
شبكة النبأ: لقي الرئيس البولندي ليخ
كاتشينسكي والعديد من كبار ضباط الجيش والمسئولين البولنديين حتفهم في
حادث تحطم طائرتهم أسفر عن مصرع جميع ركابها قرب سمولنسك غرب روسيا حيث
أعلن حداد وطني وكذلك في بولندا.
وفي غضون هذه الأحداث دخلت الدولة البولندية وجيشها أزمة خطيرة
وعقدت الحكومة اجتماعا عاجلا لتحديد خطواتها التالية، ودعا رئيس
الوزراء دونالد تاسك البولنديين الى المحافظة على الهدوء في فترة
الحداد الوطني، ولم يعلن أي تفاصيل حول المناقشات التي أجراها. لكن لا
خوف من أي فراغ مؤسساتي إذ ينص الدستور على تولي رئيس البرلمان
برونيسلاف كوموروفسكي مهام الرئاسة بالوكالة وكذلك على جدول زمني مفصل
لإجراء انتخابات رئاسية.
وأعلن وزير الحالات الطارئة الروسي سيرغي شويغو انه تم العثور على
جثث جميع الضحايا الـ97 لحادث تحطم الطائرة البولندية التي قضى فيها
الرئيس ليخ كاتشينسكي قرب سمولنسك في غرب روسيا.
وقال الوزير الروسي كما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية "تم العثور
على جثث جميع الضحايا وقد بدأنا بإرسالها إلى موسكو بالتعاون مع
السلطات المحلية ودعمها". واوضح ان كل الاستعدادات انجزت في موسكو
لاستقبال عائلات الضحايا.
وكانت الطائرة المنكوبة وهي من طراز بوبوليف 154 تقل 97 شخصا من
بينهم كاتشينسكي وزوجته ورئيس البنك المركزي البولندي سلافومير سكرزيبك،
وقائد اركان القوات المسلحة فرانسيشك غاغور وكبار قادة الجيش البولندي
بحسب سلطات البلاد. ولم ينج احد من الحادث.
وكان الرئيس البولندي، الذي عثر على جثمانه في موقع سقوط الطائرة،
وزوجته متوجهين مع كبار المسؤولين البولنديين الى كاتين القريبة من
سمولنسك لاحياء ذكرى 22 الف ضابط بولندي اعدمتهم شرطة ستالين قبل 70
سنة. بحسب رويترز.
وتحطمت الطائرة في الساعة 10,50 (06,50 ت غ) قرب مدرج الهبوط في
مطار سمولينسك العسكري بعد محاولات عدة غير ناجحة للهبوط بسبب الضباب
الكثيف وفقا للسلطات الروسية. واوضح حاكم المنطقة سيرغي انتوفييف ان
الطائرة "ارتطمت باعالي الاشجار وسقطت وتحطمت".
واوضحت وكالة انترفاكس ان السلطات الروسية عرضت على الطاقم البولندي
الهبوط في مينسك او في موسكو بسبب الضباب الكثيف الا ان الطيار رفض
العرض وحاول الهبوط اكثر من مرة قرب سمولينسك كما كان مقررا.
وتحطمت الطائرة في رابع محاولة هبوط على ما افادت انترفاكس. وارجعت
السلطات الروسية سبب الحادث الى خطا الطيارين واكد مساعد قائد اركان
الجيش الروسي الكسندر اليوشين ان الطيارين تجاهلوا تعليمات المراقبين
الجويين الروس.
وفرضت السلطات طوقا امنيا حول مكان الكارثة التي لا يزال يصل اليها
رجال الاطفاء والانقاذ كما افادت مصورة لفرانس برس في حين كانت بعض
اجزاء الطائرة لا تزال مشتعلة.
ومن ناحيته، دعا رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين المحققين الى
ان يحددوا "في اسرع وقت" اسباب تحطم الطائرة البولندية التي قضى على
متنها الرئيس ليخ كاتشينسكي قرب سمولنسك في غرب روسيا.
