المقاطعة الاقتصادية.. سياسة فلسطينية جديدة لمواجهة إسرائيل

 

شبكة النبأ: تأمل السلطة الفلسطينية في الحصول على ورقة ضغط جديدة يمكن استعمالها في جولة المفاوضات الموعودة التي ترعاها الولايات المتحدة مع إسرائيل، وتتمثل هذه الورقة في ما يشبه عقوبات اقتصادية من الجانب الفلسطيني من خلال مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية والكف عن استخدام شبكات النقال وصولا لمنع عمل الفلسطينيين في المصالح الإسرائيلية المختلفة..

ورفضت السلطة الفلسطينية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من تهديدات إسرائيلية باتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية بسبب سياسة مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية التي تتبعها.

حملة شعبية لمقاطعة منتجات المستوطنات

وتبدي الفلسطينية فاطمة حسين (21 عاما) حماسا واضحا في تطوعها ضمن حملة "من بيت الى بيت" التي انطلقت الثلاثاء الماضي في سائر مدن الضفة الغربية لمقاطعة منتجات المستوطنات "التي تنخر بلدنا" كما تقول.

وحرصت فاطمة على الوصول باكرا الأربعاء من مكان سكنها في مخيم الجلزون حيث توجهت الى كلية الامة في الرام لتخبر ادارة الكلية انها ستغيب اليوم عن الدراسة كونها ستتطوع في حملة التوعية ضد منتجات المستوطنات.

وقالت فاطمة لوكالة فرانس برس "اتمنى ان يسهم عملنا هذا بان يصبح الشعب الفلسطيني كله يدا واحدة ضد منتجات المستوطنين التي تنخر بلدنا".

والتقت فاطمة مع مجموعة اخرى من الفتيات والشبان وسط مدينة رام الله، ومن ثم توجهت المجموعة لمواصلة عملها التطوعي، لليوم الثاني على التوالي، في ضاحية الطيرة بالقرب من رام الله حيث يقطن العديد من المسؤولين واساتذة جامعة بيرزيت.

وكانت مؤسسة "كرامة" وبمساندة من وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني اعلنت اطلاق حملة لمقاطعة منتجات المستوطنات اطلق عليها اسم حملة "من بيت الى بيت".

واعتبر مجلس المستوطنات الاسرائيلية الحملة الفلسطينية بمثابة "ارهاب اقتصادي" مطالبا الحكومة الاسرائيلية بالرد على هذه الحملة.

وذكر القائمون على "من بيت الى بيت" ان مستوطنين هاجموا بالشتائم عددا من متطوعي الحملة في منطقة بيت فجار القريبة من مدينة بيت لحم، لكنهم لم يعتدوا عليهم جسديا.

ويشارك في الحملة، حوالي ثلاثة الاف شاب وشابة في مختلف المدن الفلسطينية، سيقومون بزيارة 427 الف منزل يتم اختيارها بشكل عشوائي بغية توعية اصحاب هذه المنازل على اهمية مقاطعة منتجات المستوطنات والعواقب الناجمة عن اقتنائها.

ونجح الشبان خلال يوم ونصف في زيارة نحو 40 الف منزل في مختلف انحاء الضفة الغربية، بحسب ما قال المنسق العام للحملة هيثم كيالي.

واضاف "الحملة حققت نجاحا اكثر مما كنا نتوقع، ووجدنا تجاوبا كبيرا من المواطنين".

وعقب انتهاء زيارة المنزل يلصق على بابه ملصق كتب عليه "هذا المكان نظيف من منتجات المستوطنات".

وبموازاة الحملة الميدانية هناك حملة إعلامية من خلال محطات الإذاعة والتلفزة المحلية تدعو الفلسطينيين إلى التعاون مع المتطوعين والاستماع إليهم.

وقالت فاطمة انها واجهت خلال عملها جدلا من بعض الفلسطينيين حينما زارتهم اذ منهم من قال لها "لا يوجد لدينا بديل عن المنتجات الاسرائيلية".

واضافت "قمنا بالتوضيح بان الحملة تستهدف مقاطعة منتجات المستوطنات وتشجيع المنتجات الفلسطينية المحلية لتحل محلها".

اما خالد فلنة (22 عاما) الذي جاء من قرية صفا (15 كلم شمال رام الله) للمشاركة في الحملة التطوعية، فقال "نحن مجموعة من الفتية والفتيات نعتقد اننا نتحمل مسؤولية كبيرة في هذه الحملة، ولا يكفي ان نحمل المستويات السياسية المسؤولية دون ان نشارك نحن في هذه المسؤولية".

