معضلة البقعة النفطية... فشل مستمر وحلول غريبة

 

شبكة النبأ: بمقابل فشل المحاولات المتكررة لوقف تدفق النفط من الأنبوب المتفجر، أطلقت الشركة البريطانية المالكة للبئر المنكوب على صفحات موقعها الالكتروني زاوية لوضع الحلول والاقتراحات لتفادي اتساع الكارثة البيئية في المحيط.

من جهته قال الرئيس الأمريكي باراك اوباما ان السلطات ستسلك كل الطرق "المسئولة" لسد بئر تسرب النفط في خليج المكسيك ألان بعد ان اتضح ان محاولة شركة بي بي لسد البئر لم تنجح.

وأضاف اوباما في بيان "في الوقت الذي تلقينا فيه تقارير متفائلة بشأن عملية سد البئر فقد اتضح ألان إنها لم تنجح.

5 آلاف مقترح

حيث طرح آلاف الأشخاص حول العالم أفكارا بشأن كيفية احتواء التهديد المتصاعد الذي يحدق بالبيئة جراء التسرب النفطي في خليج المكسيك، في الوقت الذي تعجز فيه شركة ''بريتش بتروليم'' البريطانية للنفط والخبراء الحكوميون عن وقف تدفق النفط في الخليج.

وجرى تقديم ما يقرب من خمسة آلاف اقتراح، عبر موقع إلكتروني خاص أسسته شركة النفط البريطانية للاستفادة من أفكار الحشود الهائلة التي تزور الشبكة المعلوماتية.

وقال المتحدث باسم الشركة البريطانية مارك بروجلر لشبكة ''إن.بي.سي'' الأمريكية: ''إنه أمر لا يصدق فالناس لا يعرضون منتجات فحسب، بل إننا نتلقى كذلك كثيرا من الاتصالات، حتى هنا في المركز الإعلامي، من أشخاص لديهم أفكار بشأن كيفية إصلاح التسرب النفطي من أفكار مجنونة إلى أخرى تبدو معقولة حقا''.

فعلى سبيل المثال، تدعو إحدى الأفكار إلى نثر القش على المياه كي يتشرب النفط المتسرب، بينما تقترح أفكار أخرى جمع شعر الحيوانات والبشر في جوارب من النيلون واستخدامه لامتصاص النفط.

وتتضمن المواد الأخرى التي اقترحت لامتصاص النفط قشور الفول السوداني ومهاد وفضلات القطط ونشارة الخشب. بحسب الفرانس برس.

وأوصى بعض الخبراء الهواة باستخدام جهاز حراري نووي أو قنبلة مضادة للملاجئ المحصنة تحت الأرض لتفجير البئر التي يتسرب منها النفط، ومن ثم يتم إيقاف التدفق النفطي.

وأوضحت تقارير إعلامية أنه بينما قد تبدو هذه الفكرة مبالغ فيها، إلا أنه تم استخدام تقنية مماثلة في روسيا بنجاح في ستينيات القرن العشرين.

أكبر كارثة

وتبدأ شركة النفط البريطانية، بريتيش بتروليوم، محاولات جديدة لوقف تسرب النفط في خليج المكسيك.

وباءت كافة محاولات الشركة لوقف التسرب بالفشل، آخرها محاول حقن الآلاف الأطنان من الطين والمخلفات فيما يعرف باسم "توب كيل" (top kill).

وأعرب الرئيس التنفيذي للشركة، طوني هيوارد عن أسفه لهذه الكارثة و"الإرباك الهائل" الذي تسببت به لمنطقة ساحل خليج المكسيك، في الوقت الذي أكدت فيه "بريتيش بترليوم"  تعزيز جهودها لوقف تدفق النفط، الذي يقدر بحوالي 19 ألف برميل تضخ يومياً في مياه الخليج.

ووفقا للتقارير فقد تسرب حتى الآن ما يقرب من 20 مليون غالون من النفط في ساحل المكسيك وانتشر التسرب ليغطي 110 كيلو مترات من سواحل لويزيانا الأمريكية.

