ما قبل الطاولة المستديرة... المالكي خارج اللعبة

الصدر يشن هجوما وإيران تدعو الى مشاركة سنية

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: في الوقت الذي ساد الهدوء أو بالأحرى البطء الملحوظ في مباحثات تشكيل الحكومة العراقية القادمة تفضي العديد من المعطيات إلى وجود نية لدى معظم الأحزاب السياسية وان كانت غير معلنه في طرح شخصية توافقية جديدة لشغل منصب رئاسة الوزراء في المرحلة المقبلة.

فيبدو أن فرص رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في أن يعاد تعيينه في منصبه بدأت تتراجع فيما انقلب حلفاؤه المحتملون ضده بعد مرور شهر على انتخابات لم تسفر عن فائز واضح فيها.

وينسب المالكي الفضل لنفسه في القضاء على العنف الذي كان منتشرا بين السنة والشيعة ولكن خصومه يرون فيه رجلا قويا مثيرا للانقسام.

وحصل تحالف دولة القانون الذي يرأسه على المركز الثاني في انتخابات السابع من مارس آذار.

تراجع احتمال المالكي

يقول توبي دودج الاستاذ المساعد في السياسة الدولية في جامعة لندن " كان أداء المالكي طيبا في الانتخابات ولكن لم يكن طيبا بما فيه الكفاية.. كان (المالكي) يعتقد أنه سيكون في موقع قوة ولكن بدلا من ذلك يواجه سلسلة من المشاكل."

وبعد مرور أكثر من شهر على الانتخابات ما زال العراق ينتظر النتيجة النهائية الرسمية. ويلوح في الافق احتمال أن تطول المشاورات الرامية لتشكيل الحكومة ويطغى عليها تهديد الهجمات التي يشنها المسلحون السنة الذين يواصلون حصد عشرات القتلى في كل شهر في تفجيرات انتحارية وعمليات اطلاق نار. بحسب رويترز.

واذا ما حدث ارتفاع حاد في أعمال العنف فان ذلك من شأنه أن يهدد الخطط الامريكية الرامية لانهاء العمليات العسكرية في أغسطس اب تمهيدا لانسحاب كامل بحلول نهاية 2011.

ويقول محللون ان المالكي درج على تنفير الحلفاء المحتملين داخل البلاد وخارجها وزاد المخاوف من أن تكون لديه توجهات سلطوية. وعاد ذلك السلوك عليه بالقلق فيما تجرى محادثات لتشكيل تحالف.

وقال أنتوني كورديسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي مقره واشنطن "كثير من الناس كانوا يخشون من أن يكون المالكي راغبا في أن يصير رجلا قويا."

وقللت هذه الشكوك من التأييد بين أفراد الاقلية الكردية التي تتمتع بدرجة من الاستقلال في شمال العراق منذ نحو عقدين من الزمان. كما قللت التأييد بين الشيعة الذين يخشون أن يقيد حركتهم أو حركة الميليشيا الخاصة بهم.

ويقول المحللون انه سواء استمر المالكي في رئاسة الحكومة أو لم يستمر فان الاتفاقات النفطية المهمة لاعادة اعمار العراق مستمرة.

وبعد الانتخابات الوطنية التي جرت في ديسمبر كانون الاول 2005 جرت محادثات مطولة من أجل تشكيل حكومة. وخلال تلك الفترة ازدادت أعمال العنف الطائفية ضراوة.

وبعد مرور أربعة أعوام نجحت القوات العراقية والامريكية في اعادة الاستقرار نسبيا الى معظم أرجاء البلاد.

وفي اطار جهود فرض الاستقرار أرسل المالكي قوات في عام 2008 لسحق جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المعادي للولايات المتحدة. وعادت تلك الخطوة عليه لتلاحقه.

ويجري تحالف دولة القانون والتحالف الوطني العراقي مشاورات بشأن تشكيل ائتلاف حكومي له أغلبية 325 مقعدا في البرلمان.

