سوريا وإسرائيل: رياح التصعيد تبدِّد سراب المفاوضات

 

شبكة النبأ: أدى التهديد بنشوب صراع جديد إلى إحداث هزة بين سوريا وإسرائيل وإيران ولبنان هذا العام خاصة بعد مزاعم إسرائيل والولايات المتحدة عن نقل سوريا أسلحة إلى مقاتلي حزب الله اللبناني رغم أن زعماء جميع هذه الأطراف ينفون رغبتهم في الحرب.

ويتمسك الرئيس السوري بشار الأسد- الذي يضيق ذرعا بواشنطن إلا انه يبقي على الباب مواربا- بمعسكر "المقاومة" الذي تقوده إيران في حين يشير إلى استعداده استئناف محادثات غير مباشرة مع إسرائيل عبر تركيا العدو القديم لبلاده التي تحولت إلى صديق.

وابلغ الأسد صحيفة لا ريبوبليكا الايطالية ان سوريا لم يعد لديها الجلد على الانتظار مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما رفع سقف التوقعات فيما يتعلق بسياسة جديدة تجاه الشرق الأوسط. لكنه قال إن الزمن يتغير ألان.

وتشكل سوريا حاليا نظاما إقليميا مع روسيا بالإضافة إلى تركيا وإيران بدلا من اعتمادها على القوى الغربية.

وقال الاسد الذي يحكم سوريا منذ نحو عشر سنوات ان هذا ليس تحولا في الاتجاه او المواقف معربا عن رغبة بلاده في اقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة التي قال انها فشلت هي والغرب في حل المشكلات في العالم وفي المنطقة.

ولا يزال من غير الواضح ما اذا كان اي تحالف جديد سيكون افضل حظا لكن الاسد سلم بأن الولايات المتحدة ستلعب دورا حاسما في المرحلة الاخيرة من اي تسوية سلمية.

وخرجت سوريا من العزلة التي تحملتها بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري. ونفت مسؤوليتها عن الحادث لكن اجبرت على سحب قواتها من لبنان بعد احتجاج واشنطن وباريس والرياض. بحسب رويترز.

واثبت "حوار" اوباما مع سوريا بأنه محبط للجميع فالكونجرس لم يقر بعد تعيين سفير امريكي الى دمشق رشح في فبراير شباط بعد غياب دام خمس سنوات. كما جدد اوباما العقوبات على سوريا في حين خفف تطبيق بعضها.

ويرى بعض السوريين النصف الممتليء من الكوب. وقال سامي مبيض الذي يعمل مؤرخا "المدرسة الامريكية على وشك اعادة الفتح والسفير عين وهناك زيارات رفيعة المستوى من مسؤولين امريكيين وغض للطرف عن بعض العقوبات. العلاقات ليست بأي حال من الاحوال مثلما كانت في عهد جورج دبليو بوش. هل نحن في شهر عسل.."

وبددت سوريا التي وصفها بوش بأنها "فاعل الشر" بعض المخاوف الغربية بشأن سلوكها في المنطقة مثلما خفف السحب المقرر للقوات الامريكية من العراق بعض المخاوف السورية تجاه النزعة العسكرية الغربية.

وقال دبلوماسي غربي "تقلصت عزلتها الخارجية. الامر ليس هو ان سوريا لم تفعل شيئا. فعلى صعيد القضايا الاقليمية لم يحرز سوى تقدم محدود في جميع المجالات."

وعدد تلك القضايا فقال ان دمشق فتحت صفحة جديدة في العلاقات مع لبنان بعد تحسين العلاقات مع السعودية. كما توقف تدفق المتشددين الاجانب الى العراق مع تبلور خطط الانسحاب الامريكية. وتريد سوريا بوضوح عراقا مستقرا وموحدا.

سوريا: لن نكون بوليساً لإسرائيل

ووجه الرئيس السوري بشار الأسد، انتقادات حادة للغرب مشيراً إلى أن اللغة والسياسات والمقاربات التي كان يستخدمها سابقاً في المنطقة لم تعد مقبولة، وطالبه بلعب دور فاعل للجم إسرائيل.

