حالة حقوق الإنسان في العالم: دول فوق القانون وأخرى تتلاعب به

تقرير العفو الدولية لعام 2009 يؤكد على ترسيخ العدالة الدولية

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: إذا كان تحقيق المساءلة القانونية عن الجرائم المؤثَّمة بموجب القانون الدولي قد أصبح ممكناً اليوم بالمقارنة مع ما كان عليه في أي وقت مضى، فإن أحداث عام 2009 تؤكد وجود عقبتين كبيرتين تعوقان المسير إليه، ولابد من التغلب عليهما إذا ما أُريد حقاً نشر المساءلة عن الحقوق بشتى أنواعها.

والعقبة الأولى هي أن الدول القوية لا تزال تقف فوق القانون، وخارج نطاق الفحص الدولي الفعال. أما العقبة الثانية فهي أن هذه الدول تتلاعب بالقانون، فتحمي حلفاءها من الفحص ولا تمارس الضغط لتحقيق المساءلة إلا عندما تقتضي ظروفها السياسية ذلك.

وبهذا تتوفر الذرائع لدول أخرى، أو لتكتلات من الدول، بأن تضفي الطابع السياسي على العدالة بالأسلوب نفسه.

العفو الدولية: الحكومات تمنع تحقيق العدالة

وقالت منظمة العفو الدولية ان الحكومات تحول دون تحقيق تقدم بشأن حقوق الانسان برفضها الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية او بحماية حلفائها من العدالة.

وأضافت العفو الدولية في معرض اصدار تقريرها السنوي أن 2009 كان عاما تاريخيا للعدالة الدولية لان المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير عن جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور بغرب السودان. بحسب رويترز.

والبشير -الذي من المقرر تنصيبه يوم الخميس لفترة ولاية اخرى بعد اعادة انتخابه الشهر الماضي- هو رئيس الدولة الوحيد الذي توجه اليه المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي لائحة اتهام بينما لا يزال في الحكم.

وقالت العفو الدولية ان رفض الاتحاد الافريقي التعاون مع أمر الاعتقال الذي اصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير -مع استثناءات مثل جنوب افريقيا وبوتسوانا- هو مثال لتخاذل الحكومات في تغليب العدالة على الاعتبارات السياسية.

وفي مقابلة مع رويترز حث كلاوديو كوردوني الامين العام المؤقت للعفو الدولية الدول -وخصوصا دول مجموعة العشرين- على أن تبرهن على التزامها "بالقيادة العالمية" بالانضمام بشكل كامل الى المحكمة الجنائية الدولية. ومن بين مجموعة العشرين لم تفعل سبع دول هذا حتى الان وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند واندونيسيا والسعودية وتركيا.

وعبر كوردوني عن ثقته بأن الولايات المتحدة ستصبح في نهاية المطاف عضوا في المحكمة الجنائية الدولية قائلا ان العفو الدولية تشعر بتفاؤل لبعض البيانات القوية المؤيدة لحقوق الانسان ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي صدرت عن الرئيس الامريكي باراك اوباما.

وقال كوردوني انه ينبغي ان توسع المحكمة الجنائية الدولية قضاياها الي خارج افريقيا حيث تحقق في جرائم ارتكبت في جمهورية الكونجو الديمقراطية واوغندا وجمهورية افريقيا الوسطى وكينيا بالاضافة الى السودان.

واستطرد "هذا حقيقي.. يقصورون نشاطهم على أفريقيا لذا نتوقع من المحكمة التحقيق في مناطق أخرى سواء كانت كولومبيا أو غيرها لتبرهن انها غير منحازة بحق."

وقال كوردوني ان الولايات المتحدة بدأت عام 2009 "بطريقة ايجابية" مع اصدار أوباما أوامر بوضع نهاية لبرنامج المخابرات الامريكية للاعتقالات السرية وما يسمى "بأساليب الاستجواب المشددة".

لكن بنهاية العام كان معتقل جوانتانامو لايزال مفتوحا بالرغم من تعهدات أوباما باغلاقه في غضون عام بينما لا يزال سجن في قاعدة باجرام الجوية بافغانستان يضم محتجزين في انتهاك للمعايير الدولية.

منظمة العفو تدعو دولاً للانضمام للمحكمة الدولية

ودعت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الدول السبع الاعضاء في مجموعة العشرين، ومنها روسيا والولايات المتحدة والصين، وهي ليست اعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، الى الاعتراف بهذه المحكمة تمسكا بمبدأ ان لا شىء فوق القانون.

كما دعت المنظمة تايلاند الى السماح للمراقبين الدوليين بالتحقيق في القمع الدامي لحركة "القمصان الحمر" في ايار/مايو الجاري. بحسب فرانس برس.

وقال امين عام منظمة العفو بالوكالة كلاوديو كوردوني خلال مؤتمر صحافي في مقر المنظمة في لندن "نريد ان نتاكد من انه لا يوجد احد فوق القانون".

واضاف "تقريرنا يبين ان دولا قوية تعتبر نفسها فوق القانون وتحمي حلفاءها وانها لا تحقق العدالة الا عندما تكون في صالحها".

وترفض سبع من دول مجموعة العشرين وهي الولايات المتحدة والصين والهند واندونيسيا وروسيا والسعودية وتركيا الاعتراف بسلطة المحكمة الجنائية الدولية، اول محكمة دولية دائمة لملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب والابادة.

وقال كلاوديو كوردوني ان معارضة واشنطن للمحكمة تتراجع في عهد باراك اوباما وان الولايات المتحد قد تعترف بها.

وقال لفرانس برس "نشعر ان المعارضة يمكن ان تضعف. لو تعاملت الحكومة بجدية مع مسالة العدالة فستدرك ان هذه المحكمة تعمل وفق معايير حقيقية لضمان حقوق الانسان وانه ما من سبب يحول دون تاييدها". واضاف "لدي امل بان تنضم الولايات المتحدة الى المحكمة في نهاية المطاف".

نظرة سريعة..

ويوثِّق تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2010 حالة حقوق الإنسان في 159 بلداً وإقليماً في شتى أنحاء العالم خلال عام 2009.

ويسرد التقرير تفاصيل الأحداث على مدى عام تحققت فيه مكاسب مهمة، ومع ذلك بدت فيه المحاسبة وكأنها حلم بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، الذين ما زالوا يعانون من تحطِّم حياتهم وآمالهم تحت وطأة القمع والعنف والتمييز والتلاعب بالسلطة والنفوذ والنزاعات السياسية.

إلا إن التقرير يحتفي، في الوقت نفسه، بما تحقق من تقدم حقيقي. فهو يبينُ بجلاء أنه بات من الصعب على مرتكبي أبشع الجرائم أن يطمئنوا إلى قدرتهم على الإفلات من قبضة العدالة.

ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على سبيل المثال، ظلت حكومات بعض البلدان، مثل السعودية وسوريا وتونس، تبدي قدراً كبيراً من عدم التسامح مع الانتقادات، بينما شهدت إيران تصاعد القمع رداً على المظاهرات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، التي أُجريت في يونيو/حزيران 2009 وكانت نتائجها موضع خلاف. وفي منطقة آسيا والمحيط الهادئ، صعَّدت الحكومة الصينية من ضغوطها على من يتحدون سلطتها، وأقدمت على اعتقال ومضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان، وعلى قمع الاحتجاجات التي نظمها عمال مهاجرون في إقليم شينجيانغ أوغور ذي الحكم الذاتي. وفي ميانمار، واصلت الحكومة قمع المعارضة السياسية، حيث ظل في السجون نحو 2100 سجين سياسي، ومن بينهم أونغ سان سو كي، التي حُكم عليها بالبقاء لمدة 18 شهراً إضافياً رهن الإقامة الجبرية في منزلها، وذلك بعد محاكمة جائرة.