وقالت جالا رياني المحللة في اي.اتش.اس جلوبال انسايت "المالكي عزل لبعض الوقت وقضم لقمة أكبر مما يستطيع مضغه."

وأضافت "الاحزاب السياسية الاخرى لا تريده أن يعود.. ايران وسوريا والدول العربية الاخرى لا تريده أن يعود. والاكراد لا يريدونه أن يعود أيضا."

من جهته نفى حاجم الحسني المتحدث باسم تحالف دولة القانون التقارير الاعلامية التي تفيد بأن التحالف قد يقترح مرشحا اخر.

ووصف تلك التقارير بأنها " فقاعات اعلامية". وأشار الى أن المالكي ما زال المرشح الوحيد للتحالف.

ولكن علي الاديب حليف المالكي أكد على أن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة." ويقول كثير من المحللين ان موقف المالكي ضعيف في الحصول على المنصب.

وقال يحيى عارف الكبيسي الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية "انا اعتقد ان فرص المالكي للفوز بولاية ثانية اصبحت ضعيفة الى حد بعيد... كثير من الاطراف لديها مواقف معلنة ضد المالكي." وأضاف أن المالكي "اصبح خارج اللعبة."

وربما يؤثر مصير المالكي على ما سيحل بالتعاقدات النفطية التي وقعها وزير النفط حسين الشهرستاني والتي من شأنها أن تزيد انتاج النفط من 2.5 مليون برميل يوميا الى نحو 12 مليون برميل.

ويعني وجود عوائد بعشرات المليارات من الدولارات أنه ليس من المرجح أن يلغي أي شخص يحل محل المالكي هذه الاتفاقات القيمة.

وأضافت رياني "أيا كان الذي سينتهي به المطاف في السلطة فلن يكون له وقت للعبث.. البلاد على درجة من الاستقرار الان بحيث صارت قضية الخبز مهمة.. لذا فسيتعين على الحكومة أن تبدأ توفير الخدمات الاساسية."

الصدر ينتقد المالكي لكن لا فيتو

من جهته وجه الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر انتقادات حادة لرئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي. فقد وصف الصدر المالكي بانه كاذب ، واعتبر ما تحقق خلال عهد حكومته فاشلا .

وقال الصدر، في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية، ان المالكي اعتقل انصاره وسجنهم واعتبرهم ارهابيين.. يكذب ويصدق الكذبة، قال لقد اخرجناهم من السجن.

واضاف ان المعتقلين من انصاره في السجون العراقية يقدرون بنحو ألفين، حيث اتهم البعض منهم بتأجيج الحرب الطائفية والبعض بالمقاومة.

واوضح الصدر، في المقابلة التي اجريت معه في مقر اقامته في ايران، قائلا: لقد جاءني هنا وفد من دولة القانون يعرض اطلاق سراحهم لكنني رفضت ادخال ورقة المعتقلين في المحادثات حول تشكيل الحكومة، فلست بحاجة الى ان تطلق سراحهم هذه الحكومة .

وحول شخصية رئيس الوزراء المقبل قال الصدر: افضل ان يكون خارج نطاق من كانوا في الخارج، لقد جربناهم ولم ينجحوا في خدمة الشعب .

وحول مسألة الاعتراض على المالكي قال: احاول ان لا يكون هناك فيتو على اي كان، لكن القواعد الشعبية لها فيتو على المالكي، لكننا لا نغلق الباب بوجه احد .

واضاف الصدر: لقد تنازلت عن الوزارات الست، ومن ثم اتهموني بانني خارج العملية السياسية وخارج القانون، تعاملوا معي بشكل سياسي منحط في حين تعاملت معهم بشكل اخلاقي . بحسب فرانس برس.

وحول رأيه بالاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة قال: استنكر الاتفاقية وارفضها، واذا اردت فانني اعتبرها انجازا للمالكي لكنه (انجاز) فاشل. ودعا الصدر الى حكومة مشاركة لا تشمل البعثيين ولا المقربين من الاحتلال .

