شبكة النبأ: في ما يعد انتصارا للدول
العربية والإسلامية المنزعجة من ترسانة إسرائيل النووية التي تتعامل
معها تل أبيب بمنتهى السري، أدرجت مناقشة القدرات النووية الإسرائيلية
في مسودة جدول أعمال مجلس إدارتها المقرر التئامه في يونيو/ حزيران،
وهي المرة الأولى في عمر الوكالة البالغ 52 عاما التي يطلب فيها من
الهيئة القيادية مناقشة هذه القضية، فقد نقل عن بعض وسائل الإعلام إن
البند الثامن في مسودة جدول أعمال مجلس إدارة الوكالة الذرية يأتي تحت
عنوان "قدرات إسرائيل النووية.
وعلى الرغم من إمكانية خضوع مسودة جدول الأعمال للتعديل خلال الشهر
المتبقي على الاجتماع، في حال اعتراض أمريكا أو حلفاء إسرائيل عليه،
فإن مجرد تضمينه في المسودة تعتبر سابقة ثمينة طال انتظارها منذ عقود.
وتتفادى إسرائيل التفتيش الدولي الإجباري لمنشآتها النووية لكن لم
تجر أي اختبار نووي علناً أو تنشر أسلحة نووية، منذ افتتاح مفاعل
ديمونة الإسرائيلي في صحراء النقب عام 1965.
وتعتبر إسرائيل القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط ويقدر خبراء
أجانب إن ترسانتها تحتوي على ما يقدر بمائة الى ثلاثمائة رأس نووية،
إلا إن إسرائيل تمتنع الى الآن عن نفي أو تأكيد ذلك متبعة سياسة التباس
متعمد بهذا الصدد.
وتقود مصر حملة لتركيز الانتباه على إسرائيل وذلك خلال مؤتمر معاهدة
منع الانتشار النووي المنعقد في الولايات المتحدة، وذلك لأن تل أبيب
ليست موقعة على المعاهدة كما أنها جعلت التوصل إلى سلام مع كل جيرانها
شرطا مسبقا للانضمام إلى المعاهدة.
ووزعت مصر، التي ترأس مجموعة دول عدم الانحياز القوية المؤلفة من
118 دولة، اقتراحا على الدول الموقعة على المعاهدة التي يبلغ عددها 189
دولة بعقد مؤتمر بحلول العام المقبل بخصوص إخلاء الشرق الأوسط من
الأسلحة النووية تشارك فيه كل دول المنطقة.
الخمسة الكبار
من جهتهم تعهد الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي بالسعي
لإقامة منطقة في الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي.
وأورد بيان أصدرته الدول الخمس خلال مؤتمر متابعة تطبيق معاهدة حظر
الانتشار النووي: لقد تعهدنا بالتطبيق الكامل لقرار معاهدة حظر
الانتشار النووي العام 1995 حول الشرق الأوسط، ونحن ندعم كل الجهود
الجارية لتحقيق هذا الهدف .
وينعقد هذا المؤتمر في مقر الأمم المتحدة في نيويورك حتى 28 ايار/مايو.
وهو مؤتمر دولي يعقد كل خمسة اعوام منذ دخول معاهدة حظر الانتشار
النووي حيز التطبيق العام 1970.
وكانت هذه المنطقة قد ذكرت في قرار من مؤتمر متابعة تطبيق معاهدة
حظر الانتشار النووي عام 1995 وصادقت في حينها الدول الخمس دائمة
العضوية (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة) عليه. بحسب
فرانس برس.
ودعا هذا القرار في عام 1995 دول الشرق الأوسط الى اتخاذ إجراءات
عملية بهدف إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية
والكيميائية والجرثومية في المنطقة وفي شكل يتم التحقق منه. بيد إن
بيان الدول الخمس دائمة العضوية لم يعط تفويضا بإقامة هذه المنطقة.
وكان قرار عام 1995 قد دعا فقط الى خطوات عملية لتحقيق هذه المنطقة
تاركا الباب مفتوحا لكيف ومتى تصبح هذه المنطقة حقيقة ملموسة.
سياسة الغموض
من جهتها أبدت إسرائيل ثقتها يوم في أن الرئيس الأمريكي باراك
أوباما لن يعارض سياستها القائمة منذ فترة طويلة والمتمثلة في عدم
تأكيد أو نفي امتلاكها أسلحة نووية.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك إن إسرائيل ستستمر في
سياسة الغموض التي تتبناها بشأن برنامجها النووي، وأضاف ان موقف
الولايات المتحدة إزاء ذلك لم يتغير.
وقال باراك هذه سياسة جيدة ولا حاجة لتغييرها. يوجد اتفاق كامل مع
الولايات المتحدة حيال هذا الأمر.
وإسرائيل حساسة للغاية تجاه أي تحد لسياسة "الغموض النووي" التي
تسير عليها وخاصة من جانب أهم حلفائها سواء الولايات المتحدة أو الدول
الغربية الأخرى.
وقال باراك انه لا يوجد خطر ان يحصل مفتشو الوكالة الدولية للطاقة
الذرية على حق تفتيش مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي.
وأضاف ليس هناك خطر على الترتيبات التقليدية القائمة بين إسرائيل
والولايات المتحدة بهذا الشأن.
