حق اللجوء.. بين مطرقة القوانين الدولية وسندان الظروف القاهرة

لاجئون يُعادون قسراً وآخرين يعيشون المهانة والذل

 

شبكة النبأ: تواجه مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين معضلة كبيرة لاستيعاب ورعاية الإعداد الهائلة من اللاجئين بسبب الحروب والنظم الدكتاتورية والكوارث الطبيعية وظروف المجاعة والفقر وانعدام فرص العمل في الدول الفقيرة والتي أدت بدورها إلى نزوح جيوش من الفارّين إلى الدول المجاورة.

وضرب العراقيون رقما قياسيا بعدد النازحين قسريا أو اللاجئين إلى سوريا ودول أوربا، الأمر الذي حدا ببعض الحكومات الأوربية إلى إتباع نظام الإعادة القسرية إلى العراق مما يسجل انتهاكا في حقوق الإنسان وإجحافا بحق آلاف المجبرين على الهروب من جحيم الظروف الأمنية غير المستقرة.

نصف لاجئي العالم في المدن

وقالت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، إن نصف لاجئي العالم البالغ عددهم يعيشون في المدن مما يؤدي إلى رفع تكاليف المعيشة ويزيد من احتمالات حدوث توترات مع السكان المحليين.

وأكد انطونيو جوتيريس مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين إن وصول أعداد كبيرة من النازحين إلى مدن مزدحمة يؤدي إلى رفع أسعار الطعام والسكن ويجعل توفير سبل العيش أصعب بالنسبة للسكان المحليين. بحسب رويترز.

وأضاف أن الضغط الناتج عن ذلك "يمكن أن يسبب توترات بين السكان المحليين واللاجئين وفي أسوأ الأحوال يمكن أن يثير مشاعر كراهية الأجانب بما لها من عواقب وخيمة."

وأوضحت المفوضية أن عدد سكان كابول زاد لسبعة أمثاله منذ عام 2001 خاصة لان أعدادا كبيرة من النازحين من إيران وباكستان وكذلك من داخل أفغانستان تدفقوا على العاصمة.

كما أصبحت العاصمة السورية دمشق والعاصمة الأردنية عمان ملاذا للعراقيين الذين اضطروا للفرار من العنف في بلادهم بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 .

وأدى الصراع المسلح إلى نزوح مئات الآلاف إلى بوجوتا في كولومبيا وأبيدجان في ساحل العاج حيث اضطر كثيرون للعيش في "مناطق عشوائية لا تتوفر بها الخدمات الكافية" وتفتقر إلى المساعدات الأساسية التي عادة ما تكون مصاحبة لمخيمات الأمم المتحدة.

وقال جوتيريس وهو برتغالي سبق وأن تولى منصب رئيس الوزراء " علينا أن نتخلى عن الصورة القديمة وهي أن أغلب اللاجئين يعيشون في مخيمات مترامية الأطراف تابعة لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين.                                              

ومضى يقول إن الكثير من اللاجئين الذين يسكنون المدن يفتقرون إلى الرعاية الطبية أو غيرها من أشكال المساعدة وأنهم معرضون للاستغلال لأنهم يعملون في أشغال لا تحكمها لوائح.

17 مليون لاجئ في المنطقة العربية..

ومن جانب آخر أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن المنطقة العربية تؤوي نحو 17 مليوناً من اللاجئين والنازحين داخلياً بسبب الحروب والنزاعات، وهو ما يوازي نصف عددهم الإجمالي على مستوى العالم كله، في حين كشف التقرير عن أن سورية والأردن معاً استقبلتا نحو ثلث لاجئي العالم، وهو ما يعد بحسب التقرير تحديات صعبة للدول العربية في معالجة قضايا الهجرة.

وذكرت جريدة الوطن السورية أنه تم الكشف عن تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي جاء تحت عنوان «التغلب على الحواجز.. قابلية التنقل البشري والتنمية» في حفل إطلاق إقليمي لتقرير التنمية البشرية 2009 في الجامعة العربية.