واعتبر فلنة ان المشاركة في حملة مقاطعة منتجات المستوطنات "انما تسهم في منع دفع ثمن الاسلحة التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي ضد انباء شعبنا، حيث تأتي غالبية اموال هذه الاسلحة من منتجات المستوطنات".

ويقرع المتطوعون ابواب الفلسطينيين بشكل عشوائي، ومن هؤلاء من يرحب بالمتطوعين ويبدي استعدادا لسماعهم، ومنهم من يرفض الحديث عن الموضوع، كونه حدثا غريبا عليهم، كما قال احد المتطوعين.

ومن ضمن المنازل التي وصلها الشبان في منطقة الطيرة، منزل يعود للمحاضر في جامعة بيرزيت عبد الكريم خشان، الذي ابدى ترحيبا كبيرا بالزائرين وبالحملة.

وقال خشان "الحملة جيدة ولكن المهم ان يكون لدينا الحاح متواصل من المثقفين والجمعيات الاهلية لمواصلة الحملة، وان يشارك فيها اضافة الى هؤلاء المتطوعين المسرح والتلفاز والاذاعة بحيث تصبح القضية مسلسلا متواصلا".

وكانت السلطة الفلسطينية اعلنت حملة لمقاطعة منتجات المستوطنين، واصدرت قانونا يحظر الاتجار بهذه المنتجات وايضا يحظر العمل في المستوطنات، حيث يعاقب القانون المخالفين للسجن حوالي خمس سنوات كاقصى حد وغرامة مالية تصل بمجموعها الى حوالي 20 الف دولار.

وفي حين تشدد الحملة على مقاطعة منتجات المستوطنات، تجد السلطة صعوبة في منع حوالي 25 الف فلسطيني من العمل في المستوطنات قبل توفير البديل لهم في سوق العمل الفلسطيني.

الا ان وزير الاقتصاد الفلسطيني حسن ابو لبدة اعلن قبل ايام ان السلطة ستمنع قبل نهاية العام الجاري الفلسطينيين من العمل في المستوطنات.

تهديدات إسرائيلية..

ورفضت السلطة الفلسطينية ما تناقلته بعض وسائل الاعلام من تهديدات اسرائيلية باتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية بسبب سياسة مقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية التي تتبعها.

وقالت الحكومة الفلسطينية في بيان صدر عنها بعد اجتماعها الاسبوعي في رام الله برئاسة سلام فياض "اطلع مجلس (الوزراء) على ما تناقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية بشأن الجهود الفلسطينية للتمكين الذاتي ومكافحة منتجات المستوطنات وقد عبر المجلس عن رفضه للتحريض الاسرائيلي السافر بما في ذلك الدعوة لاجراءات عقابية ضد السلطة الوطنية الفلسطينية واقتصادنا الوطني."

واضاف البيان "وثمن المجلس في هذا السياق جهود طواقم العمل وقطاعنا الخاص في سبيل استكمال تنظيف السوق المحلي من منتجات المستوطنات."بحسب فرانس برس.

ويسعى الفلسطينيون لاول مرة بشكل رسمي لعدم السماح لمنتجات المستوطنات المقامة على الاراضي الفلسطينية بالدخول الى الاسواق الفلسطينية وتنتشر طواقم من الضابطة الجمركية على معظم المداخل التي يمكن ان تشكل منفذا لدخول هذه البضائع وتعمل على مصادرتها.

وعزز الرئيس الفلسطيني محمود عباس جهود حكومته لتنظيف السوق الفلسطيني من منتجات المستوطنات باصداره قرارا ياخذ صفة القانون الشهر الماضي يحظر بموجبه المتاجرة بمنتجات المستوطنات ويفرض عقوبات على كل من يتعامل بها تتراوح بين السجن لفترة قد تصل الى عشر سنوات والغرامة المالية.

ويواجه الفلسطينيون معضلة وجود ما يقارب من ثماني وعشرين ألف عامل فلسطيني يعملون في المستوطنات الاسرائيلية المقامة على الاراضي الفلسطينية في مجالات الزراعة والصناعة والبناء وغيرها حيث سينضم هؤلاء الى سوق البطالة في حالة قررت المستوطنات الاستغناء عنهم.

وقال بيان الحكومة انه تم اصدار التوجيهات "لكافة الوزارات والدوائر الحكومية لبذل أقصى الجهود بالتعاون مع القطاع الخاص لايجاد فرص عمل بديلة للعمال العاملين في المستوطنات."

وقف استخدام الهاتف المحمول الإسرائيلي

ومن جانب آخر تسعى السلطة الفلسطينية لوقف استخدام الفلسطينيين لشرائح الهاتف المحمول الاسرائيلي التي تباع بشكل غير قانوني في الضفة الغربية وهو ما تقول انه يتسبب في خسارة شركتي الهاتف المحمول الفلسطينيتين مئة مليون دولار سنويا. بحسب رويترز.

