أزمة الحكم في مصر: نهضة المعارضة وثورة العمّال تؤذن بزوال الدكتاتورية

 

شبكة النبأ: يرأس حسني مبارك (82 عاماً) مصر منذ اغتيال الرئيس أنور السادات برصاص إسلاميين متشددين العام 1981. ولم يقُل إن كان سيرشح نفسه لفترة رئاسة سادسة مدتها ست سنوات العام المقبل. لكن لا توجد دلائل تُذكر على أن هناك من يمكنه تحدي الحزب الذي يحكم البلاد بقانون طوارئ يمتد لأكثر من 20 عاما، فضلا عن أحكام دستورية توفر الغطاء الكامل للحزب الحاكم في حين تضع العراقيل أمام القوى المعارِضة.

ويجري هذا في فضل سياسة تقشف طويلة الأمد، أدت بالنتيجة لأن يقبع أكثر من ثلث المصريين تحت خط الفقر، فيما ينتفض العمال الذين يمثلون اكبر الشرائح الفاعلة في المجتمع المصري، بين حين وآخر للمطالبة برفع الأجور التي يبلغ متوسطها (20 دولار) في الشهر ولكن دون جدوى...

وفي غضون ذلك قالت السفيرة الأمريكية في لقاء مع الصحافيين المصريين أن ما يشاع حول تقديم المخابرات الأمريكية مساعدات لمسؤولين كبار لإعداد مؤهل لمنصب الرئاسة كلام لا معنى له و"أرفضه بالكامل، فالولايات المتحدة تؤمن بأن هناك طريقاً واحداً فقط للرئاسة في مصر هو الانتخابات الحرة والنزيهة".

وكانت السلطات المصرية الشهر الماضي اتهمت الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية المصرية بعدما أعربت واشنطن عن قلقها لاعتقال ناشطين سياسيين أرادوا التظاهر للمطالبة بإصلاحات شاملة.

وتشهد مصر في الآونة الأخيرة مظاهرات تنظمها الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" مع اقتراب انتخابات تشريعية ورئاسية في البلاد. وستجرى انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في يونيو/حزيران المقبل على الأرجح بينما ستجرى انتخابات مجلس الشعب أواخر العام وانتخابات الرئاسة العام القادم.

وتطالب "كفاية" وجماعات المعارضة الأخرى بتعديلات في الدستور والقوانين لرفع قيود على ترشح المستقلين لمنصب رئيس الدولة وضمان نزاهة عمليات الاقتراع وفرز الأصوات التي تقول منظمات لمراقبة حقوق الإنسان، إن مخالفات كثيرة تشوبها.

كما يقول المتظاهرون، إن البطالة وانخفاض مستوى معيشة الملايين تبرر شعاراتهم وهتافاتهم التي تتهم مسؤولين بسرقة المال العام وخدمة مصالح الولايات المتحدة.

وأكدت السفيرة الأمريكية أن الولايات المتحدة تحترم حق المصريين في التعبير والمشاركة السياسية، حيث إن بلادها لا تحدد مرشحاً بعينه كما أنها لا تدعم حزباً بعينه، بل تدعم العملية السياسية المفتوحة والحرة بكل أشكال حرية التعبير كالمدونات والتليفزيون والصحف لأنها تساهم في الحوار المفتوح الذي يحتاجه المجتمع ليكون قادراً على تحديد مستقبله واصفة الحوار الدائر في مصر الآن بأنه صحي.

وقالت سكوبي، إن الولايات المتحدة لا يمكنها فرض أجندة على مصر والواضح أن المصريين اختاروا أجندتهم الإصلاحية بأنفسهم. مشيرة إلى أن السفارة الأمريكية تجتمع بالقوى السياسية المصرية المختلفة، كالإخوان وغيرهم، دون تفريق بين كونهم في الحكومة أو خارجها، فالسفارة الأمريكية في القاهرة مثل السفارة المصرية في واشنطن تود أن تعرف كل من في البلد، ولا نفرق بين الأحزاب والأطراف السياسية، من داخل الحكومة وخارجها. وأكدت "سكوبي" قوة العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي وصفتها بأنها "لا تهتز" رغم وجود بعض الخلافات في بعض القضايا مثل المستوطنات.

