فوضى باكستان ومثلث عسكر طيبة وطالبان والقبائل

 

شبكة النبأ: يقول مسؤولو أمن انه من المستبعد أن تُقدِم باكستان قريبا على أي تحرك ضد جماعة عسكر طيبة لان ذلك قد يدفع الجماعة الى تحالف خطير مع حركة طالبان الباكستانية وجماعات أخرى مرتبطة بالقاعدة.

وتلك مشكلة للهند التي تعتقد أن عسكر طيبة لا تدير فقط عملياتها المعقدة مثل الهجوم على مومباي في عام 2008 وانما تشجع أيضا الان المسلمين الهنود الساخطين في صفوف جماعة "المجاهدين الهندية" على شن تفجيرات صغيرة في المدن الهندية.

ويقول مسؤولو أمن باكستانيون ان البلاد في حاجة لان تركز أولا على دحر مقاتلي طالبان الباكستانية في مناطقهم القبلية على الحدود الافعانية بدلا من فتح جبهة جديدة في اقليم البنجاب في قلب باكستان حيث يتمركز عسكر طيبة. وتساءل مسؤول أمني "اذا كنتم غارقين حتى اذانكم في المناطق القبلية.. هل تحبون فتح جبهة أخرى."بحسب فرانس برس.

وخلافا لجماعات متشددة أخرى تحرص عسكر طيبة على تجنب شن هجمات داخل باكستان وتركز على الهند وعلى الجزء من اقليم كشمير الذي تسيطر عليه الهند وعليه تركت الجماعة لحالها الى حد كبير.

قال رفعت حسين الذي يرأس قسم الدراسات العسكرية والاستراتيجية في جامعة القائد الاعظم في اسلام اباد "لا تزال عسكر طيبة تعمل في باكستان متمتعة تقريبا بحصانة."

ويقدر أن عسكر طيبة التي كانت تلقى تشجيعا ودعما من المخابرات الباكستانية لمحاربة الهند في كشمير لديها ما بين ألفين وثلاثة الاف مسلح و20 ألفا اخرون من الاتباع المدربين على القتال والذين يمكن حشدهم ضد حملة تستهدف الجماعة.

وفي النهاية فان عسكر طيبة قد تصبح تهديدا أمنيا كبيرا على الغرب اذ يلقى الجناح الخيري للجماعة دعما واسعا وتمويلا من الباكستانيين في الخارج وقد تهدد باكستان نفسها اذا قررت أن تسعى لفرض ارائها الاسلامية في أرجاء البلاد. لكن مسؤولي الامن الباكستانيين يرون أن النجاح في معركتهم ضد المتشددين يعتمد على قدرتهم على عزل العدو.

ويحذر مسؤول أمني قائلا "لا تقدموا على شيء يوحد المخاطر كلها." ومضى يتساءل "اذا فتحنا جبهة أخرى ضد عسكر طيبة في وسط البنجاب فماذا سيحدث.. أي تأييد سياسي سيكون هناك.. ما هي قدرتكم.. واذا فعلتم ذلك فهل ستتغلبون على المتشددين أم سيتغلب المتشددون."

وبدلا من ذلك تفضل باكستان كما تفعل منظمات المتشددين الاخرى المتمركزة في البنجاب أن تراقب أنشطة عسكر طيبة عن كثب بدلا من الاقدام على تحرك يدفعها الى العمل السري ويؤدي الى ظهور جماعات منشقة قد يتبين أنها أكثر خطورة.

وقال مسؤول أمني اخر "نعرف من يكون هؤلاء ونحاول أن نراقبهم... لا يوجد دعم رسمي."ومع هذا يقول اخرون انه من الملائم لباكستان أن تبقي على جماعة يمكن أن تستخدمها ضد الهند في حالة الحرب أو كما يقول البعض انه نوع من الرد على ما ترى أنه تأييد هندي للانفصاليين في اقليم بلوخستان.

ويتساءل مسؤولو أمن ومحللون هنود عما اذا كانت باكستان ستلاحق حقا عسكر طيبة بغض النظر عن التوقيت بالنظر الى ما يرون أنه علاقات وثيقة مع المؤسسة الامنية الباكستانية.

ويقول محللون انه بعد هدنة قصيرة في أعقاب هجوم مومباي عادت عسكر طيبة لتستخدم من جديد جماعة المجاهدين الهندية وهي منظمة يقولون انه جرت رعايتها لسنوات في موجة جديدة من الهجمات الصغيرة في المناطق الحضرية في الهند في الاشهر الاخيرة.

