جدلية الدولة المدنية وروح المواطنة

عباس يوسف آل ماجد

المواطنة هي شعور الفرد بانتمائه الى وطنه وتنظيم أموره عن طريق دستور للبلاد يتساوى فيه الجميع من ناحية الحقوق والواجبات ومن خلاله يتيح للفرد ممارسة حقوقه ابتداء من حق التعليم والعمل الى تسنم اعلى المناصب وحسب الكفاءة والخبرة.

 ويعتبر الإغريق هم أول من مارس الديمقراطية و تداول السلطة بطريقة سلمية بدون نزاعات أو مواجهات عسكرية داخلية أو خارجية، على عكس باقي الأمصار والبلاد التي تزعمها آنذاك ملوك وحكام اتسموا بالاستبداد والاستئثار بالسلطة وتقسيم المجتمع الى طبقات من النبلاء والبرجوازيين والفقراء.

 ولم تقف تلك الأنظمة المستبدة عند هذا الحد بل تطور عملها الى التلاعب بمشاعر المواطنين من خلال زرع الايدلوجيات الشوفينية والديكتاتورية في نفوس المجتمع ابتدء من الطفل وانتهاء بالشيخ العجوز تحت شعار اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون.

 ومنذ ذلك الحين ظلت مجتمعاتنا أسيرة تلك الأفكار المغلقة المتمثلة بصناعة الرموز وحتى تقديسها كي لا يفكر الفرد البسيط إلا في جمع قوته ومشاكله العائلية وكل ذلك يندرج في إطار الحرب النفسية من خلال سياسة منهجية مخطط لها من قبل الحكومات الاستبدادية لإلهاء الشارع عن الواقع، ومن اجل التخلص من هذه المظاهرة الهدامة للمجتمع.

 تمكنت بعض الشعوب وعن طريق مفكريها الى إحداث تغييرات فكرية تطورت بعدها الى ثورات عارمة ضد هذا النوع من الأنظمة، ولعل الثورة الفرنسية هي خير دليل على ذلك فبعد سنين عجاف من الظلم والفقر والاستعباد جاء فولتير وزملائه كي ينيروا الدرب أمام شعوبهم من خلال إشاعة روح المواطنة وحق الفرد في ممارسة اعماله كونه ابن تلك الدولة ولاشيء يمنعه من ممارسة حقوقه.

 وسرعان ما انتشرت الثورات التحررية في جميع بلدان العالم التي اتخذت من منظمات المجتمع المدني سبيلا لتثقيف الأجيال وتعريفهم معنى المواطنة وإشاعة روح التسامح والوئام بين كافة أطراف المجتمع ومع مرور الزمن تطور عمل تلك المنظمات حتى أصبحت ركيزة أساسية من ركائز بناء الدولة لكونها همزة الوصل بين الدولة والمواطن.

 يعتبر عمل منظمات المجتمع المدني في العراق من أنجع الحلول كونها تعيش في أجواء ديمقراطية وتتفاعل مع مختلف أطياف وطبقات الشعب العراقي، إضافة الى ذلك لوحظ ان هناك اقبلا شديدا للحضور الجماهيري في الندوات والملتقيات التي تناقش دور المواطن وواجباته تجاه بلده كي يعيش الجميع تحت سقف المواطنة والتعاون في بناء الوطن العزيز.

* كاتب عراقي ومتابع للشأن العراقي

abbasmajedy@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/أيار/2010 - 9/جمادى الآخرة/1431