ان حقيقة الصراع القائم بيننا وبين الاسرائيليين هو ان كل المفكرين
والخبراء والمخططين يبحثون عن الحقيقة الضائعة، او عن الحلقة المفقودة
التى ادت الى قيام هذا الكيان، وكانت نتائجها هذه الحروب المدمرة، وهذه
الصراعات المستمرة بيننا وبين هذا الكيان المركب وغير المتجانس المسمى
"الكيان الاسرائيلي"، وان بحثنا في عقل كل مفكر وخبير استراتيجي لوجدنا
ان كل فرد منهم مقتنع اقتناعا كاملا ان وراء هذه الهزائم المتكررة،
والتراجعات التكتيكية او الاستراتيجية التي تقع على مستوى عالمنا
العربي في التعامل مع هذا الكيان، هو عدم فهم عقلية العدو..
فالخبير العسكري يصول ويجول معددا امكانيات العدو من حيث تملكة
لاقوى سلاح طيران في الشرق الاوسط.. وان هناك اسلحة مدمرة لدى
الاسرائليين تساعد على تحقيق ما يعجز عنة السلاح المتوفر في الترسانات
العربية.. وان مخططي العمليات العسكرية في الجيش الاسرائيلي يعتمدون
على العلم والمنهجية والتقنيات الحديثة.. وغير ذلك.. اما ان تجولنا
قليلا في عقول خبراء الاعلام فاننا نجدهم يعددون هزائم وسائل الاعلام
العربي وضعف قدرتها على مجاراه وسائل الاعلام الصهيوني المختلفة لعدم
وجود خطة متكاملة على المستوى العربي تسمح بمواجهة الالة العالمية
المسيطر عليها من قبل القوى الصهيونية وهكذا...
هذه الحقائق او بعضها، التى توصل ويتوصل اليها خبراؤنا ومفكرونا..
ونحن على اقتناع كامل ببعض صحتها.. ولكننا بدافع الحرص على سلامة
جماهيرنا العربية، والفلسطينية وتاكيدا لحقيقة ثابتة، نؤكد ان الصراع
بيننا وبين الكيان الاسرائيلي هو صراع امنى في المقام الاول..
فالاسرائيليون ومن خلال مجازرهم الدموية التي لم تتوقف يبحثون عن تحقيق
الامن والامان والطمانينة لشتات اليهود الذين تم تجميعهم فوق الاراضي
الفلسطينية.
وهذا هو هدفهم المعلن.. اما هدفهم الحقيقي فهو السيطرة على مقدرات
جزء كبير من الامة العربية لتحقيق نهمهم وجوعهم العرقي.. فهم يعلمون ان
استمرارهم ككيان غريب وسط جسم الامة العربية، من الصعب ان يستمر وينمو..
طالما هناك عادات تختلف عن عاداتهم ومعتقدات وتقاليد تختلف عن تقاليدهم..
وانماط تفكير تختلف عن اساليبهم في التعامل مع الوقائع وغير ذلك..
الصراع اذا.. هو صراع بقاء..اما ان يذوب العالم العربي في الكيان
الاسرائيلي؟ او ان يذوب الكيان الاسرائيلي في العالم العربي؟ وبذلك
ينحسم الصراع..؟
لذلك نجد ان كل ما يحدث في المنطقة العربية هو الابتعاد عن مواجهة
الحقيقة الثابتة.. والاقتراب من حقائق اخرى غير ثابتة.. واهمها ان منطق
القوة الزائلة التي يستخدمها الكيان الاسرائيلي هي التى تؤدي الى مثل
هذه التراجعات التكتيكية والاستراتيجية على مستوى القرار العربي، وهنا
يكمن العجز الذي يؤرق المواطن العربي.. مهما كان حجمة او موقعة.. او
تاثيرة على هذه المتغيرات التي تعتري العالم العربي كل فترة زمنية
قصيرة لا تتعدى العشر سنوات كل مرة.
من هنا نجد ان الجانب الاسرائيلي يعتمد في صراعه مع العالم العربي..
على البحث عن نقاط الضعف في جسم الامة العربية محاولا النفاذ من خلالها..
والعمل على فرض سياسته بمنطق القوة، لذلك فهو يدرس ويرصد كل
شيء.."الفرد العربي" عاداته وتقاليده ونقاط الضعف به ونقاط القوة، بجمع
المعلومات عنه عن انماط تفكيره، وذلك حتى يستطيع التأثير على هذه
الانماط من خلال وسائل الاعلام المختلفة..
كذلك نجده يجمع المعلومات عن استعداد الدول العربية "عسكريا
واقتصاديا وسياسيا وثقافيا".. حتى يستطيع مواجهة هذه الدول مجتمعة ان
لم تكن منفردة.. وهو عاده ما ينجح في تحقيق اهدافه عبر خلق الصراعات
والفتن الداخلية.. حتى لا يفاجأ بوجود جسم متكامل امامه يصعب عليه
حينها ضربه او التاثير عليه.. فهو يعتمد على الحقائق في مواجهتها..
وبذلك نجده قد استطاع تحقيق بعض الانتصارات في صراعه معنا..
اذن الحقيقة واضحة في عقول خبراؤنا ومفكرونا فالواقع وحده يصرح
بحقائق هائلة.. تثبت ان العقل العربي عاجز عن مواجهة حقيقة ما يحدث.
ان العالم العربي يعيش موهوما..متعثرا في متاهات المعلومات المضللة
والموجهة.. ولا يدري ماذا يفعل، وهنا نسال انفسنا.. هل العجز هو في
المجتمع العربي ام ان العجز في انماط تفكيره؟ ضمن هذا الواقع يجب تحديد
اولويات في تعاملنا مع كل هذا الواقع المرير، اولها ان امن اي مجتمع هو
في امن افراده، وثانيا.. ان امن اي فرد هو في امن مجتمعه.. وذلك يقودنا
الى فرضية ثابتة، وهي ان الفرد هو المجتمع في صورة مصغرة، وان المجتمع
هو الصورة الكبيرة لكل افراده.. هذه الحقيقة يجب ان يستوعبها عقل كل
فرد منا، ويجب ان يتولد الدافع والانتماء الحقيقى عند الفرد ليبذل كل
ما في وسعه لحماية مصالح مجتمعه ووطنه من محاولات الخداع والتضليل
المستمرة والتي يقودها الكيان الاسرائيلي ضد عقولنا وانماط تفكيرنا..
ودور الفرد هنا هو ان يكون الدرع الواقي الذي تتحطم عليه كل عمليات
الحروب النفسية القذرة والمضللة وان يكون له دور في الابلاغ عن اى
انحرافات او محاولات تضليل وتخريب للجهات المختصة.
وبوجود افراد واثقين من انفسهم.. مخلصين لمجتمعهم ولأرضهم ولدستورهم
ولقيادتهم يكون المجتمع متماسكا قويا لا يكن ولا يلين..هذا هو الفرد في
عالمنا العربي.. هذه هي الحقيقة.. وان لم نبدا..تكون الكارثة..
هل نبدأ.. بل يجب علينا ان نبدأ..
* كاتب وصحفي وباحث في الشأن الاسرائيلي
Ramyprees33@hotmail.com |