قال برافين سوامي وهو صحفي هندي أجرى بحوثا موسعة على الجماعتين " التفجيرات التي وقعت مؤخرا في بنجالور ومن قبل في بيون أثارت مخاوف على ما يبدو من أن عسكر طيبة تسهل اعادة تنظيم المجاهدين الهندية."وقد يثبت أن هذا عقبة أمام استئناف المحادثات بين الهند وباكستان التي انهارت بعد هجوم مومباي.

وقال سوامي "اذا كنا سنرى هجمات تتصاعد بالقنابل يسبق دورة ألعاب الكومنولث (التي ستقام في دلهي في أكتوبر) فمن الواضح أنه ستثور مشكلة حتى لو كان حجم الهجمات لا يؤدي بذاته الى أزمة هندية باكستانية."

وأطلق بعض المحللين على هذه الحملة اسم "مشروع كراتشي" في اشارة الى المدينة الباكستانية التي يقولون ان المسلمين الهنود الساخطين يرسلون اليها لتلقي تدريبات.

وكتب المحلل الهندي أنيمش رول في نشرة مركز محاربة الارهاب بالاكاديمية العسكرية الامريكية في وست بوينت "هدف المشروع هو نشر مسلمين هنود لشن هجمات في الهند باستخدام مواد التفجير المتاحة محليا كي لا يمكن نسبة هذه الهجمات الى باكستان."

ويقول مسؤولون باكستانيون ان الهند تنحي باللائمة على باكستان في " الارهاب المحلي" الذي أشعله الغضب من العنف الطائفي الذي كان غالبية ضحاياه من المسلمين الهنود. وعلى سبيل المثال لاقى بضعة الاف من مسلمي الهند حتفهم في عام 2002 في أعمال شغب في ولاية جوجارات.

كما يرى محللون في الدولتين انها تجيء في سياق حملة دعائية تحاول كل من الهند وباكستان من خلالها اثبات أن الدولة الاخرى هي السبب الرئيسي للمشكلات في المنطقة.

ويعتقد أن لعسكر طيبة علاوة على الاشتباه في دعمها لجماعة المجاهدين الهندية جماعات من المقاتلين في اقليمي كونار ونورستان في أفغانستان حيث تلقت القوات الامريكية ضربات موجعة من جماعات متشددة مختلفة تعمل معا.

وقال ستيفن تانكل وهو باحث أمريكي يعد كتابا عن عسكر طيبة ان للجماعة تاريخ من التورط في كونار وأدارت لسنوات هناك معسكرات لتدريب مقاتلين في كشمير.

وقال "ان مسألة ما اذا كانت عسكر طيبة تدير عمليات خاصة لها هناك موضع شك." ولكنه استطرد قائلا ان أعضاء الجماعة "يشاركون في التدريب والتجنيد والدعم اللوجستي والقتال الى جانب عمليات مسلحة أخرى في كونار وحولها."والجماعة مرتبطة أيضا بتنظيم القاعدة ويقول محللون هنود ان لها صلة بهجوم في فبراير شباط استهدف المصالح الهندية في كابول.

وادي سوات يعلق الأمل على الشرطة الأهلية

تستعرض قوة الشرطة الاهلية في وادي سوات مهاراتها في الفنون القتالية في حفل للتخرج وسط تصفيق مسؤولي المنطقة الذين تتصدر أسماؤهم قائمة الاغتيالات لحركة طالبان.

وأثناء المراسم عرض مدفع مضاد للطائرات استولت طالبان عليه ثم استعاده الجيش الباكستاني وخنجر ثقيل كان يستخدم في قطع الرؤوس في تذكير مفجع لما كان المتشددون قادرين عليه وقت سيطرتهم على هذا الوادي الواقع في منطقة ريفية الى الشمال الغربي من اسلام اباد.

كان تجنيد سكان وادي سوات ضمن قوة شرطة أهلية مثل هؤلاء الخريجين هدفا رئيسيا للسلطات المحلية والجيش الباكستاني اللذين تعهدا بالحيلولة دون عودة طالبان المدعومة من تنظيم القاعدة للمنطقة. ويتولى الخريجون مهمة دعم قوات الشرطة والجيش هناك. وشن الجيش الباكستاني هجوما كبيرا في وادي سوات قبل عام بعد انهيار اتفاق سلام مع مقاتلي طالبان.

