شبكة النبأ: وضعت إسرائيل نفسها من
خلال عمليتها الأخيرة التي اتصفت بالرعونة والاستهتار في موضع لا تحسد
عليه، خصوصا بعد أن انتفضت اغلب حكومات المجتمع الدولي، والكثير من
الشعوب والمجتمعات على الاستخفاف الإسرائيلي بحقوق الشعب الفلسطيني
وانتهاك حرماته، حيث كانت عملية القرصنة التي أقدم عليها الكيان
الصهيوني على أسطول الحرية كالقشة التي قصمت ظهر البعير، وتجد إسرائيل
نفسها في سابقة هي الأولى من نوعها وحيدة وعارية دون سند أو صديق أمام
استهجان واشمئزاز معظم دول العالم.
تضليل ذاتي
فقد تناولت الصحف البريطانية الهجوم الاسرائيلي على سفن قافلة
الحرية في عرض البحر حيث قالت صحيفة الاندبندنت ان الحملة الاعلامية
التي قامت بها اسرائيل للدفاع عن العملية الاسرائيلية ضد القافلة وقال
ان نزعة التشكيك لدى الاسرائيليين بقدرات الجنرالات والساسة
الاسرائيليين تراجعت خلال العقود القليلة الماضية ولذلك يشعرون الان
بالحيرة والدهشة وهم يرون ان جميع الحروب والعمليات العسكرية التي قامت
بها اسرائيل خلال هذه العقود انتهت بالفشل ودون تحقيق مكاسب سياسية منذ
حرب اكتوبر 1973 انتهاء بالهجوم على سفن قافلة الحرية. ويقول الكاتب ان
المواجهة الاسرائيلية مع منظمي القافلة انتهت بنصر لم يكن يحلم به
هؤلاء اذ اصبح الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة في مركز اهتمام العالم
وتزايدت الدعوات الدولية لانهائه بعد تراجع اهتمام العالم به مؤخرا.
كما ادى الهجوم الى توتر العلاقة بين اسرائيل وتركيا الى درجة يصعب
اصلاحها وعززت موقع حركة حماس التي تدعي اسرائيل ان الحصار يهدف الى
اضعافها واضعفت السلطة الفلسطينية والتبريرات التي ساقتها اسرائيل عقب
العملية كانت مضحكة. لكن المشكلة الحقيقية حسب الكاتب ان لا احد يصدق
الدعاية الاسرائيلية كما يصدقها الاسرائيليون حيث يظهر المسؤولون
الاسرائيليون على شاشات محطات التلفزة وهم يتحدثون دون تلعثم لكن
الواقع ان حملات العلاقات العامة التي تشنها اسرائيل هي اكبر مكامن
ضعفها لانها تشوه احساسها بالواقع حينما يتم تصوير الهزائم والفشل
وكأنها انتصارات ونجاحات. ان الة الدعاية الاسرائيلية الخاصة والعامة
انطلقت بكامل طاقتها لتبرير الهجوم على القافلة ويشعر الناطقون
الاعلاميون الاسرائيليون بالارتياح من ادائهم رغم ضعف قضيتهم لكنهم في
الواقع لا يقومون بشيء سوى الحاق مزيد من الضرر باسرائيل ذاتها اذ كلما
كانوا اكثر نجاحا في نكران ارتكاب مسؤولي اسرائيل اخطاء جسيمة استمر
هؤلاء في الاحتفاظ بمناصبهم وارتكابهم مزيد من الاخطاء.
وترى الديلي تليجراف وترى الصحيفة أن العواقب الدبلوماسية المترتبه
على وقوع الاعتداء الأخير ستكون وخيمة فرد فعل العالم العربي يمكن
تنبؤه إلا أن المثير للقلق هو علاقة إسرائيل بتركيا أقرب دولة مسلمة ،
فالعلاقات قد توترت بالفعل وربما سيكون من الصعب إعادة إحياء هذه
العلاقات. أما الولايات المتحدة وأوروبا ستكون أكثر حذرا في رد الفعل
على الأقل حتى تتضح الحقائق ولكن قد يشارك بعض الدبلوماسيين روسيا
رأيها أن العملية تمثل انتهاكا صريحا للقانون الدولي .
