الإرهاب والمخدرات هدف مشترك لعملية المكافحة

 

شبكة النبأ: في تشرين الأول/أكتوبر 2008، وفي أعقاب تحقيق مشترك أجرته الولايات المتحدة والسلطات الكولومبية دام عامين، قامت الحكومة الكولومبية بالقبض على ستة وثلاثين شخصاً اتُهموا بالضلوع في عمليات غسل أموال وجرائم تتعلق بالمخدرات. ووفقاً للسلطات، إن تلك الشبكة التي تألفت من مغتربين لبنانيين كانت أكثر من أن تكون مجموعة جنائية تقليدية، بل تعدى ذلك إلى دعم حركات مسلحة في الشرق الأوسط..

وتعقيبا على هذا الموضوع كتبَ ماثيو ليفيت مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن, ومايكل جيكوبسون زميل أقدم في هذا البرنامج. تقريراً قالا فيه: إن التهديد الإرهابي هو ليس شئ ثابت غير قابل للتغيير. فقبل [هجمات] 11 أيلول/سبتمبر 2001، كان تنظيم «القاعدة» يقوم بتمويل العمليات والسيطرة عليها من قاعدته في أفغانستان. وقد وفر هذا التنظيم التمويل اللازم لتفجير السفارات الأمريكية في شرق أفريقيا في عام 1998، والهجوم على المدمرة الأمريكية "كول" في اليمن عام 2000 والهجمات على "مركز التجارة العالمي" عام 2001. واليوم، يعمل التهديد الارهابي بصورة أكثر بطريقة لامركزية، حيث لم تعد نواة تنظيم «القاعدة» هي التي تمول الجماعات الإرهابية الأخرى، أو الخلايا، أو العمليات كما فعلت في الماضي. ويتم ترك الخلايا المحلية لوحدها وبصورة متزايدة لكي تقوم بتمويل أنشطتها بنفسها. وفي حين أن العديد من تقنيات جمع التبرعات لا تزال واسعة الإنتشار، بما في ذلك إساءة استعمال تبرعات الجمعيات الخيرية والمؤسسات التجارية المشروعة، تنخرط خلايا إرهابية بشكل متزايد في النشاط الإجرامي لتمويل أعمالها. فعلى سبيل المثال، قامت «الجماعة الإسلامية» التي تدور مع أفكار تنظيم «القاعدة» والعاملة في جنوب شرق آسيا، بمساعدة تمويل تفجيرات "بالي" عام 2002 عن طريق سلب محلات للمجوهرات.

وتشارك الجماعات الإرهابية في طائفة واسعة من الأنشطة الإجرامية، من تهريب السجائر إلى بيع المنتجات المقلدة، ولكن الصلة بين المخدرات والإرهاب هي علاقة واضحة وصارخة بوجه خاص. ووفقاً لـ "إدارة مكافحة المخدرات"، فإن تسعة عشر منظمة، من بين ثلاث وأربعين منظمة تم تصنيفها كمنظمات إرهابية أجنبية، ترتبط قطعاً بتجارة المخدرات العالمية، وما يصل إلى 60 في المائة من المنظمات الإرهابية ترتبط بصناعة المخدرات غير المشروعة. فعلى سبيل المثال، إن تفجيرات قطار مدريد في عام 2004 التي قتل فيها 191 شخصاً، تم تمويلها بصورة جزئية من مبيعات الحشيش.

ويبيّن التقرير، في الواقع إن الفوائد المالية من تجارة المخدرات مغرية بصورة كبيرة. وتقدر الأمم المتحدة أن تجارة المخدرات الدولية تولد عائدات سنوية تقدر بـ 322 بليون دولار، مما يجعل من المخدرات النشاط غير المشروع الأكثر ربحاً إلى حد بعيد. إن جماعات مثل «حركة طالبان» الأفغانية، و«القوات المسلحة الثورية لكولومبيا»، و«حزب العمال الكردستاني»، و«حزب الله» في لبنان تدر دخلاً كبيراً من رسوم الإبتزاز التي يتم جمعها من عصابات المخدرات والخشخاش أو مزارعي الكوكا الذين يعملون في أراضيها.

