حماس بين فكي ضغوط إسرائيل وسكان القطاع

الحرب السايكلوجية هل تفضي الى انفجار داخلي أم حرب جديدة؟

 

شبكة النبأ: يرى الكثير من المراقبين إن الحرب السايكلوجية بين حماس وإسرائيل تمر بدت مؤخرا تتصاعد بوتيرة اشد بعد فشل الوسيط الألماني في صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين بالجندي الذي تحتجزه منظمة المقاومة الإسلامية حماس.

حيث أثار محتوى الفيلم الكرتوني الذي بثته كتاب القسام مؤخرا وتناوله مشاهد عن مقتل الجندي الاسارئيلي الأسير جلعاد شاليط غضب إسرائيل ودفعها الى إطلاق موجة استنكارات واستهجان ضد الحركة وتصريحات حادة عكست حالة الهستريا لحكومة بنيامين نيتنياهو إزاء ما تمارسه حماس من ضغوط نفسية على المجتمع الإسرائيلي.

من جانب آخر تعاني حركة حماس من ذات الضغوط الشعبية بسبب تفاقم الأوضاع في قطاع غزة،  حيث يقول منتقدون ومنافسون لحماس إن هناك حالة من الغضب والاستياء بين سكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة ليس فقط بسبب الإجراءات الضريبية لكن بسبب إجراءات أمنية مشددة أيضا تتخذها الحركة بشأن الحريات العامة والتي بعضها بدافع سياسي وبعضها الآخر بوازع ديني، فضلا عن الحركة تواجه أيضا توترا متناميا بسبب رغبتها في الإبقاء على وقف غير معلن لإطلاق النار مع إسرائيل بينما تريد جماعات متشددة أصغر من حماس استمرار شن الهجمات.

2009 كان الأسوأ منذ 1948

حيث اعتبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقريره السنوي الصادر الاثنين ان العام 2009 كان الأسوأ منذ نكبة 1948 على سكان قطاع غزة.

وقال المركز الحقوقي في تقريره "انتهى هذا العام وما تزال آثار العدوان الإسرائيلي وهو الأوسع نطاقا والأكثر دموية ضد المدنيين الفلسطينيين على مدى سني الاحتلال الإسرائيلي الاثنتين والأربعين بل ومنذ نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948".

وأشار الى إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (بين كانون الأول/ديسمبر 2008 وكانون الثاني/يناير 2009) ماثلة تلقي بأعباء ثقيلة على كاهل المدنيين في قطاع غزة".

الخوف قد يولد الانفجار

وقد اعتقلت قوات الأمن التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) نشطاء سياسيين فلسطينيين لتوزيعهم منشورات تحث الحركة على تخفيف الضغط على سكان غزة وإلا ولد ذلك انفجارا.

وقال قيادي بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن عددا من أعضاء الجبهة اعتقلوا ثم أطلق سراحهم.

ويعتبر ما جاء في منشورات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أعنف انتقاد علني يوجه لحماس حتى الآن منذ أن سيطرت الحركة الإسلامية على قطاع غزة عام 2007 والتي تتصدى لأي سلوك ترى انه مناف للإسلام وفرضت مؤخرا ضرائب جديدة على 1.5 مليون يعيشون في القطاع الساحلي.

وقال جميل مزهر القيادي بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "الناس مضغوطون ولديهم خشية من التعبير عن أنفسهم وبالتالي نحن لدينا مسؤولية بالحديث عن قضاياهم."

وحذرت منشورات الجبهة الشعبية حماس من الضغط أكثر على الشعب بأسلوب "ربما يدفع المجتمع للتمرد على هذه السلوكيات بل الانفجار في وجه مرتكبيها."

وحثت الجبهة الشعبية حكام غزة الإسلاميين على وقف انتهاك الحريات وقمع المعارضين السياسيين وفرض ضرائب على المشروعات الصغيرة في القطاع الذي تفرض على حدوده مع إسرائيل ومصر قيود مشددة..

