ماذا يمثل حزب البعث العربي الإشتراكي في العراق؟
وكيف ينظر أجيال الإضطهاد البعثي للعراقيين لمسألة وجود البعث
والبعثيين، ولسياستهم وفكرهم وفلسفتهم (كذا!!)؟..
وهل عمل البعثيون في العراق، وقد أمسكوا بكل البلد بلا شريك ولا
منازع، وفقاً لفكر أو فلسفة أو قيم ومثل محترمة، أم أنهم كانوا زمرة
وحشية وعصابة منفلتة ؛ ما إن سيطرت على زمام الأمور وإمتلكت أسباب
القوة حتى وزعتها ـ بكرم نعترف به ! ـ على الشيعي لمخالفته بالمذهب
الديني، والكردي لمخالفته بالقومية، واليساري لمخالفته بالقناعة
السياسية... حتى صيّرت العراق زنزانة رعب، وغرفة عذاب مر مهول، فهرب من
البلد قرابة ربع عدد سكانه، وفي مقدمتهم نخبه الأدبية والسياسية
والإجتماعية والدينية؟..
يقول السيد شاكر النابلسي، الكاتب العربي، في مقالته المنشورة في
صحيفة الأمة العراقية بالعدد (531، الأحد: 7 شباط 2010) تحت عنوان: (العراق:
من اللاهوت السياسي إلى الفلسفة السياسية) ؛ يقول: (أن حزب البعث ـ كما
هو معروف لدى العامة والخاصة ـ من أكبر الأحزاب القومية العربية، ومن
أكثرها فكراً وفلسفة سياسية. كما أنه يضم ـ وما زال ـ الصفوة والنخبة
الفكرية والسياسية في العراق والعالم العربي).
ولا يعنيني الكلام عن العالم العربي، ولكن دعواه بما يخص العراق
فيها تكلف وتعسف مستغرب صدوره من مثله !!
وما ذاك إلاّ لأن العرب ـ ومنهم السيد النابلسي ـ لا يعرفون عن
العراق إلاّ ما عرّفهم إياه البعث وماكنته الإعلامية / الأمنية التي
ضربت حول العراق طوقاً محكماً فحولته ـ طيلة عقود ـ إلى (دولة المنظمة
السرية ـ كما يعبر البعثي السابق العراقي حسن العلوي)..
واكتفى العرب بذاك المقدار منذ ذلك الحين، ومنهم الكثير ممن لا
يعنيهم حقيقة الوضع في العراق ما دامت بعض الأمور مرتبة وسائرة كما
يريدون، والتفاصيل كثيرة تخرجنا عن سياق ما نريد قوله هنا، ولها محلها
المناسب..
ولكن أن يكتفي داعية علمانية ناشط كشاكر النابلسي بما رسب في ذهنه
من شوائب الدعاية البعثية ليقييم العراق والعراقيين ؛ بل نخبهم، فهذا
أمر غريب ومستهجن، وهو مسؤول عنه أمام محكمة الفكر الحر المحترم التي
يفترض إنتماؤه إليها !!
فأي نخبة سياسية، وأي صفوة فكرية تلك التي يمثلها البعثيون
العراقيون:
1- وفي العراق هامات شامخة أدباً وفكراً وسياسة ومبادئاً وفلسفةً،
ليس للبعث فيها ذكر إلاّ السوء، وما الجواهري، والوردي، والطاهر،
والعلوي، والصدر، وآل الشبيبي، وغيرهم إلاّ نماذج على ذلك...
2- وما قيمة ثرثرة فارغة لشبلي العيسمي وإلياس فرح وأمثالهما أمام
أنموذج واحد يساري، ولا أجدني محتاجاً لأكثر النماذج، من مثل المفكر
الكبير هادي العلوي ؟!! وأنموذج واحد ديني من مثل السيد محمد باقر
الصدر ؟!!
3- وحتى متى يبقى العرب غرباء عن الواقع العراقي الحقيقي، يجترون
رواسب ذاكرتهم المقولبة إنتكاساً، وها هو عراق اليوم مفتوح الآفاق
والأبواب للباحث الجاد المحترم الذي يريد أن يعرف، ولا يكتفي بكتابة
المقالات مقابل ثمن ما.
للأمة العراقية، وأقول مشدداً: للأمة العراقية فرصة كبيرة وسانحة
للنهضة ؛ نهضة حضارية فريدة، ستمثل أمثولة للبشرية جمعاء، وستكون
حقيقية بإذن الله، ونحن بذلك مؤمنين..
ولنا عودة مع موقفنا من البعثيين: قانونياً، وإجتماعياً، وسياسياً،
في مقال آخر متصل..
* العراق
asaadhillawy@yahoo.com |