في كل يوم تظهر وتختفي من الساحة وسيلة إعلامية: قناة فضائية أو
مجلة أو صحيفة يومية أو غيرها، والمبرر في الاختفاء عدم القدرة على
الاستمرار لأسباب مادية خانقة، وما ذلك إلا نتيجة طبيعية لسوء التخطيط
وسوء الإدارة، وعدم الخبرة وافتقاد التمويل، والضحايا الحقيقيون هم
الإعلاميون وفريق العمل في تلك الوسائل.
قبل فترة وجيزة توقفت أكثر من قناة وموقع الكتروني مميز، واختفت
أكثر من جريدة خليجية عن الصدور بسبب الأوضاع المالية القاهرة، وكان
نصيب العشرات من الصحفيين وعوائلهم الضياع بلا عمل، لاسيما ان اغلبهم
من مواطنين ومقيمين عليهم التزامات مادية وليس لهم دخل آخر، ولم يشفع
لهم قبولهم بالأمر الواقع بتأخر الرواتب وخفضها، وقد أشارت جريدة
«الوقت» البحرينية التي انسحبت في اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق
3 مايو من خلال رسالة وجهتها لقرائها تشرح فيها الأسباب التي دفعتها
للتوقف عن الصدور ومن ضمن ما قالت: «..قرر مجلس الإدارة تصفية الصحيفة
بعد العجز عن تأمين تمويل لها أو شريك أو مشتر، ولسنا أول صحيفة ولسنا
آخر صحيفة أيضا تتوقف عن الصدور، وتحملنا عبء أولئك الذين فرضوا علينا
حصارا إعلانيا وإعلاميا، ..ونقول شكرا لكل أولئك الذين عملوا معنا دون
مقابل من أجل بقاء هذه الجريدة»، نعم لم يشفع للعاملين العمل بدون
مقابل على أمل تحسن الوضع والبقاء تحت ظل وظيفة!!. هذا ولن تكون تلك
الصحيفة الأخيرة التي تعلن توقف الصدور، .. ولكن الغريب في الامر عدم
تقدم أي جهة لتشتري الجريدة أو الدخول شريكة، هل العمل الإعلامي لا
يستحق الاستثمار؟!.
وفي نفس اليوم اختفت جريدة «اوان» الكويتية وتوقفت عن الصدور وجاء
في المقال الأخير لرئيس التحرير د. محمد الرميحي تحت عنوان «وقفة
وداع»: «بعد عامين ونصف تقريباً تتوقف «أوان» عن النشر لأسباب اقتصادية
قاهرة، وقفة الوداع تقتضي شكر الزميلات والزملاء فردا فردا، والذين
عملوا بجهدهم وتفانيهم في كل هذه الأيام والشهور، مقدمين أفضل ما لديهم
من خبرة ومهارة، وإلى أولئك الذين اختاروا أن يشاركونا الكتابة والرأي
سواء في الأعمدة أو صفحات الرأي».
الحلقة الأضعف في العمل الإعلامي الخليجي هم الإعلاميون وفريق العمل
الصغير والكبير، إذ أصبحت مهنة المتاعب «العمل الإعلامي» بلا امان
وظيفي، وليس هناك قانون يحمي حقوقهم، بعدما فقدوا التقدير المعنوي
والمادي، وفي ظل هذا الوضع ظهرت فئة من الإعلاميين تبحث عن المصالح
الشخصية والاستغلال على حساب العمل الإعلامي المهني الحقيقي الناجح،
وهذه خسارة فادحة وتدمير للعمل الإعلامي.
ali_writer88@yahoo.com |