قد يبدو أن الجماعات الإرهابية الدينية المفترضة تتخذ موقفاً نفاقياً باتباعها النشاط الإجرامي؛ ومع ذلك، تعترف العديد من هذه الجماعات بهذا التناقض وتسعى لتبرير أفعالها. فعلى سبيل المثال، قام أحد زعماء منظمة «فتح الإسلام» التي مركزها في لبنان، وهي جماعة لها علاقات بتنظيم «القاعدة»، بتبرير عمليات السطو على البنوك، بقوله أن سرقة المال من "الكفار" ومؤسساتهم هي شئ "سمح الله لنا أن نفعله"، مشيراً إلى أنه بدلاً من ذلك "يتم توجيه" هذه الأموال "نحو الجهاد".

الاستفادة من الترابط بين الجرائم والإرهاب

ويوضح التقرير، هناك بعض البلدان التي هي أكثر استعداداً للتنسيق مع الولايات المتحدة بشأن إنفاذ القانون الجنائي من التركيز على جهود مكافحة الإرهاب، وذلك لأسباب متنوعة. فالكثير من البلدان لا تريد أن تعترف بأن لديها مشكلة إرهابية لا تعالجها على نحو فعال. بينما هناك دول أخرى لا ترغب أن يُنظر إليها بأنها تتعاون مع الولايات المتحدة في "الحرب على الإرهاب" التي لا تحظى بشعبية. إن الحكومات في "منطقة الحدود الثلاثية" التي تشمل الأرجنتين وباراغواي، والبرازيل، حيث يوجد لـ «حزب الله» و«حماس» ومنظمات إرهابية أخرى وجود طويل الأمد، هي مثال جيد للبلدان المذكورة أولاً. فعلى سبيل المثال، في كانون الأول/ديسمبر 2006، صنفت "وزارة الخزانة الأمريكية" العديد من المغتربين اللبنانيين البارزين في "منطقة الحدود الثلاثية" كإرهابيين بسبب علاقاتهم مع «حزب الله». ورداً على ذلك، أصدرت حكومات الأرجنتين وباراغواي والبرازيل بياناً مشتركاً برأت فيه أولئك الأفراد ورفضت الإدعاءات الأمريكية عن وجود نشاط إرهابي في "منطقة الحدود الثلاثية".

دراسة حالة حزب الله

ويتابع التقرير، إن النهج المتعلق باستهداف المنظمات الإرهابية بسبب نشاطها الإجرامي يمكن أن يؤتي بأرباح كبيرة بصورة خاصة عندما يتعلق الأمر بـ «حزب الله». فالولايات المتحدة وكثير من حلفائها، لا سيما الأوروبيين، يختلفون في الرأي حول ما إذا كان «حزب الله» هو منظمة إرهابية.

ويقول كثير من المسؤولين الأوروبيين بأن «حزب الله» الذي هو جزءاً من الحكومة اللبنانية، يسير الآن في طريق ليصبح حزباً سياسياً شرعياً، وأن تصنيفه كجماعة إرهابية ستكون له نتائج عكسية ورد فعل تؤدي إلى عكس اتجاه هذا التقدم.

ومن بين كل الجماعات الإسلامية، لدى «حزب الله» أطول سجل من الإنخراط في النشاط الإجرامي من أجل دعم أنشطته. ففي حين يشارك «الحزب» في طائفة واسعة من الأنشطة الإجرامية، فإن دوره في إنتاج المخدرات والإتجار بها بارز بشكل خاص. وقد استفاد «حزب الله» بصورة واسعة من السكان اللبنانيين المغتربين الشيعة، الساكنين بصورة خاصة في أمريكا الجنوبية وإفريقيا. فمع وجودهم القوي في أفريقيا، استطاع «حزب الله» الإستفادة من القارة كموقع استراتيجي يجمع منه الأموال وينقلها [إلى أماكن أخرى] وينخرط في مشاريع إجرامية، مثل تهريب الماس.

