شبكة النبأ: تدعم الجماعات
الباكستانية المتشددة بعضها البعض بشكل متزايد وتخترق قلب البلاد بحيث
لا تهدد باكستان وحسب بل المنطقة بأسرها.
وعناصر طالبان الباكستانية التي هاجمت مسجدين للطائفة الاحمدية في
لاهور الجمعة الماضية تدربت في منطقة وزيرستان الشمالية معقل المتشددين
ووصلت الى المدينة قبل أسبوع من الهجمات.
وقال أكرم نعيم بهاروكا المتحدث باسم شرطة لاهور "لهم صلات بحركة
طالبان الباكستانية والمهاجم الذي ألقي القبض عليه أبلغنا بأن أخاه
يعمل مع الجماعة في ميران شاه."
وميران شاه هي البلدة الرئيسية في وزيرستان الشمالية وهي أرض وعرة
كانت مخبأ تقليديا للمتشددين وتعتبر معقلا لمتشددي طالبان الباكستانية.
وتثير مثل هذه الصلات بين طالبان الباكستانية وجماعات ومنظمات البنجاب
قلق باكستان وحليفتها الولايات المتحدة.
وقتلت الهجمات على المسجدين في لاهور عاصمة اقليم البنجاب
الباكستاني ما بين 80 و95 شخصا وأصابت اكثر من 100 . وكان هذا أسوأ
هجوم على الاقلية الاحمدية في تاريخ باكستان الممتد على مدى 63 عاما.
ويعتبر المنتمون للطائفة الاحمدية أنفسهم مسلمين لكن كثيرين في
باكستان بما في ذلك الحكومة لا يعترفون بهذا. وفي عام 1974 أصبحت
باكستان الدولة الاسلامية الوحيدة التي تكفر الاحمديين وحظرت ممارستهم
لمعتقداتهم علنا. بحسب رويترز.
وقال محمد عمر المتحدث باسم حركة طالبان الباكستانية لصحيفة ذا نيوز
ان الهجمات نفذتها عناصر الحركة في شرق البنجاب بقلب باكستان ومركز
القوة الاقتصادية والسياسية.
وتعكس هذه الصلات ما اكتشف في محاولة التفجير الفاشلة في ميدان
تايمز سكوير والتي قال المشتبه به الرئيسي فيها فيصل شاه زاد انه اتصل
بأعضاء في جماعة جيش محمد التي تنتمي لاقليم البنجاب وانهم ساعدوه على
الاتصال بحركة طالبان الباكستانية في الشمال الغربي.
وتضغط الولايات المتحدة الان على باكستان لتتعامل مع منطقة وزيرستان
الشمالية التي قادت فيها حملة من الغارات بطائرات بلا طيار أسفرت عن
مقتل مئات من مقاتلي الصف الثاني.
ولن يكون هذا سهلا لان باكستان لا تريد مهاجمة منطقة وزيرستان
الشمالية في الوقت الراهن. لكن قضية شاه زاد والان لاهور تظهران أن
ملاذ المتشددين قرب الحدود الافغانية يتحول بسرعة الى مصدر تهديد كبير
لباكستان نفسها.
وكانت وزيرستان الشمالية -وهي منطقة تلال ووديان وعرة ملائمة لحرب
العصابات- ملاذا امنا للمتشددين الاسلاميين منذ الثمانينات حين كانت
باكستان بمثابة دولة الخط الامامي في "الجهاد" الذي كانت تدعمه
الولايات المتحدة ضد الغزو السوفيتي لافغانستان.
وأصبحت الاراضي القبلية التي يسكنها البشتون خاصة وزيرستان الشمالية
والجنوبية مركزا للاسلاميين المتشددين بعد فرار عناصر القاعدة وطالبان
من هجوم قادته الولايات المتحدة في أفغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر
ايلول 2001 ولجوئهم هناك واقامتهم علاقات مع المتشددين الباكستانيين.
