قبل أيام ألقى سماحة العلامة السيد علي الناصر زعيم الشيعة في
السعودية كلمة أهالي المنطقة الشرقية في الحفل الرسمي لإمارة المنطقة
الشرقية الذي اشرف عليه أمير المنطقة الأمير محمد بن فهد لأهمية
المناسبة الكبرى، وهي زيارة ثاني أهم شخصية في الدولة الأمير سلطان بن
عبدالعزيز ولي العهد، بعد عودته إلى الوطن بعد رحلة علاجية طويلة، وحضر
الحفل كبار المسؤولين في الدولة والشخصيات المهمة في المنطقة ومنها
القيادات الشيعية في الأحساء والقطيف والدمام، وكانت كلمة سماحة السيد
قوية ومؤثرة تعبر عن مدى الولاء للوطن وللقادة، عبر استحضار سيرة
المؤسس للمملكة الراحل الملك عبدالعزيز.
وبلا شك ان اختيار شخصية بوزن السيد علي الناصر الزعيم والأب الروحي
للشيعة في السعودية لإلقاء كلمة أهالي المنطقة الشرقية في الحفل الرسمي
للإمارة المخصص لاستقبال ولي العهد يمثل حدثا فريدا من نوعه ورسالة
جديدة، ويعبر عن مدى ما تحظى به هذه الشخصية الشيعية القيادية السيد
الناصر من مكانة كبرى لدى قيادة الوطن.
ولكن لماذا شهدت كلمة السيد الناصر اهتماما شديدا من قبل الشارع
الشيعي، ولماذا تفاجأ الشارع بنوعية الخطاب للسيد، وهل سماحة السيد حقا
يحظى بهذه العلاقة المميزة مع قيادة الوطن، فإذا كان ذلك صحيحا فلماذا
التحفظ على هذه العلاقة وتغييب حالة التواصل بين القيادات الشيعية
والحكومة بشكل معلن، ولماذا موقع السيد الخاص لم يشر للكلمة عبر موقعه،
وهل تحرك السيد شخصي عائلي لا يمثل الطائفة؟.
إن تفاعل الشارع الشيعي مع كلمة سماحة السيد الناصر وردود الفعل
القوية والمتباينة حولها، يعود لأهمية الشخصية والكلمة إذ إن الشارع لم
يعتد على هذه الممارسة ونوعية الخطاب المعلن من قبل رجال الدين،
وبالخصوص من السيد الناصر فهي الأولى ربما طوال مسيرته، ولان الشارع لا
يعلم مدى العلاقة القوية التي تربط السيد الناصر بقيادة الوطن، فهذه
العلاقة مغيبة عن الشارع، فالمعروف أو المروج لدى الشارع بان الشخصيات
الدينية الشيعية تترفع عن العلاقة مع الحكام، ولان الشارع الشيعي يعيش
حالة من التشنج والشحن والتذمر، تعود أسبابه لعوامل كثيرة منها خطاب
رجال الدين الموجه للشارع الشيعي البسيط الذي يكرس حالة المظلومية
وتحميل الجهات الرسمية المسؤولية للعديد من الملفات!.
في السابق كان هناك تشكيك وتسقيط اجتماعي لكل شخصية لديها علاقة
قوية مع المسؤولين، وكان لبعض رجال الدين دور في نشر هذه الاشاعات!.
والسؤال الذي يطرح هل المرحلة الحالية تختلف عن السابق من قبل قيادة
الوطن ورجال الدين والشارع الشيعي، وان هناك خطة عند الشيعة بالتقرب من
قيادة الوطن؟.
وبلا شك ان التواصل مع الحكومة بهذا الحجم من قبل الشخصيات
الاجتماعية مع قادة الوطن له أهمية كبرى، والخطاب الذي عبر عنه السيد
يمثل بداية مرحلة جديدة في العلاقة بين فئات الوطن ومنها الشيعية
والحكومة،وينبغي للحكومة أن تتلقاها بالمزيد من الدعم، وعلى عامة
الشيعة أن يتفهموا المرحلة وان للشخصيات الشيعية ومنها الدينية علاقات
قوية ومتينة مع قيادة الوطن، وان يكونوا على مستوى رفيع من الوعي
والحكمة، وان لا يكونوا مجرد ورق وضحايا، ويجب على الجميع العمل على حل
والتغلب على حالة الشحن والتشنج لدى الشارع الشيعي، وعلى الشخصيات التي
لديها علاقة قوية مع الحكومة أن تعمل على إنهاء بعض الملفات كمنع
الشيعة من ممارسة حريتهم الدينية وبالخصوص في المدينة التي يسكن فيها
السيد مثل منع أهالي الخبر من الصلاة في المساجد ومنع أهالي الدمام من
بناء المساجد والحسينيات وعدم وجود مقبرة لدفن الموتى أو السماح لهم
بدفن موتاهم في المقابر المتوافرة!.
إننا نأمل من الشخصيات الكبيرة لدى الشيعة أن يكونوا أكثر شفافية مع
الشارع البسيط، وتشجيع المواطن على ممارسة نفس الدور والخطاب الذي
يقومون به في التعامل مع الدولة، كي لا يحدث تأزم وتشنج واحتقان لدى
الشارع الشيعي، وان يعمل المواطن للكسب وتحسين وضعه المعيشي كما يفعل
الكبار، وإذا كان سماحة السيد زعيم الشيعة أو غيره يملك هذه العلاقة
المميزة والقدرة الكبيرة في العلاقة مع قادة الوطن فبالإمكان عمل
الكثير مما يخدم المواطنين ومنهم الشيعة وخدمة الوطن وحل الملفات.
يا جماعة؛ لا نريد ازدواجية في الخطاب - لدى الشخصيات الدينية أو
غيرها - بحيث يكون أمام قادة الوطن خطاب وبين العامة البسطاء خطاب
مختلف مما يسبب حالة من التشنج لدى عامة الناس البسطاء، ونريد تواصلا
مع قيادة الوطن وهي ممكنة ومفتوحة، وذلك لتحقيق الكرامة والعيش الرغيد
والحصول على الحقوق.
ali_writer88@yahoo.com |