وتفيد التقارير الإعلامية ان الولايات المتحدة وافقت عام 1969 على
أنها لن تضغط على إسرائيل بشأن أسلحتها النووية طالما التزمت اسرائيل
بعدم القيام بأي اختبار نووي أو أكدت علنيا أنها قامت بإحدى هذه
الاختبارات. بحسب رويترز.
الا ان عالما اسرائيليا قال انه ينبغي على اسرائيل ان تنهي الصمت
الذي استمر عقودا بشأن قدراتها النووية وان تفتح مفاعلها النووي
للتفتيش.
وقال اوزي ايفين استاذ الكيمياء في جامعة تل ابيب والذي عمل سابقا
في مفاعل ديمونة ان الحملة التي يقودها أوباما من اجل تخفيض الاسلحة
النووية على مستوى العالم هي علامة على ان الاوان قد تغير وان على
اسرائيل التجاوب.
الطابع الملح
في السياق ذاته أكدت مصر إن هناك حاجة ملحة لجعل منطقة الشرق الأوسط
منطقة خالية من السلاح النووي في موقف أكدت الدول الخمس الدائمة
العضوية في مجلس الأمن الدولي دعمها له.
وفي رسالة تليت باسمه أمام مؤتمر متابعة تطبيق معاهدة منع الانتشار
النووي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، قال وزير الخارجية المصري احمد
ابو الغيط "لقد تضاعفت اليوم ضرورة التطبيق التام والناجع لقرار العام
1995 (لمؤتمر متابعة المعاهدة) بشأن الشرق الأوسط".
وفي مؤشر الى الجمود في هذا الشأن، قال ابو الغيط ان الدول الثلاث
التي رعت القرار اي بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة لم تبذل "اي جهد
(...) لضمان تطبيقه".
وتقود مصر مبادرة لدول مجموعة عدم الانحياز تهدف الى عقد مؤتمر دولي
العام المقبل لبحث سبل جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الاسلحة
النووية.
وتريد مجموعة عدم الانحياز ايضا ان تعلن اسرائيل التي يقدر انها
تملك نحو مئتي راس نووي، رسميا عن ترسانتها ثم تنضم الى معاهدة الحد من
الانتشار النووي بهدف نزع سلاحها. بحسب رويترز.
وذكر دبلوماسيون ان مصر والولايات المتحدة تعملان للتوصل الى تسوية
حول منطقة من هذا النوع. وأضافوا ان روسيا تحاول العمل مع واشنطن
لإيجاد سبيل للسير قدما.
وقالت سوزان بورك الممثلة الأميركية في المعاهدة للصحافيين "نريد
العمل مع حلفائنا وأصدقائنا لجعل قرار العام 1995 واقعا".
وأضافت إن "السؤال هو كيف يمكن تحقيق ذلك في غياب خطة للسلام" وكيف
يمكن جلب كل دول المنطقة الى المشاركة "عندما يكون احدها غير ملتزم
بالواجبات التي تنص عليها معاهدة منع الانتشار النووي".
وتبدو هذه إشارة واضحة الى إيران التي تتحدى قرارات مجلس الأمن
الدولي التي تأمرها بوقف تخصيب اليورانيوم الذي يمكن أن يستخدم في
إنتاج قنبلة نووية.
وقالت بورك إن عملية السلام والتقدم باتجاه منطقة خالية من السلاح
النووي يجب ان يكونا متزامنين بدلا من تقديم مسألة على أخرى.
ويهدد المأزق في هذا الشأن بعرقلة تحقيق اي تقدم في اجتماع معاهدة
منع الانتشار النووي والاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وفي المؤتمر الأخير لمراجعة المعاهدة في 2005، قوض الجدل حول إقامة
منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأزمة النووية الإيرانية، كل فرص
التوصل الى اتفاقات جديدة أو تعديل المعاهدة.
يذكر ان اسرائيل سعت لمنع مصر من حشد الدول ضدها في مؤتمر نووي
بالأمم المتحدة وانها سعت من خلال محادثات على مستوى عال لحث القاهرة
على اعتبار أن الطموحات النووية الإيرانية هي التهديد الإقليمي.
ونقل الرسالة وفد برئاسة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الذي التقى
بالرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ مع بدء مؤتمر مراجعة اتفاقية
حظر الانتشار النووي في نيويورك.
وقال مسئول إسرائيلي كبير انه رغم إعلان الجانبين إن محادثات شرم
الشيخ ركزت على جهود السلام مع الفلسطينيين إلا إن مناقشات مقتضبة جرت
بشأن دعوة مصر للقوى الغربية بتأييد مطلبها القديم بانضمام إسرائيل الى
اتفاقية حظر الانتشار النووي.
ونقل المسئول عن عضو بالوفد الإسرائيلي قوله للمسئولين المصريين "
تذكروا .. إيران هي المشكلة الحقيقية."
إلا أن مصر ردت على ذلك بالقول إن مجرد السعي نحو اتفاق لنزع السلاح
النووي يمكن أن يؤدي الى اتصال بين الأعداء.
وقال ماجد عبد العزيز السفير المصري لدى الأمم المتحدة لصحيفة
الأهرام انه إذا كانت الدول الكبرى ترغب في معالجة الملف النووي
الإيراني فإنها تستطيع ذلك من خلال دفع إسرائيل وإيران الى طاولة
المفاوضات. |