انتخابات السودان: كسب الشرعية على أنقاض العسكرة

شبكة النبأ: تسير الأمور نحو إجراء انتخابات تعددية هي الأولى في السودان منذ ما يقرب من ربع قرن في موعدها المقرر يوم الأحد على الرغم من المقاطعات ومزاعم بوقوع عمليات تزوير شابت الإعداد للانتخابات.

ويأمل الرئيس السوداني عمر حسن البشير أن يؤدي فوزه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وانتخابات الولايات المعقدة إلى إكساب حكومته الشرعية في تحديها مذكرة اعتقاله التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم حرب في دارفور.

وفوز البشير شبه مؤكد بعد انسحاب منافسيه الرئيسيين بعد أن زعما وجود تزوير واسع لكن فوزا كهذا سيكون مشوبا بالشكوك في شرعية الانتخابات.

وقال النشط السوداني عمر القارئ مؤسس جماعة الديمقراطية أولا "حتى إذا شاركت كل هذه الأحزاب فأنني لا اعتقد إنها ستكون انتخابات نزيهة أو تتسم بالمصداقية."

وهذه الانتخابات تمثل خطوة أساسية من الخطوات المقررة في اتفاق السلام الشامل الموقع بين الشمال والجنوب عام 2005 والذي أنهى حربا أهلية استمرت في السودان 22 عاما وهي تسبق الاستفتاء الذي يجرى في عام 2011 على تقرير مصير الجنوب. ومن المتوقع بشكل كبير أن ينفصل الجنوب الذي يتمتع حاليا بما يشبه الاستقلال. لكن المجتمع الدولي وبالتحديد الولايات المتحدة أوضح أنه مهما كانت الانتخابات سيئة فان الاولوية هي اجراء استفتاء سلمي.

وقالت سفيرة واشنطن لدى الامم المتحدة سوزان رايس ان واشنطن قد تقبل تأجيل بدء الانتخابات فترة قصيرة. وقالت للصحفيين "اعتقد ان وجهة نظرنا هي انه اذا تقرر انه من الضروري التأجيل لفترة وجيزة ورأينا ان التأجيل القصير سيمكن العملية ان تكون اكثر مصداقية فسوف نكون مستعدين للتفكير في الامر."

واضافت "هذا يعود بشكل واضح الى السلطات نفسها لكن الصورة الاكبر هي وجود الكثير من الاخفاقات في هذه العملية وهذا مبعث قلق حقيقي."بحسب رويترز.

ورفض سفير السودان لدى الامم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم الحديث عن تأجيل الانتخابات. وقال عبد الحليم لرويترز "الحكومة نفسها لا تستطيع ذلك والانتخابات لن تؤجل على الاطلاق."واضاف "علاوة على ذلك فان اي مهام من هذا النوع هي مسؤولية المفوضية القومية للانتخابات وليست الحكومة."

ويرجح اعتماد النتائج التي تسفر عنها الانتخابات أيا كانت حتى ولو تسببت في جدل يساوي ما أثارته الانتخابات الرئاسية الافغانية العام الماضي والتي وصمت بالتزوير.

وقال مصدر دولي متابع للانتخابات "هذه الانتخابات قد تكون بسوء الانتخابات الافغانية لكن مع وجود هذا الجدول الزمني الضيق قبل الاستفتاء أشك في أن يصر أحد على اعادة الانتخابات."

وتتفق كافة أحزاب المعارضة على أن حزب المؤتمر الوطني السوداني الذي يتزعمه البشير والذي يحكم السودان منذ 21 عاما حاول تزوير الانتخابات لكنها لم تتمكن من الوصول الى اتخاذ رد فعل جماعي.

