الظروف وحدها لا تجعلنا سعداء بل طريقة تفاعلنا معها

كيفية مواجهة المشكلات الاجتماعية والنفسية

عبد الكريم العامري/ باحث اجتماعي

 

شبكة النبأ: المشكلات كثيرة، لكن عليك أن تعرف بأن هناك خطوات ناجحة تمنحك الثقة، توصلك للوقاية أو العلاج. عليك أن تعرف: إن لكل علة تحت الشمس يوجد علاج أو لا يوجد. إن كان يوجد (حاول) أن تجده، وإن لم يكن موجودا (لا تهتم به) ثم قل لنفسك: ما لا يمكن علاجه ينبغي احتماله، قم بواجبك ودع الأمور تجري.

من المشكلات النفسية الكثيرة، الشعور بالخجل. ان زمن الخجل أو معدل عمره الزمني في أطول حالاته عند مواجهة ما، ثلاث ثواني أي أن تعد واحد..اثنين..ثلاثة. ستجد الله سبحانه لن يتخلى عنك، بدلالة المثل الشعبي (اللي ماله أب له رب).

الخطوات الأكثر مساعدة لمواجهة المشكلات هي: دوّن المشكلة على ورقة، انظر إليها كأنما هي مطروحة عليك من شخص آخر وأنت تبدي رأيك البطولي فيها. اسأل نفسك:

1ـ أسوأ ما يمكن أن يحصل إذا لم أستطع حل مشكلتي؟

2ـ تقبّل الوضع.

3ـ روّض نفسك على تقبّل الاحتمال الأسوأ، ثم حسّنه.

4ـ أصبح واجبك الأول والأخير أن لا تنظر إلى ما يقع بعيدا في الظلام، بل إلى ما هو قريب وواضح.

من المشكلات والمعاناة الأخرى التي تحفر أخدودا في حياتنا اليومية (التوقّع) أو قراءة المستقبل. إن عبء الغد الذي يضاف إلى الأمس، الذي نتحمله اليوم، سيؤدي بك إلى الانهيار، مثل برج التجارة العالمي. لذلك لا تجعل لنفسك (غد) يسيطر على فكرك بل فقط (اليوم). اليوم هو حياة جديدة بالنسبة للعاقل، هو كل ما تملكه من ماضي وحاضر ومستقبل. خبز اليوم هو الخبز الوحيد الذي ستأكل منه رغيف إن استطعت.

ان ثلاثة أرباع المستشفيات مملوءة بمرضى النفس الناتجة عن التوقعات الخاطئة. يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال في المستشفيات، العيادات الخاصة، المشعوذين، الفضائيات..إلى حد الهوس، لكن المشكلة مرض واحد:

1ـ انهم ينظرون إلى الغد قبل اليوم.

2ـ ثم يبدأ التوجيه الخاطئ للخيال.

3ـ بعدها يتم اتخاذ القرار قبل (المعرفة).

هذا أغلى خطأ تبقى تسدد مصاريفه من عقلك وأعصابك ومالك. كن مثل القاضي لا يتخذ القرار قبل أن:

1ـ يجمع المعلومات.

2ـ مواجهة الشاكي والمشتكى عليه.

3ـ الاستماع الى الشهود العدول.

ان المشكلة المدوّنة بوضوح هي في منتصف الطريق إلى الحل. إقترح على نفسك ما هي الحلول ثم ابدأ بتنفيذ أهما. من الناس من يجعل نفسه محصورا داخل ملزمة أو كتاب ..لا، عليك أن تكوّن عادات وتقاليد جديدة، اشغِل وقتك حتى تنهار الأعصاب، يسترخي الجسد لتصبح في مأمن من التفاكير الخاطئة الموجودة في المساحات الفارغة في ذهنك حيث تسبح وتتضخم.. بحيث يعمل عقلك كالمحرك الذي يعمل من دون حمولة أو مسير، فهو يحرق محتوياته.