وقال منصور أبو دقة "أي محل أو أي مكان أو أي شركة تتعامل (مع شرائح لهواتف خلوية اسرائيلية) سوف يتم مصادرتها وسيتم تقديم الذين يبيعونها الى العدالة ... هذا استعمار اقتصادي هذا احتلال مربح (بالنسبة لاسرائيل)."

وتقول الوزارة ان شركات خدمة الهاتف المحمول الاسرائيلية الاربع تبلغ حصتها في السوق 12 بالمئة في الضفة الغربية رغم انها لا تدفع رسوم ترخيص أو ضرائب للسلطة الفلسطينية.

وهي تقول ان الشركات الاربع -وهي سيل كوم اسرائيل وبارتنر وبيليفون وام.ار.اي.اس- تنافس دون وجه حق الشركتين الفلسطينيتين وطنية فلسطين وجوال.

وتسيطر اسرائيل التي احتلت الضفة الغربية في حرب عام 1967 على أجواء الاراضي التي تضم 2.5 مليون فلسطيني. وتضم الضفة الغربية كذلك نحو 300 الف اسرائيلي يعيشون في مستوطنات تعتمد على شبكات المحمول الاسرائيلية.

ولا تشكل الخطوة اي خطر على أبراج البث الاسرائيلية المنصوبة في الضفة الغربية والخاضعة لسيطرة الجيش الاسرائيلي.

وقال أبو دقة ان شرائح المحمول الاسرائيلية شاع استخدامها بين الفلسطينيين فيما يرجع جزئيا الى خدمات الجيل الثالث التي تعرضها.

حظر العمل في المستوطنات..

وتماشيا مع السياسة الفلسطينية الجديدة قال وزير الاقتصاد الفلسطيني حسن أبو لبدة ان على الفلسطينيين الكف عن العمل في المستوطنات اليهودية بحلول العام المقبل في اطار حملة لوقف التوسع الاستيطاني الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة. بحسب فرانس برس.

وكشف الوزير عن مزيد من التفاصيل بشأن قانون فلسطيني جديد يهدف لقطع العلاقات التجارية مع المستوطنات قائلا ان من يخالف هذا الحظر من الفلسطينيين يعرض نفسه للسجن مدة حدها الأقصى خمسة أعوام ودفع غرامة قيمتها القصوى 14 ألف دولار.

وأضاف أبو لبدة "من يعملون في المستوطنات يعززون المستوطنات ويساهمون بصورة كبيرة في امداد المستوطنات بأسباب الحياة وبالتالي فهم يستحقون عقابا أكبر."

ولم تعلن العقوبات حينما وقع الرئيس محمود عباس الشهر الماضي قانونا بحظر الاتجار في السلع التي ينتجها المستوطنون وبمنع الفلسطينيين من العمل في المستوطنات.

وتابع أبو لبدة أنه منذ أن بدأ الفلسطينيون حملة المقاطعة في يناير كانون الثاني تراجع عدد الفلسطينيين العاملين في المستوطنات من 33 ألفا الى 25 ألفا.

وعادة ما يشتغل الفلسطينيون العاملون في المستوطنات في أعمال البناء والزراعة والصناعة. وقال أبو لبدة ان عليهم جميعا ترك وظائفهم بحلول نهاية عام 2010.

وأشار الى أن السلطة الفلسطينية ستقدم حوافز للشركات الفلسطينية كي توظف من كانوا يعملون في المستوطنات وأنها تلقت "ردودا مشجعة" من بعض الشركات بالفعل.

وتأمل السلطة الفلسطينية أن تحد حملة المقاطعة من قدرة المستوطنات على البقاء. ولا تنطبق الحملة على السلع المنتجة في اسرائيل نفسها وهي سلع ذات أهمية حيوية للمستهلك الفلسطيني.

وقال ابو لبدة ان ما قيمته نحو 200 مليون دولار من السلع المنتجة في المستوطنات صودرت في الضفة الغربية منذ بدء الجملة. وأضاف ان انتقاد اسرائيل لحملة المقاطعة غير مبرر لان السلطة الفلسطينية لا تخالف اتفاقات السلام المؤقتة القائمة.

وقال "نحن لا نقوم بأي عمل من أعمال التحريض ضد أحد. نحن نحاول ضمان ألا نكون نحن الفلسطينيين جزءا ممن يضخون الدماء في شريان حياة المستوطنات."وأضاف أنه ينبغي جعل المستوطنين يدركون أنه لم يعد من المجدي اقتصاديا أو من المربح لهم أن يواصلوا العيش في الضفة الغربية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/أيار/2010 - 7/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م