واستمر العنف ضد المدنيين في شتى أنحاء العالم. ففي الأمريكتين، شهدت بلدان مثل البرازيل وجامايكا وكولومبيا والمكسيك، وقعت مئات من أعمال القتل غير المشروع على أيدي قوات الأمن، بينما استمرت انتهاكات حقوق الإنسان، المتصلة بمكافحة الإرهاب، على أيدي الولايات المتحدة. . وفي إفريقيا، لجأت بعض الحكومات، مثل غينيا ومدغشقر، إلى مواجهة الانتقادات بالإفراط في استخدام القوة وبارتكاب أعمال قتل بصورة غير مشروعة.

وما برحت تجمعات "الروما" (الغجر) في شتى أنحاء أوروبا تعاني من التمييز في الحصول على عدد كبير من الحقوق، بما في ذلك الحق في سكن ملائم والحق في التعليم. وفي مايو/أيار 2009، أدى مسلك السلطات الإيطالية إلى تهديد أرواح مجموعة من المهاجرين وطالبي اللجوء من شمال إفريقيا كانوا يستقلون قوارب، حيث أحجمت هذه السلطات عن تقييم حاجتهم للحماية، وأعادت القوارب على أعقابها إلى ليبيا، التي لا تسري بها إجراءات لطلب اللجوء.

ولم تكن كثير من الدول تضغط من أجل المحاسبة إلا إذا رأت لها مصلحة سياسية في ذلك، وكانت تفضل التضامن الإقليمي على الحاجة إلى ضمان حقوق الذين عانوا من الانتهاكات. ونتيجةً لذلك، استغلت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية مواقعها في مجلس الأمن الدولي من أجل حماية إسرائيل من الخضوع لإجراءات قوية للمحاسبة عما زُعم أنها ارتكبته من جرائم الحرب، وما يُحتمل أن يكون جرائم ضد الإنسانية، في قطاع غزة.

إلا إن العام المنصرم شهد أيضاً بعض دلائل التقدم. فقد تجلى إمكان التصدي للإفلات من العقاب من خلال مبدأ الولاية القضائية العالمية، في ألمانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، حيث قُبض على إغناسي مورواناشياكا، زعيم "القوات الرواندية للتحرر الديمقراطي"، بموجب أمر قبض أصدرته السلطات الألمانية.

وفي أمريكا الجنوبية، أُجريت عدة محاكمات لبعض رؤساء الدول السابقين بخصوص انتهاكات لحقوق الإنسان، وذلك بموجب القوانين الوطنية. وفي بيرو، حُكم على الرئيس السابق ألبرتو فوخيموري بالسجن 25 عاماً لإدانته بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في عام 1991.

وعالجت بعض المؤسسات الإقليمية والوطنية قضايا تتعلق بجرائم مؤثَّمة بموجب القانون الدولي. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2009، أصدرت "محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان" حكماً يدين المكسيك لتقاعسها عن إجراء تحقيقات كافية بخصوص اختفاء روسيندو راديلا قسراً في عام 1974.

ويرى تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2010 أن الحاجة إلى المحاسبة لا تقتصر على إنصاف ضحايا القتل أو التعذيب فحسب، بل تمتد لتشمل من حُرموا من جميع الحقوق التي لا غنى عنها لكي نعيش حياتنا بكرامة.

وترى منظمة العفو الدولية أن احترام جميع حقوق الإنسان ينبغي أن يكون جزءاً لا يتجزأ من جميع أشكال التصدي، على المستويين الوطني والدولي، لأزمة الغذاء وأزمة الطاقة والأزمة المالية. ومع ذلك، فما زال الحق في الصحة والتعليم والسكن أمراً بعيد المنال بالنسبة لملايين البشر الذين يعيشون في فقر في مختلف أنحاء العالم.

ففي كل عام، تموت أكثر من مليون امرأة بسبب المضاعفات المتعلقة بالحمل. وتؤثر انتهاكات حقوق الإنسان بشكل مباشر على معدلات وفيات الأمهات الحوامل في سيراليون وبيرو وبوركينا فاسو ونيكاراغوا.

وأدت عمليات الإجلاء القسري في أماكن شتى من العالم خلال عام 2009 إلى دفع مزيد من الأشخاص إلى هوة الفقر. ففي العاصمة الكمبودية بنوم بنه، أُجليت بصورة قسرية بعض العائلات ذات الدخل المنخفض من موقع يُعاد تطويره في وسط المدينة، وذلك بعد سنوات من الترهيب والمضايقة على أيدي السلطات. وفي الهند، يحيط الخطر بموقع مقدس لآلاف السكان الأصليين في ولاية أوريسا الواقعة شرقي البلاد، وذلك من جراء مشروع لاستخراج وتصنيع الأولمنيوم.

ولا تقتصر الفجوة في نظام العدالة على الأفراد والحكومات. فالشركات في العالم تزداد قوةً ونفوذاً، ولكنها نادراً ما تخضع للمحاسبة. وقد توسَّع القانون الدولي من أجل حماية المصالح الاقتصادية على مستوى العالم، من خلال عدد كبير من اتفاقيات الاستثمار والتجارة العالمية، والتي تستند إلى آليات للتنفيذ. ولكن، إذا كان بوسع المصالح الاقتصادية أن توظِّف القانون لصالحها، فإن الأكثر تضرراً من هذه الأنشطة الاقتصادية كثيراً ما شهدوا تراجع القانون وحماية القانون في وجه نفوذ الشركات. وكان من شأن إجراءات تحرير التجارة والحاجة إلى جذب استثمارات أجنبية والأحكام في اتفاقيات التجارة والاستثمار أن تؤدي تقليص الحماية التي يمكن أن يوفرها القانون للمتضررين من أنشطة الشركات، ولاسيما في البلدان النامية.

ويمكن القول بأن الشركات تعمل في إطار اقتصاد عالمي، ولكن في غياب سيادة القانون على المستوى العالمي.

وأخيراً، فإن تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2010 هو دليل جلي على الشجاعة التي تتسمُ بها حركة حقوق الإنسان في العالم بأسره، كأفراد ومنظمات، في سياق عملها المتواصل من أجل وضع قوانين حازمة، على المستويين الدولي والوطني، وكذلك إصرارها على استخدام هذه القوانين في إقرار العدالة الحقَّة. ويوثِّق التقرير نشاط منظمة العفو الدولية من أجل كشف النقاب عن انتهاكات حقوق الإنسان ومن أجل ضمان المحاسبة عن جميع هذه الانتهاكات.

السلطة والتسييس..

وإذا كان تحقيق المساءلة القانونية عن الجرائم المؤثَّمة بموجب القانون الدولي قد أصبح ممكناً اليوم عما كان عليه في أي وقت مضى، فإن أحداث عام 2009 تؤكد وجود عقبتين كبيرتين تعوقان المسير إليه، ولابد من التغلب عليهما إذا ما أُريد حقاً نشر المساءلة الحقة عن الحقوق بشتى أنواعها. والعقبة الأولى هي أن الدول القوية لا تزال تقف فوق القانون، وخارج نطاق الفحص الدولي الفعال. أما العقبة الثانية فهي أن هذه الدول تتلاعب بالقانون، فتحمي حلفاءها من الفحص ولا تمارس الضغط لتحقيق المساءلة إلا عندما تقتضي ظروفها السياسية ذلك. وبهذا توفر الذرائع لدول أخرى، أو لتكتلات من الدول، بأن تضفي الطابع السياسي على العدالة بالأسلوب نفسه.