وحول المساعدات المقدمة للجمعيات الأهلية أوضحت السفيرة الأمريكية أن هناك خلطاً في هذا الأمر مؤكدة أن الولايات المتحدة تدعم بقوة دور المجتمع المدني، وأن بعض مؤسسات المجتمع المدني تحصل على دعم كبير من صندوق الدعم الاقتصادي الذي وصفته بأنه عبارة عن عملية ثنائية منظمة تتم بالتنسيق مع الحكومة المصرية، كما أنه يمول جزءاً كبيراً من هذه المنظمات، وأن أموال هذا الصندوق توجه دائماً، كما قالت، لاحتياجات الشعب المصري، ومؤسسات المجتمع المدني التي تعمل مع الحكومة لمخاطبة قضايا الصحة والتعليم ودعم الإصلاحات الاقتصادية.

مبارك يحث معارضيه على ترك الشعارات..

وبموازاة ذلك وجه الرئيس المصري حسني مبارك حديثه الى معارضين يطالبون بالتغيير السياسي في بلاده وقال انهم بحاجة لتقديم ما هو أكثر من الشعارات كما وعد بالوقوف الى جانب العمال لكنه لم يبد أي مؤشر على الاستجابة لمطالب برفع الحد الأدنى للأجور في مصر.

وفي أول كلمة يلقيها في بث مباشر منذ خضوعه لعملية جراحية في ألمانيا في مارس اذار قال مبارك ان الاستثمار واستمرار النمو الاقتصادي سيوفر مستوى أفضل للمعيشة وذلك في وقت تتنامى فيه شكاوى العمال في مصر.

وقال مبارك في كلمة بمناسبة عيد العمال "انني أقول لعمال مصر سوف تجدونني دائما بجانبكم حافظا لعهدي معكم."

لكن بعد 29 عاما من توليه السلطة يواجه مبارك استياء متناميا في مصر أكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان والبلد الذي لا يصل فيه النمو الاقتصادي السريع الى كثيرين بين ملايين الفقراء الكادحين.

ونظم عمال الشهر الماضي احتجاجين للمطالبة برفع الحد الأدنى للأجور والذي لم يتغير منذ أوائل الثمانينات ويعادل رسميا ستة دولارات فقط في الشهر.

ويعتصم بعض العمال أمام البرلمان المصري منذ أسابيع وهو تحرك جديد في بلد يحظر قانون الطواريء المفروض فيه منذ عقود الى حد كبير أشكال المعارضة الشعبية في الاماكن العامة.

وتتزامن الاحتجاجات مع دعوات للتغيير السياسي من جماعات معارضة تأمل في لفت أنظار العالم قبل انتخابات برلمانية مقررة في مصر العام الحالي وانتخابات رئاسية العام المقبل.

وتعتبر جماعة الاخوان المسلمين المحظورة من الناحية الرسمية أكبر فصيل معارض في مصر ولا ينظر اليها على أنها تمثل تحديا حقيقيا لمبارك. وتتجه الانظار الى محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة كمرشح بعيد الاحتمال اذ لم يتضح ما اذا كان سيسمح له بخوض الانتخابات.

وحذر مبارك الذي كان يتحدث لحشد من قادة النقابات العمالية الذين كانوا يهتفون له بين حين وآخر من عواقب التغييرات الفجائية التي يمكن أن تعرض استقرار مصر للخطر. وقال "لا مجال في هذه المرحلة الدقيقة لمن يختلط عليه الفارق الشاسع بين التغيير والفوضى. "وأقول لمن يرفعون الشعارات ان ذلك لا يكفي لكسب ثقة الناخبين وان عليهم أن يجتهدوا لاقناع الشعب برؤية واضحة عليهم أن يجيبوا على تساؤلات البسطاء من الناس."

لكن على الرغم من قرار محكمة برفع الحد الأدنى المنخفض للأجور والذي يجبر العديد من العاملين بالحكومة على ممارسة أعمال إضافية فان مبارك لم يعد بزيادة.

هل يمثل البرادعي عامل التغيير؟

من جانب آخر يرغب معارضو الحكومة المصرية في إحداث تغيير في البلد في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. ويعلقون آمالهم على الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والحائز على جائزة نوبل للسلام، محمد البرادعي.

