كربلاء تحيي ذكرى استشهاد السيد حسن الشيرازي والفقيه الشيرازي

تحت شعار علماؤنا حضارة وشهداؤنا كرامة

تقرير: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: بمناسبة حلول الذكرى السنوية لاستشهاد المفكر الإسلامي آية الله السيد حسن الشيرازي (قده) الذي اغتالته الأيادي البعثية الكافرة في العاصمة اللبنانية بيروت عام 1980 ميلادية، وتزامنا مع الذكرى الثانية لرحيل فقيه أهل البيت آية الله السيد محمد رضا الشيرازي أعلى الله درجاته أقامت مؤسسة الرسول الأعظم (ص) في كربلاء المقدسة، وبرعاية كريمة من لدن سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، مهرجانا تأبينيا بهذه المناسبة تحت شعار (علماؤنا حضارة وشهداؤنا كرامة).

 وقد أقيم المهرجان في منطقة ما بين الحرمين الشريفين للإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام) يوم السبت الموافق 30 جمادي الأولى 1431 هجرية المصادف 15/5/2010، بعد صلاتي المغرب والعشاء، حضر الحفل عدد من مسئولي المكاتب الحوزوية في داخل وخارج العراق ومبعوثو الحضرة الحسينية والعباسية المطهرة ومسئولي مكاتب المنظمات والأحزاب المهنية والوطنية في المحافظة بالإضافة الى جمع غفير من مواطني المحافظة، فضلا عن محافظ كربلاء المهندس آمال الدين الهر.

ابتدأ المهرجان بتلاوة معطرة من آيات الذكر الحكيم، ومن ثم تلتها الخطب والقصائد الشعرية التي تغنت بالمواقف البطولية والإيمانية التي تخللت سيرة المحتفى بهما.

أولى الفقرات كانت كلمة مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله ألقاها سماحة العلامة الشيخ ناصر الأسدي قال فيها:

نجتمع في هذه الذكرى لكي نحُيي ذكرى عَلمَين جليلين أتفقا على مجموعة قيم حضارية إستتراتيجية لبناء الأمة أولها وفي طليعتها الإخلاص، السيد الشهيد حسن الشيرازي رضوان الله تعالى عليه والسيد الرضا الفقيه المقدس رضوان الله تعالى عليه أجمع كل من التقى بهما كل من عرفهما من قريب وكل اللذين التقوا بهما على حجم إخلاصهما للدين وللمذهب، إنني أعرف ومن معلومة دقيقة اتفقوا فيما بينهما في اجتماع خاص لا يعلم خبره الا أخص الخواص اتفقوا على أن يرحلوا عن هذه الدنيا دون أن يتركوا درهما واحدا.

واضاف الشيخ الاسدي: كما ألتزموا بالأصالة وهذه صفة هامة عند العلماء الذين يتصدون للاصلاح ولإدارة أمور الأمة، الشهيد الشيرازي في أوائل الستينات كتب كتابه الرائع (الإقتصاد) وأنا كنت ممن درسه ودرسته وهو وما أورع من كتاب، والذي تضمن شرع الإقتصاد الإسلامي والقضاء على الفقر في العالم.

بعدها جاءت كلمة وكيل المرجع الشيرازي دام ظله في المنطقة الشرقية في السعودية ألقاها فضيلة الشيخ حسن الخويلدي قال فيها: ان هناك خصلتين هامتين لا يحَسن لطالب العلم ان يخلوا منهما الاولى الاخلاص والثانية الذود عن حرم اهل البيت عليهم السلام... ان هذين العلمين الجليلين آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي وآية الله الفقيه السيد محمد رضا أعلى الله درجاتهما كانا يتصفان بهذه الخصلة بشكل واضح في سلوكهم وكلماتهم وتدريسهم وكتاباتهم وصبرهم، كيف لا وهما من منهل عذب كله أخلاص ومحبة وإيمان وتقوى.

بعد ذلك قدمت قصيدة من الشعر العمودي ألقاها الشاعر الحسيني علي حميد الشويلي، أبنت الفقيدين.

ختام المهرجان كان مجلس عزاء حسيني قدمه سماحة الخطيب الحسيني السيد مهدي المنوري والذي أبكى الحضور بمجموعة أبيات رثائية بحق الصديقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها.

وقد كان لمراسل (شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة للاطلاع عن كثب على أبعاد ومضامين تلك الشخصيات التي كان لها حضور فاعل في الساحة الأدبية والفكرية والإيمانية.

أول من توجهنا له بالسؤال هو السيد (عارف نصر الله) المشرف على مؤسسة الرسول الأعظم (ص) حيث قال لـ شبكة النبأ المعلوماتية: لا يمكن المرور بسيرة المفكر الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي قدس سره وكذلك الحال بالنسبة لآية الله السيد محمد رضا الشيرازي اعلى الله درجاته مرور الكرام او اعتبارهما ظاهرة عابرة او مرحلة استطاعت ان تفرض نفسها في زمن ما، بل لنقف عند هذا النبع الزاخر ولننهل منه الشيء الكثير، ولم يكن هذا الحفل التأبيني الا فسحة ضئيلة لإماطة اللثام عن ذلك التعتيم الاعلامي تجاه الرموز التي أبت الا ان تسجل موقفا مشرفا في ميدان الجهاد والمعرفة، فرحم الله علماؤنا الافذاذ الذين كانوا عنوانا ونبراسا افاض على الدنيا الخلود.