وعلى الرغم من تصديق 110 دول من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية"، فلم تصادق عليها إلا 12 دولة من دول "مجموعة العشرين". وكانت إندونيسيا، وتركيا، وروسيا، والصين، والهند، والولايات المتحدة، من بين الدول التي تَنَحَّتْ جانباً عن جهود العدالة الدولية، إن لم تكن قد قوضتها عمداً.

فبعد أن أخرجت الولايات المتحدة نفسها من إطار ولاية "المحكمة الجنائية الدولية"، أصبحت تواجه قدراً أقل من الضغوط الخارجية المطالبة بالتصدي لما ترتكبه هي من انتهاكات في سياق استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب. وعندما تولى الرئيس باراك أوباما مهام منصبه وأمر بإغلاق معتقل خليج غوانتنامو في غضون عام واحد، وبوضع حد لبرنامج الاحتجاز السري واستخدام ما يسمى "أساليب التحقيق المشددة"، كانت الدلائل تبشر بالخير. ولكن بحلول نهاية عام 2009، كانت احتجاز المعتقلين في غوانتنامو لا يزال مستمراً، ولم يكن هناك تقدم يُذكر نحو مساءلة أي شخص عن الانتهاكات المرتكبة في هذا المعتقل أو في غيره من جوانب "الحرب على الإرهاب" التي تقودها الولايات المتحدة.

وتحجب الصين أيضاً أفعالها عن الفحص الدولي. ففي يوليو/تموز 2009، اندلعت أعمال شغب عنيفة في أعقاب انقضاض الشرطة على مظاهرة كانت في أول الأمر سلمية، نظمها أبناء جماعة "الأوغور" العرقية في أورومتشي بإقليم شينجيانغ أوغور ذي الحكم الذاتي. وفرضت الحكومة الصينية قيوداً على سبب استقاء المعلومات، واعتقلت عدداً من المتظاهرين السلميين، وعقدت محاكمات جائرة، وأصدرت أحكاماً بالإعدام على كثيرين، ونفذت الحكم في تسعة منهم في غضون شهور من اندلاع العنف. وفي ديسمبر/كانون الأول، حكم بالإعدام على 13 آخرين، واعتُقل 94 آخرون. وبعد أعمال عنف، سُمح للصحفيين بدخول المنطقة لفترة قصيرة وفي ظل قيود، إلا إن ذلك لا يغني عن إجراء تحقيق دولي صحيح. ولم ترد الصين على الطلب الذي تقدم به "مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب" لزيارة المنطقة ولا يمكن تصديق أي زعم من جانب الحكومة بضمان المساءلة ما دامت تلك المساءلة المفترضة تكتنفها السرية ويشوبها الإسراع بتنفيذ أحكام الإعدام.

وقد انتهت اللجنة المستقلة، التي كلفها الاتحاد الأوروبي بإجراء تحقيق في النزاع الذي دار بين جورجيا وروسيا في عام 2008، إلى أن جميع الأطراف كانت مسؤولة عن انتهاكات للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وبالرغم من ذلك، فقد انتهى عام 2009 دون أن تُقْدم روسيا ولا جورجيا على محاسبة أي شخص، بينما كان زهاء 26 ألف شخص لا يزالون عاجزين عن العودة لديارهم. وكان الأمر الذي يزداد وضوحاً أن روسيا سوف تستخدم نفوذها لحماية جنودها ولحماية الإقليمين المنفصلين في جورجيا، وهما جنوب أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا من الفحص الدولي. وقد عارضت روسيا، على وجه الخصوص، تمديد التفويض لبعثتين دوليتين للمراقبة في جورجيا كانت لهما أهمية حاسمة، وتتبع أولاهما "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا"، أما الثانية فتتبع الأمم المتحدة. ونتيجةً لذلك، أصبحت بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي هي هيئة المراقبة الدولية الوحيدة العاملة في جورجيا، ولا يُسمح لها بدخول مناطق النزاع التي باتت تخضع لسيطرة روسيا أو لسيطرة السلطات القائمة بحكم الواقع الفعلي في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.

وكانت إندونيسيا، وهي من البلدان ذات الوزن الاقتصادي الثقيل الذي أتاح لها الانضمام إلى "مجموعة العشرين"، قد تقاعست طوال ما يزيد على 10 سنوات عن ضمان المساءلة عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في أثناء الاستفتاء على استقلال تيمور الشرقية في عام 1999 تحت رعاية الأمم المتحدة، وكذلك أثناء فترة الاحتلال الإندونيسي السابقة التي دامت 24 عاماً. وعلى الرغم من شتى المبادرات العديدة للكشف عن الحقيقة، والتي أُجريت تحت رعاية محلية أو دولية، فإن معظم الذين يُشتبه في ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في عام 1999 لا يزالون مطلقي السراح، بينما بُرئت ساحة جميع الذين حُوكموا في إندونيسيا.

وأما العقبة الثانية، وهي تسييس العدالة الدولية، فإنها تُخضع مسعى تحقيق المساءلة لبرنامج سياسي يتمثل في تدعيم الحلفاء وتقويض المنافسين. فعلى سبيل المثال، استخدمت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي موقعها في مجلس الأمن من أجل استمرار حماية إسرائيل من إجراءات قوية للمحاسبة عن أفعالها في غزة. وفي لفتة يتجلى فيها الانحياز السياسي، طلب "مجلس حقوق الإنسان" في بادئ الأمر أن يقتصر التحقيق على الانتهاكات التي زُعم أن إسرائيل قد ارتكبتها. إلا إن القاضي ريتشارد غولدستون، الذي عُين لاحقاً لإجراء هذا التحقيق بفضل مصداقيته، أصرَّ على أن تقوم "بعثة تقصي الحقائق" التابعة للأمم المتحدة بفحص الانتهاكات التي زُعم وقوعها على أيدي إسرائيل وحركة "حماس". ومن ناحية أخرى، لم تصوِّت أي من الدول الآسيوية أو الإفريقية في "مجلس حقوق الإنسان" ضد القرار الذي يحيي حكومة سري لنكا على مسلكها في الحرب ضد حركة "نمور تحرير تاميل عيلام".

المساءلة عن جميع الحقوق

ولا شك في أن العقبات التي تعوق تطبيق المساءلة، عن الفظائع الواسعة النطاق أثناء النزاعات أو في غضون القمع السياسي، هي عقبات حقيقية، ولكن الجدل قد حُسم على الأقل، إذ لم يعد أحد ينكر المبدأ الذي يقضي بضرورة معاقبة مرتكب جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو حوادث الاختفاء القسري. ولكن عندما يتعلق الأمر بحرمان قطاعات واسعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإنه لا يوجد جهد مماثل من أجل إرساء القانون وتطبيق مبدأ المحاسبة. وقد يقول الكثيرون إن الأمر مختلف فيما يتعلق بهذه الحقوق، وهو قول صحيح في ظاهره، فإزهاق أرواح سكان مدنيين يختلف عن حرمان عدد من السكان من حقهم في التعليم، إلا إن هذا الحرمان يُعد استخفافاً بالقانون الدولي ويؤثر سلبياً على حياة السكان، ومن ثم ينبغي السعي لملاحقة المسؤولين عنه من خلال المحاسبة الدولية.