لقد تجمعت مجموعة صغيرة من الطلبة عند مدخل مكاتب حزب الغد المعارض في وسط القاهرة بهدف عقد تجمع سلمي يطالب بالتغيير الديمقراطي لكن عدة أفواج من أفراد شرطة مكافحة الشغب المسلحة بشكل جيد كانت في انتظارهم، ومن ضمنهم مجموعة من البلطجية بملابس مدنية عادة ما تستخدمهم الحكومة المصرية لتنفيذ المهمات القذرة. بحسب رويترز.

وقبل أن تنطلق المظاهرة الاحتجاجية باتجاه مبنى البرلمان القريب، كانت الشرطة قد بدأت في استخدام الهراوات ضد المتظاهرين. لقد تعرض المتظاهرون والصحافيون الذين جاءوا لتغطية الحدث إلى الضرب. أما المصورون فقد تعاملت معهم السلطات بخشونة بالغة وصادرت معدات التصوير لديهم.

وقالت إحدى المتظاهرات إنني مصممة على مطالبي حتى تتغير الأمور ثم نزعت غطاء رأسها لتريني آثار الضرب على رأسها. ولا أحد يعرف ماذا حصل لبعض المحتجين الذين تعرضوا للجر من قبل أفراد الشرطة السرية قبل إلقائهم داخل سيارات كانت في انتظارهم.

ومن الطبيعي أن يؤدي تعامل السلطات بخشونة مع التجمعات إلى تبادل الاتهامات داخل البرلمان المصري بشأن حرية التعبير وحقوق الإنسان. ورغم الدعوات إلى ضبط النفس، فإن عضوا بارزا في الحزب الوطني، نشأت القصاص، قال لا أعرف لماذا تتساهل وزارة الداخلية مع مخالفي القانون.

وأضاف قائلا بدل أن تطلق الشرطة النار عليهم، فإنها تكتفي برشهم بخراطيم المياه لتفريقهم...إنهم يستحقون ما يجري لهم .

وتقول صحافة المعارضة إن مثل هذه التصريحات تعري غطرسة المؤسسة الحاكمة وتشجع الشرطة على التعامل بوحشية مع المعارضة.

ولا تزال الحكومة تفرض حالة الطوارئ منذ 29 عاما والتي تمنحها صلاحيات واسعة لتقييد حرية التعبير وقمع الأصوات المعارضة.

لكن دخول البرادعي على الخط وانضمامه إلى المشهد السياسي المصري أعطى للمطالبين بالتغيير حيوية جديدة. لقد دفع قدومه إلى مصر بعد تقاعده قبل نحو شهرين إلى توحيد صفوف المعارضة المنقسمة على نفسها تحت شعار التحالف الوطني من أجل التغيير .

ويمتاز البرادعي بأنه لم يتورط في فضائح فساد مثل بعض أعضاء النخبة الحاكمة في القاهرة. لكن لم يتضح بعد ما إن كانت السلطات ستسمح له بموجب الدستور المصري بخوض الانتخابات الرئاسية في السنة المقبلة.

ويقول البرادعي إن المواطنين المصريين يشعرون بالإهانة بشكل متكرر من قبل نظام يحرمهم من حقوقهم السياسية.

وكان المعارض أيمن نور الذي حل في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2005 سجن بعد انتهاء الانتخابات بتهم اعتبرها الكثيرون بأنها مزيفة.

ورغم أنه أصبح حرا الآن، فإن سمعته السياسية دمرت. وتعرض البرادعي إلى محاولات من قبل صحافة الحكومة لتشويه السمعة. وقد نشر على إحدى صفحات الجرائد الموالية للحكومة إنه عميل أمريكي .

انتخابات مجلس الشورى في يونيو

من جهة أخرى قرر الرئيس المصري حسني مبارك اجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في الاول من يونيو حزيران في بداية موسم انتخابي سيستمر الى العام المقبل ويمثل اختبارا لمدى استعداد الحكومة لمشاركة أوسع في الحياة السياسية لجماعات مثل الاخوان المسلمين. وأصدر مبارك قرارا جمهوريا باجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى. وسوف تجرى انتخابات مجلس الشعب أواخر العام الحالي بينما ستجرى انتخابات الرئاسة أواخر عام 2011.