وقال بوتين كما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية "في اطار اللجنة
الحكومية التي شكلت بقرار من الحكومة، يجب بذل كل الجهود لتحديد اسباب
المأساة في اسرع وقت".
واعتبر بوتين انه "امر لم يسبق له مثيل" وذلك خلال لقاء مع الرئيس
الروسي ديميتري مدفيديف الذي امر باجراء "تحقيق دقيق" في هذه الماساة.
وفي وارسو، تجمع عشرات الاف الاشخاص مساء السبت في حي القصر الرئاسي
في وارسو للتعبير عن حزنهم لكارثة الطائرة، حسب ما افاد مصور فرانس برس.
وغصت الجادة التي تصل الى القصر الجمهوري القريب من من المدينة
القديمة والشوارع المحيطة به بالجموع التي اتشحت بالسواد واضاءت الشموع.
واعلن الرئيس الروسي الاثنين يوم حداد في روسيا في حين اعلنت بولندا
الحداد سبعة ايام كما اعلن رئيس الدييت (مجلس النواب البولندي)
برونيسلاف كوموروفسكي الذي تولى رئاسة البلاد بالوكالة اثر مقتل الرئيس
وفقا للدستور.
وقال الرئيس الروسي متوجها الى الشعب البولندي عبر التلفزيون "باسم
الشعب الروسي اعرب عن اصدق واعمق التعازي" مضيفا "كل الروس يشاطرونكم
الالام والحداد". واعلن ان "الاثنين 12 نيسان/ابريل سيعلن يوم حداد
وطني في روسيا".
والغى رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك زيارته الاثنين لواشنطن
للمشاركة في القمة حول الارهاب النووي بعد الكارثة الجوية بالقرب من
سمولنسك بغرب روسيا التي قضى فيها الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي
والعديد من كبار ضباط الجيش والمسؤولين البولنديين، حسب ما اعلن المكتب
الصحافي للحكومة البولندية.
والغى ايضا زيارته الى كندا التي كانت مقررة هذا الاسبوع، حسب
المصدر نفسه. واضاف المصدر "بعد الكارثة الجوية الغى رئيس الوزراء
دونالد تاسك زيارته الى واشنطن وزيارته الى كندا المقررة الاسبوع
المقبل".
وقد عاد تاسك فجر الاحد الى وارثو عائدا من سمولنسك (غرب روسيا).
واوضح المتحدث ان اجتماعا استثنائيا للحكومة البولندية سيعقد خلال
النهار.
واعلن الاتحاد الاوروبي يوم حداد الاثنين في بروكسل حدادا على ارواح
الطائرة، حسب ما اعلن مصدر حكومي اسباني. وقال المصدر ان اعلام
المؤسسات الاوروبية في بروكسل سوف تنكس وستسبق جميع الاجتماعات المقررة
ليوم الاثنين الوقوف دقيقتي صمت.
الدولة وجيشها أمام أزمة خطيرة
وفي غضون هذه الأحداث دخلت الدولة البولندية وجيشها أزمة خطيرة
نتيجة مقتل رئيسها ليخ كاتشينسكي وكبار قادة الجيش وعدد كبير من
المسؤولين في تحطم طائرة كانت تنقلهم في روسيا.
وعقدت الحكومة اجتماعا عاجلا بعيد ظهر اليوم لتحديد خطواتها التالية.
ودعا رئيس الوزراء دونالد تاسك البولنديين الى "المحافظة على الهدوء في
فترة الحداد الوطني"، ولم يعلن اي تفاصيل حول المناقشات التي اجراها.
لكن لا خوف من اي فراغ مؤسساتي اذ ينص الدستور على تولي رئيس البرلمان
برونيسلاف كوموروفسكي مهمات الرئاسة بالوكالة وكذلك على جدول زمني مفصل
لاجراء انتخابات رئاسية.
وبموجب المادة 128 من الدستور فان امام رئيس مجلس النواب 14 يوما
لتحديد موعد الانتخابات "باختياره يوما لا يتزامن مع اي مناسبة خلال
الايام الستين التي تبدأ من يوم تحديد موعد الانتخابات".