وارتفع سعر علب السجائر وغالبيتها مهربة عبر أنفاق من مصر لتغطية ضريبة قيمتها ثلاثة شو اقل (80 سنتا) تذهب الى حماس. بحسب رويترز.

ويقول تجار محليون إن حماس تحاول دعم أحوالها المالية المستنزفة وان هذه الضريبة ستدخل لخزائنها نحو ستة ملايين دولار شهريا.

إسرائيل تصفها سفالة

من جهتها وصفت الحكومة الإسرائيلية الفيلم الكارتوني الذي بثته حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حول مصير الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، الذي تحتجزه الحركة منذ منتصف العام 2006، بأنه دليل على "الطابع السافل والإرهابي" للحركة الفلسطينية.

وعرضت كتائب "عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحماس، فيلماً من الرسوم المتحركة تبلغ مدته نحو ثلاث دقائق، يظهر والد الجندي الإسرائيلي وهو يهيم على وجهه في الشوارع حاملاً صورة لابنه الأسير، قبل أن يشاهد نعش ابنه وهو يصل إلى أحد المعابر الحدودية، ليفيق من نومه ويكتشف أن ما شاهده ما هو إلا مجرد كابوس.

وينتهي الفيلم، الذي بثته الحركة بمناسبة مرور 1400 يوم على اختطاف الجندي الإسرائيلي في عملية نفذها مسلحون ينتمون لعدد من الفصائل الفلسطينية، استهدفت قاعدة للجيش الإسرائيلي بالقرب من جنوب قطاع غزة، في يونيو/ حزيران 2006، بعبارة تقول "ما زال هناك أمل."

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن بيان صدر عن ديوان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قوله إن "حماس تتصرف بشكل تهكمي في قضية شاليط، مما يدل على طابعها السافل والإرهابي"، ولفت إلى أن "بث الشريط يأتي بعد يومين على سماح إسرائيل لابنة وزير الداخلية الحمساوي بالتنقل جواً إلى الأردن لغرض العلاج الطبي."

كما نقلت عن نوعام شاليط، والد الجندي المختطف، إعرابه عن أسفه "لاختيار قادة حماس مجدداً الحرب السيكولوجية، بدلاً من المصادقة على اقتراح الوسيط الألماني لعقد صفقة تبادل"، مشيراً إلى أن هذا الاقتراح مطروح على الطاولة منذ أربعة أشهر.

مصير رون اراد

من جهتها أكدت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس إن جلعاد شاليط "سيلقى مصير الطيار الصهيوني رون اراد" الذي فقد في لبنان في 1982 إذا واصلت إسرائيل "مماطلتها"، مهددة بأسر مزيد من الجنود.

وقالت الكتائب في بيان مرفق بشريط الفيديو الذي تم بثه على موقعها الالكتروني إن "الجندي الإسرائيلي الأسير (...) سيلقى مصير الطيار الصهيوني رون اراد الذي اندثر أثره منذ أكثر من عشر سنين".

وأضافت "ما زال هناك فرصة أمام المجتمع الصهيوني وأمام الحكومة الصهيونية لإتمام صفقة تبادل يتم بموجبها الإفراج عن شاليط مقابل أسرى فلسطينيين، أما إذا استمر في مماطلته فانه سيندم وحينها لن ينفع الندم". بحسب فرانس برس.

وأكدت كتائب القسام "إذا أراد المجتمع الصهيوني عودة شاليط سالما فعلى حكومتهم ان تدفع الثمن بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين".

وتابعت "ان رفضت شروط المقاومة حاليا فستضطر (إسرائيل) للافراج عنهم آجلا أم عاجلا وبثمن اكبر"، مؤكدة انها "ستواصل مشوارها نحو تحرير الاسرى وستواصل عملها على اسر اصدقاء جدد لشاليط لدرجة ان الحكومة الصهيونية ستضطر لتأسيس وزارة خاصة بالجنود الأسرى الصهاينة".