وتتمثل المهمة في إقناع زعماء العالم بأن هذه المشكلة تشكل أزمة في حقوق الإنسان، ولا تقل أهميةً في هذا الصدد عن النزاع في دارفور.

ويمكن للمرء أن ينظر إلى حق الصحة، ولاسيما البلاء المتمثل في وفيات الأمهات الحوامل. فهناك أكثر من نصف مليون امرأة يلقين حتفهن كل عام بسبب المضاعفات المتعلقة بالحمل. وترتبط معدلات وفيات الأمهات الحوامل ارتباطاً مباشراً بانتهاكات حقوق الإنسان في سيراليون وبيرو وبوركينا فاسو وإندونيسيا، وليست هذه سوى قلة من البلدان التي ركزت عليها منظمة العفو الدولية في عام 2009. وعلى نحو ما شِهَدْته شخصياً في سيراليون وبوركينا فاسو، فإن حكومات تلك البلدان تقر بالمشكلة وتتخذ خطوات لمعالجتها. ولكن هذه الحكومات، بالإضافة إلى المجتمع المدني، في حاجة إلى بذل جهود أكبر لمعالجة قضايا حقوق الإنسان الأساسية التي تسهم في ارتفاع معدلات الوفيات التي يمكن منعها، من قبيل التمييز بسبب النوع، والزواج المبكر، وحرمان المرأة من حقوقها الجنسية والإنجابية، فضلاً عن العوائق التي تعترض سبل الحصول على الرعاية الصحية الأساسية. وفي هذا الصدد، ينبغي أن تحظى هذه الدول بدعم المجتمع الدولي.

ويُقر القانون الدولي لحقوق الإنسان بأن توفر موارد كافية يمثل شرطاً جوهرياً لتلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن ثم فهو يطلب "التلبية المطردة" لهذه الحقوق "إلى الحد الأقصى من الموارد المتاحة." ولكن ينبغي ألا تتذرع الحكومات بمسألة قلة الموارد وحسب، فمعدل وفيات الأمهات الحوامل، التي يمكن الحيلولة دون وقوعها، في بلد ما لا يعكس بالضرورة فقر هذا البلد أو ثراءه. فعلى سبيل المثال تزداد نسبة وفيات الأمهات كثيراً في أنغولا عنها في موزمبيق، على الرغم من أن موزمبيق أفقر كثيراً. وعلى غرار ذلك، فإن نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي في غواتيمالا يبلغ ضعف مثيله تقريباً في نيكاراغوا، ومع ذلك فإن معدل وفيات الأمهات في غواتيمالا أعلى بكثير.

ويمكن للمرء أيضاً أن ينظر إلى الحق في السكن. فقد تناولت منظمة العفو الدولية في عام 2009 محنة عشرات الآلاف من المشردين في العاصمة التشادية نجامينا بعد إجلائهم بالقوة من مساكنهم، وكذلك محنة سكان الأحياء الفقيرة في العاصمة المصرية القاهرة، الذين ما زالوا عرضةً لخطر الموت من جراء تحت الانهيارات الأرضية وغيرها من المخاطر، وذلك بسبب عدم قيام السلطات بتوفير مساكن آمنة لهم. وفي العاصمة الكينية نيروبي، شاركت منظمة العفو الدولية في مسيرة لسكان حي كبيرا، وهو أكبر الأحياء الفقيرة في إفريقيا، وغيره من الأحياء الفقيرة، للمطالبة بحقهم في السكن الملائم والمرافق الكافية. وفي قطاع غزة، كان أحد العواقب الناجمة عن النزاع في عامي 2008 و2009، والذي ركزت عليه منظمة العفو الدولية، هو الدمار الذي لحق بعدد كبير من المنازل، واقترن باستمرار الحصار، الذي يحول دون دخول مواد البناء إلى غزة. وكانت أشد الفئات ضعفاً هي التي تتحمل أعباء هذا الحصار، الذي يُعد بمثابة عقاب جماعي، وهو الأمر الذي يُعتبر جريمةً بموجب القانون الدولي.

والعنصر الذي يشترك فيه سكان البلدان التي سبق ذكرها بشكل أكثر من غيره هو عنصر الفقر. فالفقراء هم أشد من يعانون من التمييز ضدهم، ويمثلون أوضح مجال تتبدى فيه ضرورة حماية جميع الحقوق المنصوص عليها في "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". ويُعد التمييز من العوامل الرئيسية الدافعة إلى الفقر، وكثيراً ما يكون العامل الذي يحدد تخصيص الإنفاق الحكومي. والواقع أن معظم الذين يعيشون في فقر في العالم، وأشد من يعانون من التمييز في القانون والممارسة العملية، من النساء. وينبغي ألا يستأثر الرجال أو الأغنياء بمزية السلامة في الحمل والمسكن والطرق الآمنة إلى المدارس أو إلى العمل.

الخطة العالمية التالية..

وسوف يجتمع زعماء العالم في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2010 لمراجعة التقدم في الوفاء بما وعدوا به من تحسين معيشة فقراء العالم، وهو المنصوص عليه في "أهداف التنمية للألفية". واستناداً إلى الأدلة المتاحة، فما زال العالم بعيداً كل البعد عن تحقيق الأهداف المحددة لعام 2015. ويتمثل ثمن هذا القصور في حرمان مئات الملايين من حقهم في العيش بكرامة، وهو ما يتجاوز مجرد التمتع بحرياتهم السياسية ليشمل الحصول على الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم والأمن، حسبما ينص "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". ومن ثم، فإن الهدف لا يزال هو التحرر من الخوف والتحرر من الفاقة.

ولابد أن يُبذل جهد مماثل في الوقت الراهن لاستغلال الزخم الذي استُخدم في إنشاء "المحكمة الجنائية الدولية" والآليات الدولية للعدالة، وذلك من أجل تحقيق قدر أكبر من المساءلة في النظام الاقتصادي والسياسي العالمي الذي لم يأخذ في اعتباره حتى الآن جميع حقوق الإنسان. وثمة حاجة إلى فكر جديد. فليست الغايات المنصوص عليها في "أهداف التنمية للألفية" مجرد وعود، بل إنها تشير كذلك إلى ما التزمت به الحكومات قانوناً من أجل تلبية حقوق الإنسان الأساسية، ومن هذه الزاوية لابد من توافر آليات لمحاسبة الحكومات عن الوفاء بما التزمت به. وينبغي أن تكون هناك سبل إنصاف فعالة إذا ما تقاعست دول عن القياد بذلك.

ومما يعزز المساءلة أن تأخذ الجهود المبذولة لتحقيق "أهداف التنمية للألفية" في اعتبارها إلى أقصى حد آراء الذين يعيشون في فقر. فمن حق الأفراد أن يشاركوا فيما يُتخذ من قرارات تؤثر في حياتهم، وأن تُتاح لهم حرية الحصول على المعلومات الخاصة بهذه القرارات. والواقع أن أصحاب الحقوق أنفسهم لم يشاركوا مشاركة تُذكر في صياغة "أهداف التنمية للألفية". وينبغي أن تكفل عملية تحقيق "أهداف التنمية للألفية" أيضاً الفحص الدقيق لمسلك الحكومات التي تطبق سياسات محلية من شأنها أن تقوِّض تلبية الحقوق الأساسية المنصوص عليها في "أهداف التنمية للألفية"، بما في ذلك حكومات الدول التي تتمتع بنفوذ دولي. ولابد من مساءلة جميع الحكومات، وبصفة خاصة حكومات "مجموعة العشرين" التي تنهض بدور أكبر في الزعامة العالمية، عما إذا كانت سياساتها تُترجم إلى تحسينات ملموسة في حياة فقراء العالم.

