ايران هي فرصة اميركا الوحيدة للنجاح بعد الازمة التي تواجه واشنطن
في العراق وافغانستان.....هذا ما قاله الرئيس الايراني احمدي محمود
نجاد، يوم الثلاثاء 13-4-2010 بحسب مانقلته وكالة الصحافة الفرنسية،
بعد فترة وجيزة من تصريحات اميركية قالت فيها بان مجلس الامن على المحك
فيما يتعلق بجهود فرض عقوبات جديدة على ايران بسبب تحديه المجتمع
الدولي من خلال استمراره في المضي ببرنامجه النووي.
واضاف نجاد، في لقاء تلفازي مباشر، بان كلامه" هذا ليس انشاءا
عاطفيا بل هو كلام علمي، فاوباما لديه مكان واحد الان يستطيع ان يعلن
فيه انه قد تمكن من احداث تغيير وتحولا في المعادلة العالمية، وهذا
المكان هو ايران، لانه لم يفعل شيء لفلسطين، ومالذي فعله في العراق ؟
لاشيء...والوضع معقد في افغانستان".
بعض المراقبين والمحللين كـ " فرماني" من وكالة الصحافة الفرنسية
يرى انه بعد سنة من المبادرات الدبلوماسية التي قدمها اوباما فانه قام
بالاسابيع الاخيره بتحشيد الجهود من خلال المرحلة الرابعة من عقوبات
الامم المتحدة ضد ايران لاستمراها في تخصيب اليورانيوم وهي المرحلة
المثيرة للجدل في البرنامج النووري الايراني، والذي يعتبر الان من أهم
المواضيع التي تثير الجدل والمناكفات بين ايران واميركا.
ولكن، قصة الصراع بين اميركا وايران لاتعود الى مشكلة البرنامج
النووي الايراني بل المسالة ترجع الى صراع تاريخي نشأ منذ انطلاق
الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 عموما وازمة الرهائن خصوصا، فمنذ
ذلك الوقت وحتى مجيء الرئيس اوباما لسدة الحكم تنظر امريكا لايران على
انها احدى محاور الشر في المنطقة، وكما بين هذا الامر تاريخيا في بحث
بعنوان " خليج الصراع..تاريخ المواجهة بين اميركا وايران" للمؤرخ
العسكري دافيد كرايست.
ردود الافعال الامريكية تجاه ايران وسلوكها النووي قد شابه الكثير
من التخبط، حيث تجلى ذلك بوضوح فيما نشرته صحيفة فايننشال
تايمز،الاثنين 22-3-2010، والذي قالت بان الولايات المتحدة الامريكية
تواجه مأزقاً حول الاساليب التي تستطيع من خلالها تسليح حلفائها العرب
لمواجهة الخطر الايراني، وهذه المعلومات تكشف عن الورطة الشائكة التي
تواجه الولايات المتحدة فيما يتعلق بايران وكيفية التعامل مع ملفها
النووي وتوسعها الاخطبوطي في ارجاء المنطقة، والذي ولد توجه في امريكا
من اجل بيع اسلحة متطورة الى دول الخليج مع اقتراب ايران من امتلاك
قدرات نووية.
في مقابل ذلك، يوجد رأي اخر يناقض هذا التوجهات ويجد فيها عبثا
كبيرا أن لم يكن تصرفا احمقا لاينم عن ذكاء سياسي، حيث أن المواجهة مع
ايران امر سوف يضر امريكا خصوصا وأن ايران تستطيع مساعدة امريكا في
حربها ضد القوى المتطرفة في الشرق الاوسط، ومن هؤلاء الكاتب شيرمان
نارواني، حيث كتب مقالا في صحيفة يو اس اي توداي، بتاريخ 8-7-2009،
تحت عنوان " لماذا نحتاج لامريكا " اوضح فيه جملة من الحقائق التي
ينبغي على امريكا اتباعها مع ايران وخصوصا فيما يتعلق بملف حرب امريكا
ضد القوى المتطرفة كالقاعدة وطالبان.
يوضح شيرمان في مقالته المهمة، التي تأخرت جدا في الكتابة عنها، ان
امريكا تحتاج ايران في هذه المنطقة، فالاخيرة تحت قيادة احمدي نجاد قد
انبثقت كقوة هائلة في منطقة الشرق الاوسط الذي يضم العديد من الدول
والقوى، كالعراق وايران وسوريا وحزب الله وحماس وتحيطهم تركيا،وعلى
الرغم من اختلاف هذه الدول والمنظمات ايديولوجيا واثنيا وفي مصالحها
ايضا، إلا أن لديها الكثير من المشتركات.
ويشير شيرمان الى ان باستثناء سوريا، فان جميع هذه الدول او
المنظمات قد اجرت انتخابات ديمقراطية ولاتميل ان تحكم بطريقة
ديكتاتورية، وهي تشارك في الانتخابات مع جبهات سياسية معارضة، وتوجد
لديها منظومات اعلامية غير مسيطر عليها من قبلها.
ان اهمية هذه المجموعات،أي العراق وايران وسوريا وحزب الله وحماس،
من وجهة نظر هذا الكاتب، يكمن في انها من الممكن ان تساعد امريكا في
حربها ضد " المجاميع السنية المسلحة" في افغانستان وباكستان والعراق،
فبينما تكره بشدة المنظمات المتطرفة كالقاعدة وطالبان الولايات المتحدة
الامريكية، فانها تحتقر الشيعة بنفس الدرجة او ربما اكثر، ونحن نعلم ان
العديد من هذه الدول يحكم اغلبها الشيعة.
هذه المجموعات لديها نظرة قاتمة حول حلفاء امريكا التقليديين مثل
مصر والسعودية التي ترى انها ضعيفة وفاسدة وغير قادرة على التعامل مع
القضايا الشائكة كالقضية الفلسطينية ومع انخراط امريكا في حروب في
افغانستان والعراق وباكستان ضد" المليشيات السنية المتتشددة"، فانه من
الغباء والحمق ان لا تتعامل امريكا مباشرة مع هذه المجموعات !.
رؤية شيرمان هذه تتوجه بالنظر الى حرب امريكا تجاه القوى المتطرفة
في المنطقة وتتغافل عن البرنامج النووي الايراني، حيث ترى ان لقوى
التطرف خطرا أكبر على امريكا من البرنامج النووي الايراني، فالذي هاجم
امريكا في عقر دارها هي هذه القوى الارهابية وليست ايران، كما ان ايران
أعلنت مرار وتكرارا ان برنامجها النووي سلمي وان كان الكثير لاينظر
لمصداقية هكذا قضايا من خلال تصريحات القائمين عليها.
الكرة الان في ملعب اوباما والذي ستكون له اليد الطولى في اصدار
قرار من مجلس الامن يتعلق بطهران،وهو قرار سيحمل في طياته، عاجلا ام
آجلا، تداعيات ونتائج، ايجابية او سلبية، ستلقي بضلالها على المنطقة
بمجملها.
[email protected] |