روبرت فيسك في صحيفة الاندبندنت شن هجوما على الساسة والقادة في
العالم وسخر من بيانات الأسف الصادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة و
البيت الأبيض وتوني بلير وتساءل الكاتب أين كان رئيس الوزراء البريطاني
الحالي ديفيد كاميرون ونائبه كليج؟ وقال فيسك إن إسرائيل لم تأبه من
قبل عندما طردت بريطانيا واستراليا دبلوماسييها على خلفية تزوير جوازات
السفر الأوروبية المتسخدمة في اغتيال محمود المبحوح أحد قياديي حركة
حماس في دبي بل ولم تأبه عندما أحرجت جو بايدن بإعلانها بناء وحدات
سكنية جديدة في إحدي مستعمراتها بالقدس الشرقية فلماذا تأبه الآن؟
استمرار ردود الفعل المنددة
الى ذلك استمر توالي ردود الفعل المنددة بالهجوم الاسرائيلي على
اسطول الحرية فيما دعا مجلس الامن الدولي الى اجراء تحقيق في الهجوم
والافراج الفوري عن المحتجزين من ركاب الاسطول.
ودعا مجلس الامن الدولي الى "البدء بلا تأخير بتحقيق محايد يتمتع
بالمصداقية والشفافية ويتطابق مع المعايير الدولية"، وذلك في بيان قرأه
باسمه صباح الثلاثاء رئيسه خلال شهر حزيران/يونيو سفير المكسيك كلود
هيلير.
وفي لندن وصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون العملية
العسكرية الاسرائيلية بانها "غير مقبولة" وطلب من اسرائيل "الرد بشكل
بناء" على الاحتجاجات الدولية، بحسب المتحدث باسم كاميرون.
كما اعرب رئيس الوزراء البريطاني في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء
الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء الاثنين "عن الاسف للخسائر البشرية
الجسيمة" التي اسفرت عنها عملية الكومندس الاسرائيلي التي خلفت تسعة
قتلى على الاقل.
واكد كاميرون ان بريطانيا مستمرة في التزامها بامن اسرائيل بيد انه
حث نتانياهو على الرد بطريقة بناءة على الانتقادات الدولية "المشروعة"،
بحسب المتحدث.
من جهتها، اعربت الصين عن "صدمتها" بهجوم البحرية الاسرائيلية. وجاء
في بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ما تشاوشيوي "صدمنا
بالهجوم الاسرائيلي على الاسطول التركي الذي كان ينقل المساعدة
الانسانية الى غزة واوقع ضحايا ونحن ندينه".
ومن ناحيته، قال مندوب الصين في الامم المتحدة يانغ تاو خلال الجلسة
الطارئة التي عقدها مجلس الامن الدولي "نحن مع رد سريع من مجلس الامن (الدولي)
كي يتخذ الاجراءات المناسبة"، حسب ما نقلت عنه وكالة انباء الصين
الجديدة. بحسب رويترز.
ودعا المتحدث باسم الوزارة ايضا اسرائيل الى تحسين الوضع الانساني
في قطاع غزة الذي يخضع لحصار منذ 2007 وان تطلب قرارات مجلس الامن
الدولي.
في طرابلس، اعتبر الزعيم الليبي معمر القذافي في برقية الى الرئيس
الاميركي باراك اوباما ان الولايات المتحدة تتحمل "وزر الجريمة البشعة
التي ارتكبها الاسرائيليون" ضد اسطول المساعدات الانسانية الى غزة.
وقال القذافي في البرقية "ان امريكا تتحمل وزر الهجوم الاسرائيلي
الذي ادى الى مقتل عشرات المدانيين"، حسب ما ذكرت وكالة الانباء
الليبية.
واضاف القذافي الذي يترأس القمة العربية متوجها الى الرئيس "بركه
حسين اوباما ان وزر هذه الجريمة البشعة لا يتحملها الاسرائيليون بل
تتحملها امريكا، وان الزوارق التي قتلت اليوم عشرات المدنيين العزل من
فاعلي الخير ودعاة السلام من جميع الامم ما كان لها ان تفعل ذلك لولا
استنادها على الاسطول السادس الأمريكي".
وتابع القذافي يقول "ويتحملها ايضا دافع الضرائب الأمريكي المسكين
الذي يمول هذا الكيان الاستعماري ويمول الأسطول السادس الذي يحميه".
وتساءل الزعيم الليبي "اذا كان الاسرائيليون يدافعون عن غزة، فلماذا لا
تسمح للفلسطينيين المشردين بالعودة الى ديارهم التي طردوا منها وتصبح
دولة واحدة ديموقراطية للفلسطينيين والاسرائيليين".
