الموت واسئلة بلا أجوبة

 

شبكة النبأ: يجمع الكثير من الناس على اختلاف توجهاتهم واعتقاداتهم الفكري او الدينية ان عالمنا تنتشر فيه الكثير من الظواهر المستعصية على التفسير، على الرغم من التطور العلمي الكبير والمتسارع في مختلف مناحي الحياة.

فيما شغلت ظاهرة العودة من الموت التي اختزل التاريخ القديم والحديث العديد من الرويات حولها، شغلت حيزا كبيرا من جهد العلماء وهم يحاولون ايجاد تحليل علمي او مادي لمن يعيش تلك التجربة، ومما يزيد من غموض الأمر هو تضارب الآراء حول ذلك.

خدعة من العقل

 زعم علماء أنهم اكتشفوا سر تجربة ما يدعي بـ"مشارفة الموت"، بالإشارة إلى أن العملية ليست سوى خدعة بسيطة من العقل، ناجمة عن رد فعل كيميائي في الجسم.

ورجح خبراء من جامعة "ماريبور" في سلوفينيا، ارتفاع معدلات ثاني أكسيد الكربون في مجرى الدم ربما السبب وراء تلك الرؤى، التي وجدت أبحاث سابقة أن زيادة مستويات هذا الغاز قد تدفع بعض الأشخاص للهلوسة.

وكثيرون ممن زعموا خوض تجربة "مشارفة الموت"، أفادوا بمشاهدتهم لأضواء ساطعة، ونفق ضيق، ورؤية أحبائهم المتوفين.

ونظرت الدراسة في أوضاع 52 مريضاً عانوا من سكتات قلبية قاتلة، توقف فيها القلب عن النبض بشكل صحيح، أشار 11 منهم إلى تعرضهم لتجربة مشارفة الموت.

ووجدت الدراسة أن خوض تلك التجربة لا يرتبط بأي حال بالمعتقدات الدينية، أو المستويات التعليمية أو تقديم دواء محددة خلال فترة الإنعاش، أو الخوف من الموت، كما أنه ليس له صلة بالجنس أو السن، علماً بأن معدل ثاني أكسيد الكربون عادة ما ينخفض عند توقف القلب، إلا أن معدلاته ترتفع في الأوعية الدموية لدى قلة من المرضى.

وقالت د. زيليكا كليمنيس-كيتيس، من جامعة ماريبور التي قادت فريق البحث: "هناك عدة نظريات تفسر وجود آليات لتجربة مشارفة الموت.. "وجدنا أن المرضى الذين يخوضون تلك التجربة، تكون مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في دمائهم أعلى بكثير من أولئك الذين لم يمروا بها." بحسب (CNN).

وأضافت: ""بعض الدراسات السابقة أظهرت أيضاً أن استنشاق ثاني أكسيد الكربون، ويستخدم كعامل للعلاج النفسي، يمكن أن يسبب تجارب مشابهة لمشارفة الموت."

وتابعت قائلة: "دراستنا تضيف معلومات جديدة وهامة لظاهرة تجربة الموت.. وهي اقترانها بثاني أكسيد الكربون، وهو أمر يستحق المزيد من الدراسات."

وكانت دراسات حديثة قد أظهرت أن ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم يمكن أن "تثير تجارب غير اعتيادية في شكل أضواء ساطعة، ورؤى، وتجربة الطفو خارج الجسم"، كما عددت الدراسة التي نشرت في دورية "العناية المركزة."

وتقول "مؤسسة تجارب الإشراف على الموت"  الأمريكية إن نحو 800 تجربة كهذه تحدث يومياً في الولايات المتحدة.

ووجدت دراسة نشرت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أن تجربة الاقتراب من الموت ليست محض تخيلات ويكمن تفسيرها في المخ.

وقال  د. كيفن نيسلون، أخصائي علم الأعصاب والدارس لتجارب "مشارفة الموت - near death experiences": "هي تجارب حقيقية، يمر بها المرء أثناء محنة طبية أو عند التعرض للخطر.. للبشر الكثير من الانعكاس اللاإرادي، تساعد في بقائنا على قيد الحياة.. إنها تدخل في سياق ردة فعل "المكافحة أو الهروب - fight or flight" التي تنتابنا لدى الخطر."

ويعتقد العالم أن "المكافحة أو الهروب" هي جزء من ميكانيكية الحلم، وأن الشخص الذي يمر بتلك التجربة يدخل حالة "حركة العين السريعة  rapid eye movement REM التي ترافق مشاهدة الأحلام.

وأردف: "جزء من ردة فعل (المكافحة أو الهروب) يتضمن الانتقال إلى حالة حركة العين السريعة، حيث يتزايد نشاط الدماغ والتحفيز البصري، مما ينجم عنها مشاهدة أحلام."

أما عن النور الساطع، الذي يتحدث عنه معظم من مروا بتجارب "العودة من الموت" قال نيسلون "إن تنشيط النظام البصري الذي تتسبب به "حركة العين السريعة" يفرز الأضواء الساطعة."

