تأبين الفقيه الرضا الشيرازي في ذكرى رحيله الثانية في السيدة زينب

 

موقع الإمام الشيرازي: في ذكرى رحيله الثانية، لم يزل العالم الرباني الفقيه آية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) أقرب من ذكرى، فـ ليلة أمس الاثنين السادس والعشرين من جمادى الأولى/1431 كانت كأنها يوم رحيله (قدس سره) قبل عامين، فما زال وجوده غضاً، وما زال حضوره طرياً، وما زال ظله يانعاً، وما زال اسمه ندياً، فـ آثاره عبقة بالمحبة والموعظة، وكتبه تتأملها العقول وتتقلبها الأبصار، ومحاضراته تحتشد للاستماع لها ملايين المؤمنين والمؤمنات، وصوره تنظر إليها العيون وهي دامعة والقلوب وهي حزينة، وبذكره تلهج الألسنة بحمد الله تعالى الذي لا يحمد على مكروه سواه وبدعاء لفقيه أهل البيت (عليهم السلام)، آية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي (رضوان الله تعالى عليه).

في ذكراه السنوية الثانية قم أبنت، والنجف عزَّت، وكربلاء بكت، ودمشق المشرَّفة بالضريح الزينبي الطاهر حزنت، فالمصاب جلل، وصاحب الذكرى فقيه عزيز، وسيد جليل، وأستاذ علم وأخلاق ودين ودنيا وأولى وآخرة، وأن فقده كان – وما زال – أليماً، فحضوره كان له نسيمه الخاص وطابع له ميزته، وحاجة الناس إليه كانت كبيرة، ففي زمن ظلم مضى، أبعد السيد (قدس سره) عن مدينته كربلاء، وفرَّق الطغيان بينه وبين محبيه، وحيث انقشع الظلم بعد حين، وبدأ الناس يعيشون أول ربيعهم مع علوم السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره) وأخلاقه الكريمة وسماحته الغامرة ومشاعره النبيلة، وحيث أخذت عيونهم المتعبة تستبشر خيراً وأملاً وبركة برؤيته، وتطمئن قلوبهم المتوجسة بدعائه لهم، وتهدأ نفوسهم المضطربة بإرشاداته، خطف الموت منهم السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره)، ولم يبق لهم إلا حزنهم عليهم، واقتفاء آثاره، والاسترشاد بـ مَنْ بقي مِنْ علماء الأسرة الشيرازية الكريمة بمواقفها وعطاءاتها حيث قدمت للأمة الكثير فكان لهم في كل حقبة مرجع أو عالم أو شهيد، وإن بقية السيف أنمى. "وإِنّ اللّه بالغُ أَمْرِهِ"، وهو (جل في علاه) ولي المؤمنين، وكفَى به (تعالى) ولِياً ونصيراً وهو (سبحانه) يتولى الصالحين.

بهذه المناسبة الأليمة أقيم في حسينية الحوزة العلمية الزينبية  في دمشق الواقعة بالقرب من الضريح المقدس للسيدة الحوراء زينب (عليها السلام) مجلس الفاتحة الى روح الفقيه الفقيد آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (أعلى الله مقامه)، حضر المجلس جمع من أساتذة حوزويين وفضلاء ومبلغين وطلبة علوم دينية وحشد من المؤمنين من الجاليات المقيمة في سوريا، كما حضر مجلس الفاتحة نجلا المرجع الديني آية الله العظمى الإمام المجدد السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه)، سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي (دام ظله)، وسماحة العلامة السيد مهدي الشيرازي (دام عزه).

افتتح مجلس الفاتحة بقراءة ما تيسر من آيات الذكر الحكيم رتلها على أسماع الحضور القارئ الشاب محمد جواد الهرملاني. واختتامه كان مع المنبر الحسيني حيث أشار الخطيب الحسيني فضيلة السيد مضر القزويني الى أهمية تزكية النفس وارتقاء الإنسان أعلى مراتب العلم والأخلاق، كما تناول في مجلسه جوانب من حياة صاحب الذكرى آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره) وإسهاماته العلمية والفكرية ومناقبه الأخلاقية وفضائله السامقة التي اشتهرت في أوساط العلماء والحوزات وعموم الناس على حد سواء، كما دعا السيد القزويني الى ضرورة أن يكون السيد الفقيه (رضوان الله تعالى عليه) للجميع عبرة وأسوة مستذكراً قول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام): "فلأن يكونوا عبراً أحق من أن يكونوا مفتخراً". مشيراً الى جانب من كلمة المرجع الديني آية الله العظمى سماحة السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله الوارف) حيث قال مخاطباً المعزين في يوم رحيل السيد الرضا: لقد كان (رحمه الله) في درجات العدالة بلا شك، فحاولوا أن تكونوا عادلين، وكان على درجة عالية من الخلق الرفيع مع الصديق والعدو، ومع القريب والغريب، ومع من كان يتواضع له أو يتكبر عليه، فحاولوا أن تطبقوا على أنفسكم هذه الانطباعات التي لكم عنه. لقد عاش حياة سعيدة، وكان من ضمن ما عاشه (قدس سره) الحديث الشريف: "المؤمن نفسه منه في تعب والناس منه في راحة". فقد عاشه تطبيقاً وعملاً، في وقت ندر جداً مَنْ يعمل به. أجل لقد كان فقيدنا مصداقاً جيداً لهذا الحديث الشريف، فحاولوا أنتم أيضاً أن تكونوا مصداقاً جيداً له.

وفي ختام مجلس العزاء تطرق السيد مضر القزويني (دام عزه) الى جانب من المصائب التي حلت على سيدة نساء العالمين مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) وابنتها بطلة كربلاء السيدة زينب (عليها السلام).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/أيار/2010 - 27/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م