وقال خلال لقائه بوزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، إن الصمت عن خروقات إسرائيل وزرعها فتيل الفتنة في المنطقة لم يعد مقبولاً كذلك، وفق ما نقلت "سانا".

وحول التهديدات الإسرائيلية المستمرة لإشعال الحروب وزعزعة استقرار المنطقة،  قال الرئيس السوري، إنه إذا أراد الغرب أمناً واستقراراً في المنطقة فلا بد له من البدء بلعب دور فاعل للجم إسرائيل والحد من توجهاتها المتطرفة والخطيرة على أمن وسلام المنطقة، حسب "سانا."

ومن جانبه، جدد وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، نفي المزاعم الإسرائيلية بنقل صواريخ سكود إلى "حزب الله، قائلاً: إنه "طالما أن هناك احتلال وحالة من عدم الاستقرار في المنطقة فان سوريا لن تكون بوليسا لإسرائيل."

وأضاف المعلم, في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي, أن "صواريخ السكود لا تتناسب مع نمط الحرب الفدائية لحزب الله."

وأردف متسائلا، طبقاً لـ"سيريا نيوز":  "كيف يمكن إخفاء هذه الصواريخ وتهريبها لاسيما أنها كبيرة الحجم، خاصة وان الطيران الاسرائيلي والاقمار الأمريكية تجوب المنطقة،  إضافة إلى وجود قوات الألمانية".

وكان المسؤولون الإسرائيليون قد اتهموا سوريا في إبريل/نيسان الماضي بإرسال صواريخ سكود إلى حزب الله، وهو ما نفته سورياة معتبرة أن إسرائيل تهدف من خلالها إلى شن "عدوان محتمل" على سوريا أو لبنان."

بيريز: لم أعرض الجولان مقابل إيران

ومن جانب آخر نفى الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، صحة ما أدلى به نظيره السوري، بشار الأسد، في مقابلة صحفية، حول عرضه على دمشق فك تحالفها مع إيران مقابل انسحاب تل أبيب من الجولان، وذلك عبر رسالة سرية حملها معه الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، في زيارته الأخيرة لسوريا.

وأقر بيريز بأنه بعث بالفعل برسالة مع ميدفيديف، لكنه قال إن محتواها اقتصر على إعلان عدم وجود نية لدى إسرائيل لمهاجمة دمشق عسكرياً أو توتير الأوضاع على الحدود الشمالية، في إشارة إلى لبنان، ولم تتطرق مطلقاً إلى انسحاب مرتقب من المرتفعات التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. بحسب سي ان ان.

وأضاف بيريز، في بيان أصدره مكتبه الخاص ونقلت تفاصيله صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية: "قلنا في الرسالة إن إسرائيل على استعداد لبدء محادثات السلام مع سوريا فوراً، ولكننا أكدنا بأننا لن نسمح لدمشق بخداعنا عبر المطالبة بالانسحاب من الجولان من جهة، والسماح بمرور صواريخ إيران إلى جبال الشمال من جهة أخرى."

وتابع بيريز أن الرسالة "شددت على رفض إسرائيل الكامل لدخول مفاوضات سلام تحت وطأة التهديد،" مضيفاً أن على دمشق وقف دعم "النشاطات الإرهابية" على حد تعبيره، التي يقوم بها كل من حزب الله اللبنانية وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" الفلسطينية

وكان الأسد قد أجرى حواراً مع صحيفة السفير اللبنانية، نشر الثلاثاء، قال فيه إن ميدفيديف نقل خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق رسالة إسرائيلية من بيريز تتضمن عرضاً بالمقايضة بين الجولان وفك علاقة سوريا بإيران وحركات المقاومة، وأضاف" "كان جوابنا واضحاً وهو أن الواقع يثبت أن إسرائيل لا تعمل من أجل السلام، وبالتالي فإن باقي الكلام لا يفيد."