أما محطتنا التالية فكانت مع الأستاذ المهندس (آمال الدين الهر) محافظ كربلاء المقدسة، حيث قال لـ شبكة النبأ المعلوماتية: قد لا نأتي بجديد اذا ما ذكرنا بان هؤلاء العظام هذا شأنهم وديدنهم، وما احتفالنا هذا إلا تعزيز يصب بنفس الاتجاه، ونحن إمام مدرسة نستل منها معاني تكاد ان تكون قراءات ناضجة للأبعاد الإنسانية في خلق او صنع الحياة، وما هذه المسؤولية الا معطى كبير لا يتسنى لغير العظام ان يدركوه، حيث وقف كلا من اية الله السيد حسن الشيرازي والسيد محمد رضا الشيرازي اعلى الله درجاته ليبعثا بهذه الامة من جديد من خلال الإسهامات الفكرية المتعددة، فضلا عن مقارعة الافكار الهدامة التي تحاول النيل من مبادئ الرسالة المحمدية ومن فكر أهل بيت الرحمة، لذا عندما نحاول ان نستذكر علماؤنا الاعلام فاننا نمر بسلسلة لا يستهان بها من مواطن العلم والمعرفة والجهاد، فرحم الله اولئك المجاهدين الذين اعطوا الحياة اعز ما يملكون ليصنعوا حياة في قلوب وضمائر كل المبصرين على وجه الخليقة.

من جهته قال الشاعر (علي حميد الشويلي) وهو من اهالي الناصرية: في البدء نحن بحاجة ماسة الى دراسة متأنية لتلك الرموز الانسانية المهمة ومحاولة استعراض اهم المرتكزات السياسية التي خلفتها وراءها، ومن وجهة نظري بأنهما قد يشتركا بعامل مهم وحيوي حيث نستخلص منهما حالة الاطمئنان والسكينة وعدم الانحياز نحو الجانب العدائي وهذا خلاف ما تنطق بها غالبية الحركات والافكار الدينية المستحدثة، لاسيما تلك التي تتخذ من الدين وسيلة لتحقيق غايات دنيوية، وحينها تدرك بانك امام تجربة جديدة على نطاق الفكر الديني او الحوزوي حيث تفوح من ثناياها استراتيجية التجديد في استيعاب الوحي القراني.

سيد يحيى، إمام وخطيب جامع قال لـ شبكة النبأ المعلوماتية: لا شك بأن مساحة الذكرى تتسع لأبعد من مسافة الموت والحياة، كما أنها تتعدى نظرية الدين والتدين المألوف منذ مئات السنين، لتعدو تجربة تتسع للعلم والمعرفة ولتغفو عند ذاكرة المبدعين والمجتهدين في كافة مناحي الحياة، ولتلجم حين ذاك أنساق التواتر في الفهم، ولربما هي ابعد ما تكون عن انتهاج إستراتيجية محددة لتقف على شواطئ التسليم بما كان او يكون، إذن نحن اليوم أمام فلسفة قوامها بأن الدين هو الحياة والحياة هي الدين.

أما محطتنا الأخيرة فكانت مع الأديب (جاسم عاصي) الذي قال لـ شبكة النبأ: لا يمكن بأي حال من الأحوال الإحاطة بكل جوانب تلك الشخصيات المهمة، وهي تمتلك تلك الكثافة العددية في المنجز الابداعي ولها مساحة شاسعة في المكتبة العربية والإسلامية، فضلا عن القراءات التي استطاعت ان تفرض نفسها وهي تلامس الواقع الراهن من خلال الفهم الصحيح للوعي القراني، والذي هو بالتأكيد جاء منسجما او ملبيا للفكر الانساني، اذن كانت شخصية كلاً من السيد حسن الشيرازي والسيد محمد رضا الشيرازي تضج بالكثير من الدلالات المعرفية من خلال ما افرزته من فكر استطاع أن يجد أرضية خصبة تنسجم مع تداعيات الحاضر من دون المساس بجوهر الثقافة القرآنية.

ومن هنا قد نستخلص مما طرح من اراء في هذه الذكرى السنوية لهذين العالمين المجاهدين الفقيهين بان التعرض الى سيرة العظماء هي اكثر من سيرة ذاتية خالصة، إلا إنها تشير في اغلب الأحيان الى نضوج حقبة معينة استطاعت ان تسهم في انضاج التجربة الإنسانية من خلال الإبحار في فهم الاستراتيجية الإلهية والانسجام الواعي للطيف الإنساني والدراية الكاملة في مكامن الذات البشرية التواقة الى عوامل التغيير، اذن نحن نقف اليوم أمام شخصيات تخطت عصور كثيرة وثقافات متعددة، من خلال ما تعرضت له من ميادين العلم والاجتماع والأدب فضلا عن مواقفها المناهضة للظلم والاستبداد، فرحم الله شهدائنا ولن تكون هذه الإطلالة آخر العهد بهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/أيار/2010 - 2/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م