لكن المنطقة تحولت منذ ذلك الحين الى مركز لمجموعة متنوعة من الجماعات
المتشددة. ويمكن تقسيم المتشددين الذين يعملون من وزيرستان الشمالية
الى أربع فئات:
- المتشددون المرتبطون بتنظيم القاعدة بمن فيهم العرب والاوزبك
والشيشان والمسلمون ذوو الاصول الصينية والذين ركزوا قتالهم في أوطانهم
الى جانب الغرب.
- طالبان الافغانية بزعامة جلال الدين حقاني والذين يقاتلون القوات
الغربية في أفغانستان.
- طالبان الباكستانية التي تقاتل الدولة الباكستانية.
- طالبان في البنجاب والتي يعتقد أنها تذكي التشدد بوسط باكستان.
وقال مسؤولون أمنيون ان هذه المجموعات المتشددة تتبع فيما يبدو
برامج مستقلة لكنها تتعاون اذا اشتركت الاهداف.
وقال مسؤول أمني "هذه المجموعات مرتبطة ببعضها بعضا. أحيانا تتواطأ
بشكل مباشر وأحيانا توفر دعما لوجيستيا وفي بعض الاحيان يكون بينها
مجرد تفاهم."
وأدت الصلات التي يعتقد أنها تربط شاه زاد المشتبه به في محاولة
التفجير الفاشلة بميدان تايمز سكوير والمتشددين في شمال غرب باكستان
الى أن تزيد الولايات المتحدة الضغط على باكستان لتتخذ خطوات ملموسة
للتعامل مع التهديد المتزايد من وزيرستان الشمالية.
وستزيد الهجمات على المسجدين في لاهور الان من الضغوط في الداخل على
الجيش لاتخاذ اجراء بصدد وزيرستان الشمالية.
وشن الجيش حملات في ست من سبع مناطق قبلية تعرف باسم المناطق
القبلية المدارة اتحاديا في الاعوام الاخيرة باستثناء وزيرستان
الشمالية حيث عقدت السلطات اتفاقا للسلام مع المتشددين في عام 2007 .
البنتاجون: باكستان ستقرر توقيت عملية
وزيرستان
من جانب آخر عبرت وزارة الدفاع الامريكية ( البنتاجون) عن ثقتها في
أن باكستان ستشن حملة عسكرية في وزيرستان الشمالية احد المعاقل
الرئيسية لحركة طالبان الاسلامية على الحدود مع افغانستان لكنها قالت
ان اسلام اباد هي من ستقرر موعد العملية.
وأرسل الرئيس الامريكي باراك اوباما مستشار الامن القومي للبيت
الابيض جيم جونز ومدير وكالة المخابرات الامريكية ليون بانيتا الى
باكستان في وقت سابق الاسبوع الجاري لحث الحكومة على تصعيد الضغط على
طالبان الباكستانية في اعقاب محاولة فاشلة لتفجير سيارة ملغومة في ساحة
تايمز سكوير بنيويورك في اول مايو ايار.
لكن وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس قال في مؤتمر صحفي في
البنتاجون ان تركيز واشنطن ينصب على بحث "كيف نسطيع تكثيف تعاوننا في
التعامل مع التهديد المشترك" وليس التشجيع على "تغيير نوعي" في المنحى
الباكستاني. بحسب رويترز.
وقال الاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة ان
رئيس أركان الجيش الباكستاني أشفق كياني"اشار" له قبل اكثر من عام بأن
لديه "خطط لتنفيذ تلك المهمة" في وزيرستان الشمالية.
لكن مولن قال ان التوقيت "متروك له (كياني) حقيقة" وان الولايات
المتحدة تدرك أن الجيش الباكستاني "مجهد" بعمليات في المناطق القبلية
الاخرى.
وقال مولن "لديه جبهتان. لديه جيش خسر كثير من الجنود وقدم تضحيات
عظيمة لذا فأنا اتفهم بقدر كبير أن له حرية اختيار الوقت المناسب.
عندما تعاملت معه في الماضي كان اذا وعد بفعل شيء في المستقبل اوفى به
دوما."
وقدر جيتس عدد جنود الجيش الباكستاني في المناطق القبلية ومحيطها
بمئة واربعين الف جندي في سبع فرق ووصف ذلك بأنه "جهد ضخم".