وفي إطار هذا الجهد الرامي إلى تلبية جميع الحقوق الإنسانية لجميع البشر، يجب على الدوام تذكير العناصر التابعة للدول وغير التابعة لها بالتزاماتهم ومسؤولياتهم القانونية. فالعالم يشهد في الوقت الراهن، أكثر من أي عصر مضى، تلاحم دعاة حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المحلي، والمحامين وغيرهم لتحقيق هذه الغاية، فهم يعملون مع من بيدهم مقاليد السلطة إذا كانت هناك أهداف مشتركة، ولكنهم قد يتحدونهم بالسعي لاتخاذ إجراءات المساءلة المؤسسية والفردية. ويزداد تنوع حركة حقوق الإنسان نفسها، كما يزداد ترابطها العالمي عبر الحدود والنظم، سعياً لتنفيذ مشروع أشمل لحقوق الإنسان.

واليوم، ونحن على أعتاب العقد الثاني من الألفية، تعمل منظمة العفو الدولية جنباً إلى جنب مع شركائها في تلك الحركة العالمية، من أجل إعادة التأكيد على قيمة الطابع العالمي لحقوق الإنسان، ومن أجل التدليل على أن هذه الحقوق لا يمكن أن تُجزأ أو تُنتقص، وأنها تسهم بشكل مباشر في أن يعيش الإنسان حياةً كاملةً. وفي غمار هذا العمل، تؤكد منظمة العفو الدولية على التزامها برؤيةٍ لحقوق الإنسان تتجاوز الدول والجماعات المسلحة والشركات، وتعتبر كل فرد عاملاً من عوامل التغيير، له حقوق وعليه مسؤوليات. فلكل فرد الحق في أن يطلب من الدولة والمجتمع الاحترام والحماية وإعمال الحقوق، ولكن عليه أيضاً مسؤوليات تتمثل في احترام حقوق الآخرين، والعمل بالتضامن مع غيره للوفاء بما وعد به "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

وهناك أمثلة مروعة لتطبيق عقوبة الإعدام على الجانحين من الأحداث، أو تطبيقها بعد محاكمات جائرة أو بناء على اعترافات انتزعت من المتهمين بالإكراه، وشهدنا تراجعاً مثيراً للقلق من جانب بعض البلدان؛ فجاء كل هذا ليذكرنا بأنه لا ينبغي لنا أن نأخذ الإلغاء النهائي لعقوبة الإعدام مأخذ التسليم أو نعتبره أمراً مفروغاً منه، بل لا بد لنا من المثابرة ومواصلة السعي والضغط. لحظات حاسمة خلال عام 2010 في كل منطقة من مناطق العالم:

إفريقيا

كينيا: في 31 مارس/آذار، أصدرت الهيئة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية قراراً بقبول الطلب المقدم من المدعي العام للمحكمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 بفتح التحقيق رسمياً بشأن الجرائم ضد الإنسانية التي زُعم ارتكابها أثناء أعمال العنف التالية للانتخابات، وعمليات الشرطة والجيش عام 2008.

كينيا: في إبريل/نيسان، تعثر عمل لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة، التي أنشئت في كينيا في أعقاب أعمال العنف التالية للانتخابات، بعد قدم أعضاء اللجنة عريضة لرئيس المحكمة العليا طلبوا فيها فتح تحقيق حول ما تردد من ادعاءات تفيد أن منصب رئيس اللجنة السفير بيثوال كيبلاغات ينطوي على تضارب في المصالح.

السودان: انطلقت الانتخابات الرئاسية والتشريعية في إبريل/نيسان بعد فرض قيود على الحريات الأساسية خلال الفترة السابقة للانتخابات؛ وانتخب الرئيس عمر حسن البشير لولاية رئاسية أخرى بعد حصوله على 68 في المائة من الأصوات، وبعد أن سحبت الكثير من أحزاب المعارضة الرئيسية مرشحيها بسبب ادعاءات بالتزوير. وقال المراقبون الدوليون للانتخابات من مركز كارتر والاتحاد الأوروبي إن الانتخابات لم تفِ بالمعايير الدولية؛ غير أن المراقبين اعترفوا بهذه الانتخابات باعتبارها خطوة مهمة في سبيل تنفيذ اتفاقية السلام الشاملة.

السودان: استمر القتال في منطقة جبل مرة بإقليم دارفور بين القوات الحكومة وجماعات المعارضة المسلحة؛ ولم تتوفر بعد معلومات دقيقة بسبب قرار الحكومة منع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من دخول المنطقة.

السودان: أفرج في فبراير/شباط عن 57 متهماً زعم أنهم شاركوا في هجوم على الخرطوم عام 2008، ومن بينهم 50 صدرتهم عليهم أحكام بالإعدام؛ وجاء الإفراج عنهم بموجب اتفاق إطاري لتسوية الصراع في دارفور تم إبرامه بين حكومة السودان وحركة العدل والمساواة، وهي إحدى جماعات المعارضة المسلحة في دارفور.

شرقي تشاد: طلبت الحكومة التشادية رحيل الشق العسكري من بعثة الأمم المتحدة المسماة اختصاراً "مينوركات"من البلاد بعد انتهاء تفويضها في 26 مايو/أيار الجاري. وتمخضت المفاوضات بين الحكومة التشادية والأمم المتحدة عن اقتراح يقضي بتمديد تفويض بعثة "مينوركات" إلى ما بعد مايو/أيار، ولكن البعثة لن تكون لها موارد أو تفويض بحماية المدنيين. وهناك خطر حقيقي في أن يتعرض المدنيون لمزيد من الاعتداءات على يد شتى الأطراف، بما في ذلك جماعات المعارضة المسلحة التشادية، والميليشيات غير النظامية، والعناصر الإجرامية، وأفراد قوات الأمن التشادية. ويكاد مرتكبو تلك الانتهاكات يتمتعون بحصانة كاملة من العقاب؛ يُذكر أن قوات الأمن التشادية عجزت أو أحجمت عن حماية السكان في شرقي تشاد خلال السنوات الأخيرة، ومن بين هؤلاء 250 ألف لاجئ سوداني من دارفور و170 ألف نازح تشادي.

جمهورية الكونغو الديمقراطية: طلبت الحكومة انسحاب بعثة الأمم المتحدة "مونوك" بحلول شهر يونيو/حزيران 2011، وانسحاب قوات الأمم المتحدة التي لا تضطلع بدور في شرقي الكونغو الديمقراطية بحلول عام 2010. ومن المقرر أن يتخذ مجلس الأمن الدولي قراراً بشأن بعثة "مونوك" بعد زيارة يقوم بها مبعوثو المجلس إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية في مايو/أيار؛ وانسحاب الشق العسكري من بعثة "مونوك" من شأنه أن يعرض أمن المدنيين للخطر في الكونغو الديمقراطية، وقد يؤدي إلى تصاعد أعمال العنف.

الأمريكيتان

الأرجنتين: صدر حكم بالسجن لمدة 25 عاماً على الجنرال السابق رينالدو بنيتو بنيوني، آخر رئيس عسكري للأرجنتين، بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان؛ وأدانت المحكمة الجنرال بنيوني وستة مسؤولين سابقين آخرين بالمسؤولية عن الاختفاء القسري لستة وخمسين شخصاً وتعذيبهم خلال الفترة من 1976 إلى 1978 في معتقل كامبو دي مايو العسكري السيئ الصيت على أطراف العاصمة الأرجنتينية بوينوس أيرس.