وكانت الانتخابات مقررة في بولندا في تشرين الاول/اكتوبر. وكان
سيتواجه فيها ليش كاتشينسكي المحافظ وكوموروفسكي، المرشح الرسمي لحزب
المنبر المدني الليبرالي الذي يترأسه تاسك.
واجتمعت رئاسة اركان الجيش البولندي السبت. ونقلت وكالة الانباء
البولندية (باب) عن المتحدث باسم رئاسة الاركان داريوس نيدزيلسكي قوله
"حيال هذه الازمة، ستتخذ (رئاسة الاركان) القرارات المناسبة".
ومن بين 88 اسما لمن كانوا على متن الطائرة التي تحطمت السبت برز
اسم الجنرال برونيسلاف كوياتكوفسكي قائد القوات العملانية في بولندا
العضو في الحلف الاطلسي.
ومن بين الضحايا كذلك الجنرالات تادوز بوك قائد سلاح البر، اندرزي
بلاسيك قائد سلاح الجو، ووجشيك بوتاسينكي قائد القوات الخاصة، الى جانب
نائب الاميرال اندرزي كرويتا قائد سلاح البحرية.
وصرحت المحللة السياسية لينا كولارسكا بوبينسكا لوكالة فرانس برس "سيتم
الانتقال الى جيل جديد في الجيش البولندي. وسبق ان بدأت هذه العملية
لكن القدر عجل في وتيرتها".
كما قضى محافظ المصرف المركزي سلافومير سكرزيبك في الحادث. واعلن
المصرف المركزي في بيان ان "المصرف المركزي البولندي يعمل ويتم كل
المهمات التي ينص عليها القانون".
وعلى المستوى السياسي قالت المحللة السياسية "تبدو نتيجة الانتخابات
الرئاسية مؤكدة، اذ ان مرشحين مهمين من حزبي المعارضة الرئيسيين قضيا
في الحادث" في اشارة الى كاتشينسكي الذي كان من المفترض ان يترشح عن
حزب الحق والعدالة المحافظ وجيرزي سزمايدزينسكي المرشح الرسمي لتحالف
اليسار الديموقراطي.
مقتل الرئيس يعزّز فرص رئيس الوزراء
وأزاح تحطم الطائرة الذي أودى بحياة الرئيس البولندي وكبار الساسة
المعارضين دفعة واحدة المنافسين الرئيسيين عن طريق رئيس الوزراء دونالد
تاسك وحزبه الحاكم المنتدى المدني المنتمي لتيار الوسط.
وفي حين وجه الحادث ضربة صادمة للامة البولندية يقول محللون ان
الاليات الدستورية ستضمن عدم وجود فراغ في السلطة ولن يكون هناك اي اثر
طويل الامد على الاستقرار.
فالحادث سيعزز هيمنة تاسك الكبيرة بالفعل على السياسات البولندية
ويقول محللون انه ربما خفف نسبيا من العواقب على الامد الطويل رغم انهم
يشددون ايضا على انه من السابق لاوانه توقع التأثير الكامل لمثل هذا
الحادث غير المسبوق على الحالة النفسية للمواطنين.
وكان الرئيس ليخ كاتشينسكي وكبار معاونيه ومحافظ البنك المركزي
وسبعة نواب من حزب القانون والعدالة اكبر الاحزاب المعارضة من بين 96
شخصا قتلوا عندما تحطمت طائرتهم في ضباب كثيف قرب سمولينسك بغرب روسيا.
بحسب رويترز.
وقال بريستون كيت المحلل بمؤسسة اوراسيا جروب لاستشارات المخاطر
السياسية ومقرها لندن "تحطم الطائرة اليوم سيثير مخاوف بشأن الاستقرار
السياسي ( البولندي) والعلاقات مع روسيا لكن التوقعات مطمئنة فيما
يتعلق بالانتقال المؤسسي للرئاسة والبنك المركزي. "سيتحرك اللاعبون
السياسيون الرئيسيون بسرعة لارساء استقرار الوضع."
