الدورة الرابعة لمؤتمر القرآن الكريم في البحرين

 النظام السياسي الإسلامي في التصور القرآني

 

شبكة النبأ: وسط أجواء قرآنية روحانية وإيمانية، وبحضور نخب من السادة العلماء وفي مقدمتهم نجل المرجع الديني سماحة المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي السيد سجاد المدرسي وعدد من المثقفين والمؤسسات القرآنية في البحرين والسعودية، اختتمت ممثلية آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي في البحرين أعمال مؤتمر القرآن الكريم في دورته الرابعة مساء الجمعة الماضي والذي انطلقت أعماله في الفترة ما بين 20 – 21 مايو الجاري في مأتم (أبو صيبع الكبير) شمال العاصمة البحرينية (المنامة).

ولأن النظام الإسلامي مصدره الله عز وجل وهو مستمد من العقيدة الإسلامية التي جمعت كل العقائد والكتب السماوية على منهج جديد ورسمت للحياة البشرية تصورات وأصول ورؤى لاستشراف المستقبل، ولأن القرآن الكريم الذي هو من عند الله العزيز العليم قد خط نظاماً سياسياً إسلامياً يهتدي به كل الضالون وكل من ينشد الطريق القويم والصحيح، فقد كان على ممثلية آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي أن تجعل من هذا المحور عنواناً بارزاً لعدد من المحاور المطروحة في برنامج مؤتمرها السنوي  للمعالجة وتسليط الضوء على أثرها في صياغة واقع سياسي إسلامي سليم وصحيح  وفقاً للمعطيات القرآنية والاستفادة من نور القرآن الكريم والعترة الطاهرة  في نظام من أنظمته ألا وهو النظام السياسي الإسلامي.

أوراق المؤتمر:

جاءت أوراق المؤتمر منسجمة مع الأهداف التي وضعها منظمو هذه الفعالية، حيث حملت العناوين التالية:

الورقة الأولى: (النظام السياسي الإسلامي بين التصور القرآني والتصور الوضعي) لسماحة الشيخ سعيد النوري (قيادي في تيار الوفاء)

الورقة الثانية: (النظام السياسي الإسلامي بين الثوابت والمتغيرات ) لسماحة الشيخ عبد الغني عباس (من علماء السعودية)

الورقة الثالثة: (فقه الدستور وأحكام الدولة الإسلامية في المفهوم الإسلامي )  للدكتور راشد الراشد (باحث وكاتب في الشأن الديني والسياسي)

الورقة الرابعة: (تجربة أول حكومة إسلامية في المدينة المنورة، إسهاماتها وسماته) لسماحة السيد مجيد المشعل (رئيس المجلس العلمائي ـالبحرين )

الورقة الخامسة: (الدولة الإسلامية أمر الرب وأمنية البشرية، أهدافها، معالمها،نموذجها )لسماحة الشيخ عبد الله الصالح (نائب الأمين العام لجمعية العمل الإسلامي )

ابتدأت الجلسة ألأولى بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم، للمقرئ الطفل حسن أبو الحسن (من جمعية إقرأ القرآنية).

وقد أدار الليلة الأولى الأستاذ إبراهيم السفسيف، حيث ابتدأ بالترحيب بالحضور من الرجال والنساء، معلناً بداية المؤتمر السنوي الرابع للقرآن الكريم.

كلمة الافتتاح

وألقى كلمة الإفتتاح المنسق العام للمؤتمر ومدير ممثلية المرجع المدرسي سماحة السيد محمود الموسوي، مرحباً بالحضور، ثم بيّن أن هذا المؤتمر هو الكلمة السواء وهو الأرضية التي منها ننطلق للتقدم في عملية التداول القرآني لنرسم هويتنا الحضارية وإن تداولنا القرآني هذا ليس تداولاً حول القرآن فإننا لا نشكك في مقدرة القرآن حول العطاء، وقد تجاوزنا تلك المرحلة عبر الإيمان والتسليم ببصائر القرآن الكريم لننطلق من إيماننا وتسليمنا لقدرة القرآن الكريم التي يخرج بها الناس من الظلمات إلى النور في كافة مجالات الحياة   وأن هذا التداول القرآني هو تداول لآيات القرآن الكريم ودلالاتها. 