ويملك عملاق النفط البريطاني البئر النفطية التي تقبع على عمق 5000 قدم في باطن الخليج، وبدأ التسرب في أواخر إبريل/نيسان بغرق منصة "ديبووتر هورايزن" المملوكة لشركة "ترانزأوشن ليمتد".

وبدأت عندها الشركتان، بالإضافة إلى شركة "هاليبيرتون" للخدمات النفطية في تبادل الاتهامات بتحميل كل منها مسؤولية الحادث.

وبموجب القانون الفيدرالي الأمريكي، فأن "بريتيش بتروليوم" هي الجهة المسؤولة عن تنظيف مخلفات الكارثة. بحسب السي. ان. ان.

أما التقنية الجديدة التي تعتزم الشركة البريطانية اللجوء إليها، فهي  استخدام أجهزة آلية لعمل قطع في أنبوب النفط الذي انفجر حيث يتسنى إدخال أنبوب أخر لشفط النفط المتسرب ولكن الأمر سيستغرق أربعة أيام لبدء هذه الخطة.

وقال روبرت دودلي، من بريتيش بتروليوم: "يزعجنا أن النفط مازال يتسرب، لكن سنضاعف جهودنا للحيلولة دون وصوله السواحل."

وأوضح أن التقنية الجديدة، وفي حال نجاحها، ستتيح للشركة جمع معظم - وليس كل النفط المتسرب، لافتاً إلى أن الحل البعيد الأمد يتمثل في حفر بئر تنفيس، إلا أن ذلك لن يكون جاهزاً حتى أغسطس/آب.

وأضاف بالقول: "إذا تمكنا من إحتواء التسرب من الآن وحتى أغسطس وإبعاده عن الشواطئ فهذه نتائج جيدة، وإذا تمكنا من وقفه نهائياً ببئر التنفيس، فهذه نتيجة ليست بالسيئة على الإطلاق بالنظر إلى الوضع الذي نحن عليه اليوم."

وإلى ذلك، أثارت إدارة واشنطن تساؤلات حيال دوافع الشركة البريطانية في تقليل حجم النفط المتسرب، والذي قدر في وقت سابق بـنحو خمسة آلاف برميل يومياً.

وقالت كارول براونر، مساعدة الرئيس الأمريكي لشؤون الطاقة والتغييرات المناخية: " بريتيش بتروليوم لها مصالح مالية تتصل بالرقم.. فستوقع عليهم عقوبة جزائية بعدد البراميل التي تضخ يومياً."

وقدرت براونر حجم التسرب ما بين 12 ألف إلى 15 ألف برميل يومياً، مضيفة: "إنها  على الأرجح أكبر كارثة بيئية تواجه هذا البلد على الإطلاق."

تحويل مجرى المسيسيبي

من جهة أخرى يعد المسيسيبي "أفضل صديق" لحرس السواحل الأمريكيين في مواجهة التسّرب النفطي لأن السلطات حوّلت مجرى النهر إلى عشرات الأقنية لإبعاد البقعة النفطية، لكن صيادي السمك والمدافعين عن البيئة يخشون كارثة بيئية.

نهر المسيسيبي الذي يجتاز مسافة 3800 كيلو متر عبر الولايات المتحدة أطول نهر في العالم، ويطلق عليه الهنود الحمر في أمريكا اسم "ملك الأنهار"، ويتفرع في جنوب نيوأورلينز إلى مجموعة أقنية، ليصب بعد ذلك في خليج المكسيك تماما في محاذاة البئر النفطية التي تهدد سواحل لويزيانا.