يشار الى ان رئيس الوزراء العراقي الاسبق ابراهيم الجعفري كان احتل المركز الاول في الاستفتاء الذي جرى بين مؤيدي التيار الصدري في العراق في السابع من ابريل/ نيسان الجاري، والذي شارك فيه نحو 1,4 مليون شخص.

اما المالكي فقد جاء في المركز الرابع بنحو عشرة في المئة من الاصوات، تلاه اياد علاوي بنحو تسعة في المئة.

خسارة 750 الف صوت

ادعى ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي الاحد خسارة 750 الف صوت في الانتخابات وقدم طعونا في نتائجها بسبب "تلاعب في عمليات العد والفرز".

وقال الناطق باسم الائتلاف حاجم الحسني في مؤتمر صحافي عرضت خلاله "ادلة" تقدم بها الائتلاف للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات "ان التلاعب بعمليات العد والفرز تسببت بخسارة 750 الف صوت لائتلاف دولة القانون في خمس محافظات". والمحافظات هي بغداد والبصرة والقادسية ونينوى والانبار. بحسب فرانس برس.

واضاف الحسني "نامل ان تقوم الهيئة التمييزية القضائية بواجبها تجاه الطعون وتنظر فيها بشكل جدي".

يشار الى ان هذه الهيئة القضائية الخاصة التي تبت في الطعون مكونة من قضاة في المحكمة الاتحادية ومجلس شورى الدولة، وقرارها يكون ملزما للمفوضية والكيانات السياسية.

بدوره، قال حسين الشهرستاني النائب عن الائتلاف "نحترم قرارات القضاء ومهما تكون فهي حاسمة ومضمونة".

وعرض عددا من الاستمارات مشيرا الى انها "تضم عددا من اصوات المحطات الانتخابية التي تبين ان موظفا واحد وقعها، وهي تحمل اسماء موظفين مختلفين، وقامت المفوضية باعتمادها".

واضاف "هناك استمارات لا تتطابق فيها اعداد الاصوات التي حصل عليها مرشحو دولة القانون مع حقيقة ما حصلوا عليه".

يذكر ان قائمة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي تصدرت نتائج الانتخابات بحصولها على 91 مقعدا مقابل 89 لدولة القانون، في حين حصل الائتلاف الوطني الذي يضم الاحزاب الشيعية على سبعين مقعدا، وحل التحالف الكردستاني رابعا مع 43 مقعدا.

من جهته، قال اياد الكناني عضو المفوضية المستقلة ان "الجهات القضائية تبقى صاحبة الكلمة الفصل كونها الوحيدة التي تستطيع النظر في الادلة".

ورفض الخوض في مدى تاثير الطعون على نتائج الانتخابات التي جرت في السابع من اذار/مارس الماضي.

طهران تدعو الى مشاركة السّنة

في سياق متصل دعت ايران الزعماء السياسيين العراقيين الى تشكيل حكومة وحدة وطنية يدخل في تكوينها السّنة.

وقال السفير الايراني لدى بغداد حسن كاظمي قمي ان القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي ستجري مباحثات مع الزعماء الايرانيين في طهران خلال الايام القليلة المقبلة.

وكانت قائمة علاوي قد خرجت باكبر عدد من المقاعد البرلمانية بين القوائم المتنافسة الاخرى في الانتخابات العامة التي جرت الشهر الماضي.

يشار الى ان المفاوضات تجرى حاليا في العراق بشكل نشيط لتشكيل ائتلاف حكومي منذ انتهاء الانتخابات التي لم تخرج بفائز حاسم.

وقد ظل الايرانيون يدعمون خلال السنوات الماضية حكومات متعاقبة هيمنت عليها الاغلبية الشيعية.

وقال السفير قمي خلال مؤتمر صحفي عقد في بغداد: نحن ندعم ونشجع مشاركة جميع الاطراف، الا ان هذا شأن عراقي داخلي، نحن فقط نتشاور، لا اكثر، ونحن منفتحون امام جميع الاطراف .

