
شبكة النبأ: اخذ ملف العلاقات
الإيرانية مع دول الخليج يتخذ منحى شائكا وأكثر تعقيدا خلال السنوات
القليلة الماضية، سيما خلال الفترة التي تولى احمدي نجاد الرئاسة، حيث
بدى التوتر يهيمن على طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين الأخيرة ودول
الخليج العربي بشكل تدريجي وبتصاعد مستمر.
وتتهم معظم دول الجوار الحكومة الإيرانية التي يقودها الجناح
المتشدد في نظام الجمهورية الإسلامية بلعب دورا سلبيا في المنطقة
والإقليم، خصوصا إن إيران كانت تمثل على الدوام لبعض الدول العربية
جارا غير مريح وينظر إليه بعين الريبة والقلق على الدوام.
وكانت العلاقات الإيرانية السعودية إحدى اكبر دول مجلس التعاون
الخليجي قد شهدت توترا شديدا بعد الحرب الأخيرة بين حزب الله اللبناني
وإسرائيل، فيما لا تزال قضية الجزر الإماراتية الثلاث تمثل عقده في
سياق العلاقات مع إيران بسبب رفض طهران الانسحاب منها أو القبول بذهاب
الطرفين إلى التحكيم الدولي.
إلى جانب ذلك ترى دول الخليج في التصريحات الإيرانية التي تطلق بين
فينة والأخرى حول إغلاق مضيق هرمز في حال تعرضها إلى اعتداء من قبل
القوات الأمريكية بحد ذاتها اعتداءا وتهديدا سافرا لأمن تلك الدول
واستخفاف إيراني مستمر بسيادتها.
وتجهد حكومات دول الخليج كظم غيضها إزاء السياسات الإيرانية الأخيرة
خصوصا بعد إن كشف عن قيام إيران بتجنيد عملاء لها للتجسس عبر خلايا
استخباراتية تتبع للحرس الثوري داخل دول المنطقة.
تفكيك شبكة تجسس في الكويت
حيث أعلنت الأجهزة الأمنية الكويتية أنها تمكنت من تفكيك شبكة تخابر
وتجسس لمصلحة الحرس الثوري الإيراني لرصد المنشآت الحيوية والعسكرية
الكويتية، ومواقع القوات الأميركية في البلاد،" وإن "سبعة أشخاص على
الأقل اعتقلوا في حين ما زال ستة أو سبعة آخرون هاربين."
ونقل عن مصدري امني كويتي "أن الشبكة تضم عسكريين في وزارتي
الداخلية والدفاع الإيرانيتين، فضلاً عن عناصر غير محددي الجنسية وأخرى
عربية،" وأنه "تمت مداهمة منزل أحد قياديي الشبكة في منطقة الصليبية
قبل يومين وعثر على مخططات لمواقع حيوية وأجهزة اتصال حساسة ومتطورة،
فضلاً عن مبالغ مالية تتجاوز ربع مليون دولار."
وبحسب وسائل اعلام محلية، فإن المتهمين، البالغ عددهم سبعة، كشفوا
في اعترافاتهم الأولية أن "عملهم كان يتطلب تجنيد عدد من العناصر التي
تتوافق أفكارهم وتوجهاتهم مع الحرس الثوري الإيراني."
وقال مسؤول أمني، "استناداً إلى اعترافات الموقوفين كانوا يترددون
إلى إيران بشكل مستمر وتحت حجج متعددة منها تلقي العلاج أو السياحة أو
زيارة الأماكن الدينية." بحسب شبكة السي. ان. ان.
حيث كشفت اعترافات بعض أفراد الخلية دلت على تورط 6 عسكريين كويتيين
في وزارة الدفاع، وعسكريين اثنين من فئة غير محددي الجنسية، فيما لعب
لبنانيان مقيمان مازالا هاربين، دورا بارزا في الشبكة، احدهما قام بدور
الممول لأفراد الشبكة بينما الثاني تخصص في نقل المعلومات وتلقيها من
خلال الاتصال بما يعرف بـ (ضابط ارتباط) الشبكة، وهو احد أعضاء الحرس
الثوري في إيران.. وقد التقى أفرادا في الشبكة عدة مرات في مدينتي
أصفهان ومشهد."