ويشكل هذا النهر مع منسوب يراوح بين سبعة آلاف وعشرين ألف متر مكعب في الثانية، حليفا مهما للسلطات الأمريكية التي تخوض معركة لمواجهة ما يبدو أسوأ كارثة نفطية في تاريخ الولايات المتحدة. وقال الكابتن في حرس السواحل أدوين ستانتون الذي يشرف على العمليات لمنع امتداد التسرّب النفطي في لويزيانا لوكالة الصحافة الفرنسية: "إن نهر المسيسيبي أفضل صديق لنا" لأنه "يدفع النفط ويبقيه بعيدا عن الدلتا". فقد مرت ثلاثة أسابيع على انفجار وغرق المنصة النفطية ديبووتر هوريزن التي تستثمرها مجموعة بي بي، لكن لم يصل إلى السواحل سوى بعض البقع النفطية. علما بأن أكثر من 800 ألف لتر، بحسب التقديرات الرسمية، تصب كل يوم في الخليج. واكتشف العلماء وجود آبار نفطية هائلة على عمق كبير في خليج المكسيك، مما يبعث على الاعتقاد بأن كمية الخام التي تتسرب من البئر أسوأ من التقديرات السابقة.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن الباحثة في جامعة جورجيا سامنثا جوي قولها: "توجد كمية هائلة من النفط في الأعماق مقارنة بما ترونه على السطح. هناك كمية هائلة من النفط على طبقات عدة، على ثلاثة أو أربعة أو خمسة مستويات". وأشارت الصحيفة إلى أن الآبار النفطية تحرم خليج المكسيك من الأوكسجين مع خطر قتل أغلبية الحيوانات البحرية في المنطقة. وأوضحت جوي أن كمية الأوكسجين انخفضت بنسبة 30 في المائة قرب هذه الآبار.

بالونات محشوة بالشعر

كما يجري الحديث هذه الأيام بين الحلاقين وزبائنهم عن كيفية إسهامهم في التصدي لبقعة النفط المتسربة من المنصة التي غرقت في خليج المكسيك بعد أن شب فيها حريق.

وهذا الحديث الذي يبدو في ظاهره هزليا، إنما يندرج في إطار مبادرة جادة أطلقتها إحدى منظمات المجتمع المدني الأمريكية. وهي تتمثل في تزويد صيادي دلتا الميسيسيبي ومنتجي مزارع المنتجات البحرية غير السمكية فيها، بالشعر الذي يسمح لهم بالتصدي جزئيا على الأقل لمخاطر التلوث النفطي. والملاحظ أن هذه الدلتا تنتج لوحدها قرابة أربعين بالمائة من المنتجات البحرية غير السمكية التي تستهلكها الولايات المتحدة الأمريكية.

انطلقت هذه المنظمة الأهلية في الحملة التي تقودها اليوم لدى صالونات الحلاقة في الولايات المتحدة لجمع الشعر من ملاحظة مفادها أن الشعر قادر على تثبيت الدهون من حوله. وبذلك فهو قادر بسهولة على تثبيت بقع الزيت المنبعثة من المنصة النفطية التي غرقت في مياه خليج المكسيك والتي تتسرب منها يوميا كميات من النفط تقدر ب8 مائة ألف لتر.

ويجمع الشعر المقصوص في صالونات الحلاقة التي قبلت بالمشاركة في المبادرة، ثم يوضع في جوارب كبيرة طويلة مصنوعة من مادة النايلون يتم إرسالها إلى المناطق الساحلية الأمريكية التي وصلت إليها بقعة النفط أو التي ستصل إليها في المستقبل. وتكدس هذه الجوارب بعد ذلك في أقفاص مخصصة لصيد جراد البحر أو لتربيته على عمق متر ونصف المتر في مياه البحر أو في مزارع المنتجات البحرية القريبة من السواحل.

وهكذا تترسب كميات النفط من حول هذه الجوارب التي يتم نقلها بعد ذلك إلى مكبات لحرق النفايات الخطرة حسب قواعد تحترم البيئة.

والطريف في المبادرة أن صالونات الكلاب بدأت هي الأخرى تنخرط فيها باعتبار أن وبر كثير من الحيوانات منها الكلاب يفيد هو الآخر في تثبيت بقع النفط. 