من جانب اخر، اعلنت البرازيل، وهي عضو غير دائم في مجلس الامن
الدولي، انها استدعت سفير اسرائيل كي تعرب له عن "استنكار الحكومة
البرازيلية".
الرعايا الأجانب
وقال مسؤولون إسرائيليون إن 124 شخصا من رعايا دول لا تقيم علاقات
دبلوماسية مع اسرائيل قد وصلوا إلى الأردن بعد ترحيلهم. وقالت اسرائيل
إنها ستحتفظ في سجونها بـ50 شخصا من بين نحو 700، لاستجوابهم بشأن
أعمال العنف التي تقول إن جنودها تعرضوا لها على متن السفينة التركية.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان اسرائيل
سترحل جميع الرعايا الأجانب الذين اعتقلتهم على متن أسطول الحرية الذي
كان ينقل مساعدات انسانية الى قطاع غزة.
وقال المكتب في بيان ان جميع الرعايا الأجانب الذين كانوا على متن
الأسطول وتم اعتقالهم سيتم ترحيلهم اعتبارا من مساء الثلاثاء.
وحسب الإذاعة العسكرية الاسرائيلية، فان عمليات الترحيل ستنتهي
الخميس. والقسم الاكبر من ركاب الأسطول من المواطنين الأتراك.
في غضون ذلك، حثت الامم المتحدة الاطراف كافة على توخي الحذر بينما
تستعد مجموعة اخرى من الناشطين لكسر الحصار الذي تفرضه اسرائيل على
قطاع غزة بتسيير قافلة جديدة لايصال المعونات الى القطاع.
وقالت ماري اوكابي الناطقة باسم المنظمة الدولية إن الامم المتحدة
تعلم بأن سفينة واحدة على الاقل تبحر الآن صوب قطاع غزة وهي محملة
بالمؤن والناشطين، وذلك بعد يوم واحد من الهجوم الذي شنته القوات
الاسرائيلية على قافلة الحرية وقتلها تسعة ناشطين على الاقل.
ويقول الاسرائيليون إن جنودهم قتلوا الناشطين دفاعا عن النفس بعد ان
تعرضوا (الجنود) لهجوم شرس من جانب الناشطين.
وقالت اوكابي: نحن نراقب الوضع عن كثب، وفي ضوء ما جرى بالامس نكرر
دعوتنا للاطراف كافة توخي الحذر والتحلي بروح المسؤولية.
واضافت بأن مسؤولي الامم المتحدة احاطوا اسرائيل علما بمخاوفهم حول
سلامة سفن الاغاثة المتوجهة الى غزة.
وقالت: على جميع الاطراف التقيد بنصوص القانون الدولي وتجنب
التصرفات الاستفزازية في هذه المرحلة الحساسة.
وقد أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تأييدها قيام
اسرائيل بالتحقيق في الهجوم على السفن التي كانت تنقل مساعدات انسانية
الى قطاع غزة, الا انها شددت على ضرورة تمتع هذا التحقيق بـ المصداقية
.
وشددت كلينتون على ان واشنطن ستواصل بحث هذه الافكار في الاسابيع
المقبلة مع اسرائيل وباقي الشركاء الدوليين. والتقت كلينتون على مدى
اكثر من ساعتين نظيرها التركي احمد داود أوغلو.
من جهة أخرى، دعا الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف الى إجراء تحقيق
بالغ الدقة لحادثة الهجوم اسرائيلي على اسطول الحرية وذلك في تصريح
ادلي به في مدينة روستوف على الدون حيث جرت قمة روسيا - الاتحاد
الاوروبي .
ووصف ميدفيديف مقتل الناس جراء استيلاء العسكريين الاسرائيليين على
قافلة السلام المتوجهة الى قطاع غزة بأنه أمر لا مبرر له و لا يمكن
التعويض عنه .
وبدوره قال رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومباي أن الاتحاد
يطالب باجراء تحقيق مفصل في الحادث، وبضمان حرية تنقل الناس والبضائع
من القطاع واليه.
