قد لا تكفي عبارات الرفض والشجب الجماهيري لما يحدث على الرقعة
السياسية والأمنية في العراق... متنازعون على السلطة أورثوا مرضا عضالا
أصاب جميع مفاصل الحياة في العراق , حب الظهور والسلطة والوجاهة , نعلم
جميعا أن هذا دأب و ديدن بني البشر, ونعلم أيضا أن الإنسان لا يحب أن
يكون مغمورا بل مشهورا ولا يريد أن يكون في قعر واد, إنما يريد قطعا
الربوة ,السنام والقمة و ذروة الذروة ولا يريد بدوره أيضا أن يكون في
المقامات المنسية إنما يجهد نفسه ليرى اسمه يذكر مع مصاف النخب والصفوة
وأصحاب الشأن والمقامات السامية لكن؟
ماذا سيحصده العراقي المغلوب على أمره من هذا التنافس الذي انتن فن
السياسة؟ وماذا سيجني من يتلقف لقمته في شارع يروج ويموج بأنواع شتى من
القتل والهلاك؟ طبعا لم يفكر احد بالعراقي فليمضي مع أدراج رياح
الانهيار ومع عاتيات السأم.
سل أيها السياسي نفسك مره واحده هل أنت فرعوني التفكير؟ هل ستأخذ
أدواتك وحليك وجواهرك وجواز سفرك الدبلوماسي الأحمر معك في الكفن الذي
سينقلب من كثرة خطاياك من البياض إلى السواد , سألت نفسك مرة واحدة فقط
وماذا إذا طرق الموت باب قفصك الصدري؟ لا تقول لي أنا على منهج سياسي
وفكر مؤدلج أو وتيرة عقائدية معينة الوقفة عسيرة يوم المحشر ولينكرها
الجاحدون وليبطلها المبطلون أيضا لكنها واقعة وانتم ونحن مواقعوها لا
محالة.
لست في هذا المقال بصدد التهكم أو التهجم لكن أود أن المح إلى أمرين
هامين بل يصلا بأهميتهما إلى ما هو ابعد أهمية من أنفاس السياسي نفسه,
شارع يلفظ الموت بالتتابع وبنحو دقائقي وليس يومي, ما هي الحلول التي
وضعتموها لهذا البائس الذي اغرق الكرى حدقات عينيه وكأنما العراق ينافس
ذات الموت بالحصاد ! وكأنما البلاد لم تكن للعباد بل أصبحت ميدان
اقتتال فكري بين الأسياد وكأنما ما نسمعه أيضا ونراه واقعا في جسد
أجنبي لا بجسد عراقي حملته أمه وهن على وهن تسعة أشهر حمر بلون العذاب
وبعدها يقدم لكم كقطاف موت يسوَق بقطار خلافكم السريع.
الأمر الثاني والاهم, إذا لم تكونوا أهلا وكفؤا لما انتم فيه الآن
من أمر, فلا باس من تخفيف وطأة الانتقادات التي تشن عليكم يوميا من
بسطاء القوم ومفكريه الذين لزموا البيوت حذر القتل , الاعتراف بجميع
الأخطاء بات مطلوبا اليوم وعلى عجل, ليخرج أحدكم و ليعترف انه ليس
ربانا وليس قياديا قادرا على إرجاع الوضع العراقي إلى أدراجه المعهودة
وبذلك ثقوا بالله أولا بان التصفيق سيأتيكم من الجميع وذلك لأنه جزء من
البديهيات والمسلمات لدى أصحاب الفطرة السليمة الذين يصفحوا ويعفوا هذا
من جانب, ومن جانب آخر تبرأ ذمتك أمام وطنك ولا أقول أمام الله لأنه
أسمى من أن يذكر سبحانه بهذا الصدد.
لا اعتراف و لا اكتراث:
ليبقى السياسي اليوم دون اعتراف أو اكتراث بما يصدع جدار الإنسانية
في العراق وليدون في يومياته "انه مارس العمل السياسي في العراق في ظرف
عصيب" , لكنه في ذات الوقت لا يأبه لموت البشر هنا أو تمزيق الأشلاء
إلى عظام وأسنان وقطع من فروة شعر هناك وكأن كل الذي يعرفه يكتب في
سيرته الذاتية "خدمت بلدي في وقت عصيب" يا سيدي لو لم تخدمه لكان الأمر
أفضل ولو كنت فعلا تحب خدمة بلدك لتنحت قليلا لأجل عيني ((إيران
الحبيبة)) وليس العراق المتآكل, آخر يصف المواطن العراقي الذي أوصله
وأصبح هو ((سوبرمان)) بأنه مواطن عادي مفارقة "مواطن عادي"؟ ويوصل
سوبرمان إلى الحكم إذن العراقي هو ((سوبرمان)) فعلا لأنه أوصل عقلا
راجحا كعقلك ,انه مجال للتفكر وفرصة بمراجعة النفس بشأن ما تستخدموه من
ألفاظ في تصريحاتكم المشلولة غير المسؤولة.