يذكر ان وفودا من الجهات العراقية الرئيسية الفائزة في تلك الانتخابات، ومنهم الاكراد، توجهوا تباعا الى طهران للتشاور حول تشكيل الحكومة المقبلة.

وقد انتقد علاوي، الشيعي العلماني، منافسيه في القوائم الاخرى الذين توجهوا الى طهران بعد ايام قليلة من الاعلان عن نتائج الانتخابات.

وتعليقا عن تصريحات قمي، قال السفير الامريكي لدى بغداد كريستوفر هيل: اعتقد ان هذا قرار يخص العراقيين . بحسب رويترز.

وكانت القائمة العراقية قد حصلت في تلك الانتخابات على 91 مقعدا في البرلمان، متقدمة بمقعدين على قائمة دولة القانون برئاسة نوري المالكي.

وكان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قد دعا، كما هو حال الايرانيين، الى حكومة تدخل فيها كافة الطوائف والمكونات العراقية.

من جهته، قال سفير الولايات المتحدة لدى العراق كريستوفر هيل للصحافيين ردا على تصريحات قمي بشان تشكيل الحكومة "اقترح عليه ان يترك الامر للعراقيين". واضاف ان "الحكومة العراقية المقبلة ستتشكل في العراق وليس في بلد مجاور".

وتابع هيل "نحن في انتظار المصادقة على نتائج الانتخابات في غضون اسبوعين، وان يجتمع البرلمان بعدها باسبوعين، ومن ثم هناك حاجة الى شهر او اكثر بقليل لتشكيل الحكومة".

السفير المصري يدعو للعودة

الى ذلك دعا السفير المصري لدى العراق شريف شاهين السبت الدول العربية للعودة الى بغداد و"الوقوف الى جانبها"، رغم الهجوم الانتحاري الذي استهدف البعثة المصرية وعددا من السفارات الاحد الماضي.

وقال شاهين للصحافيين خلال لقائه وزير الداخلية جواد البولاني في مبنى البعثة شبه المدمر في حي المنصور، غرب بغداد، ان "رسالتنا للدول العربية هي لا بد من العودة الى العراق والوقوف الى جانبه".

واضاف ان "هذه التفجيرات تستهدف العراق ومن يريد الوقوف الى جانبه (...) نحن متضامنون مع العراق وحكومته دائما كما اننا معرضون مثل اي سفارة لمثل هذه المواقف". واكد شاهين ان ذلك "لن يؤثر على وجودنا فنحن هنا من اجل العراق".

وتسلم شاهين منصبه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي كاول سفير مصري في بغداد بعد سقوط نظام صدام.

ولم يكن لمصر تمثيل دبلوماسي منذ خطف القائم بالاعمال المصري ايهاب الشريف في بغداد في تموز/يوليو 2005 واغتياله في عملية اعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها.

وقد فجر انتحاري يقود شاحنة نفسه في وقت سابق عند مدخل السفارة المصرية التي دمرت جزئيا قبل ان يفجر اخر نفسه على مقربة من السفارات الالمانية والاسبانية والسورية، كما استهدفت السفارة الايرانية بعملية انتحارية ثالثة. بحسب فرانس برس.

ولم تسفر الهجمات عن مقتل اي دبلوماسي، لكنها اوقعت ما لا يقل عن ثلاثين قتيلا واكثر من مئتي جريح. وقد اعلنت "دولة العراق الاسلامية" مسؤوليتها عن الهجمات ووصفتها بانها "الموجة الخامسة" في الحملة التي بدأتها منتصف العام 2009 ضد اهداف حكومية.

بدوره، قال البولاني الذي تفقد السفارات الالمانية والايرانية والمصرية "جئنا للاطمئنان على الاجراءات والتدابير الامنية التي تتخذها مديرية حماية السفارات التابعة لوزارة الداخلية".

واضاف "اعتقد ان التفجيرات رسالة المفلسين والخائبين (...) الارهاب لم يوقف تطلعات العراقيين، وهو خطر يواجه الجميع". كما تفقد الوزير السفارتين الالمانية والايرانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/نيسان/2010 - 29/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م