وبينما قرر اثنان من أكبر الاحزاب السياسية في السودان مقاطعة الانتخابات في معظم أنحاء شمال السودان فما زالت مجموعات أخرى تشارك في الانتخابات. وستواصل بعثات مراقبة الانتخابات من الاتحاد الاوروبي ومن مركز كارتر مهامها. غير أن الصراع المستمر منذ سبع سنوات يعوق الحركة في اقليم دارفور. وقال الاتحاد الاوروبي انه لا يستطيع مراقبة الانتخابات في دارفور بشكل فعال وقام بسحب مراقبيه من الاقليم الواقع في غرب السودان.

تزايد التحذيرات من التزوير

 وفي نفس السياق حذر نشطاء عشية انتخابات تاريخية تجري في السودان من مخالفات واسعة النطاق تهدد بأن تشوب انتخابات من المأمول أن تمنح السودان شرعية ديمقراطية جديدة وتساعده على انهاء عقود من الحرب.

وقالت جورجيت جانيون مديرة شؤون افريقيا في منظمة هيومان رايتس ووتش "انتهاكات حقوق الانسان وخصوصا القيود المفروضة على حرية تكوين جمعيات وحرية الصحافة تهدد فرص اجراء انتخابات حرة ونزيهة وموثوق فيها في أرجاء السودان."

ومضت تقول "من الواضح أن السلطات السودانية تفشل في دعم المعايير الدولية." وجانيون عضو في مجموعة كبيرة من النشطاء الدوليين الذين حذروا من تجدد العنف.

وهناك أمور كثيرة يحيق به الخطر في أول انتخابات تعددية منذ ما يقرب من ربع قرن فيما يكافح السودان من أجل الاستقرار بعد عقود من العنف الداخلي ومحاربة الفقر والسعي لاعادة بناء نفسه كلاعب يعول عليه على المسرح العالمي.

لكن من المتوقع على نطاق واسع أن تعزز الانتخابات سلطة الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي أصبح في عام 2009 أي بعد مرور 20 عاما على استيلائه على السلطة من خلال انقلاب عسكري أول رئيس في السلطة تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقاله بحقه لاتهامه بالتآمر لارتكاب جرائم حرب في دارفور.

ووعد البشير بأن تكون الانتخابات التي تبدأ يوم الاحد "حرة ونزيهة". وينتقد مسؤولون في حزبه المعارضة التي انسحب معظمها من الانتخابات قائلين انها تسعى لتغطية عدم قدرتها على كسب الانتخابات.

وكان البشير يأمل في أن الانتخابات التي تحظى بمصداقية سيختار فيها الناخبون رئيسا للسودان وزعيما لجنوب السودان الذي يتمتع بحكم ذاتي بدرجة كبيرة والبرلمان و25 من حكام الولايات ستعزز وضعه العالمي أثناء تحديه لقرار المحكمة الجنائية الدولية.

لكن احتمالات ذلك تراجعت على الارجح فيما يبدو بعد انسحاب أحزاب رئيسية من بينها الحركة الشعبية لتحرير السودان من الانتخابات في اللحظة الاخيرة بسبب مزاعم بوجود تلاعب واسع النطاق في كشوف الناخبين وشغل مراكز الاقتراع بالمؤيدين للبشير. وتنفي الحكومة تلك الاتهامات.

وقال ياسر عرمان مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان للرئاسة والذي كان منافسا رئيسيا للبشير في مؤتمر صحفي يوم الجمعة قدم خلاله هو وسياسيون اخرون يقاطعون الانتخابات قائمة باتهامات التزوير ضد حكومة البشير "هذه الانتخابات لم تولد كشيء يمكن أن يعزز الديمقراطية."

وأصبح هذا التحليل أكثر انتشارا مع اقتراب الانتخابات. وقالت ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما ان الاوضاع في السودان بما في ذلك تقارير الامم المتحدة عن القيود على حرية الصحافة وحرية تكوين جمعيات والتحرش بالصحفيين وتقييد الوصول الى مراكز الاقتراع لا سيما في اقليم دارفور " مزعجة".

وسحب الاتحاد الاوروبي مراقبيه من اقليم دارفور فيما طالب ياسر عرمان مركز كارتر الذي أرسل مراقبين من بينهم جيمي كارتر الرئيس الامريكي السابق الى سحب مراقبيه.