البرازيل: أيدت المحكمة الفيدرالية العليا في إبريل/نيسان التأويل القائل بأن الجرائم التي ارتكبها أعضاء الحكومة العسكرية خلال الفترة بين 1964 و1985 كانت أفعالاً سياسية، ومن ثم فإنها مشمولة بقانون العفو لسنة 1979، وهو قانون يحمي أعضاء الحكومة العسكرية السابقة من المقاضاة على أعمال القتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والاغتصاب. وعلى النقيض من الكثير من بلدان المنطقة، فإن البرازيل لم تقدم للقضاء أياً من المتهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال الفترات السابقة من الحكم العسكري.

كولومبيا: في يناير/كانون الثاني، وجهت إلى العديد من كبار المسؤولين في جهاز المخابرات المدنية، المسؤول أمام الرئيس مباشرة، تهم بارتكاب مختلف الجرائم في إطار عملية غير قانونية واسعة النطاق، وطويلة الأمد، ضد أشخاص اعتبروا من معارضي الحكومة، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان، وتعرض بعضهم لاحقاً للتهديد أو القتل، أو لملاحقات جنائية لا تستند لأي أساس. ولكن لا تزال هناك شكوك بشأن من أصدر الأمر في النهاية بتنفيذ هذه العملية، وما إذا كانت أساليب التنصت والمراقبة غير القانونية لا تزال مستمرة حتى اليوم.

هايتي: حصد الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي في يناير/كانون الثاني أرواح أكثر من 225 ألف شخص، وشرد أكثر من مليون آخرين من ديارهم، وانتهى بهم المآل إلى مخيمات مؤقتة للنازحين في العاصمة الهايتية بورت أو برنس وغيرها من المناطق. ولا تزال الأوضاع المعيشية في تلك المخيمات بالغة السوء بالرغم من التواجد المكثف للمنظمات الإنسانية الدولية. كما أن الفشل في حماية النساء والفتيات من العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف الذي يتعرضن له بسبب جنسهن لا يزال مصدراً للقلق البالغ.

هندوراس: قتل ستة صحفيين بين شهري مارس/آذار وإبريل/نيسان، بعد عام من الاعتداءات العنيفة والتهديدات بالعنف ضد الصحفيين، وبخاصة أولئك الذين يجرون تحقيقات صحفية حول الجريمة المنظمة أو انتهاكات حقوق الإنسان، ومن يجاهرون بآرائهم وانتقاداتهم لانقلاب شهر يونيو/حزيران 2009 الذي أجبر الرئيس القائم آنذاك خوسيه مانويل روزاليس على الرحيل إلى منفاه في الخارج.

الولايات المتحدة: على صعيد مكافحة الإرهاب، لا تزال المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الولايات المتحدة في الماضي غائبة إلى حد بعيد، ولاسيما فيما يتعلق ببرنامج الاعتقال السري لدى وكالة المخابرات المركزية. ففيما يتعلق بالمقاضاة، ما برحت الإدارة الأمريكية تمنع أي محاولة لإنصاف أو تعويض ضحايا تلك الانتهاكات لحقوق الإنسان. ولا يزال ثمة 181 معتقلاً قابعين في سجن غوانتانمو بالرغم من تعهد الرئيس أوباما بإغلاق هذا المعتقل بحلول يناير/كانون الثاني 2010. وفي إبريل/نيسان، أصدر البنتاغون الأمريكي دليلاً جديداً يتضمن معلومات عن اللجان العسكرية، أكد فيه أنه حتى إذا أصدرت إحدى هذه اللجان العسكرية قراراً ببراءة معتقل، فإن الإدارة الأمريكية تحتفظ بالحق في الاستمرار في اعتقاله لأجل غير مسمىٍ.

آسيا - المحيط الهادئ

أفغانستان: التأم مجلس "جيركا" الاستشاري للسلام (وكلمة "جيركا" هي مصطلح أفغاني يعني اجتماعاً رئيسياً لشيوخ القبائل والزعماء السياسيين) في مطلع مايو/أيار 2010 في العاصمة كابول، وبحث المجتمعون محادثات السلام مع حركة طالبان. وشارك في الاجتماع أكثر من 1000 من ممثلي الحكومة، والقضاء، والزعماء الدينيين، وممثلي مختلف الجماعات والطوائف في المجتمع، وممثلي البعثات الدبلوماسية الدولية.

سري لنكا: فاز الحزب الحاكم المعروف باسم "التحالف الشعبي المتحد من أجل الحرية" بأغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية التي أجريت في الثامن من إبريل/نيسان، مما يعزز قبضة الرئيس راجاباسكا على زمام السلطة؛ واتخذ الرئيس قراراً بحل وزارة شؤون حقوق الإنسان، وآخر بإسناد منصب نائب وزير الإعلام لمسؤول سياسي ثار حوله الجدل للاشتباه في ضلوعه في تدبير اعتداءات بدنية على الصحفيين، والمشاركة فيها؛ غير أن نائب الوزير الجديد لم يلبث أن استقال من منصبه في الخامس من مايو/أيار، بعد أن أعربت منظمات إعلامية دولية عن استنكارها لقرار تعيينه. وعين فيناياغامورثي موراليثاران نائب لوزير شؤون إعادة التوطين، وقد اشتهر باسم "الكولونيل كارونا"، وكان في السابق زعيماً لفصيل منشق عن حركة "نمور تحرير تاميل عيلام"، وطالبت منظمة العفو الدولية بالتحقيق معه للاشتباه في ضلوعه في تجنيد أطفال في القوات المسلحة واستخدام الأطفال المجندين، وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان.

الهند: أصدرت لجنة من الخبراء شكلتها الحكومة الهندية تقريراً بشأن أنشطة شركة التعدين الدولية "فيدانتا ريزورسيز"، أكدت فيه ارتكاب الشركة لانتهاكات حقوق الإنسان التي سلطت منظمة العفو الدولية الضوء عليها في فبراير/شباط 2010. وجاء تقرير اللجنة في أعقاب احتجاجات مستمرة من طوائف السكان الأصليين في ولاية أوريسا شرقي الهند، والحملة المكثفة التي قامت بها العفو الدولية وغيرها من المنظمات غير الحكومية. ومن المعتقد أن الحكومة الهندية طلبت تفسيراً رسمياً من سلطات ولاية أوريسا، مما أوقف تقدم المشروع المقترح ببناء منجم للبوكسيت.

ميانمار: في 8 مارس/آذار، أصدرت حكومة ميانمار خمسة قوانين تتعلق بالانتخابات الوطنية والإقليمية – الأولى من نوعها منذ 20 عاماً – المتوقع إجراؤها في نهاية العام. ومن بين هذه القوانين قانون تسجيل الأحزاب السياسية التي يحظر على جميع السجناء السياسيين، بمن فيهم الزعيمة السياسية الحائزة على جائزة نوبل للسلام داو أونغ سان سو تشي، الانتماء لأي حزب سياسي؛ وهو الأمر الذي يضع حزب داو سو، "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية"، في مأزق: فإما ألا يقبلها الحزب عضواً فيه، كي يتسنى له إعادة تسجيل نفسه في غضون 60 يوماً قبل انتخابات الثامن من مارس/آذار ، مما يمكنه من خوض الانتخابات (وذاك شرط آخر ينص  عليه القانون)، وإما يقرر الحزب عدم إعادة التسجيل (ومن ثم لا يخوض الانتخابات)، ويصبح من المحتمل حله. وفي نهاية مارس/آذار، قررت "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" مقاطعة الانتخابات على أساس أن القوانين الانتخابية "جائرة ومجحفة"؛ وقد حذت حذو الرابطة عدة أحزاب أصغر حجماً تمثل أقليات عرقية، فأعلنت هي الأخرى مقاطعة الانتخابات.

