هكذا ينظر الإسلام للمرأة؟

مجيد صالح البريسم

لم يخلق الله سبحانه وتعالى المرأة للتكاثر فحسب، بل ان شأنها شأن الكائنات العاقلة المتكاملة، حيث ينطبق عليها ايضا قوله تعالى وخلقنا الانسان في احسن تقويم، وإلا لما اصطفاها لان تكون أم مرة ومربية مرة اخرى وبنت تطلب العلم وترفع باسمها شرف اسرتها.

تعرضت المرأة عبر التاريخ لصنوف لا مثيل لها من العذابات والقسوة والاذلال والاهمال وقديما في العصور ما قبل الاسلام عانت ايضا الويلات فكان احد اشكال العنف ضد المرأة هو وأد البنات وكان النص القرآني صريحا في ذلك لا لبس فيه بقوله تعالى "وإذا الموءدة سئلت.بأي ذنب قتلت"(التكوير:9،8) وقال تعالى ايضا في محكم كتابه العظيم "وإذا بُشر أحدهم بالانثى ظل وجهُهُ مسودا ً وهو كظيم ٌ.يتوارى من القوم من سوء ما بُشر به أيمسكه على هُون ٍ أم يَدُسه ُ في التراب ألا ساء ما يحكمون"(النحل:58)

من المعلوم والبديهي ان قلب الام مفطور على محبة ابنائها ومتاصلة فيها مشاعر الابوة والامومة معا ً فضلا عن ذلك ان فيها اعلى سمات الرحمة والشفقة التي تميزت بها فكان الصبر عنوانا دائما لسماتها فلا عجب ان الله اودع فيها أهم المشاعر وعد قلبها كنزا لا ينضب من الرحمة والرأفة والعطف تجاه ابنائها، انها المرأة الام والزوجة والمربية والمعلمة لاولادها.

تمثل المرأة (الام) نواة العائلة وعمادها وهي منبع الحب والحنان والمربي الاول لبناء الاسرة وهي الحاضنه والمعلمة حيث تؤدي جميع هذه الادوار وهي تتحول من مهمة الى اخرى دون ملل أو كلل !! وهي تجيد جميع هذه الادوار وتقوم بها على أكمل وجه دون الحاجة الى اية مؤهلات أو شهادات وهي تستخدم المؤهل الافضل والذي منحها الله تبارك وتعالى به وهو الحب والحنان والعطف والشفقة والرحمة.

فالام هي افضل ممرضة لابنائها عندما يكون ابنها مريضا فتغمره بدفئها وحنانها وشفقتها ورحمتها وهي افضل معلمة حينما يحتاجها ابنائها في تعليمهم فتكون افضل معلمة بحق.

كانت الامم والاقوام والملل والاعراق قبل ان تعرف نور الهداية الاسلامية يقومون بالكثير من الممارسات غير الانسانية مع المرأة فجعلوا منها الفاحشة كلها، والاثم كله، حتى لصقوا بها الكثير من الصفات غير الانسانية فضلا عن قسوة التعامل معها فتعرضت ل:

- الحرمان من التعليم

- الطرد من البيت

- تزويجها بدون إذن منها

- إهانتها وشتمها

- تعريضها للضرب

- حرمانها من التعبير عن رأيها

اما الايذاء البدني فكان السمة الاكثر شيوعا في التعامل معها من خلال:

- التضييق عليها ماديا

- منعها من حتى من زيارة اهلها او معارفها

- التهديد الدائم بالطلاق

- التهديد الدائم بالايذاء

واذا ما استعرضنا لبعض جوانب العنف الذي تتعرض له من زوجها فنجد:

- خيانته لها

- مماطلتها اذا طلبت الطلاق

- منعها من ابداء رأيها

- الاستخفاف والسخرية الدائمة بأرائها

ان المرأة الام هي الزوجة اليوم، والبنت بالامس تحمل الكثير من المسؤوليات فلم يحولها الاسلام قط الى كائن بيولوجي حيواني اي بما هو انجاب فقط لذا كرم الدين الاسلامي المراة (الام) لانها اما واعلى مكانتها.. وبذلك اظهر حقيقة واضحة وهي ان من الام يحصل الابناء على أول درس من دروس التربية وهي التي تضع له اللبنة الاساسية والاطار الاساسي والذي يبنى من خلاله ملامح شخصية الاولاد وطباعهم وتصرفاتهم فان كانت الام واعيه لرسالتها ومدركة لدورها أصبح لدينا جيلا صاعدا معدا وقادرا بالقيام بالمهام التي تبني أسرته ومجتمعه.

وكما قال الشاعر.. الام مدرسة اذا اعددتها...أعددت جيلا طيب الاخلاق وعن الامام زين العابدين عليه السلام..قوله بحق الام (أما أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يتحمل أحد أحدا , وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ,ووقتك بجميع جوارحها , ولم تبال أن تجوع وتطعمك ,وتعطش وتسقيك , وتعرى وتكسوك , وتضحي وتظلك , وتهجر النوم لاأجلك ,ووقتك الحر والبرد يكون لها , فأنك لا تطيق شكرها , ألا بعون الله وتوفيقه).