وصحيح أن شعر زبائن صالونات الحلاقة الأمريكية ووبر الصالونات المخصصة للعناية بالحيوانات الأهلية لا يكفيان للتصدي بشكل ناجع لكل النفط المتسرب من المنصة الغارقة. نظرا لأن نصف كيلوغرام من الشعر يستطيع تثبيت كميات من النفط لا يتجاوز حجمها لترا واحدا. ومع ذلك فإن هناك إحساسا لدى أصحاب هذه الصالونات المخصصة للبشر والحيوان بأنهم يسهمون كلهم في خدمة البيئة ولو بشكل متواضع.

منتجا لتنظيف خليج المكسيك

بعد التأكد من أن كميات كثيفة من النفط جُرفت في مناطق محيطة بخليج المكسيك أصبح التركيز على إزالة النفط المتسرب وآثاره السامة مطلبا أكثر إلحاحا.

ويقوم المئات من الباحثين والعلماء والمتعهدون بقدح زناد أفكارهم لإزالة الكميات الهائلة من النفط المتسرب.

ومن بين الاشخاص الذين يحاولون حل المشكلة رجل يدعى بوب اوزير وهو تركي المولد وتلقى تعليمه في ألمانيا ويعمل مهندسا ميكانيكيا والكترونيا. ويدعي ان لديه الحل للتغلب على مشكلة التسرب النفطي.

واخترع اوزير منتجا يتألف من مواد غذائية وغير سام وغير قابل للاشتعال وصالح للطعام. ويقول انه عندما تتم إضافة المنتج الى المياه الملوثة بالنفط فانها تحيط بالنفط الذي يمكن فصله لاحقا عن المواد المضافة واعادة معالجته. بحسب رويترز.

وقال اوزير "عندما ترش تلك المادة المشبعة ... فانها تمتص جميع الهيدروكربونات.. وبعد أن تأخذ هذا تستطيع إعادة معالجته حيث يمكن أخذه الى المصفاة لإعادة معالجته هناك . الخلاصة هنا هي ان شيئا لم يتغير في التركيب الجزيئي أو أي شيء بالنفط."

ما قيمة بجعة ميتة؟

ما هي قيمة طائر بجع ميت؟ سؤال تحاول شركة البترول البريطانية العملاقة "بي بي" معرفة إجابته، إذ سيتعين عليها دفع مليارات الدولارات تعويضا عن أضرار بقعة النفط في خليج المكسيك.

فبصفتها مالك البئر النفطية التي ما تزال تسرب الخام في خليج المكسيك، فسيتعين عليها دفع المليارات من الدولارات على سبيل التعويض، والكثير منها، سيدفع عوضا عن الطيور والأسماك والثدييات والنباتات التي نفقت بسب التلوث.

وهناك قضية مشابهة، دفعت قيها شركة "إكسون" نحو مليار دولار إلى صندوق معني بالحفاظ على الحياة البرية، في أعقاب كارثة فالديز عام 1989، عندما تسرب النفط من إحدى الناقلات التابعة للشركة.

ويقول ينوود بندلتون، مدير برنامج السياسات البحرية في معهد نيكولاس بجامعة ديوك "ما قد تدفعة شركة بي بي يمكن أن تكون أعلى من ذلك (مبلغ إكسون) بكثير."

وقد تم إرسال مئات من علماء البيولوجيا، والحراس، وخبراء الحياة البرية الأخرى، بهدف إجراء حصر لمدى الضرر على طول ساحل الخليج، ويقول المسؤولون إن الأضرار ضئيلة إذا ما قورنت بتلك التي تسببت بها كارثة "فالديز."

وقال خبراء الحياة البرية التابعين للحكومة إن التسرب النفطي قتل نحو 23 طيرا، و156 سلحفاة بحرية، و12 دولفينا، ولكن من غير الواضح ما إذا كان نفوق السلاحف والدلافين بسبب النفط.

ويشار إلى أن كارثة الناقلة فالديز قتلت ما بين 350 و 600 ألف من الطيور، إلى جانب الآلاف من ثعالب البحر والكائنات البحرية الأخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/حزيران/2010 - 18/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م