فساد المِنح والمساعدات الدولية والحاجة الى الشفافية

الأزمة المالية فتحت ملفات الصرف والتوزيع

 

شبكة النبأ: دعا برنامج الأمم المتحدة الانمائي الجهات المستفيدة  من المنح والمساعدات المقدَّمة من قبل الدول الاعضاء الى تقديم كشوفات في مجالات الصرف وأشكالها ومبالغها. وقد واجهت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي متخصصة في شفافية المنح والمساعدات، صعوبة في الحصول على معلومات من الدول المانحة حيث تتعرض الأموال المقدمة كمساعدات الى الدول الفقيرة والمنكوبة مثل الصومال والعراق وافغانستان, عن طريق الحكومات او منظمات غير حكومية الى فساد سافر في أوجه صرفها وتوزيعها.

وفي هذا السياق، أفادت كارين كريستيانسن، مديرة منظمة Publish What You Fund أو "انشر ما تمول"، وهي منظمة غير حكومية، أن الأزمة المالية جعلت مسألة الشفافية على رأس جدول أعمال الجهات المانحة.

وأضافت أن "هناك الكثير من الحديث عن الشفافية في هذه الأيام... كما أن الضغوط تتزايد . وهو أمر لا مفر منه ويحدث في قطاعات أخرى أيضاً"، مشيرة إلى مواقع مثل usaspending.gov، وwheredoesmymoneygo.org، اللذين يتتبعان الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على التوالي.

من جهته، أخبر مارك نافارو، وهو مسؤول مراقبة في وكالة كاتالان الإسبانية للتعاون الإنمائي، خلال مؤتمر للشفافية: "تقع على عاتقنا مسؤولية الانفتاح بخصوص أية أموال نتلقاها من مواطنينا وهذه المسؤولية تصبح أكبر في فترات الأزمات... ميزانيتنا صغيرة جداً، ونحن بحاجة للتركيز بشكل أكبر على النوعية لا الكمية". ويذكر أن إسبانيا قد تضررت بشدة من جراء الركود العالمي.بحسب ايرين.

ويجري العمل حالياً على العديد من مبادرات الشفافية. ومنها مشروع لخمس سنوات يهدف إلى كشف معلومات عن المانحين الأعضاء في لجنة المساعدات غير الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من خلال إطلاق موقع aiddata.org على الإنترنت الذي تتبع 4 تريليون دولار من المنح في عام 2007.

الطريق ما يزال طويلاً..

ولكن الطريق ما يزال طويلاً، فعدا عن المعلومات التي توفرها كندا عن مساعداتها، تستغرق معظم تقارير المانحين التابعين للجنة المساعدات الإنمائية 18 شهراً لتصبح متاحة للعموم، وفقاً لمايك تيرني، مدير aiddata. علاوة على ذلك، لا يقوم المانحون غير الأعضاء في لجنة المساعدات الإنمائية مثل الصين بالكشف سوى عن جزء صغير من المعلومات، في حين لا تقوم جهات مانحة رئيسية أخرى مثل ليبيا وإيران وروسيا بالكشف عن أية معلومات على الإطلاق.

في الوقت نفسه، تركز جميع الجهات المانحة على المساعدات التي التزمت بتوفيرها بدل تقديم تفصيل عن كيف وأين تم صرف هذه المساعدات.

كما تبدو الصورة مشوشة بعض الشيء لأن تتبع تقارير بعض الجهات المانحة الخاصة الكبيرة مثل مؤسسة بيل وميليندا غيتس يتم بشكل منفصل.

ويخشى بعض المحللين أن يعتقد المانحون أن شفافية المساعدات تعني الكشف عن المزيد من المعلومات على مواقعها على الإنترنت بدلاً من توفير بيانات خام مفصلة لأطراف ثالثة، وهو الأمر المطلوب لتتبعها بطريقة منهجية.