وفيما يتعلق بتجربة المرور بنفق مظلم، يقول العلم إنها حالة تنجم عن توقف تدفق الدم إلى العين، يشرح قائلاً "شبكية العين أكثر الأجزاء الحساسة في العين التي تتأثر بوقف تدفق الدم، فحينما يحدث ذلك، يفشل النظر، وتصاب بالعتمة من المحيط الخارجي وحتى مركز العين، وهذا قد يولد تأثير النفق المظلم.

تجربة حقيقية أم حالة ذهنية؟

الى ذلك بدا الأول من إبريل/نيسان الماضي، للورا غيراغتي، كأي يوم آخر، استقبلته بأداء مهامها كسائقة حافلة مدرسية لطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى فاجأتها سكتة قلبية.

وقالت ممرضة المدرسة، التي قامت بإنعاش غيرافيتي في انتظار وصول الإسعاف، إن قلبها توقف تماماً عن الخفقان رغم محاولاتها اليائسة ولإنعاشها.

واسترجعت غيرافتي لحظات "وفاتها" قائلة إن جسمها خمد تماما، وشاهدته وهي تطفو بعيداً عن جسدها الخائر.

وأضافت: "طفيت بعيداً عن جسدي، جسمي كان في مكانه لكني بدأت أطفو بعيداً، نظرت للخلف وكان هناك."

وقالت إنها شاهدت في تلك اللحظة والدتها وزوجها السابق المتوفين: "كان هناك سكون تام.. المكان مضيء وجميل.. أتذكر مشاعر انتابتني كتلك التي تغمر المرء عند مشاهدة شخص عزيز لم يره من فترة.. أردت احتضانهم.. أتذكر جديداً محاولاتي لملامسة زوجي، لكنه رفض الإمساك بيدي، وطفا ووالدتي بعيداً عني."

وتابعت وصف تلك اللحظات: "بعدها شعرت بقوى هائلة وطاغية، عندما حدث ذلك كانت هناك صور ابني وابنتي وحفيدتي.. سطعت تلك الصور في ذهني في كل لحظة حتى عدت للحياة مجدداً."

وعادت غيراغتي من تجربة "مشارفة الموت" أو "العودة من الموت" تلك التي يمر بها بعض من تعرضوا لسكتة قلبية.

وخاضت الجدة التجربة في 57 دقيقة توقف فيها النبض، والأوكسجين والدورة الدموية تماماً، أنعشت 21 مرة قبيل أن تعود لـ"الحياة" مجدداً.

وتقول "مؤسسة تجارب الإشراف على الموت" إن نحو 800 تجربة كهذه تحدث يومياً في الولايات المتحدة.

ومن الناحية العلمية، يرى د. كيفن نيسلون، أخصائي علم الأعصاب والدارس لتجارب "مشارفة الموت - near death experiences" أن التجربة ليست محض تخيلات، ويكمن تفسيرها في المخ.

وأضاف نيسلون: "هي تجارب حقيقية، يمر بها المرء أثناء محنة طبية أو عند التعرض للخطر.. للبشر الكثير من الانعكاس اللاإرادي، تساعد في بقائنا على قيد الحياة.. إنها تدخل في سياق ردة فعل "المكافحة أو الهروب - fight or flight" التي تنتابنا لدى الخطر."

ويعتقد العالم أن "المكافحة أو الهروب" هي جزء من ميكانيكية الحلم، وأن الشخص الذي يمر بتلك التجربة يدخل حالة "حركة العين السريعة  rapid eye movement REM التي ترافق مشاهدة الأحلام.

وأردف: "جزء من ردة فعل (المكافحة أو الهروب) يتضمن الانتقال إلى حالة حركة العين السريعة، حيث يتزايد نشاط الدماغ والتحفيز البصري، مما ينجم عنها مشاهدة أحلام."

أما عن النور الساطع، الذي يتحدث عنه معظم من مروا بتجارب "العودة من الموت" قال نيسلون "إن تنشيط النظام البصري الذي تتسبب به "حركة العين السريعة" يفرز الأضواء الساطعة."

وفيما يتعلق بتجربة المرور بنفق مظلم، يقول العلم إنها حالة تنجم عن توقف تدفق الدم إلى العين، يشرح قائلاً "شبكية العين أكثر الأجزاء الحساسة في العين التي تتأثر بوقف تدفق الدم، فحينما يحدث ذلك، يفشل النظر، وتصاب بالعتمة من المحيط الخارجي وحتى مركز العين، وهذا قد يولد تأثير النفق المظلم.

وترفض غيراغتي تلك النظريات العلمية بالتأكيد: "حتماً انتقلت إلى مكان آخر.. أدرك تماماً بأنني ذهبت إلى عالم آخر."

ويوافقها بوب شرايفر، مؤسس "جمعية السكتة القلبية المفاجئة" قائلاً: "كيف يعقل أن يحلم الكثيرون بنفس الحلم؟ كيف يعقل ذلك وقد مر بتلك التجارب مئات الآلاف من الأشخاص، كيف نحلم جميعناً نفس الحلم ونصف ذات الأشياء."