ويعتقد محققون امريكيون ان فيصل شاه زاد مفجر ميدان تايمز الذي ولد
في باكستان ثم اصبح مواطنا امريكيا العام الماضي حصل على مساعدة من
حركة طالبان الباكستانية.
وقال جيتس ان اتساع نطاق عمليات طالبان الباكستانية -- من مهاجمة
الحكومة الباكستانية في اسلام اباد الى التخطيط لتفجير سيارة ملغومة في
ساحة تايمز سكوير -- يبين "اننا الان لنا مصلحة مشتركة في محاولة وقف
تلك الجماعة-- صدها عن تنفيذ هجمات داخل باكستان وصدها عن تنفيذ هجمات
خارج باكستان ولاسيما في الولايات المتحدة."
جيش باكستان يدفع ثمنا غاليا..
يرفض الكابتن المتقاعد بالجيش الباكستاني ظفر تجمل الذي اختنق
بالدموع ما تطلبه الولايات المتحدة من باكستان ببذل المزيد من الجهد
لمكافحة المتشددين الاسلاميين.
لقد قتل ابنه الكابتن بلال ظفر في ريعان شبابه بقذيفة صاروخية اثناء
قيادته هجوما على مقاتلي طالبان.
وقال تجمل وهو جالس تحت صورة ضخمة لابنه عضو القوات الخاصة واخر
رسالة نصية قصيرة أرسلت للاقارب "أحببته كثيرا الى حد أنني قلت له ذات
مرة (لن أزوجك. لانني أحبك جدا وأخشى الا أستطيع مشاركة زوجتك في حبي
لك)."
وأضاف "لو كان هناك مسؤول أمريكي رفيع جالسا أمامي لكنت من المؤكد
حاولت أن أسأله (ماذا يمكن أن يفعل اي انسان اكثر من التضحية بحياته..
هل عانى اي جيش اخر في العالم من هذا الكم من الخسائر البشرية في قتال
المتشددين.."بحسب رويترز.
هذا سؤال كثيرا ما وتر العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان وها
هو يطرح مجددا بعد أن قالت السلطات الامريكية ان امريكيا باكستاني
الاصل وراء محاولة تفجير فاشلة لسيارة في ساحة تايمز سكوير بنيويورك.
وأعلنت حركة طالبان الباكستانية مسؤوليتها وهددت بتنفيذ تفجيرات
انتحارية في مدن أمريكية كبرى.
وتريد واشنطن من اسلام اباد اتخاذ اجراءات اكثر صرامة ضد عناصر حركة
طالبان الافغانية التي تنطلق من الاراضي الباكستانية وتعبر الحدود الى
أفغانستان لدعم تمرد مشتعل هناك وأيضا ضد مقاتلي طالبان الباكستانية.
وقد يتساءل كثيرون في الولايات المتحدة لماذا لا تستطيع باكستان
التي لديها واحد من اكبر جيوش العالم القضاء على طالبان.
والتلميح هنا الى أن باكستان لا تبذل ما يكفي من جهد يثير غضب ضباط
الجيش الذين يتذكرون رفاقهم الذين سقطوا قتلى.
ويقول الجيش ان أرقام الخسائر البشرية تتحدث عن نفسها. وذكر الجيش
أن باكستان فقدت 2421 جنديا اثناء قتال المتشددين منذ عام 2004 .
وقال موقع اي كاجوالتيز على الانترنت iCasualties ان 1777 جنديا من
قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان قتلوا منذ عام
2001 .
وهناك حاليا 147400 جندي باكستاني يتمركزون في الغرب والشمال الغربي
على امتداد الحدود الافغانية ويقاتلون المتشددين فيما سيبلغ اجمالي عدد
قوات التحالف في أفغانستان نحو 140 الفا حين تكتمل زيادة القوات
الامريكية.
ويقول الجيش الذي حكم باكستان لاكثر من نصف تاريخها ان سلسلة من
الهجمات أضرت بشدة بحركة طالبان. لكن طالبان ما زالت تنفذ تفجيرات
انتحارية وهجمات جريئة بينها هجوم على مقر للجيش في روالبندي. |