من جهتها قالت نائبة المدير الإقليمي للدول العربية رئيسة المركز الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي منى همام إن هذا التقرير هو الإصدار الأحدث في سلسلة التقارير العالمية التي رسخت مفهوم التنمية البشرية كعملية لتوسيع خيارات البشر ليعيشوا حياة ترقى إلى مستوى طموحاتهم وتساعدهم على تحقيق أقصى إمكاناتهم.

وأكدت همام أن الهجرة تمثل أحد العوامل المهمة التي يمكنها أن تزيد من مساحة الحرية للملايين حول العالم، وأن تساعدهم ف من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

القوة المميتة ضد اللاجئين!!

إلى ذلك دعت نافي بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الحكومة المصرية إلى وضع حد للاستخدام "المؤسف" " للقوة المميتة"، بعد مقتل عشرات المهاجرين غير المسلحين الذين يحاولون التسلل إلى إسرائيل عبر صحراء سيناء منذ منتصف عام 2007 على يد قوات الأمن المصرية. في النهوض بمستوى حياتهم وفي تحقيق الرفاهية لأسرهم.

وأضافت: إن الهجرة، كما بين التقرير، يمكنها أن تعزز التنمية البشرية، حيث يمكنها أن ترفع مستوى دخل الفرد، وأن تحسن من فرص تعليمه وتمتعه بالصحة، وذلك لمن يهاجرون ولذويهم وأقرانهم الذين يبقون في بلدان المنشأ، بل لمجتمعات المقصد أيضاً.

وشار التقرير الأحدث في سلسلة تقارير التنمية البشرية العالمية التي ترمي إلى تأطير النقاش حول التحديات الأكثر إلحاحا التي تواجهها البشرية من تغير المناخ إلى حقوق الإنسان، وهو تقرير مستقل تم إعداده مؤخرا. بحسب سي ان ان.

وأكدت بيلاي على الحاجة إلى إجراء تحقيق عاجل ومستقل في مقتل نحو 60 شخصا - وإصابة واختفاء عشرات آخرين - على الجانب المصري من سيناء على الحدود مع إسرائيل منذ صيف 2007، بعدما اتفق البلدان على تعزيز الرقابة على الحدود.

افتتحت مفوضية حقوق الإنسان مؤخرا في مقرها بجنيف دورتها الـ13،  وبمشاركة وزراء 60 دولة ومؤسسات حكومية لمناقشة ومراجعة القضايا المتعلقة بمدى تأثر حقوق الإنسان بالوضع الاقتصادي العالمي والأزمات الاقتصادية.

من جهتها قالت بيلاي في بيان لها: "غالبا ما يفقد المهاجرون حياتهم في زوارق مكتظة، أو في محاولة عبور الحدود البرية النائية، إلا أنني لا اعرف بلدا آخر يتعرض فيه المهاجرون غير المسلحين وملتمسي اللجوء، إلى القتل المتعمد على هذا النحو من قبل القوات الحكومية."، وفق الأمم المتحدة.

وأضافت "إنها حالة يرثى لها، ويشير العدد الهائل من الضحايا إلى أن بعض مسؤولي الأمن المصريين كانوا يطلقون النار بهدف القتل. فمن غير المرجح أن يكون سبب موت هذا العدد خلاف ذلك. ولا يمكن أن تكون 60 حالة قتل مجرد حادث".

وقتل آخر الضحايا الأسبوع الماضي، في تاسع حادث إطلاق نار على المهاجرين الأجانب في سيناء خلال الأشهر الأولى من عام 2010.

وجاءت الغالبية العظمى من القتلى من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وخصوصا من اريتريا والسودان وأثيوبيا.

كما أكد التقرير فقد ما لا يقل عن 33 شخصا حياتهم في سيناء في الفترة ما بين يوليو/تموز 2007 وأكتوبر/تشرين الثاني 2008. وبعد ستة أشهر من فترة هدوء في عمليات "القتل"،  لقي  نحو 20 شخصا حتفهم بما في ذلك نساء وطفل واحد على الأقل - ويعتقد أنه قد تم قتلهم ما بين أيار/مايو وكانون الأول/ديسمبر 2009.