وقاد كاتشينسكي (60 عاما) وشقيقه التوأم ياروسلاف - الذي يرأس حزب
القانون والعدالة ولم يكن معه على الطائرة - المعارضة للسياسات
الاقتصادية المؤيدة للسوق التي يتبناها تاسك وانضمامه للاتحاد الاوروبي
ومسعاه من اجل العمل مبكرا باليورو.
وكان من المتوقع ان يسعى الراحل ليخ كاتشينسكي - المعروف بقوميته
النضالية واخلاصه للمذهب الكاثوليكي وتشككه العميق في كل من الاتحاد
الاوروبي ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين - لتفويض جديد مدته خمس
سنوات في الانتخابات الرئاسية المقررة هذا الخريف.
وبموجب القانون البولندي يتولى رئيس البرلمان الحالي برونيسلاف
كوموروفسكي حاليا منصب القائم باعمال الرئيس وستجرى الانتخابات بنهاية
يونيو حزيران. وكوموروفسكي (58 عاما) هو مرشح حزب المنتدى المدني الذي
ينتمي اليه تاسك. كما توفي في الحادث مرشح حزب تحالف اليسار الديمقراطي
الصغير المعارض جيرزي سزمايدزينسكي.
وتمسك الحكومة في بولندا بزمام السلطة تقريبا لكن الرئيس لديه رأي
في السياسة الخارجية ويمكن ان ينقض القوانين. واغضب كاتشينسكي حكومة
تاسك بعرقلته اصلاحات خاصة بالاعلام والصحة والمعاشات.
وقال مسؤول حكومي شريطة عدم الكشف عن هويته لرويترز "عندما يهدأ
الامر فلا اعتقد ان هذه الكارثة ستغير الوضع في بولندا تغييرا جذريا من
الناحية الاقتصادية أو من أي ناحية اخرى.
"هناك كثير من أوجه عدم وضوح الرؤية في الوقت الحالي. الناس قلقون
بشدة لكن المخاطر تبدو محدودة نسبيا. الديمقراطية البولندية يجب ان
تثبت صلابتها. الدستور ينص بوضوح على ما يجب ان يفعل."
واضاف المسؤول الحكومي "حملة الانتخابات الرئاسية ستكون صعبة لكني
اتوقع ان يظهر الناس ضبط النفس في هذه الظروف."
ويتوقع كثيرون زيادة في التعاطف مع ياروسلاف كاتشينسكي وحزب القانون
والعدالة وهو حزب شعبي يميني في الاسابيع المقبلة لكن لا يزال من غير
الواضح تماما ان كان ذلك سيترجم الى اصوات.
ويلي حزب القانون والعدالة حزب المنتدى المدني المنتمي اليه تاسك في
استطلاعات الرأي التي تظهر بلوغ نسبة تأييده نحو 25 في المئة مقابل 50
في المئة للحزب الحاكم. ومن المقرر ان تجري بولندا انتخابات وطنية
العام المقبل.
وقال كرزيسزتوف بوبينسكي رئيس مركز يونيا اند بولسكا فاونديشن
للابحاث المؤيد للاتحاد الاوروبي "النظرية هي ان (ليخ) كان في طريقه
لخسارة الانتخابات في وقت لاحق هذا العام وكذلك جميع المعاونين الذين
ماتوا معه كانوا سيخرجون من السلطة ايضا.
"الكارثة قد تثير تغييرا في الاجيال في حزب القانون والعدالة حيث
سيكون ياروسلاف قد حطم. لقد كان قرييا جدا من اخيه. لقد هيمن تماما على
حزب القانون والعدالة لكن هذا قد يمثل فرصة الان للاعضاء الاصغر في
الحزب ان يتقدموا للامام."