أم وابنها يعودان إلى الحياة

في حادثة حيَّرت العلماء والمختصين واعتبرتها هي "معجزة عيد الميلاد"، "عادت امرأة وابنها إلى الحياة" بعد أن كان الأطباء قد أكَّدوا أن كليهما قد فارق الحياة بُعيد وضع الأم لطفلها في المستشفى بولاية كولورادو الأمريكية في 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

بالنسبة لتريسي ولزوجها مايك، فالأمر ببساطة "ليس سوى نتاج معجزة"

"لقد توقَّف قلب الأم تريسي هيرمانستورفير عن النبض تماما"، وكذلك بدا ابنها الوليد للتو، كولتين، "ميتا لا حراك فيه" بعد أن كان الأطباء قد أجروا للأم عملية ولادة قيصرية وأخرجوا الجنين من بطنها.

يقول الأطباء إن "موت" الأم وطفلها الوليد استمر عدة دقائق بعد انتهاء العملية القيصرية، وذلك قبل أن يبدأ كلاهما بالتنفس من جديد.

عجز عن التفسير

تحيِّر الظاهرة الدكتورة ستيفاني مارتن، الأخصائية في مجال صحة الأم والجنين، والتي تقول لبرنامج "صباح الخير أمريكا" إنها تقف عاجزة عن تفسير ما حدث أمام ناظريها، وكيف أن الأم وابنها "قد عادا إلى الحياة من جديد."

لم تقوَ على الاستيقاظ بعد أن أغمضت عينيها. كما توقفت عن التنفس، ويُعتقد أنها أُصيبت بسكتة قلبية قبل أن يتوقف قلبها عن النبض تماما.

لحظات عصيبة

ويستذكر الزوج البالغ من العمر 37 عاما تلك اللحظات العصيبة، فيقول إن زوجته بدأت تشعر بالتعب في أعقاب حقنها بإبرة في الظهر خلال المخاض. "هي لم تقوَ على الاستيقاظ بعد أن أغمضت عينيها، لا بل توقفت عن التنفس، ويُعتقد أنها أُصيبت بسكتة قلبية قبل أن يتوقف قلبها عن الخفقان بشكل كامل."

الدكتورة ستيفاني مارتن: لا تفسير لدي البتة لعودة دقات قلب الأم تريسي بعد كل ما حدث يتم استدعاء الدكتورة مارتن على الفور سعيا لإنقاذ الموقف. لكنها عندما تصل، تجد أن "الوضع مروِّع، فالأفق يكون عادة مسدودا في معظم الحالات الشبيهة بحالة تريسي تلك، وذلك على الرغم من أفضل الجهود التي يبذلها غالبا أفراد الطاقم الطبي المعالج، إذ يتعذَّر غالبا إنعاش الأم في مثل تلك الحالات".

يحاول الأطباء جاهدين بعدئذ التركيز على إنقاذ حياة الجنين بإجراء عملية قيصرية للأم "المتوفاة" وإخراج ابنها من بطنها. لكن، ما خرجوا به لم يكن إلا مولودا رخوا واهنا لا تبدو عليه أي علامات على وجود حركة أو حياة تدب في عروقه.

أخذ وعطاء

يقول الزوج مايك في مقابلة مع وكالة الأسوشييتد برس للأنباء: "لقد شعرت فجأة أن كل ما كان لدي في هذا العالم قد أُخذ مني. ولكن، في غضون ساعة ونصف الساعة رُدَّ إلي كل شيء."

على الرغم من إجرائهم كافة الاختبارات، لا يزال الأطباء غير متأكدين بشأن ما الذي قد جرى بالضبط

الدكتورة ستيفاني مارتن، أخصائية في مجال صحة الأم والجنين

وبالعود إلى الدكتورة مارتن، نراها تحرص على التأكيد أن "لا تفسير لدي البتة لعودة دقات قلب الأم تريسي بعد كل ما حدث."

وتقول: "خلال حوالي أربع أو خمس دقائق لم يكن هنالك أي مؤشر على وجود نبض أو حركة في قلبها، كما أن تنفسها توقف لمدة دقيقة أو دقيقتين قبل توقف قلبها عن الخفقان كليا."

في تلك الأثناء يتفرغ الأطباء لعملية إنعاش الطفل الوليد.

ما الذي حدث؟

وتتابع الدكتورة مارتن وصف المشهد بقولها: "على الرغم من إجرائهم كافة الاختبارات، لا يزال الأطباء غير متأكدين بشأن ما الذي قد جرى بالضبط."

لكن الأمر بالنسبة لتريسي ولزوجها مايك قد يكون مختلفا بعض الشيء، فهما ببساطة يعتقدان أن القصة وما فيها "ليس سوى نتاج معجزة." تقول تريسي: "لقد مُنحت فرصة ثانية بالحياة."

أمَّا الدكتورة مارتن، فتقول إنها "تأخذ المساعدة من أنَّى أتت".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/نيسان/2010 - 29/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م