الآمال المُعلقة على لقاء رئيس القائمة العراقية الدكتور إياد علاوي
مع رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي، تنصب كلها، من وجهة نظري
الشخصية، ووفقا للمعطيات المتراكمة لدينا، في خانة الأحلام والأوهام
التي لا طائل تحتها ولا نتيجة ايجابية مثمرة يمكن ان تخرج منها تؤدي
إلى حلحلة الوضع العراقي ومسار العملية السياسية فيها والتي تعيش أياما
عصيبة اثر النتائج التي أعقبت الانتخابات العراقية التي جرت قبل اكثر
من شهرين.
وما يقوم به المؤرخ حسن العلوي بصدد الدفع نحو هذا اللقاء، مع كونه
أمر يستحق الإشادة والتقدير، سوف لن يكن إلا امراً عبثيا، يمزق نسيجه
الفضاء السياسي للشخصيتين اللتين يقف وراء كل منهما جمهورا عريضا، وهو
بالتالي سيكون لقاءا اعتياديا تتضوع منه رائحة الدبولماسية ويفوح منه
عبق البروتوكول وسيجري فيه تبادل الابتسامات وشرب الشاي.
ومع إنني اعترف أن اللقاء بين هذين الرجلين مطلب شعبي وأمريكي
واقليمي أيضا، الا أنه على الرغم من ذلك لن يقود، في مآلاته النهائية،
الى أي شكل من اشكال التحالف والتقارب ولا حتى التفاهم البسيط لسبب
يتعلق في البون الشاسع والفجوة السحيقة التي تقف كالعقبة الكأداة بين
كلا الرجلين وطموحاتهما برئاسة الوزراء من جهة اولى، فضلا عما بينهما
من خلاف في المرجعية السياسية والإيديولوجية الفكرية التي تمثلها
القائمة العراقية التي يترأسها علاوي وائتلاف دولة القانون الذي يقوده
نوري المالكي من جهة أخرى.
وفي رؤيتنا لعبث اللقاء بين كلا الزعيمين، فإننا لا نستند إلى ما
يقوله كلا من المالكي وعلاوي حول اللقاء بينهما او مايصرّح به اعضاء
العراقية وائتلاف دولة القانون حول الاشتراطات والظروف التي تحيط بهذا
اللقاء والتمهيدات التي من الممكن أن تسبقه، بل نستند الى رؤية تحليلية
تستند الى الوقائع والمعطيات التي سمحت لنا بتبني الرأي الذي يرى ان
اللقاء بين علاوي والمالكي بلا فائدة.
ولنا في ماجرى في الايام الماضية الكثير من الشواهد والأدلة الدامغة
التي تسند وتعضد حقيقة أن مجرد اللقاء لايعني الشيء الكثير كما يعلق
المتفائلون الامال عليها، فقد التقى الكثير من القادة السياسيين في
العراق ومن مختلف الكيانات والائتلافات بعضهم مع بعض، ولم يتوصلوا الى
أدنى درجة من درجات التفاهم والتلاقي المشترك، وخرج الملتقون بعد
اللقاء وكل منهما متمسك برايه وموقفه السياسي ومايعتقده من أحقية
بتشكيل الحكومة، هذا اذا لم اقل انهم خرجوا بعد اللقاء وهم متمسكون
بمواقفهم اكثر من السابق.
ونرى في هذا السياق مثلا ان رئيس تجمع عراقيون والقيادي في العراقية
أسامة النجيفي التقى مع السيد نوري المالكي، وقد زار رئيس المجلس
الاسلامي الاعلى السيد عمار الحكيم نائب رئيس الجمهورية الاستاذ طارق
الهاشمي، كما التقى رافع العيساوي بقيادات التيار الصدري، واقام نائب
رئيس الجمهورية السيد عادل عبد المهدي مأدبة دعى اليها قيادة القائمة
العراقية والائتلاف الوطني، ولم يحصل أي تفاهم او أي تحالف بين كل من
هذه القوى السياسية التي التقت فيما بينها، بل في المأدبة الاخيرة التي
اقامها عبد المهدي خرج قيادات القائمتين في مؤتمر صحفي وادلوا بأراء
مختلفة ومتناقضة حول الوضع السياسي المرتبط بتشكيل الحكومة، وكيف يرى
كل منهم آليات هذا التشكيل والصيرورة التي من خلالها تظهر هذه الحكومة
الموعودة للوجود.
ربما، وهي صيغة تفيد التشكيك وعدم اليقينية، يكون للقاء آثاراً
سيكولوجية لترطيب الاجواء المتعكرة بين المالكي وعلاوي التي تؤججها
التصريحات غير المسؤولة الخارجة من الناطقين باسم التكتلين، اما ان
يكون هنالك تحالف او تفاهم او حتى مفاجأة كما وصفها بعض المتحدثون باسم
العراقية الذي اجهل عددهم وعجزت عن حفظ اسمائهم، فهذا امر غير صحيح
واقرب الى الاحلام حتى ان عده البعض جائزا وفقا لحسابات السياسة التي
لاتخضع لنسق منتظم ولا لقوانين جبرية.
شئتم ام ابيتم سادتي الكرام ممن تفاءل بمضمون اللقاء ويتوقع أن يرى
أملا فيه...سوف لا يكون له أية نتائج مثمرة وسيكون طيف سيزيف وخيالاته،
مديرا للحوار، مخيما على أجوائه، منسقا لبرنامجه، ومعدا لكل النقاشات،
وانتم تعلمون قطعا مايشير إليه سيزيف، في الاساطير اليونانية القديمة،
من عبث ولامعقولية وعدم جدوى.
alsemawee@gmail.com |