وأكد فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس في غزة صحة الفيديو، موضحا انه "صادر عن كتائب القسام".

وأضاف انه "رسالة الى المجتمع الإسرائيلي بانه حكوماته مخادعة وغير معنية باطلاق سراح جلعاد شاليط وحكومة (رئيس الوزراء بنيامين) نتانياهو كما حكومة اولمرت مسئولين عن التعطيل المتعمد للجهود التي بذلت في هذا الاتجاه".

وقال برهوم "إنها نفس الرسالة للمجتمع الإسرائيلي ليفهم الحقيقة والرسالة الثانية لحكومة الكيان الصهيوني بان شروط المقاومة غير قابلة للمساومة مهما طال الزمان او قصر".

وتابع "بالتالي رهانهم على الوقت لابتزاز حماس او تقديم تنازلات هو رهان خاسر وعليهم أن يعملوا على إنجاح كل الجهود لإتمام صفقة تبادل الأسرى وان المخادعة والمماطلة والمراوغة لن تجدي". وتجري اسرائيل وحماس مفاوضات غير مباشرة برعاية مصرية وعبر وسيط ألماني لتبادل الأسرى، إلا إنها تراوح مكانها منذ عدة اشهر.

حماس تنتقد ميتشل

وفي غضون ذلك، انتقدت حركة المقاومة الإسلامية حماس"، المبعوث الأمريكي قائلة إنه لا يحمل "سوى مقترحات صهيونية"، واتهمت الولايات المتحدة بالعمل على عرقلة جهود المصالحة الفلسطينية.

وكان ميتشل قد التقى في رام الله برئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وأكد بعد نهاية اللقاء أن بلاده "ستواصل العمل من أجل إحلال السلام في المنطقة، لأن السلام هو مصلحة للشعب الفلسطيني والإسرائيلي وللولايات المتحدة."

وعبّر ميتشل عن "دعم واشنطن" لعباس ورئيس حكومته سلام فياض والقيادة الفلسطينية، وشدد على ضرورة حل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفق مبدأ "حل الدولتين."

ودعت حماس، إلى عدم الرهان على مقترحات المبعوث الأمريكي للسلام مؤكدة أنها "ليست إلا مقترحات صهيونية قدمها له نتنياهو، تشكل في جوهرها خطوة التفافية تعيد إنتاج القديم في المواقف الصهيونية للتهرب من وقف عمليات التهويد والاستيطان".

وتابع عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية، انتقاده: " على أن تقدم "إسرائيل" رشوات تفاوضية لسلطة رام الله تحت عنوان سلسلة من "البوادر الحسنة" وتتضمن إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين وإزالة حواجز عسكرية (تخفيف عددها من أربعمائة مثلاً إلى ثلاثمائة)، وتسليم سلطة رام الله المسئولية الأمنية عن مناطق معينة بالضفة الغربية"، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.

وحذر الرشق من عودة سلطة عباس في رام الله لطاولة المفاوضات، وقال بأنها "ستشكل مجدداً غطاء لتهويد القدس."

واتهم الرشق الإدارة الأمريكية بعرقلة جهود المصالحة الفلسطينية، وقال: "إن الولايات المتحدة تعمل أيضاً ومن خلال الضغوط على سلطة أوسلو على عرقلة جهود المصالحة الفلسطينية"، وأكد بأن التحدي الذي يواجه الجهود المصرية للمصالحة الفلسطينية يتمثل في الشروط الأمريكية وسياسة السلطة الفلسطينية في رام الله التي لا تريد إلا أن تستمر في التنسيق الأمني ورفض التعاطي مع متطلبات الوحدة وجهود المصالحة".

وأضاف: "إن طريق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام يمر عبر طريق واحد عنوانه رفض الشروط والإملاءات الأمريكية والصهيونية على المصالحة وإنهاء مهزلة المفاوضات العبثية، والعودة لمربع الشعب الفلسطيني وخياراته الوطنية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/أيار/2010 - 21/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م