وقال الامام جعفر الصادق (ع) "إن المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خصال يتكفلها وإن لم يكن في طبعه ذلك مُعاشرة ٍ جميلة ٍ، وسعة ٍ بتقدير ٍ، وغيرة ٍ بتحصن ٍ"

وكان للمرأة الدور الكبير في مواجهة مواقف الحياة منذ بداية الاسلام حتى القرن الاول الهجري وتلاشى هذا الصوت النسائي المتميز بالفصاحة والقول ومنهن الكثير مثل الخنساء وغيرها كما ذكرت (د. وسمية عبد المحسن المنصور) واضافت بدا يتلاشى الصوت النسائي خلال القرن الثاني الهجري وعللت (سعاد المانع) ذلك بأن ثمة اتجاها نحو احتقار المرأة عموما أخذ يظهر في حدود زمن الجاحظ او قبله قليلا.

اشتهر موقف المرأة المسلمة القوي في واقعة كربلاء حينما واجهت نساء أهل بيت النبي (ص) اعنف هجمة عند مقتل الامام الحسين (ع) في تلك الواقعة التي ظلت خزيا وعار في جبين الاسلام السياسي المحرف، فكان اداء نساء بيت النبي صوتا واجه الظلم كله في تلك الواقعة وكانت مقالة الحوراء زينب (ع) في حضرة القاتل يزيد بن معاوية و من كان معه في مجلسه حينما واجهته بالمنطق والادلة باحقية أهل بيت النبوة في الاسلام لا في السلطة، وانه هو وابيه من مسخوا الاسلام وحولوه الى بني أمية متجرا للبيع والشراء.

واسوق لك عزيزي القارئ الكريم وقارئتي الكريمة كيف فعلت (آمنة بنت الشريد) إمرأة عمرو بن الحمق الخزاعي في مجلس معاوية ومنها مقالتها الشهيرة التي حاورت فيها معاوية ومن في مجلسه بقولها: اما ام الخير بنت الحريش فلا تخشى تهديد معاوية بقتلها "والله لو قتلتك ِ ما حرجت في ذلك، قالت: والله ما يسوءني يا ابن هند ان يجري الله ذلك على يدي من يسعدني الله بشقائه. فكيف كان للمرأة هذه القوية وكيف تمكنت من الصمود امام طاغية ومتجبر يمثل في خصومه ابشع تمثيل وتقول (د. وسمية عبد المحسن المنصور) كانت تمثل خصومات سياسية في فترة وعصور تطير الرؤوس لدواعي الشك والريبة والتنافس فكيف الحال اذا صدرت كلمة جارحة تصيب مقتلا او تؤجج نارا.

اعطى الاسلام المرأة حق القول والشعر والادب فكانت المرأة تنظم الشعر والقول الفصيح وتتلو الايات وتنسج الافكار وتستشهد بالنص القرآني وتذكر الحديث النبوي في سياق الحوار والحجة فقول (ليلى الاخيلية) حينما اراد الحجاج ان يعاقبها بقطع لسانها لانها هجته فقال الحجاج لصاحبه يوجهه لليلى الاخيلية: اذهب بها فاقطع لسانها، فدعا لها بالحجام ليقطع لسانها، فقالت: ويحك ! إنما قال لك الامير اقطع لساني بالعطاء، فارجع اليه فاساله، فسأله فاستشاط غضبا ً وهم بقطع لسانه ثم أمر بها فأدخلت فقالت: ايها الامير، كاد يقطع مِقوَلي.

اما اسماء بنت ابي بكر في حوارها حيث ذكرت" ولكن والله أخبرنا رسول الله أنه سيخرج من ثقيف كذابان: الآخر منهما شر من الاول، وهو مُبِير.

ومن اشهر من قذف معاوية من النساء هي "أروى بنت عبد المطلب" امام جلسائه فلم يسلم من لذعها كل من تجرأ ودخل في محاورتها في مجلس معاوية، بما فيهم معاوية.

وابلغ قول لتلك المرأة التي امتدحت الامام علي بن ابي طالب (ع) في مجلس السلطان الذي يعد نفسه ألد اعداء الامام علي، كان السلطان (معاوية) مع وزراءه فقامت تعدد ( دارمية الجونية) مناقب الامام علي (ع) وتذكر حبها لعلي أمام معاوية بقولها " فإني احببت عليا ً على عدله في الرعية وقسمه بالسوية وابغضتك على قتال من هو أولى منك بالأمر، وطلبتك ما ليس لك وواليت عليا ً على حبه المساكين واعطاءه أهل السبيل، وفقهه في الدين وبذله الحق في نفسه وما عقد له رسول الله (ص) من الولاية، وعاديتك على ارادتك الدنيا وسفكك الدماء وشقك العصا" فعندما ناداها معاوية (يا ابنت حام) فردت عليه وقالت لست لحام إنما أنا امرأة من قريش من بني كنانة ثمت من بني أبيك.

ومن المفارقات عن المراة في الاسلام تلك المراة " ام كلثوم بنت ابي بكر" التي رفضت الزواج من عمر بن الخطاب وهو الخليفة انذآك وتقول لعائشة في رفضها " لا حاجة لي فيه لانه خشن العيش، شديد على النساء.

اعز الاسلام المرأة واعظم من شأنها وفسح لها حرية الاختيار والقول وابداء الرأي فضلا عن ان الاسلام اظهر انصع صورها في طلب العلم والتعليم.

* باحث اسلامي  

majidsalih6060@hotmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/أيار/2010 - 24/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م