جسد بلا فكر

ريم علي الحاجي محمد

مازالت قضية المطالبة بحقوق المرأة تشغل بال الكثيرين وقد اختلفت الآراء في هذا الموضوع فمنهم من يرى أن وجود المرأة في أي مكان هو مدعاة للفساد و الانحلال وبناءا على ذلك يوصون بالتشديد والتضييق عليها.

وآخرون يرون أن المرأة استوفت حقوقها كاملة فهي الآن الزوجة والمعلمة والمربية والممرضة والطبيبة وأستاذة الجامعة والمديرة والعديد من المجالات التي يمكن للمرأة الالتحاق بها في بلادنا، كما أن لها حرية الخروج من المنزل فالسائق تحت إمرتها متى شاءت ذلك.

أما البعض يرى أن المرأة لا تجيد غير الطبخ والتنظيف وإنجاب الأطفال وتربيتهم، أما في مجال العمل فهي غير مجدية أبدا.

ويتضح هذا في تعليقات بعض الرجال حين تكون المرأة في منصب وظيفي معين كأن يقول أحدهم (بما أن الحكاية فيها أنثى أعلم أن العمل ضاع) والآخر يستنكر أن تكون رئيسته أنثى بقوله (أنا حرمة تمشي كلامها علي)، وكأن هذه الأنثى (الحرمة كما يقولون) كائن لا عقل له.

في حين يرى الغرب أن حجاب المرأة هو السبب وراء تخلفها – حسب ما يزعمون – وكأن هذا الحجاب حجب قدرة المرأة على التفكير والعمل.

كثر الكلام هنا وهناك وضاعت الحقوق مابين مطالب ورافض، والمطلب هو سن القوانين للحفاظ على حقوق المرأة الاقتصادية والسياسية وحمايتها من العنف الأسري.

أتساءل هنا هل نحتاج لقوانين تحفظ للمرأة حقها مع أن الدين الإسلامي حفظ للمرأة حقوقها كاملة، أم أننا بحاجة إلى وعي شامل لماهية الحقوق والواجبات بالإضافة إلى الوعي بأهمية المرأة وأن المسألة ليست مطالبات بحقوق اقتصادية وسياسية تفرض من الدولة لكي يطبقها الجميع.

لم نحن في حاجة إلى فرض القوانين لكي نتبعها، قد يكون ذلك لعدم إيماننا من الداخل بمدى أحقية المرأة ومدى أهميتها.

مشكلة المرأة في مجتمعنا تكمن في النظرة الدونية لها من قبل النصف الآخر للمجتمع (الرجل) فهي في وجهة نظره لا تعدو كونها تابعة له فهي إما أمه أو أخته أو زوجته أو ابنته وبالتالي فأن عليها إتباعه في كل الأمور.

يعامل الرجل المراة وكأنها قاصر مهما بلغت من العمر فهو من يجيز لها ممارسة حقوقها (إكمال دراسة – وظيفة -...إلخ).

حتى أثناء المطالبات بالحقوق فالرجل نفسه هو من يطالب بها (مع أنه نفسه من منعها) ومن باب أولى أن تترك المرأة لتطالب بحقوقها بنفسها لأنها مثلها تماما مثل الرجل جسد وروح وفكر فكما يوجد في الرجال مبدعين ومفكرين يوجد لدى النساء أيضا مفكرات ومبدعات وصانعات قرار.

لكنه يتعامل معها على أنها جسد مجرد من الروح والفكر غير قادر على التفكير وتدبر الأمور وبالتالي فهي مجرد جسد للاستمتاع. أما الأمور الفكرية فهو فقط من يجيدها وبالتالي يقوم بتسييرها من خلال تبعيتها له.

حقوق المرأة ليست كما يصفها بعضهم أو بعضهن في قيادة المرأة للسيارة أو الخروج من دون إذن الرجل أو السفر بدون محرم، فهذه الأشياء كلها كماليات يمكن الحصول عليها ببساطة في حال تغيرت نظرة الرجل الدونية للمرأة من أنها جسد بلا فكر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/أيار/2010 - 21/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م