تداعيات الأزمة
ومن ابرز تداعيات الأزمة طالب نواب كويتيون السلطات بطرد السفير
الإيراني، حيث دعا النائب الإسلامي محمد هايف المعروف بمواقفه المناوئة
لإيران الى تجميد كل الاتفاقيات مع طهران كما دعا الحكومة الى استدعاء
سفيرها في طهران وطرد السفير الإيراني من الكويت. وانتقد الحكومة على
صمتها مطالبا إياها بتوضيح موقفها او بإثارة هذه القضية في مجلس النواب.
واثر صدور هذه التصريحات، خرجت الحكومة الكويتية عن صمتها الذي
استمر يومين وقال وزير الإعلام محمد البصيري "ان الأجهزة الأمنية تمارس
واجباتها ومهامها بصورة يومية معتادة في إطار أحكام القوانين السارية
وما تستوجبه مقتضيات المصلحة الوطنية كما تقوم بإحالة اي قضايا تنطوي
على مساس بأمن الدولة واستقرارها الى القضاء وذلك بعد استكمال كل
أركانها وأدلتها وكافة الجوانب المتعلقة بها".
وطالب البصيري وسائل الاعلام ب"ضرورة تحري الدقة في نشر وبث اي
معلومات تتعلق بأمن الدولة والتزام التعامل الوطني المسئول معها
والرجوع دائما الى الجهات المعنية لاخذ المعلومات من مصادرها الرسمية".
وطالب المتحدث باسم اللجنة البرلمانية للدفاع والداخلية النائب
المستقل شعيب المويزري بطرد السفير الايراني في حال ثبتت قضية التجسس.
اما رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي فقد ابدى امله في "الا يتواجد لايران
او اي دولة أخرى مثل هذه الخلايا". بحسب الفرانس برس.
من جهتها، نفت السفارة الايرانية علاقة طهران بهذه القضية، واعتبرت
ان هذه المعلومات ترمي الى الاضرار بالعلاقات بين البلدين.
شبكة البحرين
الى ذلك وبعد ان اتسعت دائرة التحقيق في قضية غسل الأموال التي اتهم
فيها وزير بحريني بتهمة "التجسس" لصالح إيران وورد فيها اسم مواطنة
كويتية وشقيقها وشخص ثال، أصدر العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة
مرسوماً بإعفاء وزير الدولة منصور بن رجب من منصبه، وذلك بعد أن استدعي
للنيابة العامة، وتم استجوابه وأفرج عنه في وقت لاحق من اليوم نفسه.
وبحسب تقارير إعلامية، عثر بحوزة الوزير البحريني على صور لمواقع
عسكرية وحيوية محلية في دولة البحرين، أرسلت إلى إيران. وأكد "بن رجب"
وهو وزير دولة بلا حقيبة وزارية، نبأ عزله لكنه نفى الاتهامات.
حيث اعتقلت أجهزة الأمن الكويتية المواطنة الكويتية (أ.أ) وشقيقها (و.أ)
حيث واجهتهما المباحث الجنائية بتهمة غسل الأموال، وتحدثت المواطنة
لرجال الأمن عن تفاصيل قضية الشيك الذي حصلت عليه من قبل صديق بحريني
على علاقة بالوزير بن رجب، والذي ذيل باسم شركة شقيقها (و.أ).
وقالت (أ.أ)، إنها حاولت صرف الشيك وقيمته ستة ملايين يورو في
البحرين عن طريق اتصال الوزير بأكثر من مؤسسة مصرفية والتوصية على صرف
الشيك، لكن العملية لم تنجح فجاءت بالشيك إلى الكويت، ولكنها أيضاً
فشلت في صرفه.
وما لبثت أن عادت (أ.أ) إلى البحرين برفقة شقيقها، وإبلاغ صديقها
البحريني بأن الشيك لم يصرف. فادخلها على الوزير بن رجب، وهناك في
مكتبه عرض أحد العاملين، وهو من الجنسية المصرية صرف الشيك في لبنان،
وتم إرسال الشيك بواسطة المصري إلى لبنان حيث كشفت السلطات اللبنانية
أن الشيك مزور، وهناك شبهة غسل أموال، مما دفع بالمصري للهرب إلى مصر.
وقالت مصادر مطلعة، إن الاستخبارات اللبنانية كانت وراء فك اللغز،
وأبلغت بدورها البحرين، حيث تابعت السلطان الأمنية البحرينية هناك
إجراءاتها، واعتقلت المواطن البحريني الذي اعترف بدوره على الوزير بن
رجب.
وتضيف المصادر، إن السلطات البحرينية راقبت المواطن البحريني صديق
الوزير لفترة، وتم تسجيل مكالماته مع المواطنة الكويتية وكذلك الوزير.