ويستذكر التقرير، في أوائل عام 2009، أدلى الأدميرال جيمس جي. ستافريديز، القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا، بشهادته أمام "لجنة القوات المسلحة" التابعة لـ "مجلس النواب الأمريكي" حول العلاقة بين الإتجار غير المشروع بالمخدرات [والإرهاب]. وقد شهد بأنه في آب/أغسطس 2008، قامت "القيادة الجنوبية الأمريكية" و"إدارة مكافحة المخدرات" بالتنسيق مع الدول المضيفة لاستهداف عصابة تهريب المخدرات التابعة لـ «حزب الله» في "منطقة الحدود الثلاثية" التي تشمل الأرجنتين وباراغواي، والبرازيل. ووفقاً لمساعد المسؤول ومدير العمليات السابق في "وكالة مكافحة المخدرات" مايكل براون، "تنشط حماس و«حزب الله» على حد سواء في هذه المنطقة [الحدود الثلاثية]، حيث من الممكن تحقيق أرباح قدرها 1 مليون دولار من بيع أربعة عشر أو خمسة عشر كيلوغراماً من المخدرات، وهو مبلغ يمكن نقله في حقيبة واحدة". وكما ذُكر أعلاه، قام المحققون الأمريكيون والكولومبيون في أواخر عام 2008، بتحديد وتفكيك عصابة دولية لتهريب الكوكايين وغسل الأموال مقرها في كولومبيا. إن تلك العملية، التي قام بها كارتل للمخدرات في كولومبيا، وأعضاء من «حزب الله» اللبناني، استخدمت قسم من أرباحها -- يقال بأنها مئات الملايين من الدولارات سنوياً -- لتمويل «حزب الله».

ويوضح التقرير، يجب أن لا يكون الكشف عن مثل هذه [المعلومات] أمراً مستغرباً. ففي كانون الأول/ديسمبر 2006، أدرجت "وزارة الخزانة الأمريكية" ناشط «حزب الله» صبحي فياض كـ "إرهابي مصنف بصورة خاصة". وقال مسؤولو "وزارة الخزانة" بأن فياض كان بمثابة حلقة الوصل بين السفارة الإيرانية ومجتمع «حزب الله» في "منطقة الحدود الثلاثية" وكان قد سافر إلى لبنان وإيران للإجتماع مع مسؤولين كبار في «حزب الله». ووفقاً لوزارة الخزانة، شارك فياض أيضاً في مجموعة متنوعة من الأنشطة غير المشروعة بما في ذلك تهريب المخدرات وتزوير دولارات أمريكية.

الخلاصة

ويخلص التقرير إلى نتيجة مفادها انه في السنوات المقبلة، من المحتمل أن يتداخل الإرهاب مع الأنشطة الإجرامية حتى أبعد من ذلك، مع التحول الملحوظ للمنظمات الإرهابية نحو الإتجار بالمخدرات. وكما أوضح مدير العمليات السابق في "وكالة مكافحة المخدرات" مايكل براون في كلمة ألقاها في تموز/يوليو 2008، "غالباً ما تعتمد المنظمات الإرهابية وعصابات المخدرات على نفس غاسلي الأموال" وشبكات التيسير التي تعمل في الظل. ويمكن أن تثبت عملية استهداف مجموعة كاملة من غاسلي الأموال، وتجار المخدرات، ومزوري الوثائق وغيرهم من الوسطاء بأنها تلعب دوراً فعالاً في النضال من أجل مكافحة التهديد الإرهابي الذي نشهده اليوم.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/نيسان/2010 - 3/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م