تايلند: عاد أنصار "الجبهة المتحدة من أجل الديمقراطية ضد الدكتاتورية" إلى التظاهر الشوارع بأعداد متزايدة في مارس/آذار؛ ويتظاهر أنصار الجبهة في بنكوك منذ 12 مارس/آذار للمطالبة بحل البرلمان، ثم إجراء انتخابات جديدة. ويناصر الكثيرون من أعضاء الجبهة، المعروفين باسم "ذوي القمصان الحمر"، رئيس الوزراء السابق ثاكسين شيناواترا الذي أطاح به انقلاب عسكري عام 2006، ويقيم حالياً في منفاه الاختياري. وفي مطلع مايو/أيار، أعلن رئيس الوزراء أبهيسيت فيجاجيفا عن خطة للمصالحة من خمس نقط، تشمل إجراء الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني، وحل البرلمان في سبتمبر/أيلول.

الصين: لا يزال المحامون المدافعون عن حقوق الإنسان يتعرضون للمضايقات؛ وبين الأفعال التي وقعت مؤخراً محاولات إلغاء ترخيصي اثنين من المحامين المعروفين، والإجراءات الجديدة لمعاقبة الأنشطة غير القانونية التي يقوم بها المحامون وشركات المحاماة، والتي تدخل حيز التنفيذ في الأول من يونيو/حزيران 2010. كما تتواتر بكثرة أنباء عن منع المحامين من العمل في مناطق ليسوا مسجلين فيها بموجب نظام تسجيل محل إقامة الأسرة المعروف باسم "هوكو"، رغم أن القانون لا يستوجب ذلك.

عقوبة الإعدام: أثارت التصريحات والأفعال الأخيرة للحكومتين التايوانية والكورية الجنوبية المخاوف من أن تعودا إلى تنفيذ عقوبة الإعدام في المستقبل القريب؛ إذ لم تصدر المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية حكماً يقضي بأن عقوبة الإعدام منافية للدستور، كما أجبرت وزيرة العدل التايوانية على الاستقالة من منصبها بعد أن امتنعت علناً عن التصديق على تنفيذ أحكام الإعدام. غير أن الحكومة التايوانية أكدت منذ ذلك الحين أن هدفها على المدى البعيد هو إلغاء عقوبة الإعدام.

أوربا وآسيا الوسطى

قرغيزستان: تصاعد التوتر في مطلع إبريل/نيسان بين أنصار الحكومة والمعارضة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والفساد الحكومي، وتحول إلى مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين في عدة مدن؛ وورد أن مظاهرات الاحتجاج العنيفة التي شهدتها العاصمة القرغيزية بيشكك في 7 إبريل/نيسان خلفت 85 قتيلاً والمئات من الجرحى. وبسط أنصار المعارضة سيطرتهم على إدارة الرئاسة في 8 إبريل/نيسان، وقامت مجموعة تتألف من 14 من قيادات حزب المعارضة بتشكيل حكومة مؤقتة برئاسة روزا أوتونباييفا، وهي وزيرة خارجية سابقة. وأفادت أوتونباييفا أن الحكومة المؤقتة – التي من المقرر أن تبقى في السلطة إلى حين إجراء الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول – باتت تسيطر على البلاد تماماً، وقد حلت البرلمان، وعينت وزراء جدداً. أما الرئيس باكييف فقد استقال في 15 إبريل/نيسان، ورحل عن قرغيزستان إلى كازاخستان المجاورة، ثم استقر به المقام أخيراً في بيلاروس.

الاتحاد الروسي: في 29 مارس/آذار، وقع تفجير انتحاري مزدوج في محطتين لمترو الأنفاق وسط العاصمة الروسية موسكو في ساعة الذروة، مما أسفر عن سقوط 40 قتيلاً وأكثر من 60 جريحاً.

جورجيا: واصلت السلطات الفعلية في إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية المنشقين، والقوات المسلحة الروسية، تقييد حقوق وحريات المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فضلاً عن المناطق القريبة من خط الحدود الإدارية. وورد أن المواطنين المنحدرين من أصل عرقي جورجي في أبخازيا تعرضوا للمضايقات على أيدي القوات الأبخازية والروسية؛ وتفيد التقارير الواردة أيضاً باستمرار حوادث إطلاق النار والمضايقات التي يتعرض لها المدنيون في بعض القرى المتاخمة لخط الحدود الإدارية مع أوسيتيا الجنوبية. كما وردت أنباء كثيرة تفيد باعتقال المدنيين بدعوى عبور خط الحدود الإدارية بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية بصورة غير قانونية.

دول البلقان وتركة جرائم الحرب: أصدر مكتب المدعي العام في البوسنة والهرسك في 18 يناير/كانون الثاني قرار اتهام ضد دوسكو ييفيتش، ومندلييف ديوريتش، وغوران ماركويتش لمسؤوليتهم الفردية والقيادية عن الجرائم التي شهدتها بلدة سربرينيتسا في يوليو/تموز 1995، حيث قتل جيش صرب البوسنة أكثر من 7000 رجل بوسني مسلم؛ ووجهت إلى المدعى عليهم تهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، بما في ذلك الاغتصاب. ويعد قرار الاتهام الصادر ضد هؤلاء الأشخاص الثلاثة أول قرار اتهام من نوعه يتعلق بالأحداث التي وقعت في سربرينيتسا. وفي 31 مارس/آذار، ندد البرلمان الصربي رسمياً بـ"المجزرة التي راح ضحيتها آلاف من الرجال والصبية المسلمين" في سربرينيتسا عام 1995، واعتذر للضحايا، ولكنه لم يصف هذه المجزرة بالإبادة الجماعية.

بيلاروس: نفذت في مارس/آذار عقوبة الإعدام في السجينين فاسيلي يوزيبتشوك وأندريا جوك، اللذين أدينا بتهمة القتل العمد عام 2009؛ ولم يسمح لهما بلقاء أخير بذويهما قبل إعدامها. ولم تبلغ السلطات أقاربهما مسبقاً بالموعد المقرر لإعدامهما.

حقوق الإنسان والأمن: صدر في 26 يناير/كانون الثاني تقرير عن الاعتقالات السرية يستند إلى دراسة مشتركة قام بها المقرر الخاص التابع للأمم المتحدة بشأن الاعتقال التعسفي، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب، والفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي، والفريق العامل المعني بحالات الاختفال القسري أو غير الطوعي. وسلط التقرير الضوء على الطابع العالمي للاعتقال السري، وتضمن معلومات عن الاعتقال السري في الدول الأوروبية. وفي إسبانيا، بدأ تحقيق رسمي في يناير/كانون الثاني حول ما زُعم من تعرض أحمد عبد الرحمن حامد للتعذيب، وهو مواطن إسباني احتجز في معتقل خليج غوانتانمو الأمريكي؛ وقالت المحكمة في قرارها إن وزارة العدل الأمريكية قد اتخذت خطوات للتحقيق في حالات التعذيب في خليج غوانتانمو ومقاضاة المسؤولين عنها. وفي بريطانيا، أمرت محكمة الاستئناف في فبراير/شباط بكشف النقاب عن الأدلة السرية المتعلقة بالمعاملة التي لقيها بنيامين محمد، المقيم في بريطانيا، أثناء اعتقاله في خليج غوانتانمو.

