النجفيون يتحسبون لعواصف ترابية غير مسبوقة وصيف قاسِ

 

شبكة النبأ: تتواصل العواصف الترابية التي تتزامن أحيانا مع زخات من المطر في محافظة النجف في ظاهرة غير معهودة أعادها سكان المدينة ومختصون في البيئة إلى سنوات الجفاف التي قللت من مساحة المناطق المزروعة، وسط توقعات بتسجيل درجات الحرارة معدلات أعلى في صيف هذا العام مقارنة بالمعدلات الطبيعية.

وقال شهود عيان ان “العواصف الترابية وزوابع الأمطار تتواصل في مناطق المحافظة في ظاهرة لم يعتدها الأهالي منذ عقود من الزمن.

وذكر محمد الخاقاني (82 عاما) ان “المدينة شهدت هذا العام عواصف ترابية وزوابع من الأمطار لم تألفها خلال العقود الخمس الماضية، حيث شهدت عواصف ترابية مستمرة وندر خلال اسابيع ان ترى يوما صحوا”، مبينا ان “المدينة كانت تشهد خلال موسم الربيع والخريف عاصفة ترابية واحدة أو اثنتين تعقبها أمطار غزيرة تغسل غبار العاصفة الحمراء التي تصطبغ بها المدينة”.

وأشار الخاقاني الى ان “أهالي المدينة الأصليين تحسبوا لهذه العواصف الترابية، حينما صمموا منازلهم قبل أكثر من 100 عام، فبنوها بعدة طوابق من السراديب (غرف يتم حفرها تحت بناء المنزل تكون درجة الحرارة فيها معتدلة ويحتمي بها الأهالي خلال الصيف) تصل أعماقها من ستة أمتار إلى أكثر من 25 مترا”، مستدركا ان تلك السراديب تكون باردة جدا في الصيف ودافئة في الشتاء.

وزاد الخاقاني ان “العوائل الفقيرة تحفر سراديب بعمق ستة أمتار وتطلق عليها تسمية السرداب الأرضي، فيما يحفر اللأغنياء سراديب أعمق تسمى بالسن والتي تصل اعماق الواحدة منها الى 25 مترا، ويتفنن البناءون بزخرفتها بالنقوش”، لافتا الى ان “اغلب السراديب تقع الى جانب البئر الذي كان يستخدمه النجفيون في منازلهم للشرب والاستحمام لعدم وجود مياه الإسالة، فضلا عن ابتعاد المدينة عن نهر الفرات بمسافة 10 كم، للاستفادة من الهواء الرطب الداخل عبر البئر الى السرداب”. بحسب وكالة اصوات العراق.

من جانبه، عزا مدير الأنواء الجوية في محافظة النجف كريم الاسدي، أسباب العواصف الترابية المتواصلة على المدينة الى “زيادة الرقعة الصحراوية للعراق لقلة الأمطار في المواسم السابقة، وانحسار المناطق الزراعية خاصة مع انخفاض منسوبي مياه نهري دجلة والفرات الى حد لم تصل إليه سابقا بسبب سياسات الدول المجاورة فضلا عن زيادة رقعة الأوزون ومشكلة الجفاف العالمي”.

وأضاف الاسدي لوكالة أصوات العراق سببا آخر وراء موجة العواصف المستمرة، وهو “وقوع النجف على أطراف الصحراء الغربية ما يجعلها تتأثر بهذه العواصف المتكررة”، متوقعا “ارتفاع أكثر في درجات الحرارة خلال الصيف الحالي عن السنيين السابقة”.

وبخصوص الحلول الناجعة لتخفيف تأثير العواصف الترابية على المدينة أشار الى “أهمية إنشاء أحزمة خضراء بطول 20 كم وعرض 2 كم، تبعد عن المدينة مسافة 40 كم”، مستدركا “هذه الأحزمة لها مردودات اقتصادية وسياحية لإنتاج الخشب واستخدامها كمتنزهات للمواطنين فضلا تصديها للعواصف الترابية وتلطيف أجواء النجف بزيادة نسبة الأوكسجين”.

وشدد مدير الأنواء الجوية على ضرورة “إيجاد خبراء مختصين بالبيئة والأرصاد الجوي والبلدية لإنجاح مشروع الحزام الأخضر حول المدينة لاسيما انها مقبلة على مشاريع استثمارية واعدة”.

وعن مدى تأثير العواصف الترابية على الرحلات الجوية لمطار النجف، قال مدير الأنواء الجوية ان “تأثيرها مباشر على الرحلات الجوية القادمة الى النجف”.

وعبر الأسدي عن استغرابه لافتقار المطار لدائرة خاصة بالأنواء الجوية، مطالبا المعنيين في المحافظة ووزارة النقل وإدارة المطار الانتباه الى “أهمية وجود الدائرة المعنية بالأنواء الجوية في المطار”، واصفا خلو المطار منها بـ “الكارثة”، حسب تعبيره.

