زوار الرسول (ص) وشبح الاستفزازات

علي ال غراش

يتوجه خلال هذه الفترة التي تتزامن مع الإجازة المدرسية، عشرات الالاف من الزوار المحبين للنبي محمد (ص) والأئمة الأطهار وال البيت (ع) إلى مدينة طيبة الطيبة المدينة المنورة، رغبة في التزود من عبق النور المحمدي والرسالة الخالدة، واستنشاق أريج تراث النبي العظيم (ص)، من خلال زيارة آمنة ومطمئنة مليئة بالروحانية والامن والامان. وتأتي هذه الزيارة بعدما سادت حالة من القلق والتوتر والخوف لدى الزوار من تكرار وقوع أعمال مزعجة كالتي حدثت خلال عام 2009م. والتي تعرف بأحداث البقيع المحزنة.

ومن اجل زيارة امنة ومطمئنة ومقبولة في أجواء إيمانية خالصة ومستقرة، وتبديد حالة القلق والخوف لدى الزوار؛ وانطلاقا من مبدأ الأخلاق المحمدية والحفاظ على الوحدة الإسلامية واللحمة الوطنية،  بادر محبو النبي واله في السعودية بطرح ونشر توجيهات للزوار؛ تؤكد على أهمية احترام البقعة الطاهرة والحفاظ على آداب الزيارة الايجابية، وارتداء الملابس اللائقة بحرم النبي الأكرم (ص) والأئمة الأطهار (ع) والبُعد عن الملابس التي تخدش الحياء من قبل الجنسين.

ودعوة أولياء الأمور والأهالي عدم إرسال أبنائهم من صغار السن وكذلك الشباب إلا برفقة من يحميهم ويدافع عنهم ويتحمل مسؤولية سلامتهم. ومطالبة الزوار بعدم الاستجابة لاستفزازات المتطرفين والمتشددين، ولأجل تحقيق أفضل النتائج تم تأسيس فريق من المرشدين والحقوقيين لخدمة الزوار والدفاع عنهم عند وقوع أي مشكلة أو عند حدوث أي تأزم بسبب الاستفزازات وغيرها، وتم نشر أرقام هواتف لعدد من المحامين والنشطاء لديهم الخبرة في التعامل مع الأحداث والسيطرة على الوضع لعدم وقوع ما يمثل انتهاكا لحرمة مدينة الرسول، وما يساهم في التأجيج وتعريض الزوار للمخاطر كالتوقيع على أوراق للهيئة بدون حضور محامي.

هذه المبادرة الطيبة والرائعة من قبل المواطنين السعوديين الشيعة محاولة  ايجابية للقضاء على أي عمل استفزازي من أي جهة، وعمل يصب في مصلحة الوطن والمواطنين والزوار، لتكون مدينة الرسول وعاصمته كما يأمل جميع محبي الرسول (ص) مدينة الامن والامان، والتسامح والاطمئنان، والتعددية بروح الإيمان، يمارس فيها كل زائر من جميع أنحاء العالم عبادته حسب مذهبه - المذاهب الإسلامية - براحة وهدوء وسكينة ووقار.

لهذا نأمل من المسؤولين في  الوطن أن يدعموا ويساندوا هذه المبادرة، عبر توعية الأفراد والجهات ذات العلاقة بالزوار والحرمين في مكة والمدينة، بتفهم واحترام مبادئ ومعتقدات كل زائر، والمطالبة بالابتعاد عن الأعمال التي تساهم في الاستفزاز لأي طرف، والتأكيد على التحلي بروح المحبة والتسامح.

من المسؤول عن حالة التشنج والاستفزاز والقلق لدى زوار طيبة الطيبة، وإلى متى يبقى هذا الوضع الاستفزاز وعدم الشعور بالامن والامان والاطمئنان خلال الزيارة؟

القضية بحاجة إلى جهود ايجابية من كافة الجهات، والاهم الجهات الحكومية، للقضاء على الأسباب التي تؤدي لشعور الزائر بالقلق بسبب الاستفزازات، وذلك من خلال منع أي جهة أو شخص من القيام بممارسات تصنف بأنها اعتداء على حرية ممارسة العبادة حسب معتقد الفرد, والحد من صلاحيات بعض المؤسسات الدينية، وينبغي تجريم كل من يقوم بالأعمال الاستفزازية والتكفيرية، فمن المخجل حدوث ذلك لاسيما إن حكومة خادم الحرمين الشريفين تسعى لترسيخ ان المملكة مملكة الإنسانية والتسامح والمحبة، وتدعم مشروع التعايش والحوار الوطني وحوار الأديان.

حفظ الله الوطن من كل سوء، وابعد عنه شر الإرهابيين والمتطرفين والظالمين، وشبح الاستفزازات والكراهية، ونسأله أن ينعم علينا بالامن والامان والاطمئنان وروح التسامح والتعددية والحرية والعدالة.

ali_writer88@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/نيسان/2010 - 9/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م