ولا تقتصر الضربة المدمرة على حزب القانون والعدالة. فمن بين القتلى
في حادث السبت حلفاء لكاتشينسكي مثل سلافومير سكرزيبيك محافظ البنك
المركزي ويانوش كورتيكا رئيس معهد الذاكرة الوطنية الذي يشرف على
الارشيف البولندي الذي يعود للحقبة السوفيتية.
بوتين يشرف على التحقيق بالحادثة
وقال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين إنه سيشرف شخصيا على لجنة
التحقيق بحادثة مقتل الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي و96 شخصا آخر نتيجة
تحطّم الطائرة التي كانت تقلهم قرب مدينة سمولينسك الواقعة غربي روسيا
السبت الماضي.
جاء إعلان بوتين هذا أثناء تفقده موقع تحطم الطائرة برفقة نظيره
البولندي، دونالد تاسك. هذا وقد عرض التلفزيون البولندي لقطات ظهر فيها
بوتين وتاسك في موقع تحطم الطائرة حيث كانا يناقشان آخر التطورات
المتعلقة بالحادث. كما ظهر بوتين وتاسك في إحدى اللقطات في وقت لاحق
وهما يتعانقان بعد أن وضعا إكليلين من الزهور وسط حطام الطائرة.
وقال بوتين إن جثث ضحايا تحطم الطائرة نُقلت الى موسكو من أجل فحصها
وتحديد أصحابها. وفي وقت لاحق، ذكرت الإذاعة البولندية أن جثة الرئيس
البولندي الراحل وجثث الضحايا الآخرين سوف تصل إلى بولندا اليوم الأحد.
بدوره وصف تاسك الحادث بقوله: إنها أكبر فاجعة تشهدها بولندا منذ الحرب
العالمية الثانية.
من جانبهم، قال المحققون الروس والبولنديون المتواجون في موقع
الحادث إنهم استلموا الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، والذي يحتوي على
جهاز لتسجيل المعلومات المتعلقة بالرحلة من بيانات رقمية وفيزيائية،
وآخر لتسجيل الأصوات والحوارات داخل الطائرة.
وأضاف المحققون قائلين إنهم يودون فحص وتدقيق التقارير الروسية التي
ذكرت أن الطيار تجاهل إنذارات متكررة بألاَّ يحاول الهبوط بسبب الظروف
الجوية السيئة في المنطقة.
وكان شهود عيان قد قالوا إن جناح طائرة التوبوليف 154 الأيسر كان
متجها نحو الأسفل لدى اقترابها من قاعدة سموليسنك. وأضافوا قائلين إن
الطائرة اصطدمت بالأشجار لدى سقوطها، لتتحطم بعد ذلك وينتشر حطامها على
مساحة واسعة وسط منطقة غابات.
في غضون ذلك، نقلت وكالة الأنباء الروسية نوفوستي عن أحد النواب
البولنديين قوله إن جاروسلاو كاتشينسكي، رئيس وزراء بولندا السابق
والشقيق التوأم للرئيس الراحل ليخ كاتشينسكي، قد زار أيضا موقع الحادث
وتعرَّف على جثة شقيقه. وكان جاروسلاو كاتشينسكي وتاسك قد سافرا برَّا
إلى مدينة سمولينسك قادمين من مدينة فيتيبسك في روسيا البيضاء.
يُذكر أن الرئيس البولندي والوفد المرافق كانوا متوجهين لإحياء
الذكرى السبعين لمذبحة كاتيان التي قضى فيها آلاف البولنديين على أيدي
القوات السوفياتية خلال الحرب العالمية الثانية. وجرت المذبحة، التي
تعرف باسم غابة كاتيان التي شهدت فصولها، على الحدود مع روسيا البيضاء.
حزن شديد في العالم..
وأثارت كارثة تحطم الطائرة الذي أودى بحياة الرئيس البولندي ليخ
كاتشينسكي مع عدد من كبار المسؤولين السبت في روسيا مشاعر الحزن
والتأثر الشديد وسيلا من ردود الفعل من العالم اجمع.
