الانتخابات العراقية... أزمة منتصف الطريق

المالكي يتمسك بإعادة الترشيح والعراقية تعرب عن رغبتها في التحالف معه

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لا يزال مستقبل تشكيل الحكومة العراقية المقبلة يكتنفه الكثير من الغموض والحيرة بالنسبة الى اغلب المتابعين للشأن العراقي، سيما بعد التطورات الجديدة التي شهدها ذلك الملف الشائك والمعقد بالنسبة الى الفرقاء السياسيين في بغداد.

ظلت معالم صورة تشكيل الحكومة العراقية غير واضحة، رغم الإعلان عن تحالف يضم أكبر ائتلافين للشيعة، وهما ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي والائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم، لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان المقبل.

واللذان أعلنا رفضهما السماح للقائمة العراقية بتشكل الحكومة، مستندين بذلك إلى قرار من المحكمة الاتحادية، التي ذكرت أن من يتولى تشكيل الحكومة المقبلة هي 'الكتلة الأكبر في البرلمان'، مما يتيح لهما تشكيل الحكومة بعد أن اتفقا على تشكيل ائتلاف يضم 159 مقعدا، وهما بحاجة إلى أربعة مقاعد فقط لتشكيل حكومة الأغلبية.

ورغم تشكيل هذا الائتلاف واحتمالية انضمام التحالف الكردستاني ـ الذي يضم أكثر من 50 مقعدا ـ إليه، لا يزال الجميع يأملون في انضمام القائمة العراقية (91 مقعدا) ـ التي تضم الغالبية السنية في البلاد ـ إليه، مما يجعل من تشكيلها، وفق المعطيات الحالية، أمرا صعبا للغاية.

ويؤكد مقربون من الائتلافين أن مرشح رئاسة الحكومة المقبلة سيقتصر عليهما، على الرغم من عدم توصلهما بعد إلى اختيار مرشح لتولي المنصب، حيث يتمسك ائتلاف دولة القانون (89 مقعدا) بإعادة ترشيح المالكي للمنصب للسنوات الأربع المقبلة مرشحا وحيدا بدون منافس، الأمر الذي ينطبق أيضا على القائمة العراقية التي تتمسك بترشح إياد علاوي باعتبارها الكتلة صاحبة الأكثرية البرلمانية، إضافة إلى مرشحين آخرين مقربين من الحكيم، وهما عادل عبد المهدي وباقر جبر الزبيدي.

فيما لا يؤيد التيار الصدري، الذي يضم الأغلبية في الائتلاف الوطني العراقي، إعادة ترشيح نوري المالكي لولاية ثانية ويؤيد ترشيح إبراهيم الجعفري لهذا المنصب، وفق استفتاء شعبي أجراه التيار الصدري الشهر الماضي لأنصاره في أرجاء العراق. بحسب وكالة الاستوشيد برس.

وعلى الرغم من إن التصريحات الايجابية التي صدرت مؤخرا من الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات والتي تتحدث عن تقارب فيما بينها،  لا يزال حجم الأزمة التي يقف في طريق تشكيل الحكومة المقبلة.

فهذه الأزمة التي يبدو أنها مستعصية الحل لحد ألان، بدأت تأثيراتها تتشعب ووصلت حد طلب المساعدة من دول عربية لإقناع بعض الشخصيات المهمة بالتنازل عن تشكيل الحكومة في مقابل مناصب سيادية مهمة أخرى.

وفيما تقول القائمة العراقية إن تشكيل الحكومة منوط بها لأنها الكتلة التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات بالانتخابات، أعربت القائمة التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي للمرة الأولى عن رغبتها في التحالف مع ائتلاف دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، مؤكدة انه السبيل الوحيد "لمنع عودة المحاصصة والتدخل الخارجي".

وقال هاني عاشور المستشار الإعلامي للقائمة العراقية في بيان ان "تقارب القائمة العراقية ودولة القانون هو وحده من يستطيع منع عودة المحاصصة والتدخل الخارجي في تشكيل الحكومة المقبلة".

وأضاف ان تحالفهما يمكن إن "يصنع حكومة قوية بحق دستوري بوصفهما اكبر القوائم الفائزة، مع مشاركة كتل أخرى في حوار تشكيل الحكومة وفق الاستحقاقات الانتخابية".

وكشف عاشور إن "الكتلة العراقية تنتظر مبادرة جادة وواضحة من زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بشأن موقفه من التعاون مع القائمة العراقية لتشكيل الحكومة المقبلة".

وقال عاشور في هذا الإطار ان "الزيارات التي قام بها قادة العراقية الى المالكي خلال الفترة الفترة الماضية سمعوا خلالها رغبته بالتعاون والشراكة الوطنية".

واضاف "لكن لم تر العراقية اي مبادرة او فعل مؤثر يؤكد نوايا دولة القانون او أي عمل جاد على ارض الواقع لتحديد موعد للقاء برئيس القائمة العراقية للتفاهم بشأن تقريب وجهات النظر". بحسب فرانس برس.

واكد ان "المالكي ابدى رغبته باللقاء، لكنه أرجئ بسبب قرار المحكمة الانتخابية بإعادة العد والفرز في بغداد".

وشدد على رغبة قائمته بإجراء حوار مع دولة القانون. وقال إن "قائمتنا ترغب بالحوار المعلن والجاد والواضح مع دولة القانون والقائم على تفاهم قائمتين لا أشخاص،  وفق برنامج واضح وجاد ينفتح على الآخرين".

وعلى صعيد الحراك المكوكي الذي يجريه قادة الكتل السياسية بين عواصم دول الجوار الإقليمي، كشفت صحيفة عراقية إن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أوفد وزير النفط حسين الشهرستاني ومدير مكتبه طارق النجم الى طهران "لترطيب الأجواء وإزالة الجفاء بين الجانبين".