إيطاليا: أسفرت الخطة المعروفة باسم "خطة الرحَّل" عن طرد المئات من أبناء طائفة روما (الغجر)، ومهدت السبيل لطرد آلاف آخرين على مدى الأشهر المقبلة. وتنطوي تدابير هذه الخطة على تدمير أكثر من 100 من مستوطنات الطائفة في شتى أنحاء العاصمة الإيطالية روما، وإعادة توطين ما يقدر بنحو 6000 من أبناء الطائفة في 13 فقط من المخيمات الجديدة أو الموسعة على أطراف المدينة. وخلال الأشهر القليلة الماضية، تم بالفعل طرد المئات من عائلات طائفة روما من خمسة مخيمات مختلفة على الأقل.

الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

مصر: وافق مجلس الشعب المصري في 11 مايو/أيار على تجديد حالة الطوارئ الطويلة الأمد لمدة عامين آخرين؛ واستمر استخدام سلطات الطوارئ خلال الأشهر الأولى من العام في التضييق على المعارضين، بما في اعتقال النشطاء السياسييين المنخرطين في حركة "6 إبريل"، وأعضاء تنظيم الإخوان المسلمين. وعمدت السلطات إلى استخدام القوة المفرطة فيما يبدو لفض بعض المظاهرات؛ وتصاعدت التوترات السياسية بسبب مرض الرئيس المصري حسني مبارك مؤخراً، وما ثار من تساؤلات حول من يخلف الرئيس المصري، فضلاً عن عودة محمد البرادعي، المدير العام السابق المعروف للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى مصر وسط تكهنات حول احتمال ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية في العام المقبل.

مصر: استمر حرس الحدود المصري في إطلاق نيران الأسلحة النارية المميتة على المهاجرين – الذين يحتمل أن يكون من بينهم لاجئون وطالبو لجوء – عند محاولتهم عبور الحدود إلى داخل إسرائيل، دون أن يخضع المسؤولون عن ذلك لأي حساب أو عقاب؛ ومن المعلوم إجمالاً أن 16 من هؤلاء المهاجرين قد قتلوا خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2010، في أعقاب مقتل 19 آخرين خلال عام 2009.

إيران: واصلت الحكومة التضييق على كافة أشكال المعارضة في أعقاب المظاهرات الحاشدة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في يونيو/حزيران 2009. ونشرت السلطات قوات الباسيج شبه العسكرية، وغيرها من قوات الأمن، لمنع المتظاهرين من التجمع، واعتقلت مئات آخرين من النشطاء السياسيين، والصحفيين، والطلاب، والمدافعين عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان، واستمرت في إجراء "محاكمات استعراضية" جائرة إلى أبعد الحدود، أفضت إلى عقوبات بالسجن لمدد طويلة، بل وإلى فرض عقوبة الإعدام في بعض الحالات. وأعدم اثنان من المتهمين في يناير/كانون الثاني بسبب أنشطة تتعلق بالمظاهرات؛ كما اتخذت إجراءات شديدة ضد نشطاء أقليات عرقية، مثل أبناء الأقلية الكردية الذين كثيراً ما تتهمهم السلطات بالانخراط في معارضة مسلحة ضد الدولة؛ وأعدم مثل هؤلاء المتهمين في عدة حالات في أعقاب محاكمات بالغة الجور، وبذلك تحتفظ إيران بموقعها في مقدمة الدول الأكثر تطبيقاً لعقوبة الإعدام في العالم، وبين الدول التي تطبق هذه العقوبة على الجانحين الأحداث.

إيران: رفضت السلطات الإيرانية بلا تردد الكثير من التوصيات الرئيسية التي تقدمت بها دول أخرى لتحسين احترام حقوق الإنسان في إيران، في إطار "المراجعة الدورية الشاملة" لإيران من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في فبراير/شباط.

العراق: نفذت جماعات مسلحة مناوئة للحكومة ولوجود القوات الأمريكية في العراق هجمات دامية، من بينها تفجيرات انتحارية وغير ذلك، استهدفت مناطق مدنية، خلال الفترة السابقة للانتخابات الوطنية التي جرت في 7 مارس/آذار وفي أعقابها. وانتهت الانتخابات بفوز كتلة القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، التي تحظى بتأييد السنة، بهامش ضئيل على تحالف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، وسط ادعاءات من الجانبين بتزوير الانتخابات؛ وحتى منتصف مايو/أيار، لم تكن قد تشكلت أي حكومة جديدة. وفي خضم حالة اللاستقرار والعنف المتزايد، استهدف أشخاص للهجمات بسبب انتمائهم الديني أو هويتهم العرقية، أو جنسهم، أو أنشطتهم المهنية أو غيرها، مثل الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان؛ كما تصاعدت التوترات في إقليم كردستان الذي يتمتع بشبه حكم ذاتي في شمال العراق، حيث استهدفت الاعتداءات وأعمال القتل وغيرها من الانتهاكات الصحفيين المستقلين، وأنصار حزب جديد معارض خاض الانتخابات منافساً للحزبين الكرديين الرئيسيين في الإقليم: الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.

إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة: بعد سنة من انتهاء الصراع الذي دام 22 يوماً في غزة وجنوب إسرائيل، لم تتحقق المساءلة بعد؛ غير أن كلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني قدما معلومات للأمم المتحدة قبل فترة وجيزة من انقضاء المهلة التي حددتها الأمم المتحدة في مطلع فبراير/شباط 2010، لتقديم تقرير عما أجرياه من تحقيقات بشأن جرائم الحرب المزعومة والجرائم المحتملة ضد الإنسانية المشار إليها في تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بشأن الصراع في غزة، المقدم في سبتمبر/أيلول 2009 (تقرير غولدستون). وأفاد التقرير الإسرائيلي أن التحقيقات قد جرت، أو لا تزال جارية، غير أنها لم تستوف شروط الأمم المتحدة التي تقتضي أن تكون التحقيقات "مستقلة وجديرة بالتصديق، ومتمشية مع المعايير الدولية". أما تقرير حماس فقد أشار إلى أن المنظمة لم تجر أي تحقيقات جادة؛ وقد وافق مجلس حقوق الإنسان على إتاحة مزيد من الوقت للطرفين لإظهار عزمهما وقدرتهما على إجراء تحقيقات، مع ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية إحالة الأمر إلى المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية. ومن جهة أخرى، لا يزال الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة مستمراً، مما يزيد من وطأة الدمار الناجم عن الصراع وويلاته.

اليمن: سلطت الأضواء في مطلع عام 2010 على مدى الخطر الذي تشكله العناصر المشتبه في انتمائها لتنظيم القاعدة والإجراءات القمعية الكاسحة التي تتخذها الحكومة اليمنية لمكافحتهم؛ وجاء ذلك في أعقاب المحاولة التي زعم أن مواطناً نيجيرياً قد قام بها لنسف طائرة ركاب كان على متنها أثناء تحليقها في سماء الولايات المتحدة في 25 ديسمبر/كانون الأول 2009، وورد أنه سبق أن زار اليمن وتلقى تدريباً فيه.

حقائق وأرقام

وفي عام 2009، وجدت منظمة العفو الدولية أدلةً على ما يلي:

احتُجز سجناء رأي في..30% من جميع البلدان،42% من بلدان مجموعة العشرين

فُرضت قيود على حرية التعبير في…60% من جميع البلدان 53% من بلدان مجموعة العشرين

أُجريت محاكمات جائرة في 35% من جميع البلدان 47% من بلدان مجموعة العشرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/أيار/2010 - 14/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م