واشارت بيلاي: "يشير توقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر ثم استئنافه بقوة إلى أن عمليات القتل تتبع نمطا ولا يبدو أنها عشوائية".

وشددت على أنه ينبغي على الحكومة المصرية إصدار أمر فوري لقواتها الأمنية لضمان توافق استخدام الأسلحة مع المعايير الدولية، وعليها أيضا إجراء تحقيق مستقل وموثوق به في عمليات القتل.

وأضافت المفوضة، "هناك حاجة إلى توضيح الأمر، ما هي السياسات التي طبقت على المهاجرين الذين يحاولون عبور هذه الحدود، وما هي الأوامر المحددة إلى دوريات قوات الأمن في المنطقة."

مأساة اللاجئين الصوماليين

وفي نفس السياق أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن إمكانية الحصول على الماء بالنسبة لقاطني حي البساتين الفقير الواقع في ضواحي مدينة عدن والذي يأوي حوالي 16,000 لاجئ صومالي أصبحت جد محدودة.

ويشكو سكان الحي الصوماليون الذين يعاني معظمهم من البطالة ولا يزاول البعض الآخر سوى أعمالاً وضيعة من اضطرارهم لشراء حاجتهم اليومية من المياه من شركات خاصة.

ووفقاً لحديقة علي سيد من منظمة الإدفنتست للتنمية والإغاثة (أدرا)، وهي منظمة غير حكومية تعنى بتعزيز الصحة وتوفير الماء والغذاء، فإن أسر اللاجئين الفقيرة العاجزة عن شراء حاجتها من المياه تعتمد على تبرعات المساجد المحلية لسد رمقها.

وفي هذا السياق، تحدثت أمينة محمد، وهي لاجئة صومالية تعيش في حي البساتين منذ 15 سنة: "أحصل على 20,000 ريال يمني [100 دولار] شهرياً كعاملة تنظيف، في الوقت الذي يكلف شراء حمولة من الماء من شركة خاصة 1,500 ريال يمني [7.5 دولار]. وأضافت أن تحمل تكاليف شراء الماء أمر صعب بالنسبة لها ولأفراد عائلتها العشرين الذين يعيشون معها تحت سقف واحد وكلهم عاطلون عن العمل باستثناء خالها الذي يعمل كسائق سيارة أجرة ويساعدها في إعالة باقي أفراد الأسرة. ولا يحتوي بيت أمينة على إمدادات شبكة المياه العمومية.

وكان اليمنيون العائدين من الصومال والمواطنون الصوماليون الهاربون من النزاع المسلح في بلدهم قد بدؤوا يستقرون في حي البساتين الفقير منذ بداية التسعينيات عندما كان مخضراً وينعم بالكثير من المياه حتى أطلق عليه اسم حي البساتين. أما الآن فقد نضبت مياهه وأصبح، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أفقر حي في عدن. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية.

وأوضح جوزيف مولر، خبير المياه والصرف الصحي بالمفوضية، أن إمكانية الحصول على الماء في حي البساتين الفقير أصبحت "جد محدودة" سواء من حيث الكم أو الجودة. وأضاف أن مياه الآبار المملوكة لأفراد تعرضت للتلوث بسبب مياه الصرف.

وتعمل المفوضية بالتعاون من منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) والسلطات على معالجة آبار المياه الثماني عشرة الموجودة بحي البساتين بالكلورين لتفادي أي انتشار محتمل للأمراض المنقولة عن طريق المياه.

معضلة اللاجئين العراقيين

وعلى صعيد ذي صلة منحت دول الاتحاد الأوروبي اللجوء لحوالي 16600 عراقي العام الماضي، وهم اكبر مجموعة من اللاجئين وشكلت 22 في المائة من إجمالي اللاجئين حسب قول مكتب الإحصاء الأوروبي يوروستات.

ومنحت فرنسا العدد الأكبر من طلبات اللجوء عند 11500 لاجئ وتلتها ألمانيا التي منحت حق اللجوء لـ10700 ثم بريطانيا بحوالي 10200 لاجئ.