وقال فتحي رجب وكيل اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس الشورى يوم الثلاثاء لرويترز ان الناخبين سيختارون 88 عضوا في المجلس الذي يناقش مشروعات القوانين قبل صدورها من مجلس الشعب. وأضاف أن الترشيح للانتخابات سيبدأ في الخامس من مايو أيار. وسوف يصدر مبارك قرارات بتعيين 88 عضوا اخرين في المجلس بعد الانتخابات.

وقال رجب "كل الاعضاء الذين أمضوا ست سنوات سيتم استبدالهم. لا يمكن لعضو أن يستمر أكثر من ست سنوات. (لكن اذا أراد أن يستمر) ممكن ينزل الانتخابات مرة أخرى أو يتم تعيينه."

نائب مصري يعتذر عن إساءته للشعب

واعتذر عضو في مجلس الشعب المصري عن أنه طالب وزارة الداخلية بضرب المتظاهرين الداعين للإصلاح الديمقراطي بالرصاص وشاركه اعتذاره الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي ينتمي إليه.

وقال نشأت القصاص في بيان مكتوب تلاه رئيس المجلس فتحي سرور في الجلسة "أعتذر عما بدر مني وان كان قد جاء من فرط الانفعال."ووصف القصاص ما قاله بحق المتظاهرين بأنه "زلة لسان".

وكان القصاص ونائبان آخران على الأقل طالبوا في اجتماع مشترك للجنتين في المجلس يوم 18 أبريل نيسان باستعمال القوة (الضرب بالرصاص) في فض المظاهرات معتبرينها خطرا على مصر.

وأحال سرور شريط تسجيل الاجتماع الى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لتفريغه وتبين أن القصاص قال "يا أخي اعدم.. اعدم.. بلاش خراطيم المياه دي. تضرب بالنار على طول.. تضرب بالنار. والله كل المتظاهرين دول خارجين عن القانون."ورأت اللجنة أن ما قاله النائبان الاخران أقل خطورة.

وقال أمين التنظيم في الحزب الوطني الديمقراطي ورئيس لجنة الخطة والموازنة أحمد عز انه ينضم الى القصاص في الاعتذار للنواب وللشعب المصري. ووافق المجلس على توجيه عقوبة اللوم للقصاص. لكن أعضاء معارضين اعتبروا العقوبة مخففة.

واشتبك محتجون يطالبون بانهاء حكم الرئيس حسني مبارك المستمر منذ نحو 30 عاما يوم السادس من أبريل نيسان قرب مجلس الشعب مع قوات الامن وألقت الشرطة القبض على أكثر من 90 منهم وضربت عددا بالعصي وقبضات الايدي لكنها أفرجت عنهم على مدى يومين.

ويوم 13 أبريل نيسان تعارك نشطاء وجنود من قوات مكافحة الشغب بالايدي في مظاهرة مناوئة للحكومة بالقاهرة نظمتها الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" في بداية ما قالت انه موسم مظاهرات جديد مع اقتراب انتخابات تشريعية ورئاسية في البلاد.

وخلال المظاهرة خطف متظاهرون خوذات أكثر من جندي وألقوها نحو الجنود كما خطفوا قبعة أكثر من ضابط وجندي وألقوها في الهواء.

وبصق المعارض البارز أيمن نور الذي شارك في المظاهرة نحو عدد من الجنود والضباط. وقال لرويترز "خطفوا ابني (خلال المظاهرة) ورجعناه."

وفي الاجتماع المشترك للجنتين قال عضو المجلس أحمد أبو عقرب الذي ينتمي أيضا الى الحزب الوطني "أطالب الداخلية بالكف عن اللين والتعامل بالقوة مع الخارجين على القانون."وأضاف "لا بد من ضربهم بيد من حديد."

وضمن ما يقولون انها مطالب اصلاح دستوري يقول النشطاء انهم يريدون انهاء حالة الطواريء السارية منذ نحو 30 عاما والتي تخول الشرطة القاء القبض على الاشخاص لفترات يمكن أن تطول دون تقديمهم للمحاكمة. كما يطالبون بضمانات لنزاهة الانتخابات العامة التي تقول منظمات لمراقبة حقوق الانسان ان مخالفات كثيرة تشوبها.

العمال يطالبون بزيادة الحد الأدنى للأجور..

وهتف مئات العمال المصريين مطالبين بزيادة الحد الادنى للاجور في أحدث حلقة من سلسلة مظاهرات تطالب بالعون لملايين المصريين الفقراء وبمزيد من الحريات العامة في دولة تخضع لسيطرة مشددة.