على صعيد آخر نُشر بيان مشترك لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف
ونائبة رئيس الاتحاد الاوروبي كاترين إيشتون، جاء فيه أن روسيا
الاتحادية والاتحاد الاوروبي يعبران عن اسفهما لسقوط قتلى اثناء
العملية العسكرية الاسرائيلية بحق الاسطول المتوجه الى قطاع غزة،
ويطالبان باجراء تحقيق شامل .
وقد أثارت روايات شهود عيان كانوا على متن سفن أسطول المساعدات
عندما هوجم من قبل قوات الكوماندوز الإسرائيلية التشكك في الرواية
الإسرائيلية عن هذه الأحداث التي خلفت مقتل 10 أشخاص على الأقل.
وفي سياق ردود الفعل، طلب الأمين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فو
راسموسن من إسرائيل الإفراج فورا عن السفن والمدنيين الذين ما زالوا
محتجزين بعد الهجوم العسكري.
وقال الأمين العام بعد اجتماع خاص لسفراء الحلف الاطلسي في بروكسل
بناء على طلب تركيا، أضم صوتي إلى نداءي الأمم المتحدة والاتحاد
الاوروبي لإجراء تحقيق سريع ومحايد ويتسم بالمصداقية والشفافية حول
الحادث .
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من جانبه إسرائيل إلى
رفع الحصار عن قطاع غزة و المسؤول عن الهجوم الاسرائيلي الدامي على
أسطول الحرية .
وقال المسؤول الأممي لوكالة الأنباء الفرنسية: لو أخذ الإسرائيليون
دعوتي ودعوة الأسرة الدولية لرفع الحصار عن غزة في الاعتبار لما وقع
هذا الحادث المأساوي .
وكان مجلس الأمن الدولي قد دعا في اعلان غير ملزم أعقب جلسة طارئة
إلى تحقيق غير منحاز عن الهجوم الاسرائيلي وطالب بالإفراج عن سفن
الأسطول الست ومئات المدنيين المعتقلين.
وأضاف مون قائلا: إنها مسألة آخذها على محمل الجد (...) وفور عودتي
إلى نيويورك سأجري محادثات حول نوع التدابير الواجب اتخاذها من اجل فتح
تحقيق شامل حول هذا الحادث .
حماية واشنطن
من جهة اخرى يرى محللون ان اسرائيل ستتمكن على الارجح من التعايش مع
التداعيات الدبلوماسية لاقتحامها الدموي لسفن مساعدات مدعومة من تركيا
متجهة الى غزة الا اذا أخفقت الولايات المتحدة حليفتها الرئيسية في
حمايتها.
والضحية الاخرى على الاقل في الوقت الراهن ستكون جهود الرئيس
الامريكي باراك أوباما لتحريك محادثات السلام غير المباشرة بين
الاسرائيليين والفلسطينيين.
وستكون الواقعة التي حدثت اختبارا لمصداقية الحملة واسعة النطاق
التي يشنها أوباما لاستعادة ثقة العرب والمسلمين.
والى الان كان كل ما قاله أوباما هو أنه أبدى أسفه على سقوط قتلى
ودعا الى توضيح ما حدث خلال الغارة.
وأدان مجلس الامن الدولي "الافعال" التي أدت الى سقوط قتلى وحث على
اجراء تحقيق "يلتزم بالمعايير الدولية".
وكثيرا ما كانت تتجاوز اسرائيل الغضب الدولي بسبب سياساتها تجاه
الفلسطينيين والدول العربية المجاورة في الماضي لاعتمادها بصورة كبيرة
على استخدام واشنطن لحق النقض (الفيتو) ضد أي قرار معاد لاسرائيل في
مجلس الامن وحمايتها من أي عقاب.
قال وزير المالية الاسرائيلي يوفال شتاينيتز لراديو الجيش
الاسرائيلي "على الرغم من الاحتجاجات ضدنا فقد اجتزنا مواقف أكثر صعوبة."
ورفض الحديث عن العقوبات.
وربما يضر الهجوم على قافلة المساعدات أكثر بعلاقة رئيس الوزراء
الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المتوترة مع أوباما لكن من المرجح أن يفكر
الرئيس الامريكي مرتين قبل مشاركة المجتمع الدولي في انتقاد اسرائيل
قبل انتخابات التجديد النصفي التي تجرى في نوفمبر تشرين الثاني.
وهذا لن يحدث الا اذا لمح تغيرا في مزاج الامريكيين لينظروا
لاسرائيل باعتبارها عبئا بدلا كونها حليفا موضع ثقة.