وتحدّث الموسوي حول موضوع المؤتمر الذي يعتبر من الموضوعات الحساسة وهو موضوع (النظام السياسي الإسلامي في التصور القرآني) كمعجزة من معجزات القرآن العديدة ليس في تقدم طرحه وحسب، بل في أصل احتواء القرآن الكريم على النظام السياسي، فالقرآن الكريم قد سرد لنا مبادئ السياسة وبين لنا ضرورة رفض الظلم ونصرة الحق في الواقع.

وفي ختام كلمته، قدّم الشكر للمشاركين والعاملين والداعمين والحضور، وبلّغهم سلامات ودعوات سماحة المرجع المدرّسي من مدينة جده الإمام الحسين عليه السلام  كربلاء المقدّسة.

وألقى سماحة الشيخ محمد علي المحفوظ (الأمين العام لجمعية العمل الإسلامي) كلمة قال فيها: في عصر طغت عليه الفتن والصراعات والنزاعات لا بد من التواصل مع القرآن لما له من دور محوري في صياغة نظام حياتنا وترشيد قضايانا باتجاه الأفضل والأصلح والأقوم. بهذه الكلمات بدأ سماحة العلامة الشيخ محمد علي المحفوظ كلمته مستطرداً بأن القرآن يمثل ثقافة الحياة بكل ما للكلمة من معنى فتحمل آياته حيوية لا نظير لها في أي تنظيرات فكرية ونظريات وضعية على الصعيد المعنوي والمادي والأخلاقي و التربوي والسياسي والاجتماعي.

وأردف سماحته قائلاً بأننا مدعون للانفتاح على ثقافة القرآن الكريم والعمل بتوجهاته والسير في ركبه وأن القرآن الكريم يحتاجه الفرد على صعيد واحد ويحتاجه المجتمع على صعيد المجموع بعيداً عن التمحور حول الذات والانغلاق على النفس في قبال الآخرين ووضع القرآن الكريم أرضية لبناء النظام الإجتماعي السياسي بطريقة راقية وسامية.

وسرد سماحته عدد من الآيات والأحاديث الشريفة المتعلقة ببناء النظم الإجتماعية السياسية في ضوء القرآن الكريم وعلاقة الحاكم بالمحكوم.

واختتم سماحته حديثه بالدعوة إلى الإنفتاح على المعاني الكبيرة والعناوين العظيمة التي تحملها آيات القرآن الكريم.

بعدها ناقش الشيخ النوري المحاور تفصيلياً فقال: إن النظام السياسي الإسلامي يقوم على بعدين رئيسيين، فالبعد الأول يرتبط بشبكة العلاقات السياسية في داخل المجتمع الإسلامي ، والبعد الثاني هو النظام السياسي الخارجي في القرآن الكريم وهو يرتبط بشبكة العلاقات الخارجية بين المجتمع الإسلامي والمجتمعات الأخرى.

ثم بين أن هناك في السياسة نوعان من النظام الإجتماعي السياسي وهما النظام الإستبدادي وهو أن تكون هناك قيادة سياسية اجتماعية لها حقوق مطلقة على المجتمع وهناك مسؤوليات مطلقة للمجتمع اتجاهها لكن في المقابل هذه القيادة ليس عليها أي مسؤوليات تجاه المجتمع وليس للمجتمع أي حقوق لديها بمعنى أنها آحادية ولكن هناك أيضاً والكلام للشيخ سعيد النوري ان هناك نوع آخر من النظام الإجتماعي السياسي وهو النظام الثنائي الحقوقي وهو أن النظام الإجتماعي السياسي يقوم على سياسة لها حقوق على قاعدتها إلا انها أيضا عليها مسؤوليات اتجاه قاعدتها والقاعدة الجماهيرية أيضا لها حقوق ومسؤوليات على قاعدتها وهذا النوع من النظام هو الذي بينه لنا القرآن الكريم فالنظام الإجتماعي السياسي الإسلامي ينتمي إلى أنظمة ثنائية متبادلة الحقوق بعكس النظم الإستبدادية وهذه هي النقطة الجوهرية في محور بحثنا. 

ولذلك القرآن الكريم وفيما يرتبط بالرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ذكر القرآن الكريم مجموعة من الحقوق لرسولنا الأكرم باعتباره النموذج الأرقى للقيادة الإنسانية للمجتمع وفي المقابل ذكر مجموعة من الحقوق للأمة على رسول الله فأسس القرآن الكريم نظاما سياسيا اجتماعيا متبادل الحقوق والواجبات بين القيادة والقاعدة يهدف إقامة التزكية والحكمة والعدل والوحدة وسرد سماحة الشيخ النوري نماذج من الحقوق للقيادة ونماذج من حقوق أفراد المجتمع الإسلامي على القيادة.  