فقد أعلن الاتحاد الاوروبي الحداد الاثنين في بروكسل. وحيا الاتحاد
بالاجماع كاتشينسكي بالرغم من انه اعاق الاتفاق حول معاهدة لشبونة.
ونكست اعلام المؤسسات الاوروبية في بروكسل وسيتم الوقوف دقيقتي صمت في
كل اجتماعات الاتحاد في اليوم نفسه.
فيما تحدث رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه لويس ثاباتيرو عن "خسارة لا
تعوض". وقال الرئيس التشيكي فاسلاف كلاوس انه "حادث مريع" ورفع العلم
البولندي فوق قصر براغ مقره الرسمي. كما وصف رئيس سلوفاكيا ايفان
غاسباروفيتس الحادث بانه "نبأ مثير للصدمة".
ووجه الرئيس الجورجي ميخائيل سكاشفيلي تحية شخصية الى كاتشينسكي
ووصفه ب"صاحب القلب الكبير" الذي دعم كثيرا جورجيا خصوصا في وجه روسيا.
وقدم الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين
تعازيهما ووعدا باجراء "تحقيق دقيق" لمعرفة ظروف هذه المأساة التي
اوقعت 97 قتيلا قرب سمولنسك.
وقال الرئيس البولندي السابق ليخ فاليسا الزعيم التاريخي لنقابة
تضامن لدى سماعه النبأ "يا يسوع يا مريم العذراء، انها مأساة لا يمكن
تصورها".
وفي الولايات المتحدة تحدث الرئيس باراك اوباما عن حادث "مفجع
لبولندا والولايات المتحدة والعالم". وقال ان الرئيس كاتشينسكي "لعب
دورا اساسيا في حركة تضامن وحظي باعجاب كبير في الولايات المتحدة كزعيم
متفان من اجل حرية وكرامة الانسان". بحسب رويترز.
وفي كندا حيث يوجد نحو مليون شخص من اصل بولندي، قال رئيس الوزراء
ستيفن هاربر "ان الكنديين والبولنديين ينعون معا ليخ كاتشينسكي وزوجته
ماريا وكذلك مسؤولين سياسيين وعسكريين كبار غابوا عنا في الحادث". وعبر
البابا بنديكتوس السادس عشر عن "المه العميق" وقال "اتضرع الى الله عز
وجل ليبارك الشعب البولندي".
وعبرت المستشارة الالمانية انغيلا مركيل عن "حزنها العميق" وكذلك
رئيس الوزراء البريطاني الذي اعرب عن "صدمته وحزنه" لمقتل كاتشينسكي "احد
اهم اللاعبين في التاريخ السياسي الحديث لبولندا" فيما عبرت الملكة
اليزابيث الثانية عن "حزنها الشديد".
وفي فرنسا عبر الرئيس نيكولا ساركوزي بدوره عن "تأثره الشديد" مؤكدا
ان كاتشينسكي ناضل دوما من اجل "الديمقراطية والحرية ومحاربة
التوتاليتارية".
وقال رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني ان وفاته تمثل "خسارة
كبيرة" بالنسبة لايطاليا. واشار الرئيس البرتغالي انيبال كافاكو سيلفا
الى اسهام الرئيس البولندي في "ترسيخ الديمقراطية ودولة القانون في
بلاده". وقال رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكينندي "يختفي معه
رئيس دولة مميز دافع بكل وضوح عن مصالح بولندا".
واعتبر رئيس رومانيا ترايان باسيسكو انها "مأساة" ذات "بعد تاريخي،
فيما اكد رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوروسوفو ان بلاده تشاطر "بولندا
الصديقة حدادها".
الى ذلك اشاد رؤساء وزراء الدانمارك والنروج والسويد بصفات الرئيس
كاتشينسكي الرجل الذي يحظى ب"الاحترام" بحسب كوبنهاغن. وفي ليتوانيا
التي تضم اقلية بولندية كبيرة اعلن حداد وطني الاحد. وقالت الرئيسة
داليا غريبوسكايتي "ان ليتوانيا فقدت صديقا طيبا". وفي كييف حمل العديد
من الاوكرانيين الازهار واشعلوا الشموع امام السفارة البولندية. وعبر
قادة البلاد والمعارضة بالاجماع عن حزنهم.