كتب جورج فريدمان الرئيس التنفيذي في ستراتفور وهي دورية لتحليل
شؤون الجغرافيا السياسية يقول "ربما ترى ادارة أوباما الان والتي
أسخطها الاسرائيليون تحولا في الرأي العام الامريكي يفتح الطريق أمام
علاقة أمريكية اسرائيلية جديدة ليست في صالح اسرائيل."
وحتى اذا لم يتحقق هذا التصور فان هذه العملية التي حدثت في البحر
ربما تجبر الولايات المتحدة على الاهتمام بدرجة أكبر بمحنة غزة
والانقسام بين حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع
وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس في الضفة الغربية.
قالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "لسنوات تواطأ الكثيرون في
المجتمع الدولي في سياسة استهدفت عزل غزة على أمل اضعاف حماس."
وأشارت المجموعة الى أن الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي
والشركاء في اللجنة الرباعية حثوا على تخفيف الحصار.
وأردفت "هذا موضع ترحيب لكن فتح المجال للمساعدات الانسانية ليس
الرد المناسب على سياسة تتسم أساسا باللامبالاة الاخلاقية وذات نتائج
عكسية."
وتقول اسرائيل التي شنت حربا على القطاع الذي يتسم بكثافة سكانية
عالية قبل 18 شهرا ان حصارها يهدف الى اضعاف مقاتلي حماس الذين يطلقون
صواريخ على بلدات اسرائيلية.
وأوقفت حرب غزة المحادثات غير المباشرة بين اسرائيل وسوريا التي
توسطت فيها تركيا وأثارت انتقادات شديدة من أردوغان الذي وثق منذ ذلك
الحين علاقات مع دول مجاورة مناهضة لاسرائيل مثل ايران وسوريا. وأصبحت
الان العلاقات التي كانت وثيقة يوما بين اسرائيل وتركيا متداعية. بحسب
رويترز.
وقال بول سالم مدير برنامج الشرق الاوسط في مؤسسة كارنيجي ببيروت "قتل
الاسرائيليون أتراكا في المياه الدولية... سيغير هذا حقا من المشاعر في
تركيا ويدفع بالامور في اتجاه أكثر تشددا. سيتعين على الحكومة على
الارجح مسايرة هذا الى حد ما."
وقلل قادة اسرائيل بالفعل من تكلفة خسارة تركيا وهي دولة معتدلة
علمانية ذات أغلبية سكان من المسلمين باعتبارها وسيطا محتملا قائلين
انها لم تعد محايدة لكن التجارة والطاقة والسياحة والروابط العسكرية
ربما تعاني أيضا.
وقضى الهجوم على قافلة المساعدات على أي احتمالات في اجراء محادثات
اسرائيلية فلسطينية غير مباشرة على الفور لكن نتنياهو ربما لا يشعر
بكثير من الانزعاج لحدوث انتكاسة للمفاوضات التي لم يوافق عليها الا
بعد قدر كبير من الضغوط الامريكية.
وسعى أوباما جاهدا لاعادة شكل من أشكال عملية السلام الى مسارها.
كما أن الفلسطينيين لا يرغبون في المشاركة في المحادثات في ظل الانشطة
الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وتعثرت كذلك مساعي الرئيس الامريكي "للتفاهم" مع أعداء مثل سوريا
وايران بينما مني هدفه بفتح صفحة جديدة في علاقات الولايات المتحدة مع
العالم الاسلامي بعدة ضربات.
وقال سالم "أولا كانت حرب غزة عندما كانت تصريحاته كرئيس منتخب غير
قوية... وكانت (الضربة)الاكبر عجزه عن جعل اسرائيل تجمد النشاط
الاستيطاني."
وأضاف "هذا اختبار اخر لن يكون فيه رد الفعل الامريكي حتما هو ما
يرغب فيه العالم العربي والاسلامي."
محنة غزة
على صعيد متصل قال كاتب سويدي معروف كان من بين النشطين الذين كانوا
مسافرين ضمن قافلة من السفن احتجزتها القوات الاسرائيلية وهي في طريقها
الى قطاع غزة انه غير نادم على جذب انتباه العالم الى معاناة غزة.
وكان هينينج مانكيل (62 عاما) الذي عاد لوطنه يوم الثلاثاء واحدا من
بين 11 سويديا شاركوا في الاسطول على الرغم من انه لم يكن على ظهر
السفينة التي وقع عليها معظم اعمال العنف. وخلف الهجوم تسعة قتلى وزاد
من عزلة اسرائيل في مواجهة الغضب الدولي.