وقالت المصادر، إنه تبين من خلال تحقيق النيابة العامة أن المواطنة
التي تدعى (أ.أ)، وشقيقها، ومواطن آخر يدعى (أ.ع) متورطون في غسل
الأموال.
وتبين للمصادر أن المتهمين الثلاثة ليست لديهم وظائف محددة، وإنما
يباشرون أعمالاً حرة، وأن التهم المطروحة حالياً هي غسل أموال فقط.
ونشرت الصحف البحرينية أن الأمن البحريني واجه الوزير بن رجب بصور
التقطها لمؤسسات حيوية في البحرين، وتم إرسالها إلى الحرس الثوري
الإيراني في إشارة إلى تورطه أيضاً بالتجسس.
وذكرت صحيفة البلاد البحرينية، نقلاً عن مصدر مسئول لم تسمه، إن "السلطات
الأمنية البحرينية عرضت على الوزير المتهم بغسل أموال ومدير مكتبه خلال
التحقيق معهما شريحة إلكترونية تحمل صوراً لبعض النقاط العسكرية في
البحرين تم إرسالها إلى جهات أمنية إيرانية".
وأضافت الصحيفة نقلاً عن مصدر مطلع في النيابة العامة قوله، إن "التحقيقات
ستستدعي متورطين جدد في القضية".
وذكر مصدر مطلع لموقع العربية نت، إن هناك توجها من السلطات العليا
في البحرين لاستمرار التحقيق في القضية وذلك بهدف كشف كل الخيوط.
الجزر الإماراتية الثلاث
وعلى صعيد قضية جزر الإمارات الثلاث التي تحتلها إيران، رفض الشيخ
عبد الله بن زايد وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة التراجع
أمام غضب إيران وكرر دعوته لطهران الى انهاء "احتلالها" لثلاث جزر في
الخليج.
ووصفت طهران استخدام الوزير لكلمة "الاحتلال" وتشبيهه الصريح لوضع
الجزر بالاراضي العربية التي تحتلها اسرائيل بأنه "وقاحة" وقالت انها
تأمل أن تكون تصريحاته تعرضت للتحريف.
لكن الشيخ عبد الله الذي زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام
الله بالضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل وصف مجددا سيطرة ايران على
جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى بأنه احتلال وقال انه يعطل
علاقات ايران مع جيرانها العرب.
وقال الشيخ عبد الله في أعقاب اجتماعه مع عباس انه "يأمل من الجانب
الايراني أن ننهي هذا الخلاف بيننا وبين الجانب الايراني بالشكل السلمي
ولكن أيضا بشكل هاديء."
وأضاف "نتأمل من الجانب الايراني أن ينظر الى أن هذه العملية وهذا
الخلاف وهذا الاحتلال ليس فقط معطل لتحسين وتطوير العلاقة الاماراتية
ولكن أيضا معطل للعلاقة العربية الايرانية."
وتابع "لمصلحة الجميع.. مصلحة ايران ومصلحة الدول العربية.. نعتقد
أن هذا الخلاف لا بد ان ينتهي ولا بد ان ينتهي بشكل سلمي وعادل."
وتساند الدول العربية عموما مطالبة الامارات بالجزر الواقعة بالقرب
من طرق الملاحة البحرية المستخدمة لتصدير النفط والغاز.
وكانت وكالة أنباء الامارات نقلت عن الشيخ عبد الله قوله "ان احتلال
أي أرض عربية هو احتلال وليس سوء فهم ولا فرق بين احتلال اسرائيل
للجولان أو لجنوب لبنان أو للضفة الغربية أو غزة فالاحتلال هو الاحتلال
ولا توجد أرض عربية أغلى من أرض عربية اخرى."
من جانبه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية قوله انه يأمل
أن تكون تصريحات الوزير الاماراتي قد حرفت. واضاف "تكرار مثل تلك
التصريحات من المؤكد أن يؤدي الى رد فعل شديد من الشعب الايراني."
وترتبط الامارات وهي حليف للولايات المتحدة بعلاقات تجارية قوية مع
ايران لكن العلاقات الدبلوماسية بينهما شابها التوتر منذ أقامت
الجمهورية الاسلامية مكاتب بحرية في احدى الجزر المتنازع عليها عام
2008.
وكانت ايران سيطرت على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى
الواقعة قرب مضيق هرمز الاستراتيجي بعد رحيل القوات البريطانية من
الخليج في العام 1971.