وردد المحتجون هتافات يقول أحدها "احنا على حق.. للظلم دايما قل لا" ورفعوا لافتات تقول احداها "100 جنيه في الشهر.. احنا رجعنا لزمن القهر".

ويعتصم عمال منذ فترات وصل بعضها الى شهور على رصيف مواجه لمجلس الشعب بالقرب من مقر الحكومة رافعين مطالب متفاوتة لكنهم اتفقوا يوم الاحد على المطالبة بزيادة الحد الادنى للاجور التي يعتبر انخفاضها مبعث شكوى ملايين المصريين الفقراء.

وشارك في احتجاج الذي نظم بعد يوم من الاحتفال بعيد العمال نحو 500 بينهم أعضاء نقابات عمالية وعاملون في الحكومة وأعضاء في جماعات معارضة.

والحد الادنى للاجور في مصر 35 جنيها (6.3 دولار) شهريا منذ عام 1984 لكنه يصل الى 100 جنيه من خلال حوافز أو مكافآت أو اعانات.

ويترقب محللون ما اذا كانت الاحتجاجات العمالية التي لا تزال صغيرة بالمقاييس العالمية ستكتسب قوة دفع وتأييدا أوسع من القواعد العمالية لتتحول الى تحد سياسي للرئيس حسني مبارك الذي يحكم مصر منذ عام 1981.

وسوف يبلغ مبارك من العمر 82 عاما هذا الاسبوع ولم يقل ان كان سيرشح نفسه لفترة رئاسة سادسة مدتها ست سنوات العام المقبل. لكن لا توجد دلائل تذكر على أن هناك من يمكنه تحدي القوى السياسية التي تحكم البلاد.

وهتف المحتجون "يا رصيف الشعب قول.. احنا تعبنا م الحمول (أوجه العجز عن مواجهة أعباء المعيشة") و"لا اله الا الله لن نتعب من قولة اه" و"يا نظيف يا نظيف (رئيس مجلس الوزراء) نيمتنا ع الرصيف" و"موش هنروح (نعود الى بيوتنا) موش هنخاف.. موش لاقيين (لا نجد) العيش (الخبز) الحاف".

وقال ابراهيم حجازي وهو من مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة لرويترز "بدلا من أن ننجرف الى أي تيارات سياسية (معارضة) البلد (الحكومة يجب أن) تضمنا (اليها من خلال الاستجابة للمطالب)."

وحجازي موظف في مجال جمع وتصنيف البيانات منذ عام 2001. وقال انه وعشرات الالوف يعملون في نفس المجال ويتقاضى الواحد منهم مئة جنيه شهريا منذ التحاقهم بالعمل في ذلك العام.

وقالت نوسة عبد المحسن من محافظة بني سويف جنوبي القاهرة انها وطفلها ينامان على الرصيف منذ شهر وان زوجها يأتي لزيارتهما بين وقت واخر.

ويطالب موظفو جمع وتصنيف البيانات بتعيينهم في وظائف ثابتة ومساواتهم ماليا بمن عينوا في وظائف حكومية عام 2001 وتعويضهم عما فاتهم في السنوات الماضية.

وتبدي قوات مكافحة الشغب التي تنتشر في مكان الاحتجاج ليونة مع العمال والموظفين المحتجين لكنها ضربت من قبل نشطاء سياسيين خلال مظاهرات طالبت باصلاحات ديمقراطية.

وكانت محكمة مصرية حكمت بالزام الحكومة بزيادة الحد الادنى للاجور بما يضمن للعمال والموظفين حياة خالية من العوز.

المخاطر الرئيسية التي تهدد مصر..

وتمثل حالة عدم التيقن بشأن من سيقود مصر بعد الرئيس حسني مبارك (82 عاما) الذي يتولى السلطة منذ نحو ثلاثة عقود الخطر الداهم الذي يتعين متابعته عن كثب خلال العام المقبل مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2011.