وعندما سألته صحيفة اكسبريسن عما اذا كان يشعر بأي ندم على ذهابه في
هذه المهمة قال "لا على الاطلاق. "ولكن كما تعرف فقد سلط الضوء على
نقطة (ماذا يحدث في غزة)."
ومانكيل كاتب جريمة اشتهر بسلسلة من روايات خيالية اكملها في عام
1999 وتتركز على مفتش اسمه كورت فالاندر. وزوج امه هو المخرج السينمائي
الراحل انجمار بيرجمان.
وقال الجيش الاسرائيلي ان التسعة قتلوا عندما اقتحم كوماندوس
السفينة مرمرة من طائرات هليكوبتر وزوارق وفتحوا النار فيما وصفه رئيس
الوزراء الاسرائيلي دفاعا عن النفس.
وقال مانكيل انه حان الوقت لفرض عقوبات.
واردف قائلا للصحيفة "لقد جربنا امورا اخرى كثيرة ولكن الاسرائيليين
يرفضون الاصغاء.
"اعتقد انه يجب استخدام تجربتنا من جنوب افريقيا. نعرف انه كان
للعقوبات اثر كبير هناك. لقد استغرقت وقتا طويلا ولكنها نجحت."
وصرحت متحدثة باسم وزارة الخارجية السويدية بان سبعة سويديين
مازالوا في سجن جنوبي تل ابيب ولكن من المرجح ان يوقع بعضهم على اوامر
ترحيل ويغادروا يوم الاربعاء او خلال الايام القليلة المقبلة.
وعاد ايضا محمد قبلان وهو عضو سويدي بالبرلمان الى الوطن يوم
الثلاثاء وقال لمحطة ايكوت الاذاعية السويدية انه سعيد جدا بالعودة
ولكنه يشعر بحزن كبير على من قتلوا.
واضاف "لم يكن لدينا اسلحة. اننا مدنيون. ليس من حق احد الاستيلاء
على سفينتنا" واصفا الفوضى والخوف مع اقتحام القوات السفينة التي كان
على ظهرها.
وقائع الهجوم
كما كشف صحفي بلجيكي ونائبة عربية في الكنيست في حديث مع قناة
الجزيرة عن وقائع الهجوم الإسرائيلي على "أسطول الحرية" الاثنين في
المياه الدولية واتهم الشاهدان إسرائيل باستعمال قوة عسكرية مفرطة ضد
ناشطين إنسانيين مسالمين هدفهم الوحيد كسر الحصار على غزة.
بدأت الأمور تتضح بشأن هجوم الجيش الإسرائيلي على "أسطول الحرية"
أمس الاثنين والذي أدى إلى مقتل تسعة أشخاص، معظمهم أتراك وجرح أكثر من
أربعين آخرين.
مصور قناة "الجزيرة" عصام زعتر، الذي رافق الوفد البلجيكي على متن
سفينة بلجيكية ضمن "أسطول الحرية" الهادف إلى كسر الحصار المفروض على
قطاع غزة منذ ثلاث سنوات، قال إن عددا كبيرا من الجنود الإسرائيليين
كانوا مدججين بشتى أنواع الأسلحة، مضيفا أنهم هاجموا السفينة التي كانت
تتواجد في المياه الدولية بشكل مفاجئ. وأكد المصور أن الجيش الإسرائيلي
استعمل الغاز المسيل للدموع والدخان من أجل حجب الرؤية وراح يقتل
ناشطين مسالمين، ليس بحوزتهم لا سلاح أبيض ولا رشاشات كما تدعي السلطات
العسكرية ولم يستعملوا العنف في وجه الجنود الإسرائيليين". "تعرضت لضغط
سيكولوجي كبير"
وروى عصام زعتر كيف أوقفته السلطات الأمنية الإسرائيلية والاستجواب
العنيف الذي تعرض له خلال ساعات عديدة. "كانوا يريدون معرفة انتمائاتي
السياسية وانتماءات زملائي الصحافيين وقالوا بأن الجزيرة لها صلة وثيقة
بالأوساط التي نظمت هذه القافلة وأن على هذه القناة أن تدفع الثمن".