وقال دانيال كوفمان، أحد كبار الباحثين في مؤسسة بروكينغز غير الربحية بالولايات المتحدة، أنه لا ينبغي أن نتوقع الكثير في وقت قصير جداً. وجاء في قوله: "هناك منحنى للتعلم بالنسبة لأية جهة مانحة. فالحكم الجيد قد لا يشكل الأولوية في الصين، على سبيل المثال، ولكن الصينيين يهتمون بالعوائد الاقتصادية للاستثمار وبالسمعة. على الجهات المانحة سلوك طريق صعب من أجل التعلم وهو ما ستفعله الصين". وتوقع كوفمان أن تقوم معظم الجهات المانحة بنشر تفاصيل مساعداتها خلال السنوات العشر القادمة.

وتتطلع كريستيانسن إلى الوقت الذي تقود فيه الجهات المانحة التوجه نحو الشفافية وليس اللحاق به فقط. وأضافت قائلة: "نريدهم أن يتولوا القيادة عن طريق ضخ المعلومات بصورة منتظمة حتى يتمكن الآخرون من البداية من مقارنتها وتتبعها لإدراك الأمور حولهم". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين.

ومنذ اليوم الأول لتوليه رئاسة البيت الأبيض، أعطى جورج دبليو بوش الأولوية لتزويد المنظمات المرتكزة على أساس عقائدي، بما فيها الموجودة في الخارج، بفرص أكبر للاستفادة من تمويل الحكومة. وفي عام 2006، منحت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 552 مليون دولار لمثل هذه المنظمات ورفعت قيمة هذا التمويل إلى 586 مليون دولار في عام 2007.

ولم تخل هذه المبادرة من جدل، حيث أعرب المدافعون عن الحريات المدنية عن قلقهم بشأن انتهاك البند التأسيسي للتعديل الأول للدستور الأميركي الذي يقول أنه "لا يتوجب على الكونغرس أن يصدر أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان...". ووفقاً للقوانين الفدرالية، فإن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ملزمة بالامتناع عن تقديم مساعدات مالية للمنظمات التي تنخرط في "أنشطة ذات طبيعة دينية مثل العبادة أو التعليم الديني أو التبشير".

وبعد سبعة أشهر من مغادرة بوش لمنصبه، أصدر مكتب المفتش العام للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الذي يراقب سير العمل الداخلي فيها أمراً بإجراء تدقيق لحساباتها وتوصل إلى أنه "قد تم استخدام بعض المنح المقدمة من طرف الوكالة لأنشطة دينية"، دون تحديد ما إذا كان البند التأسيسي قد تعرض للانتهاك أم لا. وذكر التدقيق الذي قام به المفتش العام لحسابات الوكالة أنشطة مثل إعادة تأهيل المساجد والمرافق التابعة لها في الفلوجة بالعراق وتوزيع مستلزمات الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز من خلال برامج الامتناع التي تستشهد بالإنجيل. ولكنها أكدت على أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تصرفت "بصورة عامة" وفقاً للقوانين الاتحادية ولقوانينها الخاصة في منح العقود.

وبعد صدور تقرير التدقيق والمراجعة، قدم اتحاد الحريات المدنية الأمريكية طلباً، وفقاً لقانون حرية المعلومات، يمكنه من الإطلاع على ملفات الوكالة المتعلقة بتمويل أنشطة الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز من خلال برامج الامتناع، وهي البرامج التي يعتقد الاتحاد أنها تشكل انتهاكاً للبند التأسيسي. (وكان تقرير مراجعة الحسابات الصادر عن المفتش العام قد وصف برامج الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز بكونها تتناقض مع "الحياد الذي تزعم الحكومة أنها تنتهجه تجاه الأنشطة الدينية").

ولكن الوكالة لم تفرج عن أي من المواد المطلوبة إلى أن تقدم اتحاد الحريات المدنية الأميركي بدعوى قضائية ضدها في فبراير في نيويورك، وفقاً لبريجيت أميري، وهي محامية من اتحاد الحريات المدنية. قالت: أن الوكالة أفرجت في 5 مارس عن 1,058 وثيقة، ووعدت بالإفراج عن المزيد في وقت قريب.

وعندما سئلت أميري عما إذا كان اتحاد الحريات المدنية يحضر للطعن في دستورية التمويل، أجابت بقولها: "اعتقد أننا بعيدون كل البعد عن ذلك. ولكننا سننظر في جميع الخيارات المتاحة أمامنا".

قاعدة بيانات دولية للمساعدات..