وانتقل سماحته للحديث حول المحور الثاني بقوله ان القرآن الكريم أصل مجموعة من المبادئ فيما يرتبط بالدور العالمي والإنساني للأمة الإسلامية وعلاقتها بالأمم الأخرى ومنها:

1.تجسيد المعروف ومكافحة المنكر عالمياً

2.تجسيد العدل والقسط مع المختلفين دينياً وغير المعتدين

3.المقاومة والحزم مع المعتدين والمستكبرين

4.احترام المواثيق والأعراف الدولية

وقدم سماحة السيد جعفر العلوي (رئيس جمعية الرسالة الإسلامية) مداخلة حول موضوع النظام السياسي الإسلامي بين التصور القرآني والتصور الوضعي، وهو أن النظام الوضعي بما هو موجود الآن وبما هو أيضا مؤصل في القرآن الكريم، هو على مستويات وليس على شكل واحد، فالأطر العامة للنظام السيئ لا يرتقى للمستوى الراقي القرآني. 

ورشة العمل القرآنية

وعلى هامش المؤتمر عقدت ورشة عمل قرآنية بإدارة جمعية النبأ العظيم، تحت عنوان: (الإنسان في مواجهة الأزمات والابتلاءات) بمشاركة وحضور مجموعة نخبوية من المتخصصين والمشرفين على الانشطة القرانية في البحرين والمنطقة الشرقية من الملكة العربية السعودية، وقد أدار الورشة سماحة الشيخ حبيب الجمري والأستاذ علي آدم أمين سر جمعية النبأ العظيم لعلوم القرآن الكريم.

ابتدأ البرنامج من الساعة الثامنة والنصف وحتى التاسعة والنصف بفترة تناول وجبة الإفطار مع التعارف بين الجهات المشتركة في الورشة.

وقد ألقى سماحة الشيخ حبيب كلمة افتتاح الورشة التي استهلها  بالترحيب بالحضور الكريم قائلاً: على هامش مؤتمر القرآن الكريم تعقد هذه الورشة أو الملتقى للاستماع إلى البصائر القرآنية والأفكار الإبداعية القرآنية من قبل الباحثيين والدارسين تحت عنوان (الإنسان في مواجهة الأزمات والابتلاءات) والمشاركون في هذه الورشة متنوعون وفي معرض كلمته التي بدأءها بقراءة هذه الآية (أحسب الناس أن يُتْرَكوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفْتَنون)  قال الشيخ الجمري بأن أساليب القرآن الكريم تنوعت وتعددت في مناقشة مفردة البلاء، وقد عالج القرآن الكريم هذه المسألة على النطاق الفردي والشخصي والإجتماعي، وشخصت الآيات القرآنية عموم البلاء في آيات كثيرة.

وأكد أن في بلادنا الإسلامية قد لا تجد بيتاً إلا وحل به صنف أو نوع من أنواع الابتلاءات والتي قد لا يعبر عنها الإنسان في الرخاء عما ابتلي به في الشدة.

وقد أدار الورشة الأستاذ علي محمد آدم من جمعية النبأ العظيم لعلوم القرآن الكريم.

وكانت هناك عدة مداخلات بعد الورشة لسماحة الشيخ مجيد العصفور الذي شدد على ضرورة وجود ثقافة للإبتلاء والصبر كجهاز مناعة يواجهاا المؤمنون وأردف قائلاً بأن هناك حاجة إضافة على هذه الثقافة وهي أن يكون هناك علماء متخصصون في الشأن المعرفي القرآني وعلماء متخصصون في العلاج النفسي فلدينا مشكلة في تحوير جانب النصوص الدينية إلى تشريعات ومناهج وأن الذي لدينا هي برامج تلقي وليست برامج تدريب وأوضح سماحته بأن علينا أن نتعلم كيف ينبغي لنا أن نحول هذه البصائر القرآنية إلى برامج تدريبية

أيضاً كانت هناك عدد من المداخلات لسماحة السيد محمود الموسوي والسماحة الشيخ محمد حسن آل إبراهيم والأستاذ محمد محسن الزيادي من لجنة القرآن الكريم بجمعية الصفا الخيرية بالسعودية وسماحة الشيخ ياسر الصالح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/أيار/2010 - 9/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م