الى ذلك عبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن "صدمته"
لمصرع الرئيس ليش كاتشينسكي، وكذلك المدير العام لصندوق النقد الدولي
دومينيك ستروس كان. كما اعرب الامينان العامان للحلف الاطلسي اندرس فوغ
راسموسن ومجلس اوروبا ثوربيورن ياغلاند ورئيس منظمة الامن والتعاون في
اوروبا ووزير خارجية كازاخستان كانات سوداباييف عن حزنهم.
نبذة عن الرئيس البولندي الراحل
كانت شخصية الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي وآراؤه مثيرة للجدل على
حلبة السياسة الدولية, غير أن مواقفه السياسية اليمينية كانت تحظى
بقبول الكثير من مواطنيه البولنديين.
ولد في يونيو/حزيران 1949 ودرس القانون والإدارة في جامعة وارسو، .وحظى
مع شقيقه التوأم ياروسلاف بشيء من الشهرة حين مثلا في فيلم "ولدان سرقا
القمر" في سن الثامنة. بحسب رويترز.
وقد انضم كاتشينسكي الى شقيقه في الحركة المناهضة للنظام الاشتراكي
في السبعينيات من القرن الماضي، وسبق أن تم اعتقاله بموجب قانون
الطوارئ في مطلع الثمانينيات بسبب نشاطه السياسي.
وأصبح مستشارا للجنة الإضراب في أحواض بناء السفن في مدينة جدانسك
البولندية خلال الأعمال الاحتجاجية التي قادتها نقابة التضامن المعارضة
عام 1980.
وكان الشقيقان من أبرز مؤيدي ليخ فاوينسا، مؤسس نقابة التضامن في
أول انتخابات حرة شهدتها البلاد عام 1990 ولكنهما وجدا نفسيهما خارج
الحلبة السياسية في بداية التسعينيات بعد الخلاف الذي نشب مع فاوينسا
الذي أصبح رئيسا للبلاد.
وأسس كاتشينسكي حزب العدالة والقانون الذي يعتمد قيم الكنيسة
الكاثوليكية، مع شقيقه التوأم ياروسلاف عام 2001. يذكر أن والد
كاتشينسكي كان مقاتلا في حركة المقاومة ضد النازي في الحرب العالمية
الثانية.
ويشار إلى أن ليخ كاتشينسكي كان يتمتع بسلطات أقل من رئيس الوزراء
إلا أنه كان له دور كبير في وضع السياسة الخارجية.
وخلال فترة حكمه عزز الرئيس الراحل من أجندة اليمين المحافظ وعارض
التسرع في التوجه نحو اقتصاديات السوق الحر، وأيد أيضا الحفاظ على
برامج الرعاية الاجتماعية.
لم يتردد في استخدام الأسلوب العاطفي للمخاطبة، بغية الوصل الى درجة
اعلى من التأثير.حين كان عمدة للعاصمة وارسو منع مسيرات للمثليين
مرتين، كما عبر عن تأييده لعقوبة الإعدام.
انتخب كاتشينسكي رئيسا لبولندا عام 2005 ممثلا عن حزب العدالة
والقانون، وقال كاتشينسكي في حملته الانتخابية حين ترشحه للرئاسة إن
بولندا بحاجة الى الانتقال من مرحلة "الجمهورية الثالثة" كما كانت تسمى
الى "الجمهورية الرابعة" القائمة على القوة والعدل الاجتماعي.
وخلال فترة رئاسته اعتاد استخدام حقه الرئاسي في نقض مشروعات
القوانين التي قدمتها الحكومة الساعية لتحرير الاقتصاد مثلما فعل عام
2008 عندما رفض خططا تشجع المستشفيات على العمل بموجب أسس تجارية. |