وشكا الأسدي من “إهمال الدوائر المعنية لدائرته على الرغم من وجود المطار الدولي واختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2012 وتوافد آلاف الزوار إليها يوميا من مختلف دول العالم”، مبينا أن “الدائرة مازالت تعتمد في عملها على أجهزة عمرها 30 عاما والكثير منها تالفة ولا تصلح للرصد الجوي”، لافتا الى “حجم المشاريع الاستثمارية الكبيرة المقبلة على المحافظة والتي تحتاج الى معلومات دقيقة عن الرصد الزلزالي والجوي في المحافظة”.

من جهته، وصف المواطن عباس كريم معلة (78 عاما) والذي يعمل مزارعا في ناحية الحيدرية (45 كم شمال مركز المدينة) ما يحدث من عواصف ترابية متوالية بانه مشهد لم يره في حياته، وقال “طوال حياتي لم اعهد مثل هذه الأجواء السيئة التي حالت دون تشجيعنا على حراثة الارض وزراعتها بالمحاصيل التي نقتات عليها”. وعلل معلة اسباب العواصف الرملية والترابية الى“عدم سقوط الامطار في البادية الغربية المطلة على المحافظة منذ اكثر من 10 اعوام”.

وذكر معلة انه “قبل نحو 30 عاما استمر سقوط الامطار في بادية النجف اكثر من 10 ايام، وادت الى جريان المياه في الوديان لتجرف معها ابل واغنام البدو الرحل، فضلا عن سياراتهم الكبيرة”، مستدركا ان “الامطار الغزيرة تثبت الكثبان الرملية المتنقلة وتحد من تحركها”.

من جانبه، أشار مدير اعلام صحة النجف الى “زيادة نسبة اعداد المراجعين لمستشفيات المحافظة بسبب العواصف الترابية بـ 20% عن العام السابق”. وأضاف سالم نعمة ان “اغلب المصابين يتلقون العلاج ويخرجون من المستشفيات سريعا”.

وأشار نعمة الى حصول مضاعفات لدى المصابين بامراض الحساسية لدى هبوب العواصف الترابية “جراء استنشاقهم الرياح الحاملة للطلع وثمار الأشجار وروائحها التي يتأثر بها المصابون بالحساسية فضلا عن المصابين بامراض الربو والقلب”.

وطالب نعمة من المصابين بمرضى الربو وحساسية الجهاز التنفسي الى “عدم التعرض للرياح المغبرة والبقاء في المنازل، ولبس الكمامات الوقائية أثناء الخروج من المنزل”، مشيرا إلى ان “ذرات الغبار يعمل على تهييج الجهاز التنفسي ما يتسبب في حساسية الأنف”.

وبين مدير اعلام صحة النجف أن “المستشفيات والمراكز الصحية في المحافظة أخذت جميع احتياطاتها لاستقبال الحالات الطارئة لمرضى الجهاز التنفسي سواء الكبار في السن أو الصغار جراء موجة الغبار التي تشهدها المحافظة بين الفينة والاخرى”.

بدوره لفت، مهندس الاتصالات ناجي العلي الى “تاثير العواصف الترابية على اجهزة الاستقبال والحاسبات وتعطيلها في بعض الاحيان، لاسيما خلال العواصف الترابية والرملية  الشديدة”.

وطالب العلي من المواطنين الذي يملكون اجهزة الحاسبات بـ “غلق نوافذ الغرف التي توضع فيها الاجهزة الالكترونية الحساسة، فضلا عن عدم تشغيلها قدر الامكان اثناء العواصف الترابية”.

ولاحظ مراسل وكالة أصوات العراق في المحافظة تعرض المدينة خلال فصل الشتاء والربيع الحالي للعديد من العواصف الترابية شبه اليومية، والتي أثرت سلبا على مجمل النشاطات الاقتصادية والسياحية، حيث يتفاجأ المواطنون بالعواصف الترابية دون سابق انذار وتضطرهم الى التزام دورهم واغلاق محالهم، كما وتؤثر على المحاصيل الزراعية الموسمية.

وتتسبب هذه الرياح المحملة بالغبار والأتربة في تدني مستوى الرؤية الأفقي رغم أنها تساعد في خفض الحرارة  خلال النهار، وقد دفع تكررها الى انتشار ظاهرة لبس الكمامات الواقية من قبل اهالي المدينة بعدما كانت محصورة بالافواج السياحية الاجنبية.

وأدت العواصف الاخيرة الى غلق مطار النجف لعدة مرات بوجه الرحلات الجوية التي تحمل مئات المسافرين القادمين من دول العالم لزيارة الأماكن المقدسة في العراق، وهو ما يلحق اضرار اقتصادية مؤثرة بالمدينة. وتقع مدينة النجف, مركز المحافظة, على مسافة 160 كم جنوب العاصمة بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/أيار/2010 - 18/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م