ويأتي بعد العراقيين، الصوماليون كأكبر مجموعة من اللاجئين في دول الاتحاد الأوروبي حيث شكلوا 12 في المائة ثم الروس 10 في المائة ثم الأفغان 7 في المائة.

ولجأ اغلب العراقيين في ألمانيا والسويد فيما استقبلت ايطاليا العدد الأكبر من الصوماليين.

وقال نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد، إن حكومة بلاده تستضيف مليون و200 ألف لاجئ عراقي كبدوها ملياري دولار منذ عام 2003، مبينا أن الحكومة العراقية لم تقدم سوى 15 مليون دولار أمريكي بهذا الشأن.

وأضاف المقداد في كلمة بلاده أمام اجتماع منتدى الحوار بشأن اللاجئين المقيمين في المناطق الحضرية والمدن، الذي تنظمه مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين في سوريا “يبلغ مليون ونصف المليون لاجئ من بينهم مليون و200 ألف لاجئ عراقي”، مشيرا إلى أنهم يتمركزون في ريف دمشق بواقع 770 ألف شخص، و276 ألف في دمشق نفسها و60 ألف في حلب و48 ألف في حمص و72 ألفا في باقي المحافظات السورية”.

وأوضح أن اللاجئين في سوريا “يتمتعون بسائر الحقوق التي يتمتع بها المواطن السوري دون تمييز”، مستدركا لكن اللاجئين العراقيين “شكلوا ضغطا إضافيا على فرص العمل إذ يعمل معظمهم في القطاع غير المنظم في سوريا وبأجر ضئيل جدا لا يتجاوز خمسة آلاف ليرة سورية شهريا”. بحسب وكالة أصوات العراق.

من جانبه قال مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو جيتيريس خلال الاجتماع إن منطقة الشرق الأوسط “تمثل ظاهرة واسعة الانتشار وهي مقصد اللاجئين العراقيين مثلا إلى سوريا والأردن إذ تستقبل كل منهما أكثر من مليون لاجئ عراقي كل على حده”، مطالبا بـ”معالجة الظاهرة الجديدة الخاصة بنزوح اللاجئين إلى المدن والمناطق الحضرية عن طريق تبني برامج تنمية وإغاثة تعالج مشاكل المدى البعيد والعاجلة وتعمل على دعم برامح التخطيط في المدن وخفض معدلات الفقر”.

وقال السكرتير العام لفدرالية اللاجئين العراقيين في أوروبا، إن 4240 لاجئا عراقيا أجبروا على العودة للبلاد خلافا لرغبتهم خلال السنوات الخمس الماضية، مبينا أن 213 لاجئا آخرا انتحروا قبل إعادتهم وان هنالك اتفاقيات بين الحكومتين العراقية والكردستانية وبعض دول أوربا بهذا الشأن.

وأضاف دشتي جمال خلال مؤتمر صحفي عقده في أربيل مؤخرا أن إحصائيات فدرالية اللاجئين العراقيين “تؤكد إرغام 4240 لاجئا عراقيا على العودة إلى بلدهم دون رغبتهم”، مشيرا إلى أن “213 لاجئا عراقيا في أوروبا انتحروا قبل إعادتهم وأن قسما منهم أعيدوا باستخدام طائرات عسكرية بعد تخديرهم”. بحسب وكالة أصوات العراق.

وأفاد أن المنظمة “على علم بوجود اتفاق بين حكومة إقليم كردستان ودول أوروبية لإرغام اللاجئين على العودة”، منوها إلى أن حكومة إقليم كردستان “تقدم تسهيلات لشركات تجارية أوربية مقابل قيام بلدانها بإرغام اللاجئين على العودة”.

وأوضح جمال أن طريقة إرغام اللاجئين وإرجاعهم للعراق “بعيدة كل البعد عن بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، لافتا إلى أن العديد من اللاجئين كانوا “يكبلون بالقيود قبل إرجاعهم وهناك من تم تخديره أو ضربه خلال عملية إرغامه على العودة”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/أيار/2010 - 27/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م