وشدد الأسد على أن للقيادة السورية منهجية في التعامل مع الملفات المطروحة من لبنان إلى إيران مروراً بالملفين الفلسطيني والعراقي، ولا تربط الملفات بدول بل بقضايا.

سورية مستعدة للتفاوض مع إسرائيل

وبموازاة هذه التطورات قال الرئيس التركي عبد الله غل ان سورية مستعدة لاستئناف محادثات السلام مع اسرائيل بوساطة تركية، لكن اسرائيل لم تطلب من انقرة استئناف دورها.

وقال غل في مؤتمر صحفي مع نظيره السوري بشار الاسد الذي يزور تركيا: قالت سورية انها مستعدة لاستئناف المحادثات حيث انتهت. ولكننا لم نسمع من الجانب الاسرائيلي شيئا. الامر راجع لهم. بحسب رويترز.

بينما قال الرئيس السوري بشار الاسد انه مستعد لاجراء محادثات، ولكنه اتهم اسرائيل بتفادي المفاوضات وقال انها لا ترغب في حل الصراع على مرتفعات الجولان التي استولت عليها اسرائيل عام 1967.

وقال الرئيس السوري ان اسرائيل غير مستعدة للوساطة لانها تعلم ان الوساطة الناجحة ستجلب السلام، مضيفا ان الجانب الاسرائيلي لا يريد السلام.

وتابع الاسد قائلا ان بلاده تؤكد على الدور الذي تلعبه تركيا في الوساطة لكنه لا يعتبر اسرائيل شريكا مخلصا.

وشاركت اسرائيل وسورية في اربع جولات من المحادثات غير المباشرة بوساطة تركية عام 2008.

وتم تعليق هذه المحادثات بعد الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة في ديسمبر/كانون الاول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009.

وانتقد رجب طيب اردوغان، رئيس الوزراء التركي، اكثر من مرة الهجوم الاسرائيلي على غزة مما دفع ببعض السياسيين الاسرائيليين الى التشكيك في ملاءمة تركيا كوسيط محايد.

ولتركيا المسلمة ذات الدستور العلماني تاريخ من التعاون العسكري مع اسرائيل وقامت بالوساطة بين اسرائيل والعالم العربي.

وأدى تزايد الدفء في العلاقات بين تركيا وجاراتها المسلمات، ومن بينهن ايران وسوريا، الى اثارة المخاوف من تحول السياسة الخارجية التركية ذات التوجه التقليدي الغربي نحو الشرق.

ليبرمان: سوريا أحدى دول محور الشر

ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي، افيغدور ليبرمان، كوريا الشمالية وإيران وسوريا، بأنها دول محور الشر الجديدة، قائلاً إنها تشكل أكبر تهديد لأمن العالم بأجمعه كونها دول تطور أسلحة دمار شامل. وجاءت تصريحات ليبرمان في حديث للصحفيين في طوكيو حيث يقوم بزيارة لليابان.

وفي تصريح قد يزيد من حدة التوتر مع سوريا، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي كوريا الشمالية بالتعاون مع سوريا في ملف أسلحة الدمار الشامل.

وقال، وفق موقع الخارجية الإسرائيلية، إن: "التعاون بين سوريا وكوريا الشمالية لا يرتكز إلى التطوير الاقتصادي والتنمية، بل إلى أسلحة الدمار الشامل." بحسب سي ان ان.

وأوضح خلال اجتماع برئيس الوزراء الياباني، يوكيو هاتوياما، أن هذه النشاطات تهدد بضرب استقرار شرق آسيا والشرق الأوسط كذلك، و"تضرب عرض الحائط بجميع المعايير المقبولة على الساحة الدولية".

وأشار ليبرمان إلى إيقاف طائرة كورية شمالية في بانكوك وهي محملة بكمية هائلة من الأسلحة المخصصة لحماس وحزب الله، طبقاً للتقرير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/حزيران/2010 - 16/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م