شبكة النبأ: على الرغم من القيود التي
يواجهها العاملين في قطاع السينما الى ان الإبداع بات يتميز في العديد
من الأعمال المنتجة وان كانت نسبتها قليلة.
حيث استطاع بعض رواد الفن السابع ان يتركوا بصماتهم واضحة في
المحافل الدولية عبر مشاركاتهم السينمائية الاخيرة.
فيما تبلورت معظم الأفكار التي طرحتها تلك الأفلام حول القضايا
والمشاكل الاجتماعية التي تسود بلدان الشرق الأوسط، ومعانات تلك الشعوب
في منطقة امتازت على الدوام بالحروب والنزاعات.
العنف والرقابة
فالأفلام التي تمثل الشرق اقل من المعتاد في مهرجان كان للفيلم هذه
السنة الا ان الصناعة السينمائية تشهد ازدهارا نسبيا رغم المشاكل
المرتبطة بالرقابة والامن والتمويل في منطقة تعاني من عدم استقرار دائم.
ايران التي تتميز بتقليد سينمائي يعتبر من الافضل في المنطقة، تتمثل
هذه السنة في كان من خلال المخرج الشهير عباس كياروستامي الحائز السعفة
الذهبية للمهرجان العام 1997، من خلال فيلم "كوبي كونفورم" (نسخة طبق
الاصل) الذي صوره في ايطاليا وهو من بطولة جولييت بينوش.
اما اسرائيل التي كان لها حضور كبير في السنوات الاخيرة في
المهرجانات الدولية من خلال افلام تتناول نزاعا مستمرا منذ عقود مع
لبنان الواقع عند حدودها الشمالية، فتشارك في فاعلية "اسبوعي المخرجين"
مع افيشاي سيفان وفيلمه الاول "ذي وندرير".
وهو اخر فيلم في سلسلة من الافلام الاسرائيلية التي لاقت صدى عالميا
وبينها "عجمي" الذي رشح لنيل جائزة اوسكار افضل فيلم اجنبي خلال حفل
العام الحالي.
"عجمي" الذي يلقي نظرة نادرة الحصول على العرب الاسرائيليين هو ثالث
فيلم اسرائيلي يرشح للفوز بجائزة اوسكار للسنة الثالثة على التوالي بعد
"بوفور" (2007) و"فالس مع بشير" (2008) وكلاهما يتناولان موضوع احتلال
اسرائيل على مدى 22 عاما لجنوب لبنان الذي انسحبت منه العام 2000. بحسب
فرانس برس.
الا ان المخرجين الفلسطينيين ايضا كان لهم حضورهم اللافت في مهرجان
كان في السنوات الاخيرة وبينهم ايليا سليمان العام الماضي مع فيلمه "الزمن
الباقي" وقبل ذلك بعام مع المخرج رشيد مشهراوي المولود في غزة مع فيلم
"عيد ميلاد ليلى" والمخرجة ان ماري جاسر المولودة في بيت لحم مع فيلم "ملح
هذا البحر".
والفيلم الذي يمثل ايران في مهرجان كان 2010 يعكس بشكل مثالي مشاكل
الرقابة والامن والتمويل التي تواجه صناع الافلام في الشرق الاوسط.
فكياروستامي الذي تدور احداث فيلمه حول كاتبة انكليزية وعلاقتها
بتاجر اعمال فنية فرنسي، صور فيلما واحدا في بلاده منذ العام 2003.
وهذا الفيلم هو بعنوان "شيرين" وصور العام 2008 ولم يعرض في ايران
لكن لم يعرف ما اذا كان المخرج حاول ام لا عرضه في بلاده.
ورغم فوز عدة افلام ايرانية بجوائز في مهرجانات دولية عريقة، منذ
العام 2005 عندما تولى الرئيس الايراني المحافظ جدا محمود احمدي نجاد
السلطة، يشكو صناع الافلام من ضغوط متزايدة ومن الرقابة.
حتى في ظل رئاسة الاصلاحي محمد خاتمي عندما كان الفنانون يتمتعون
بحرية نسبية، وقد شجع مهرجان كان مخرجين ايرانيين مستقلين اخرين في
الماضي من خلال عرض فيلم الرسوم المتحركة "برسيبوليس" بالابيض والاسود
الذي فاز بجائزة العام 2007 و"لا احد يعرف عن القطط الفارسية" للمخرج
بهمن قبادي العام الماضي.