وتم مؤخرا إطلاق أكبر قاعدة بيانات لتعقب تدفق المساعدات من المانحين وتسليط الضوء على الأموال المقدمة من قبل 36 جهة مانحة ثنائية ومتعددة الأطراف لا تلقى اهتماماً كبيراً في العادة.

وترفع قاعدة البيانات هذه، التي أطلق عليها اسم إيد داتا AidData، حجم المساعدات التي يجري تتبعها من 2.3 تريليون دولار من خلال منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 4 تريليون دولار. ومن بين المانحين الذين لا يتم ذكر تبرعاتهم بشكل كاف بولندا وشيلي والسعودية والكويت ولاتفيا.

وفي هذا السياق، قال مايكل تيرني، مدير مبادرة إيد داتا، في مؤتمر حول شفافية المساعدات الإنسانية في أوكسفورد بانجلترا: "لم نشهد على الإطلاق مثل هذا المستوى من التركيز على تدفق المساعدات الإنسانية. كما أن هناك عمقاً [لبياناتنا]، فنحن نوفر الكثير من التفاصيل حول مشاريع المساعدات الفردية".

وتوفر قاعدة البيانات معلومات مفصلة عن حوالي 837,000 مشروعاً وتقدم تقارير ليس فقط عن مساعدات التنمية الرسمية بل عن القروض كذلك، وهو ما لا تقدمه قاعدة بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما تتعمق المعلومات المقدمة أكثر من ذلك، حسب المحقق في إيد داتا روب هيكس، وذلك من خلال تقديم المزيد من التفاصيل عن كل مشروع وإضافة قطاعات جديدة.

وجاء في البيان الصادر عن إيد داتا مؤخرا  "من خلال هذه البيانات والأدوات ستحسن إيد داتا شفافية المساعدات بشكل كبير وذلك من خلال تغيير طريقة فهم وتقديم واستعمال المساعدات الخارجية".

وقد تم تطوير قاعدة البيانات من قبل مشروع Project-Level Aid الذي يتكون من باحثين في كلية وليام وماري وجامعة بريغهام يونغ ومنظمة Development Gateway. وقد جاء الباحثون بفكرة إعداد قاعدة البيانات هذه عندما لم يجدوا معلومات كافية عن تدفق المعونات لتمكينهم من تقييم الاتجاهات أو فعالية المساعدات.

فساد المساعدات في الصومال

وأشار تقرير للأمم المتحدة الى انه مع تفاقم الازمة الانسانية في الصومال تتخذ المنظمة الدولية خطوات لوقف تحويل مساعدات هناك حاجة ماسة اليها لمتشددين اسلاميين راديكاليين.

وفي مارس اذار قدمت لجنة تابعة للامم المتحدة تراقب الالتزام بنظام العقوبات التي فرضتها المنظمة الدولية على الصومال واريتريا تقريرا الى مجلس الامن ذكر ان جزءا كبيرا يصل الى نصف المساعدات الغذائية التي ترسل الى الصومال تحول الى شبكة من المتعاقدين الفاسدين والمتشددين الاسلاميين وموظفين محليين بالمنظمة الدولية.

وحث التقرير الامين العام للامم المتحدة بان جي مون على بدء تحقيق مستقل في عمليات برنامج الاغذية العالمي في الصومال وانشاء قاعدة بيانات تهدف الى اعداد قائمة سوداء بأسماء الشركات والاشخاص الذين لهم علاقة بخطف موظفي الاغاثة.

وفي أحدث تقرير الى مجلس الامن قال بان ان فريق الامم المتحدة في الصومال بدأ تنفيذ "خطة عمل لادارةالمخاطر" للتصدي للمشاكل التي تم تسليط الضوء عليها في تقرير مارس ذار لمجموعة مراقبة الصومال.

واضاف" انه تم تصميم قاعدة بيانات ستضم تفاصيل بشأن مقدمي الخدمات للامم المتحدة والمتعاقدين في الصومال حتى يتم تصنيفهم بطريقة مناسبة.

وأعطى تقرير جماعة المراقبة أمثلة عديدة على المشاكل التي تواجه منظمات الاغاثة في البلد الذي يغيب عنه القانون في القرن الافريقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/أيار/2010 - 8/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م