وأضاف المصور أن السلطات الإسرائيلية لم تستعمل العنف الجسدي ضده بل
تعرض إلى ضغط سيكولوجي كبير، مشيرا إلى أن عودته إلى بلجيكا لم تكن
ممكنة لولا تدخل القنصلية البلجيكية في إسرائيل.
وقال عصام زعتر إن السلطات الاسرائيلية "سحبت مني كل أشرطة الفيديو
قبل أن أغادر إسرائيل صباح الثلاثاء من مطار بن غوريون على متن طائرة
بلجيكية باتجاه بروكسل.. لقد طلبوا مني أن أغادر البلاد بلباسي وجواز
سفري فقط". "إسرائيل خطّطت لعملية ردع كبيرة"
من جهتها، وصفت حنين الزغبي النائبة العربية في الكنيست والتي أطلق
سراحها الثلاثاء أن إسرائيل حضرت نفسها جيدا للهجوم وهيأت الرأي العام
الإسرائيلي والعالمي لنتائج هذا الهجوم المحتملة.
وقالت الزغبي إن الجنود الإسرائيليين تعاملوا مع الناشطين الدوليين
كإرهابيين. وواصلت "توقعنا أن يتم إيقاف الأسطول لكن لم نكن نتوقع هذا
العنف العسكري وضخامة التجهيزات العسكرية"، مضيفة "أن الهدف الوحيد من
هذه العملية هو إحداث أكبر قدر ممكن من القتلى والجرحى لمنع تكرار هذا
النوع من المبادرات الانسانية في المستقبل".
إلا أن الأسطول نجح إعلاميا، حسب النائبة، وهذا لتواجد أكثر من ستين
صحفيا على متنه، مشيرة إلى أن إسرائيل كان بإمكانها أن تغزو الأسطول
بصورة سلمية وتوقفه، لكنها في الحقيقية خططت لعملية ردع كبيرة.
وروت حنين الزغبي وقائع الهجوم قائلة: "كنا على بعد 130 ميلا من
سواحل غزة، فدخلت إلى غرفة القبطان وقال لي بأنه تلقى مكالمة هاتفية من
البحرية الإسرائيلية، التي طلبت منه التعريف بالسفينة و بموقعها
الجغرافي بالضبط. وبعد ذلك رأينا أضواء لسفن حربية.
بريطاني يشهر أسلامه وآخر حائز على نوبل
وعلى متن أسطول الحرية الذي استولت عليه إسرائيل الاثنين في عرض
البحر بينما كان في طريقه إلى قطاع غزة العديد من الأجانب، بينهم عدد
من أشهر الأسماء في العالم، ومنهم الكاتب القصصي والمخرج السينمائي
والصحفي والدبلوماسي والحائز على جائزة نوبل للسلام.
الحكومة الإسرائيلية أعلنت إصابة 35 أجنبياً من هؤلاء، موضحة أنهم
لازالوا يتلقون العلاج الطبي، مشيرة إلى أن إصابة أحدهم خطرة للغاية
بينما وصفت إصابة ثمانية آخرين بأنها خطرة ومستقرة، أما الباقون فوصفت
إصابتهم بما بين طفيفة ومتوسطة.
وفي لندن، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية في وقت سابق أن أسطول
الحرية -الذي هاجمته إسرائيل واتهمته بمساعدة حركة حماس- كان يحمل على
متنه عدداً من الأجانب المعروفين عالمياً.
فقد أشارت إلى الناشطة "هويدا عراف"، المولودة في أمريكا من أب من
عرب إسرائيل وأم فلسطينية، والتي أسست عام 2001 حركة التضامن الدولي.
وكان من بين الشخصيات المعروفة على متن الأسطول أيضا المخرج والصحفي
الاسكتلندي حسان غاني.
في السويد، أعلنت الحكومة أن إسرائيل اعتقلت الكاتب هينينغ مانكل
(62 عاما)، وهو كاتب قصص بوليسية ناجحة ومعروف، بالإضافة إلى ثمانية
سويديين آخرين كانوا على متن سفن أسطول الحرية الذي هاجمه الجيش
الاسرائيلي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السويدية، أندرس جويرل، إن هينينغ
مانكل "اعتقل" وأن "ما مجموعه تسعة سويديين اعتقلوا"، مضيفاً أن هؤلاء
الرجال لم يسجنوا في المكان نفسه، فبعضهم سجن وبعضهم قيد التوقيف
الاحتياطي، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا."