واتسم الوضع في سوات بالهدوء في أغلب الاحيان منذ انحسار القتال. لكن التفجيرات الانتحارية التي تقع من حين الى اخر في وادي سوات والتفجيرات الاكثر تكرارا في مدن وبلدات باكستانية أخرى اثارت مخاوف من احتمال أن يكون المتشددون قد تمكنوا من اعادة تنظيم صفوفهم.

ويقول مسؤولون بالشرطة ان عدد أفراد الشرطة الاهلية في سوات الذين يطلق عليهم اسم الشرطة الخاصة يبلغ نحو 3200 ومن المتوقع أن يزيد.

وقال أمير حيدر خان هوتي رئيس الوزراء في الاقليم الحدودي الشمالي الغربي لرويترز خلال حفل التخرج بينما كان أحد الخريجين يدافع عن نفسه مستعينا بالكاراتيه "أنا منبهر... هذا جزء مهم للغاية لتحسين الامن."بحسب رويترز.

وهناك الكثير من العوامل على المحك في المعركة ضد طالبان واذا عادت الحركة الى وادي سوات الواقع على بعد 130 كيلومترا فقط من اسلام اباد فسيمثل ذلك ضربة كبيرة للحكومة المدعومة من الولايات المتحدة والتي لا تحظى بشعبية.

وأدت المعركة التي تقودها باكستان ضد المتشددين الى استنزاف اقتصاد باكستان المتباطيء كما أن المستثمرين الاجانب الذين يمثلون عنصرا حيويا في تحسين الاقتصاد من المرجح أن يظلوا محجمين ما دامت البلاد مضطربة.

لا زالت طالبان تبث الرعب رغم هزيمتها

درست كيشوار بيجوم التمريض حتى قررت على ما يبدو ان تزهق الارواح بدلا من انقاذها. وتظهر صورتها في صدر صفحات جريدة تقول انها مهاجمة انتحارية تنتظر تنفيذ عملية وهي لا تزال طليقة في وادي سوات المعقل السابق لحركة طالبان الذي سيطر عليه الجيش الباكستاني في هجوم كبير قبل عام تقريبا.

وقتل عدد كبير من مقاتلي طالبان واختفى اخرون تاركين السكان في خوف من عودة المتشددين اذا ما انسحب الجيش وسلم مسؤولية الامن لقوة من الشرطة تواجه مصاعب كثيرة.

وكدليل على الخطر الذي يلوح في الافق يقول مسؤولون ان عددا من المتشددين مثل بيجوم اعمارهم بين 16 و21 عاما وهم طلقاء يخططون لهجمات انتحارية مثل الهجوم الاخير الذي راح ضحيته 14 قتيلا وأصاب 50 عند نقطة تفتيش في بلدة مينجورا الرئيسية على بعد 120 كيلومترا شمال غربي اسلام اباد.

وقال قاضي غلام فاروق رئيس شرطة سوات لرويترز "من المستحيل منع التفجيرات الانتحارية. تريد طالبان العودة والسيطرة... يحاولون اعادة التجمع."

وبقى فاروق على عكس رجال الشرطة الذين فروا عقب مقتل عدد كبير من زملائهم على يد طالبان ونال تكريما لشجاعته ولكن ما من وقت لديه للتفكير في انجازات الماضي.

واليوم يحاول اقناع نحو 50 من رجال الشرطة الذين فروا من طالبان بالعودة لاداء واجبهم في وادي سوات وهو مزار سياحي ساحر سابقا به جبال وتقطعه الانهار ولكنه اصبح ميدانا للقتال بين المتشددين والقوات الحكومية.

وموارد الشرطة في سوات التي يقطنها نحو 1.3 مليون نسمة قليلة. ويواجه الاقتصاد الباكستاني المتباطيء ضغوطا بالفعل لذا من المستبعد ان يحصل قريبا على تمويل كبير من الدولة لتوفير الوقود وسلع أساسية.

وهذه التحديات شائعة في باكستان حليفة واشنطن. ومنذ سوات شن الجيش الباكستاني هجوما كبيرا في وزيرستان الجنوبية ولكن طالبان تعود مرة تلو الاخرى بتفجيرات قتلت المئات.

