بحث القضايا الإقليمية مثل الصومال والسودان
والعلاقات الثنائية وعددا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وأشارت منى عمر إلى أنها ستسافر غدا لحضور اجتماع اللجنة المشتركة
المصرية مع بوركينافاسو ويضم الوفد المصري ممثلين عن ثماني وزارات
مصرية منها الصحة والزراعة والبيئة والثقافة والتعليم ومن المنتظر أن
يتم التوقيع على خمس إتفاقيات ثلاث في مجال الزراعة واتفاق في مجال
البيئة وآخر في مجال الثقافة وتأتي تلك الزيارة في إطار الاهتمام
المصري الكبير بالعلاقات مع الدول الأفريقية. |