وأضاف "أعتقد أن هينينغ مانكل قيد التوقيف الاحتياطي.. لقد احتجزه
الإسرائيليون."
وأوضح أن بعض السويديين اصيب بجروح طفيفة، مضيفا ان الاتصال مفقود
مع بعض السويديين الذين كانوا على متن اسطول الحرية الذي تعرض للهجوم
صباح الاثنين.
وحسب بعض المصادر، فان السلطات الإسرائيلية عرضت على السويديين
التسعة إما الترحيل أو المحاكمة في إسرائيل.
وفي روما قال وزير الخارجية الايطالي، فرانكو فراتّيني، إن "إسرائيل
تحتجز 4 من مواطنينا كانوا على متن أسطول الحرية"، مضيفا "نأمل أن يتم
الإفراج عنهم في أقرب وقت ممكن."
وفي تصريحات متلفزة، ذكر فراتّيني أن "مسؤولاً من سفارتنا طلب منذ
أمس إذنا بزيارة مواطنينا"، مشيراً إلى أنهم "أشخاص صدر بحقهم أمر
ترحيل، وقد قالت إسرائيل إنها ستوقف من يرفض تنفيذه" وفقا لوكالة "آكي"
الايطالية للأنباء.
وكان وزير الخارجية الإيطالي قد اعتبر في تصريحات أن "إسرائيل
ارتكبت خطأ فادحا" بمهاجمتها القافلة البحرية التي كانت تعمل على نقل
مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة.
وذكر مصدر بوزارة الخارجية الأمريكية أن 9 مواطنين أمريكيين كانوا
ضمن نشطاء السلام على متن أسطول الحرية، وأن السلطات الإسرائيلية
مازالت تحتجزهم، إلا أن المصدر أشار إلى أنه لا يعرف هوياتهم ولا
أوضاعهم ولا مكان احتجازهم.
وأوضح المصدر أنه يتوقع أن يلتقي القنصل الأمريكي في إسرائيل
بالمحتجزين الأمريكيين التسعة الثلاثاء.
غير أن المتحدث باسم أسطول الحرية، جونثان سليفن، كشف عن وجود 5
أمريكيين ضمن القافلة، ومن بينهم السفير الأمريكي السابق إدوارد بيك.
وقال سليفن إن الأمريكيين الخمسة كانوا على متن السفينة "سفيندوني"،
وأنهم استقلوها من ميناء أثينا في اليونان.
وأشار إلى أن الاتصالات مع الأمريكيين الخمسة مقطوعة منذ استيلاء
الجيش الإسرائيلي على سفن الأسطول.
وفي دبلن، قال وزير الشؤون الخارجية الإيرلندي، مايكل مارتن، إنه
التقى السفير الإسرائيلي لدى بلاده وطالبه بالإفراج الفوري عن
المواطنين الإيرلنديين المحتجزين في إسرائيل إثر الاستيلاء على أسطول
الحرية.
وقال مارتن: "إن المواطنين الإيرلنديين السبعة لم يدخلوا إسرائيل
بصورة غير مشروعة، وأنه تمت اعتقالهم في المياه الدولية وتم اقتيادهم
إلى إسرائيل وطلب منهم التوقيع على مذكرة تفيد بأنهم دخلوا إسرائيل
بصورة غير مشروعة." وأضاف "أن هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق."
وقالت صحيفة التليغراف البريطانية إن الايرلندي الحائز على جائزة
نوبل للسلام، مايريد ماغواير، ضمن أفراد نشطاء السلام على متن أسطول
الحرية.
ونقلت صحيفة أخبار العالم التركية في نسختها العربية أن ناشطاً
إنجليزياً ضمن أسطول الحرية أشهر إسلامه من على متن سفينة "مرمرة"،
موضحة أنه الناشط بيتر فيننر، وأنه استقل السفينة من ميناء تركي.
ويبلغ بيتر من العمر 63 عاما، وقد شارك مع المتضامنين والنشطاء
إيماناً منه بحق أهل غزة في الحياة.
ونقلت الصحيفة عنه قوله إن له أصدقاء مسلمون كثيرون في إنجلترا،
وأنه يذهب معهم أحياناً إلى المساجد، وعندما جاء إلى اسطنبول، زار مسجد
السلطان أحمد. وقال لنفسه "لا بد أن أصبح مسلما، وأدخل دين الإسلام." |