ويعتمد وادي سوات باسره على ثماني ناقلات جنود مدرعة فحسب ويحتاج 17 ناقلة اخرى على الاقل للحد من خطر تعرض رجال الشرطة والجنود لتفجيرات وكمائن من جانب متشددين يمكنهم شن هجمات والفرار عبر حدائق الخوج (دراق) ومن فوق الجبال.

ونادرا ما تشاهد المركبات المتهالكة المموهة بلون ازرق حول القرى حيث تعلق صور قادة طالبان المطلوب القبض عليهم عند نقاط التفتيش الامر الذي يعيد للاذهان مشاهد قطع الرؤوس والجلد العلنية ضد من كان يعتقد بتأييده للحكومة أو من يتهم بسوء السلوك.

وينظر للهجوم التي عززته غارات جوية على انه نقطة تحول للجيش الذي ساند المتشددين لسنوات.

ورغم نجاحات الجيش ووعوده بالحيلولة دون عودة طالبان لسوات يشكك بعض الباكستانيين في قوة عزمه.

ويقول جمر الدين خان وهو رجل مسن عايش الاضطرابات السياسية والانقلابات العسكرية وتمرد طالبان في الاونة الاخيرة "خذلونا من قبل. كان الجيش مقربا من المتشددين دائما."

ووضع اخرون ثقتهم في 50 ألف جندي يتمركزون في سوات. وفي منطقة كانت تعرف بميدان الاعدام في بازار مينجورا تزدهر اعمال التجار ويعرضون كل شيء من السمك الى الاحذية.

كما توجد مقاهي الانترنت التي لم تكن يتصور احد وجودها خلال حكم الرعب في ظل طالبان التي ترفض اي تأثيرات غربية.

وفي تلك الايام كان المتشددون يقطعون رؤوس الضحايا ويربطونها في اقدامهم ويتركوا الجثث معلقة لايام على اعمدة التليفونات دون السماح بانزالها ودفنها.

انها صورة محفورة في ذهن الطاف حسين الذي يقف متوترا يقص كيف رأى متشددي طالبان يقطعون رؤوس البعض في أكثر من مناسبة. وقبل ثمانية أشهر كان حظه عثرا وبلا عمل ومن ثم انضم لقوة الشرطة وسريعا ما التحق بالقوات الخاصة.

ويحمل حسين بندقية ايه كيه-47 ويرتدي زيا اسودا مميزا ولكن مثل كثير من الباكستانيين الذي يفترض ان يحميهم ما زال قلقا بعد فترة طويلة من هزيمة طالبان. ويقول "يقلقني ان يغادر الجيش."

تحطم أسطورة المناطق القبلية بباكستان

لم أكن أنتظر أن أرى مناطق شديدة الاناقة أو الازدهار.. فهذه هي المناطق القبلية الوعرة بباكستان التي تكثر بها الخرافات والاساطير وتلتصق بها صور أبناء عرق البشتون الكارهين للاجانب الممسكين بالبنادق الذين يتحدون القوات البريطانية من أعالي التلال.

يفترض أن هذه أراض "صعبة المراس" لجأ اليها تنظيم القاعدة بعد غزو أفغانستان عام 2001 ومعقل الاسلاميين المتشددين الذين ينظر اليهم على أنهم مصدر تهديد للعالم بأسره.

غير أن التوجه بطائرة هليكوبتر للمرة الاولى الى منطقة باجور القبلية كان بمثابة تحد للتصورات السائدة بشأن هذه المنطقة الواقعة على الحدود بين باكستان وأفغانستان والتي لا يزورها كثيرون.

هنا في أقصى شمال المناطق القبلية التي تدار اتحاديا يدرك الزائر أن المكان لم يعد بالضراوة المعروفة عنه وأنه في حين يتخذ المتشددون القرارات في بعض أجزائه فان باجور على الاقل يسودها نوع من الهدوء.

يعرف الجيش الباكستاني هذا وقد دعا مجموعة صغيرة من الصحفيين الاجانب الى باجور لمحاولة اقناعهم بأنه أحرز تقدما في معركته ضد الاسلاميين المتشددين. بحسب رويترز.

كانت هذه رسالة ظلت محاولات توصيلها الينا مستمرة طوال جولتنا في أنحاء البلاد. ففي اسلام اباد اتسمت الاجواء بالاسترخاء نسبيا رغم الكثير من نقاط التفيش وكانت الاشجار نضرة وعادت الاسر تتجول في المتنزهات.