يضاف الى ذلك بعض المخاوف المستمرة بشأن الحكم الرشيد والاضطراب الاجتماعي والتشدد الاسلامي. وفيما يلي بعض المخاطر السياسية الرئيسية التي تواجه مصر، بحسب رويترز:

انتقال السلطة:

ليس لمبارك خليفة معين ولم يفصح عما اذا كان سيسعى لخوض الانتخابات لفترة جديدة في 2011. واذا لم يفعل فان أكثر وجهات النظر شيوعا هو انه سيسلم السلطة لابنه جمال (46 عاما) وهو سياسي في الحزب الوطني الحاكم.

وقد يسعد هذا مجتمع الاعمال اذ أن حلفاء جمال في الحكومة يقفون وراء اجراءات تحرير الاقتصاد التي ساهمت في تحقيق نمو سريع خلال السنوات الخمس الماضية. لكن نجل الرئيس ليست لديه خلفية عسكرية وهو ما يمكن أن يمثل عقبة في بلد يحكمه ضباط كبار سابقون في الجيش منذ عام 1952 .

شهدت مصر أول انتخابات رئاسية تعددية في 2005 لكن القواعد تجعل من المستحيل تقريبا على أي شخص أن يخوض محاولة حقيقية للترشح دون مساندة من الحزب الحاكم. وبالتالي لا يزال من المرجح أن تتم عملية اختيار أي رئيس جديد خلف الابواب المغلقة وليس عبر صناديق الاقتراع.

وفي الماضي كانت الصلاحيات الرئاسية تنتقل دون أي فترة فراغ في السلطة. وكان هناك نائب للرئيس عام 1970 حينما توفي جمال عبد الناصر وعام 1981 حين اغتيل أنور السادات. لكن مبارك لم يختر نائبا مما يشيع حالة من عدم اليقين عن كيفية انتقال السلطة. ولا يتوقع معظم المحللين حدوث اضطرابات اجتماعية لكن الشكوك لا تزال باقية.

فقد انضم عشرات الالاف من الانصار الى المواقع الالكترونية التي تساند محاولة رئاسية قد يخوضها محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة مما يعكس الاحباط المكبوت والبذرة الكامنة لحركة احتجاجات.

أما جماعة الاخوان المسلمين وهي جماعة معارضة محظورة لكنها الوحيدة القادرة على حشد الالاف من الانصار المنظمين فانها تتحاشى الدخول في مواجهة مفتوحة مع الحكومة. لكن ربما تتحول الى قوة فعالة ان هي غيرت أسلوبها.

وتضع مؤسسات التصنيف الائتماني الكبرى مصر دون الدرجة الاستثمارية مباشرة. ويقول محللون ان مخاطر الخلافة لا تشكل ضغوطا قوية لكن حالة عدم اليقين تمثل قيدا على التصنيف الائتماني لمصر.

-- تحركات في الشوارع. مراقبة ما اذ كان أنصار البرادعي في المواقع الالكترونية يمكنهم الاحتشاد على الارض أو ما اذا كان الاخوان سيغيرون أسلوبهم. سيشير هذا الى ما اذا كانت حركة شعبية يمكن أن تحول احتجاجات لا يشارك فيها حتى الاون سوى مئات قليلة الى مسيرات بالالاف مما سيعرقل انتقال السلطة لجمال أو لشخصية أخرى من داخل المؤسسة الحاكمة.

-- تغير موقف البرادعي. سيكون من الاسهل على البرادعي خوض الانتخابات على البطاقة الانتخابية لاحد أحزاب المعارضة القائمة. وقد رفض ذلك لكن لا يزال أمامه حتى منتصف 2010 تقريبا كي يبدل موقفه. سيفتح هذا المنافسة ويزيد من حالة عدم اليقين بشأن أي انتقال للسلطة.

سلامة الاستثمارات والفساد:

زاد تدفق رأس المال خلال السنوات الخمس الماضية التي شهدت خطوات لتحرير الاقتصاد حظيت بالاشادة الواسعة بالرغم من التباطؤ بسبب الازمة العالمية. يشير هذا الى أن المستثمرين الاجانب يأمنون على أموالهم. ولكن دون المزيد من اجراءات المراقبة والمساءلة السياسية قد تزداد تكلفة أنشطة الاعمال.

وصنفت مؤسسة الشفافية الدولية مصر في المركز الحادي عشر بين 19 دولة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ومنحتها المرتبة 111 من 180 دولة على مستوى العالم في مؤشر الفساد لعام 2009 حيث تصنف الدولة الحاصلة على المركز الاول بانها الاقل فسادا. وقالت المؤسسة في مارس ان الفساد في مصر اخذ في التفشي ودعت الى تشديد القيود التي تحكم تولي رجال أعمال لمناصب عامة.