وتحول مهرجان كان كذلك منصة لافلام من دول اخرى في المنطقة لا سيما
لبنان الذي انجز مخرجوه افلاما تراوحت مواضيعها بين الهجرة والحرب
والجنس وغيرها.
وقد لاقت افلام مثل "ويست بيروت" لزياد دويري (1998) و"زوزو" لجوزيف
فارس (2005) و"تحت القصف" لفيليب عرقتنجي (2006) و"سكر بنات" لنادين
لبكي (2007) في مهرجانات دولية من كان الى تورنتو.
الا ان الحرب التي شهدها لبنان بين 1975 و1990 تبقى الموضوع المفضل
بامتياز لمخرجي لبنان. وهو موضوع يشكل مصدر وحي للمخرجين العراقيين
وعائقا لهم كذلك.
فالوضع الأمني منذ الاجتياح الأميركي للعراق يجعل من الصعب جدا
تصوير الافلام في هذا البلد.
الا ان فيلمين عراقيين لقيا في الفترة الأخيرة أصداء ايجابية ولا
سيما "ابن بابل" للمخرج محمد الدراجي حول طفل يسافر عبر البلاد بحثا عن
والده بعيد الاجتياح.
وفاز الفيلم بجائزتين في مهرجان برلين الدولي للفيلم في شباط/فبراير
هما جائزة منظمة العفو الدولي للفيلم وجائزة فيلم السلام.
في المقابل فاز فيلم شوكت امين كوركي "مكان للعب" (ضربة البداية)
بجائزة العام الماضي في مهرجان بوسان الدولي للفيلم في كوريا الجنوبية.
والسينما الاردنية ايضا بدأت تترك بصماتها في المهرجانات الدولية في
السنوات الاخيرة لا سيما فيلم "كابتن ابو رائد" (2007) الذي حاز جوائز
لا سيما في مهرجاني ساندانس وهارتلاند في الولايات المتحدة.
وتقول ندى دوماني المستشارة الاعلامية والثقافية في الهيئة الملكية
للفيلم في الاردن "اظن ان مهرجان كان السنوي يشكل واجهة رائعة لافلام
الشرق الاوسط".
لكن مع العنف الذي يعيق تصوير الافلام في العراق وتدخل السلطات في
صناعة الافلام في المنطقة ما يدفع ببعض افضل مخرجي ايران الى مغادرة
بلادهم، ستحتاج صناعة الافلام في الشرق الاسط الى اكثر بكثير من هذا
الدعم لتتطور وتزدهر.
فيلم مرابع قنديل
في السياق ذاته بدأت عروض الفيلم الكردي “مرابع قنديل” للمخرج
الكردي الايراني طه كريمي، والذي يشارك فيه ممثلون من العراق وايران
وتركيا، ويروي قصة التعايش السلمي بين أربع قوميات متجاورة في منطقة
حدودية.
العروض المقررة للفلم الكردي في مدن اقليم كردستان ستبدأ بعرض خاص
للفلم يوم الجمعة، يليه العرض الرسمي في 15 من شهر أيار الجاري والذي
يستمر لأيام، بحسب مخرج الفيلم.
وقال كريمي إن فيلمه السينمائي الأول، والذي يروي قصة التعايش
السلمي بين أربع قوميات متجاورة في منطقة حدودية “سيعرض في 15 من الشهر
الجاري على قاعة الثقافة بمدينة السليمانية، ثم ستقدم عروض أخرى في
مدينتي أربيل ودهوك”. بحسب اصوات العراق.
وأضاف “العرض الحاص للفيلم سيكون مقتصرا على نخبة من الفنانين
والسينمائيين والمختصين في المجال السينمائي فضلا عن فريق عمل الفيلم،
بعدها ستبدأ عروض الفيلم مجانا للجمهور وتستمر لأكثر من عشرة أيام”.
وتابع “أنا لست مع عرض الفيلم مجانا للجمهور، وارى انه يجب أن تباع
تذاكر الفيلم، لكن هذا القرار إداري وأنا لا أستطيع التدخل فيه”.