وذكرت صحيفة "البينة الجديدة" ان حسين الشهرستاني وزير النفط الحالي قام خلال الأيام القليلة الماضية بزيارة سرية الى العاصمة الإيرانية برفقة طارق النجم مدير مكتب نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي لغرض كسب الدعم الإيراني في حال ترشيح الشهرستاني لمنصب رئاسة الوزراء".

أوضحت الصحيفة إن "زيارة الشهرستاني السرية لطهران لتنسيق مواقفه مع الايرانيين وترطيب الأجواء وازالة الجفاء معهم في ظل الرفض المتواصل لأوساط واسعة في الائتلاف الوطني خاصة التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر والمجلس الاسلامي الأعلى بزعامة عمار الحكيم لاعادة ترشيح نوري المالكي لولاية ثانية".

أشارت الصحيفة الى أنه "رافق الشهرستاني في هذه الزيارة السرية طارق النجم الذي اعتاد على القيام بعدة زيارات سرية لطهران مبعوثا من قبل رئيس الوزراء العراقي الذي دفع مدير مكتبه للسفر الى العاصمة الايرانية لكسب رضا الايرانيين واستمالتهم للشهرستاني بعدما تأكد ان معارضة الصدريين والمجلس الاعلى جادة ازاء اعادة ترشيحه لرئاسة الوزراء".

يذكر ان تلك الانباء سبقها زيارة رئيس الجمهورية جلال طالباني للقاهرة ولقاءه بالرئيس المصري مبارك، جرت خلالها مباحثات مع الرئيس المصري حسني مبارك بشأن تطورات الاوضاع في العراق والجهود المبذولة لتشكيل حكومة عراقية جديدة.

واضافت ان طالباني طرح مقترح بتعيين رئيس القائمة العراقية اياد علاوي نائبا لرئيس الجمهورية كحل للازمة التي قد تنشب عندما يتم تشكيل الحكومة من قبل مرشح من ائتلافي دولة القانون والوطني العراقي.

ويرى مراقبون سياسيون، ان مقترح طلباني، لو صدق،  فهو يعبر عن حجم الازمة، ومدى تمسك واصرار كل من القائمة العراقية، وائتلافي دولة القانون والوطني على تشكيل الحكومة.

واذا كان الرئيس طالباني يرى ان المخرج المثالي للازمة هي بموافقة علاوي على منصب نائب رئيس الجمهورية، فهل ستوافق العراقية على هذا الخيار، لاسيما بوجود شخصيات طموحة أخرى داخل العراقية تسعى لتسنم مناصب سيادية.

من جهته رفض القيادي في القائمة العراقية اسامة النجيفي، هذا العرض والذي وصفه بـ " غير المنطقي " لان العراقية هي القائمة الفائزة في الانتخابات وصاحبة الاستحقاق الانتخابي والدستوري بتشكيل الحكومة،  كما قال.

واضاف :"ان اية محاولة لنزع هذا الحق الذي كفله الدستور للعراقية،  هي تفجير للوضع داخل العراق ". بحسب وكالة نينا للأنباء.

واوضح النجيفي :" ان طرح هذا الموضوع من قبل رئيس الجمهورية /ان صح/ فهو امر غير منطقي وغير مقبول، لان الامر يتعلق بالاستحقاق الانتخابي واحجام الكتل،  وان الكتلة الكبيرة لها الحق بالمناصب الكبيرة والكتل الاخرى لها مناصب اقل ".

قال ان :"استحقاق /العراقية/ لا يقتصر على منصب رئيس الوزراء،  بل يشمل ايضا مناصب سيادية اخرى".

واضاف :"اذا كان منصب رئيس الوزراء من نصيب /العراقية/ فهو جزء من استحقاقات القائمة".

واوضح انه: "سيكون للعراقية مناصب سيادية مهمة ووزارات خدمية" مبينا ان هناك 16 منصبا في الدولة،  و5 مناصب سيادية،  واكثر من 20 وزارة خدمية.

وعدّ النجيفي تكليف /العراقية/ بتشكيل الحكومة بانه "الطريق الاسلم لاصلاح الوضع العراقي، ولن تثنى عن واجبها الوطني في تغيير واقع البلد".

وبخصوص الانباء التي اشارت الى حسم بعض المناصب السيادية لشخصيات معينة،  ومنها منصب رئاسة الجمهورية، قال :"ليس هناك اي حسم لاي منصب،  ومنها رئاسة الجمهورية، فهناك حوارات وقوائم كبيرة فائزة في الانتخابات،  وشخصيات موجودة،  ولا يوجد في الدستور ما يشير الى ان منصب رئاسة الجمهورية للقومية او المذهب او الطائفة الفلانية فهو امر متاح للجميع ".

واشار الى ان " القائمة الكردستانية هي القائمة الرابعة في نتائج الانتخابات وليست الاولى او الثانية او الثالثة " في تلميح الى مطالبة التحالف الكردستاني بمنصب رئاسة الجمهورية لولاية ثانية.

وتابع :" ان منصب رئاسة الجمهورية يعتمد على المبادرة بتشكيل الحكومة والمفاوضات التي ستجرى بهذا الاطار،  وان من يتحدث عن حسم هذا الموضوع فهو غير صحيح ".

ويصر التحالف الكردستاني على ترشيح جلال طالباني لولاية رئاسية ثانية،  في وقت اشارت انباء الى مقترح بان يتولى أياد علاوي هذا المنصب بديلا لمنصب رئيس الوزراء،  وهو ما اصطدم بمعارضة كردية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/أيار/2010 - 30/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م