وفي كراتشي يتجمع رجال الاعمال وسط انقطاع الكهرباء ويتحدثون عن البورصة. وفي لاهور يتحدث الاكاديميون عن امكانية احياء الحياة الثقافية في البلاد التي يقطنها 170 مليون نسمة.

غير أن التفجيرات المتكررة وبقاء مخابيء المتشددين ومنها تلك الواقعة في منطقة وزيرستان الشمالية على الحدود مع أفغانستان تدعو للتشكك. لكن زيارة باجور تدفع المرء للاعتقاد بأن شيئا قد تغير.

هبطت طائرتنا الهليكوبتر في منطقة خار التي تقع في حصن كان منذ أقل من عامين محاصرا بالصواريخ التي تهبط عليه كل يوم.

وكانت السلطات قد تخلت عن السيطرة على المنطقة المحيطة التي تمتد الى الحدود الافغانية لمتشددين يعتقد أنهم وفروا ذات يوم الملاذ لايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة.

ويقول مسؤول بالجيش ان الوضع ساء لدرجة أن الجيش كان يخشى أن يسيطر المتشددون على الحصن وقتل الجنود بداخله أو أخذهم أسرى.

خارج الحصن أقام المتشددون نقاط تفتيش وجمعوا اتاوات وذبحوا سجناء في السوق وأقنعوا كل أسرة بأن تهب أحد أبنائها لخدمة القضية.

حتى اعادة فتح مصنع للرخام تطلبت اذنا مكتوبا من المتشددين. ويقول الجيش ان رجلا تحول من عامل الى مالك ارض بعد نجاحه في أداء الاعمال الورقية في النظام البيروقراطي الذي استحدثوه.

هذه منطقة قيل لنا انها كانت تدار بنظام قبلي عمره ستة الاف عام يصفه البعض بالبدائية والبعض الاخر بالنضج يدرك فيه كل فرد تماما التزامه نحو المجتمع مما جعل الامور فيه تسير "بشكل مثالي".

وتداعى النظام القديم نتيجة "للجهاد" الذي قادته باكستان ضد السوفيت بدعم من المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) والذي أبرز تقدم الهوية الاسلامية على الولاءات القبلية وانهار تماما أو كاد مع تدفق المقاتلين الذين فروا من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بأفغانستان عام 2001 .

وثبت المتشددون أقدامهم حتى أنه حين حاولت السلطات الباكستانية اعادة تأكيد سيطرتها في 2008 باقامة نقطة تفتيش عند التقاطع الرئيسي بالمنطقة وجد الجنود المئة والخمسون هناك أنفسهم وقد أحاط بهم ألف مقاتل.

بدأت المياه والذخيرة تنفد منهم وسقط كل من أرسل من خار لانقاذهم ضحية لكمين. في نهاية المطاف وبعد قتال عنيف نجح 140 في العودة الى خار لكن هذا كان كافيا لاقناع الجيش بالقيام بعملية عسكرية شاملة.

في فبراير شباط طهر الجيش اخر معاقل المتشددين الرئيسية في باجور بعد أشهر من القتال العنيف أسفرت عن تدمير قرى وألحقت أضرارا هائلة بالمباني بسبب القذائف الصاروخية ودفعت سكان القرى للفرار من ديارهم.

خرجت مجموعتنا الصغيرة من الحصن في خار بشاحنات صغيرة ووقف جنود في الخلفية حول مجموعة مقلقة من القذائف الصاروخية التي تهدف الى ضمان سلامتنا.

الطرق هنا افضل منها في معظم أنحاء جنوب اسيا وسيارتنا تتحرك بسرعة ربما لتجنب انطلاق عيار ناري من مسلح او تفجير عبوة ناسفة عن بعد. من الواضح أن المنطقة لا تزال غير امنة رغم السيطرة على المعاقل. غير أن المناخ أقل خطرا مما شعرت به في كشمير على سبيل المثال في أوج التمرد هناك.

تفحصتنا عيون الرجال الذين قابلناهم على الطريق لكن دون تهديد. وتجاهلتنا الفتيات الصغيرات اللاتي كن يرتدين حجابا أبيض. ولم نر اي نساء في اي مكان. في النهاية.. تحطمت لدينا على الاقل أسطورة المناطق القبلية "صعبة المراس".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/نيسان/2010 - 11/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م