الشباب و المتاهات الصعبة

عبد العزيز حسن آل زايد

من سيحل مشكلة الشباب؟!، ومن هو الذي سيتصدى لوضع الحلول العملية لأزماتهم التي لا نهاية لها؟!، ألم يستفق المجتمع الحبيب من غفلته عن أبنائه وبناته؟!، إنها متاهات صعبة تعكر حياة شريحة كبيرة من الشباب وتزيد من جراحاتهم، فالحديث عن العزوبية والعنوسة موضوع لا ينتهي، إلا أن لمجتمعنا آراؤه الجهنمية في تعسر الزواج وصب الزيت على متطلباته التي تشتعل ناراً، ولا يكون ضحيتها في الأخير غير هذا الشاب المسكين !!

 إنها طقوس ما أنزل الله بها من سلطان، ساهمت في اتساع رقعة العازبين، وساوقته في الجانب الآخر اتساع على ما تسمى بالرذائل الأخلاقية التي تنتشر في سوقنا كالنار في الهشيم، ومؤخرا تم نشر مقالة خطيرة تكشف عن قصص واقعية مروعة يشيب منها الجنين موسومة ب" زنا المحارم كلام في الممنوع !! " تشير فيه الكاتبة إلى أبرز المسببات لوقوع هذه الرذيلة في المناطق الآمنة على افتراض، بأن أهم مسبباتها : (ضعف الوازع الديني، التربية الناقصة، والحرمان العاطفي «نتيجة كثرة الإنجاب والتركيز على الكم وليس الكيف في عملية التربية»، الفراغ، التأثير السلبي للفضائيات ومواقع الإباحة، إقلال الأسرة في دورها التربوي والتوجيهي، ضعف المنابر والوسائل الإعلامية المختلفة في التوعية ومعالجة القضايا الحقيقية للناس، تأخر الزواج، الفقر وسوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، ضعف المناهج التعليمية في المؤسسات التربوية، عدم وجود لجان ووسائل الحماية من الاعتداء والتحرش الجنسي في المؤسسات والجمعيات الأهلية).

 لم نكن نسمع في السابق مثل هذه الأرقام المخيفة خصوصاً بين المحارم، وهذا يدفعنا لوضع العلاج الناجع لهذه المشكلة، وغيرها من المشاكل خصوصاً ما يرتبط بتفريغ الاحتياج الجنسي والعاطفي للجنسين، وفي ذات الصدد يثير أحد خطباء الجمع تساؤلات حائرة خص بالذكر فيها الشباب المغترب، بقوله : (والآن مع وجود برامج الإبتعاث لشبابنا وشاباتنا للخارج وهم قرابة الـ 5000، أين هم؟ وأكثرهم غير متزوج، ومع ما يحصل من اختلاط في الخارج ما هو تكليفهم؟ مع وجود الممارسات غير الأخلاقية ومع وجود الرذيلة كيف يقومون بتحصين أنفسهم؟ بالحرام أم الحلال؟ والسؤال الآخر هل يستطيع الأهل تزويج أبنائهم وبناتهم قبل السفر للخارج؟ أو هل يستطيع كل من الشباب والفتيات تحصين أنفسهم وعدم الوقوع في الحرام؟)، إن من يفتح قلبه لروايات المغتربين يجد العجب العجاب، فهل اقتصر الحال في بلد الغربة؟!، أم أن  لغربتنا الدينية نصيب في أوطاننا هنا؟!، فالحديث حول المثليين بدأ ينتشر في أروقتنا السعودية، صحيفة "الوطن" أشارت إلى وجود شوارع في بعض الأقسام النسائية بالجامعات السعودية تسمى "بشوارع الحب، تسير فيها الفتيات جنبا إلى جنب، وتتأبط كل منهن ذراع الأخرى في زهو وتباه على رؤوس الأشهاد بدلا من أن تشيح وجهها خجلا من قبح ما ابتليت به !". والكثير من الحالات المثلية بين الذكور، فأين الحل لهذه الخلخلة ؟!

أن ابتعادنا عن الضوابط الشرعية والتوجيهات النبوية، في مسألة تيسير المهور للشباب وتحريضهم على الزواج سبب لنا الكثير من المشاكل الحياتية اليوم، حتى انتشرت في أيامنا الأخيرة ما يسمى بعصابات خطف الأولاد والبنات، وبدأت المعاكسات المنفلتة والخانقة تضج بها الأسواق والمجمعات وغيرها نتيجة ضغوط نفسية واحتياجات ملحة للجنسين، يعبر أحد الكتّاب في مقال ساخن له بعنوان " يا أمهات ! مبروك، وجدنا أقصر الطرق لخطف بناتكم " ! يطرح فيه الكاتب ثمان طرق يقمن بها بعض الفتيات تساهم في خطفهن من قبل عصابات الخطف، يشير الكاتب ضمناً أن البعض من الفتيات يتقصدن فعل ذلك، إذ يقول في أحد تلك النقاط : " تعليق جوال على الرقبة، وإثبات أن الفتاة جاهزة لإرسال واستقبال أي صاروخ بلوتوثي تماسيحي " على حد تعبيره، وهذه المظاهر التي تمارسها بعض الفتيات، لها الأثر السلبي في تردي الوضع الأخلاقي في المجتمع، لا نقول المتهم الوحيد هو "البنت" فإن للذكور نصيب، إلا أن احتشام المرأة وانضباطها يعد صماماً محكماً لعدم وقوع مثل هذه الحالات المقززة.

 ومع كل ذلك لا يحق لنا طرح بعض الأسئلة مثل : أين أولياء الأمور؟!، وأين الرقابة الأسرية؟! فالكل سارح بمشاغله واهتماماته، كيف سيعرف هذا الأب أوضاع ابنته، وكيف ستلاحظ الأم سلوكيات طفلتها التي غدت شابة تستطيع الإنجاب، والمر حقيقةً في بعض أولياء الأمور الذين يشاهدون مثل هذه السلوكيات، وكأنما ذبابة مرت صوب أنوفهم.. وانصرفت !!

لا يفيق هذا الأب و هذه الأم من سباتهما، إلا بعد اضطرام النار ووقوع الطامة في تلك الأسرة، ولا ينفع الندم عندها. ولنا وقفة في قصة أثارت الجدل وقعت لفتاة في مدينة جدة السعودية تنقل الخبر لنا صحيفة "سعودي غازييت" أن فتاة (23عاما) من مدينة جدة معرضة للسجن لمدة عام بالإضافة إلى 100 جلدة بعد وضعها جنينها وذلك بتهمة الزنا ومحاولة إجهاض الجنين. وذكرت الصحيفة أيضا أن المحكمة الجزئية في جدة أعلنت حكمها بحق الفتاة يوم السبت الماضي بعد اعتراف الفتاة بأنها تعرضت لاغتصاب من قبل شاب وأربعة من أصدقائه وذلك بعد أن عرض عليها الشاب الركوب في سيارته ثم أخذها إلى أحد المنتجعات في شرق مدينة جدة حيث اغتصبها وأصدقاؤه طيلة اليوم وبعد أن علمت الفتاة بحملها لجأت إلى مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة في محاولة لإجهاض الجنين وأكدت المستشفى أنها كانت في أسبوعها الثامن من الحمل...

آمل أن تكون هذه آخر الأخبار السيئة، وذلك بتحركنا الفاعل ووضع الضماد اللازم لهذه المتاهات الصعبة!

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/أيار/2010 - 5/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م