ورفضت ايران دوما اي حق للامارات في الجزر الثلاث، وكذلك اللجوء الى
التحكيم الدولي كما تطلب الامارات.
الا ان البلدين تربط بينهما علاقات اقتصادية قوية، اذ ان الامارات
هي اكبر شريك تجاري لايران في الخليج.
ويقيم في الامارات نحو 400 الف ايراني.
مناورات الحرس الثوري
وفي سياق متصل كشف الجيش الأمريكي أن طائرة عسكرية إيرانية حلقت فوق
حاملة الطائرات الأمريكيية "أيزنهاور" في مياه المحيط الهندي، وذلك
خلال مهمة حربية كانت الحاملة تقوم بها لتقديم غطاء جوي للفرق العسكرية
التابعة لواشنطن في العراق وأفغانستان.
وقال مسؤولون في الجيش الأمريكي مشترطين عدم ذكر أسمائهم، إن القضية
حساسة للغاية ويندر الإعلان عنها باعتبار أنها تتضمن احتكاكاً عسكرياً
مع الجانب الإيراني، مشيرين إلى أن الحادث وقع على مسافة تتجاوز 50
ميلاً عن الشواطئ الإيرانية.
ورفض المسؤولون الرد على سؤال حول ما إذا كانت هذه الحادثة هي
الأولى من نوعها في المحيط الهندي، لكنهم قالوا إن حوادث مماثلة سبق أن
وقعت في مضيق هرمز بمياه الخليج.
ورجح المسؤولون أن تكون الطائرة الإيرانية في مهمة استطلاعية،
مؤكدين أنها لم تبد مظاهر عدائية تجاه السفينة الأمريكية، خاصة وأن "أيزنهاور"
كانت في مياه دولية.
ولكن أحد المسؤولين الذين تحدثوا عن الواقعة قالوا إن الطائرة حلقت
فوق الحاملة لأكثر من مرة، ويعتقد أنها قامت بتصويرها من الجو، مرجحاً
أن تكون طهران قد قامت بهذه الخطوة لإظهار قدراتها الجوية للجانب
الأمريكي.
وتابع المسؤول بأن الطائرة كانت تحت الرقابة خلال تحليقها، وأضاف أن
قيادة الجيش الأمريكي تتابع هذه الحوادث باهتمام، مضيفاً أن تحليق
الطائرة جرى قبل فترة وجيزة من انطلاق مناورات "الرسول الأعظم"
الإيرانية. بحسب شبكة السي. ان. ان.
يذكر أن المناورات الإيرانية الأخيرة كانت قد شهدت تجربة طهران
لمجموعة من أنظمة الصواريخ الجديدة، كما تخللها اعتراض البحرية
الإيرانية لسفينة إيطالية وأخرى فرنسية وتفتيشهما.
وكانت طهران قد هددت بضرب الأهداف الغريبة في مياه الخليج إن تعرضت
لهجوم بسبب النزاع حول ملفها النووي، وقال وزير الدفاع وإسناد القوات
المسلحة الإيراني، العميد أحمد وحيدي، بأن الأساطيل البحرية الغربية في
مياه الخليج ستكون "أفضل أهداف" الجيش الإيراني.
وكان عام 2008 قد شهد أكثر من حادث بين البحريتين، بينها ما جرى في
يناير/كانون الثاني من ذلك العام، مع إعلان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"
عن تحرش زوارق الإيرانية وتهديد سفن البحرية الأمريكية.
وبحسب الرواية الأمريكية فإن خمسة زوارق إيرانية اقتربت من ثلاث سفن
تابعة للبحرية الأمريكية عند مضيق "هرمز"، ولكنها سارعت بالابتعاد
بعدما صوبت السفن الأمريكية مدافعها نحوها.
وفي أبريل/نيسان من ذلك العام، أعلنت البحرية الأمريكية أن سفينة
حربية تابعة لها احتكت بثلاث زوارق إيرانية سريعة في مياه الخليج خارج
المياه الإقليمية الإيرانية حيث اقترب أحد الزوارق إلى مسافة 180 متراً
من السفينة الأمريكية مما دفعها إلى إطلاق إشارة ضوئية تحذيرية.
وقالت البحرية إن قادة السفينة التي تحمل اسم "يو أس أس تايفون"
أجروا اتصالاً من على ظهرها مع قادة اثنين من الزوارق الإيرانية الأمر
الذي دفعهما إلى مغادرة المنطقة، غير أن الزورق الثالث واصل تقدمه
مقترباً من السفينة الأمريكية بأسلوب "استفزازي." |