عندما يشعر الإنسان بالإرهاق الشديد ينام وسط الملحمة، الرعد، الرعب، خطر الحرب. اشغل نفسك لكي لا يتاح لك وقت لرفاهية التفكير وتظل (حسبه تجيبني وحسبه توديني). ان أقوى الخطوات في خطوة واحدة تكفي، هي (القبول بما حدث أو سيحدث). هي الخطوة الكبيرة تجاه مغادرة المشكلة والتغلب على نتائجها. ان الظروف وحدها لا تجعلنا سعداء أو تعساء بل طريقة تفاعلنا معها هي التي تحدد مشاعرنا، بدليل لا توجد بقرة على سطح الأرض مصابة بالصرع أو الكآبة لاحتراق المرعى أو قلة الماء أو تغار من مالكها الذي يهتم بغيرها، لا تصاب بالانهيار العصبي أو قرحة المعدة.

هل تنحني أمام كل العثرات؟ كلا، طالما هناك فرصة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أوضاعنا، نظل نقاوم ونتحدى. لكن عندما يخبرنا المنطق إننا نحارب شيئا لا يمكن تغييره.. فلا تنظر إلى ما قبله وبعده وتبحث عن شيء غير موجود.

من العواقب غير المحمودة التي تنتج مشكلات نفسية هي التفكير الزائد بما نفقده والتراجيديات العظمى في مسرح حياتنا، التي لم يسدل الستار عليها بعد.

اننا نستطيع إبادة خمسين بالمائة 50% من مشكلاتنا في مواجهتها، وعدم التخبط في رثاء الذات. بل إن إحدى الميزات الإنسانية المدهشة هي القدرة على تحويل الطرح إلى جمع. لنفترض اننا تراجعنا وشعرنا بأن لا أمل لقدرتنا أن تحول الطرح إلى جمع.. إلا أن هناك سببان للمحاولة يفتحان لنا المجال: فأما نكسب كل شيء، واما لا نكسب ولا نخسر شيئا. إن مجرد المحاولة تدفعنا إلى الأمام بدلا من التوقف أو التراجع إلى الخلف.

مثلا في المشكلات الزوجية، إذا اعتبرنا الزواج الخطأ المشترك الأول الذي يقسم على اثنين: من المؤكد إن لزوجك أخطاء لأنه لو كان قديسا راهبا لما تزوجك. لزوجتك أخطاء أيضا، إذ لو كانت قديسة راهبة لما تزوجتك. أنتم من يجب أن يلام وسبب مصيركم المفجع، لأن الإنسان لن يأمل أن يكون على حق أكثر من مرتين من أصل خمسة لكوننا غير معصومين.

يقف (البدوي) مثل التمثال أمام أصعب المواجهات وأشرسها يقول (هذا مكتوب) ثم يتوكل على الله.

لذلك؛ هناك سؤال مهم جدا، ما الذي يجب أن تبحث عنه في ذهن صاحب المشكلة؟. الفقرة الأولى، تجد كثافة الأشياء والمشكلات التي يجب إنجازها. يتوجب هنا تنفيذ الأشياء المهمة. ان مواجهة مشكلة واحدة في وقت واحد أفضل من التخبط.

الفقرة الثانية، ستجد كمية العمل الذي تقوم به لا تتعبك بقدر كمية العمل الذي تؤجله.

تذكر ثم تذكر، لقد وقفت أمس، تقف اليوم، إذن تستطيع الوقوف غدا. يجب أن تتعلم من جامعة الصدمات الكبرى فلسفة أن لا تستعير المتاعب من مكتبة القلق، لا تنتظر من الناس خيرا. ان مثلك الكثير، الكثير الآخر أنت أفضل منهم. تخلى عن فكرة تغيير العالم لغيرك، الوحيد الذي بحاجة إلى التغيير هو عدسة كاميرا عقلك، عليك أن (تتمدد على قدر غطاك)، معتبرا قول الإمام علي عليه السلام حكمتك: (الدهر يومان يوم لك ويوم عليك)، وقوله عليه السلام: (الصبر صبران، صبر على ما تحب وصبر على ما تكره).

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/أيار/2010 - 19/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م