الفلم انجز بمشاركة نحو 120 ممثلا وممثل كومبارس، من بينهم الفنانة
التشكيلية العراقية المعروفة لمياء حسين، والدكتور قطب الدين صادقي
الأستاذ في المسرح، فضلا عن ممثلين من اقليم كردستان العراق، وكردستان
تركيا وكردستان ايران.
الفيلم من انتاج دائرة السينما في مدينة السليمانية التابعة لوزارة
الثقافة والشباب لحكومة إقليم كردستان العراق، وبدأ تصويره في ربيع عام
2009 في مدينة السلميانية وضواحيها، من قبل المصور الايراني كيوان
يوسفي، وقام محمد رضا وطندوست بعمل المونتاج.
مخرج الفلم طه كريمي من مواليد 1976 مدينة بانة بكردستان ايران،
ويعد “مرابع قنديل” أول فيلم طويل له. وكريمي بدأ كقاص قبل أن يدخل
عالم السينما، ونال في عام 2004 شهادة البكالوريوس في جامعة طهران بقسم
الآداب، وأخرج اربعة أفلام قصيرة هي: “العاصفة”، “حدود الحياة”، “رقص
اللؤلؤة” و”المرابع البيضاء”، الى جانب الفلم الوثائقي “النفط سرطان
مدينتي”.
يذكر أن وزارة الثقافة في حكومة الإقليم، دأبت منذ سنوات بتقديم
الدعم المالي للسينمائيين الكرد من ايران وتركيا وسوريا، واللذين
أخرجوا مجموعة أفلام معروفة عالميا.
عدسات مفتوحة
فيما قال مصدر إعلامي في جمعية “أمم للتوثيق والأبحاث”، إن فلما
يجسد “معاناة العراقيين” منذ سقوط النظام السابق سيعرض في بيروت، مبينا
أن الفنانة العراقية ميسون الباججي هي التي أخرجت الفلم وعنوانه “عدسات
مفتوحة من العراق”.
وأضاف المصدر أن الفيلم العراقي الذي عرض في مجموعة من العواصم
العربية والعالمية “سيعرض في بيروت على قاعة سينما سوفيل”، مرجحا أن
يشهد عرضه “إقبالا كبيرا من الجمهور اللبناني والعربي”.
وأوضح أن الفلم الذي سيتمر وقت عرضه أكثر من مائة دقيقة “سيتطرق
لنماذج من المعاناة التي شهدها العراق بعد سقوط النظام السابق”، وتابع
أن “معرضا للصور سيفتتح على هامش عرض الفلم”. بحسب اصوات العراق.
يشار إلى أن الفنانة العراقية العالمية ميسون الباججي، ولدت في
بغداد وتلقت علومها بين العراق، أميركا وبريطانيا، وحصلت على شهادة
البكالوريوس من قسم الفلسفة في جامعة لندن، ثم تخصصت بالسينما وإخراج
الأفلام، إذ أخرجت خلال السنوات الماضية أفلاماً وثائقية ودرامية في
بريطانيا، وأسست في لندن مجموعة “لنعمل معاً.. نساء من أجل العراق”.
أزمة بين أنقرة وطهران
الى ذلك رصدت تقارير صحافية بوادر أزمة بين أنقرة وطهران على خلفية
عرض فيلم إيراني بدور العرض التركية رغم اعتراض إيران . وذكرت صحيفة
حريت إنه مثلما عاشت تركيا أزمة مع إسرائيل بسبب مسلسلي «الفراق»
و«وادي الذئاب» تعيش الان الموقف نفسه مع طهران التي تقف تركيا إلى
جانبها في أزمة ملفها النووي، وذلك بسبب فيلم « رجم ثريا » للكاتب
والمخرج الإيراني فريدون شهاب جام الذي بدأ عرضه في مختلف أنحاء تركيا.
وأضافت أن إيران قدمت طلبا لعدم عرض الفيلم، الذي يعرض ايضا في دول
أخرى، ويتناول حياة امرأة اسمها ثريا حكم عليها بالرجم حتى الموت بسبب
اقترافها جريمة الزنى. وأشارت الصحيفة الى أن مؤسسة الرقابة أكدت أنه
لا يوجد أي مانع من عرض الفيلم باستثناء ضرورة التنويه لعرضه للكبار
فقط. بحسب وكالة الشرق الاوسط. |