تصنيف السياسيين إلى عتبات هرمية:
سياسي قيادي: نسأل من حقنا أن نطرح الأسئلة في طريقة ((المنولوج
الداخلي)) أي الحديث مع الذات أو النفس إذا أزعجتكم أصواتنا بتكرار
الأسئلة! على من قيادي أنت؟ لا اعلم. وما الذي أوصلك إلى مرحلة القائد
وأنني لأشعر بالخجل فعلا عندما أقرا في التاريخ عن قادة الأمس في
المشرق والمغرب وقادة اليوم في عراق القتل والدمار. آخر يسمي نفسه
مسؤول رفيع المستوى: أين الرفعة والسمو وأنت تعرف أن من سيدك على هذا
الأمر يقتل يوميا!! أين القيم السامية بالتعامل مع من أرهق نفسه قتلا
كي يصل إلى صندوق الاقتراع ويكتب اسمك يا سيد, وآخر يدعى عضو المكتب
السياسي للحزب الفلاني: أين السياسة التي تمتلكون لتكون أنت في مكتبها
عضوا؟ أريد أي حزبي مؤدلج ان يقف أمامي ويقول أنا احرص على العراق أكثر
من حرصي على حزبي وأعضائه ((رفاق الدرب الطويل)) إذا حدث هذا سأمزق ما
كتبت بحقكم واكتب قصيدة مطولة افتخارا بكم واعتذارا لكم لكن اعلم سيدي
السياسي أن الحزب يريد مكاسب منك والمواطن له الله عز وجل إذا لا داعي
لكتابة القصيدة لان حزبك يناديك مكاسبا وإثباتا للهوية والمواطن
كالمستجير من الرمضاء بالنار.
الكتلة الأكبر خارج البرلمان... الكتلة الأكبر داخل البرلمان
بلى اليوم هذا هو الموضوع المهم للغاية من سيشكل الحكومة هل هي
الكتلة التي حصدت أصوات أكثر أم الكتلة التي ستشكل بتحالفات مريضة داخل
قبة متحف الشمع((البرلمان)) وماذا قالت المحكمة الاتحادية العصماء؟
وبماذا فسر الخبير القانوني.... أما العراقيون الغلابى فيموتوا بأكثر
الأصوات انفجارا..... ولم تدافع عنهم محكمة لا فيدرالية ولا اتحادية
ولا جنائية....... وتبكي عليهم العجائز والنساء عندما يلتحق بالرفيق
الأعلى هذه لعبة ألفاظ متعددة الأغراض إذ أن العملية السياسية الآن لها
من يبكي عليها ويُبكي من اجلها.
مائدة العراقي و مائدة المسؤول؟
العراقي يبحث الآن عن منتجات الألبان" اللبنة التركية" وعن البيض
المسلوق وقليل من الخضراوات غير المستوردة في بلد الرافدين إن وجدت
طبعا , أما المسؤول فيشطر الاغنام العراقية إلى نصفين بمقص كهربائي
ياباني و في قدر ضغط كبير مخصص للطهي بكميات كبيرة لكنه فرنسي الصنع.
الفرق هنا أيضا واضح, العراقي يحب تركيا لما تنتجه من لبن والمسؤولون
يحبون فرنسا لأنها تصنع مطابخ بجودة عالية لطهي اللحوم الحمراء
والبيضاء إذن من حق العراقي أن يحب تركيا أكثر وبات للسياسي الحق أيضا
بان يمارس الطريقة الفرنسية مع الشعب.
مقاعد.....ودراسة.... في العراق وخارجه:
العراقي إذا ستر الله عليه و وجد مهنة عمل يمتهنا بيده كي يجلب
لنفسه لقمة عيش حلال له ولعائلته ولنفسه وإن كان طالبا يعمل بعد العودة
من مقاعد الدراسة أما أبناء المسؤولين وأقربائهم فرواتبهم تأتي إلى
القصور بظروف محكمة ثقيلة ومقعد الدراسة معد له سلفا وهو ثور احمر في
ارض خضراء لا يفقه ماذا يدرس أو ماذا ينوي أن يتعلم لكن له مقعد
فللسياسيين مقاعد أيضا تختلف أحجامها من شخص لآخر وهنا أشارة للبيب
تذكرُ؟!
نساء.... ونسوان,,, وسيدات
المرأة في عالم السياسة تسمى "سيدة"," عقيلة" أو" حرم" طبعا هذه
المرأة التي تجلس في قصور الحكم في العراق بسبب زوجها وشغله لمناصب
سياسية طبعا أو لأنها هي منخرطة في السلك السياسي أو لان باعها طويل
بالسياسة على حد علم الجميع, لكن في بيوتنا الطيبة المحكمة بالشرف
والغيرة تسمى "نسوان" كما أنها في التجمعات العالمية والاحتفاءات
والاحتفالات تسمى "نساء" لكن المصطلح الجديد لنساء العراق الصابرات
المحتسبات هو " المفجوعات" ونساء المسؤولين " المسعدات" ونساء العالم
المتحضر أو المستقر "المتونسات".
من كل ما تقدم وأكثر ومما هو موجود بالفعل تحت سماء العراق المكفهرة
بالحدث الدامي , من يا ترى سيسأل نفسه من السياسيين أولا "هل أنا
المسؤول؟" هل علي أن اعترف اليوم؟ أم نترك آلة الموت تتقاذف العراقيين
قتلا وهلاكا وانتم تتربصون ببغضكم الدوائر في حلبة سياسة كريهة.
* كاتب صحفي
ahmedalsheeti@gmail.com |