كما يترقب بعض المستثمرين بحذر الصراع القانوني بين أوراسكوم تليكوم وفرانس تليكوم حول ملكية شركة موبينيل للهاتف المحمول. وتوصل الجانبان الى تسوية في ابريل نيسان ولكن فقط بعد أن عرقلت محكمة مصرية محاولة الشركة الفرنسية لشراء موبينيل.

ما يتعين مراقبته:

-- قضية أخرى على غرار قضية أوراسكوم. قد تبدو أحكام قضائية أخرى ضد شركات أجنبية كاتجاه عام مما يؤثر سلبا على المعنويات في السوق.

التضخم والاحتجاجات:

قفز معدل التضخم في مصر الى 23.6 في المئة في أغسطس أب 2008 تحت وطأة الارتفاع في أسعار السلع الاولية على مستوى العالم. وشابت الاحتجاجات العمالية أعمال عنف قابلتها الحكومة في البداية باجراءات أمنية صارمة ثم بوعود برفع الاجور.

وانخفض معدل التضخم بالرغم من أنه لا يزال يتشبث بمستوى يزيد عن عشرة بالمئة فيما تتجنب السلطات رفع أسعار الفائدة أو تقييد الانفاق في الميزانية خشية أن يضر ذلك بالنمو.

لكن زيادة الاسعار لا تزال قضية حساسة في بلد يصارع معظم سكانه البالغ عددهم 78 مليونا لتلبية احتياجاتهم الاساسية ويعيش خمس مواطنيه على أقل من دولار في اليوم. وأصبحت الاضرابات المطالبة بتحسين الاجور أمرا عاديا على نحو متزايد بالرغم من اخفاق مساعي النشطاء لتشجيع توحيد الجهود.

ما يتعين مراقبته:

-- أسعار الغذاء العالمية. سيظهر أثر ارتفاع أسعار السلع الاولية عالميا سريعا في الاسواق الامر الذي سيزيد من حدة السخط العام.

-- تحرك عمالي منسق. ستشير اضرابات عمالية واسعة الى أن النشطاء يحشدون الجماهير بطريقة فعالة. تمكنت الحكومة من معالجة الاضرابات المنفردة بسرعة من خلال تقديم تنازلات الى حد كبير. أما التحركات الاوسع فستكون مواجهتها أكثر تكلفة.

التشدد الاسلامي:

قاتلت قوات الامن وسحقت حركة مسلحة شنها متشددون اسلاميون في التسعينيات استهدفوا البنوك والوزراء وكبار المسؤولين. وفي 1997 قتل الاسلاميون بالرصاص 58 سائحا في معبد بالاقصر. وسجنت شخصيات كبيرة في الجماعة الاسلامية التي قادت الحملة المسلحة لكن أطلق سراح كثيرين منهم في وقت سابق من العقد الجاري بعد أن نبذوا الايدلوجيات العنيفة.

ولا يرى المحللون مؤشرات تذكر على عودة حركة اسلامية متشددة منظمة للظهور لكنهم يقولون ان من المرجح وقوع تفجيرات من وقت لاخر مثل تلك التي هزت منتجعات سياحية في سيناء من 2004 الى 2006 . وأسفر اخر هجوم عن مقتل سائحة في القاهرة عام 2009 .

وتراجعت السياحة التي تمثل 11 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي بعد هجمات عام 1997 لكن الاثر الذي أحدثته الهجمات اللاحقة كان محدودا ويرجع هذا جزئيا الى أنه حتى نيويورك ولندن ومدريد تعرضت لهجمات.

غير أن عمليات التمشيط الامني الكثيرة التي تستهدف أي نشاط للاسلاميين تعكس مخاوف رسمية من أنهم قد يعيدون تنظيم أنفسهم في مصر مسقط رأس الكثير من المفكرين الاسلاميين البارزين وايضا أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة.

ما يتعين مراقبته:

-- حملة تفجيرات. يمكن أن تبرهن سلسلة من الهجمات وليس تفجيرا فرديا على أن المتشددين أعادوا تنظيم صفوفهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/أيار/2010 - 26/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م