وانضم سياسيون من المعارضة الى النشطاء الاجانب في التحذير من أن انتهاكات حقوق الانسان قد تتفاقم اذا بدأت الانتخابات في موعدها المقرر.

وقال المركز الافريقي لدراسات العدالة والسلام في بيان "اذا جرت الانتخابات في هذا المناخ المشبوه فان الصراعات على شرعية النتائج قد تشعل العنف."

والاستقطاب السابق على الانتخابات قد يهدد استمرارية اتفاق السلام الشامل الموقع بين الشمال والجنوب عام 2005 والذي أنهى حربا أهلية استمرت في السودان 22 عاما والذي يشكل الاستفتاء الذي يجرى في عام 2011 على تقرير مصير الجنوب جزءا أساسيا منها. واذا تأجل الاستفتاء فان انفصال الجنوب قد يحدث على أي حال مما يهدد الاستقرار في شرق أفريقيا.

اتهام المراقبين الدوليين بـ الخوف من الترهيب

من جانب آخر اتهم مبارك الفاضل عضو حزب الأمة – الإصلاح والتجديد المراقبين الدوليين بالتكتم والخوف من جو الترهيب.

وقال الفاضل في مؤتمر صحفي مشترك مع ياسر عرمان نائب الأمين العام للحركة الشعبية، إن المراقبين تكتموا على رفض مفوضية الانتخابات مراجعة السجل الانتخابي ، مضيفا أن السجل الانتخابي لم يطبع حتى الآن لأنه تتم إضافة أسماء إليه.

من جانبه وصف عرمان الانتخابات القادمة بأنها لحماية الرئيس السوداني عمر البشير من المحكمة الجنائية الدولية، مضيفا البشير كان يريد بزة ديمقراطية فوق بزته الشمولية، لكنا لن نعطيها له .

وردا على سؤال من بي بي سي حول التناقض الذي برز مؤخرا في تصريحات الحركة الشعبية حول خوض الانتخابات في الشمال، قال عرمان إنه كلف بالاشتراك مع الأمين العام للحركة باقان أموم باتخاذ الموقف السليم والموقف السليم هو مقاطعة الانتخابات في الشمال .

لكن عرمان لم يقدم المزيد من التوضيح بشأن التصريحات المتناقضة بهذا الخصوص، مكتفيا بالقول أنه لن تحدث انشقاقات (في الحركة الشعبية) نحن زملاء رحلة طويلة وخندق واحد .

كما ناشد مركز كارتر ألا يقدم على مراقبة الانتخابات في دارفور، معتبرا أنها ستضيق الطريق أمام السلام في الاقليم .

واعتبر الفاضل أن المخرج الوحيد من الأزمة الحالية في السودان هو تفعيل المادة (15) من دستور السودان التي قال إنها تنادي بمؤتمر للمصالحة الوطنية.

وحول موقف تجمع قوى المعارضة من مذكرة توقيف الرئيس السوداني عمر البشير الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية، قال الفاضل إنهم وافقوا على مقترح لجنة حكماء افريقيا بتكوين محاكم مشتركة لتحقيق العدالة والمحاسبة. وطالب الفاضل الجهات الضامنة لاتفاقية السلام الشامل –التي قررت الانتخابات بناء عليها- أن يشهدوا بانها لا تمثل اتفاقية السلام .

السباق على الرئاسة في الجنوب يركز على الاستقلال

من جانبه أنهى سلفا كير حملته لانتخابات الرئاسة في جنوب السودان الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي وكانت تجربته الطويلة كمتمرد كافح ضد حكم الخرطوم هي احدى مؤهلاته الاساسية في نظر بعض الناخبين.

وخلال محطات التوقف في حملته الانتخابية اعطى سلفا كير الرئيس الحالي لجنوب السودان اهمية كبيرة لدوره كشاب في اول تمرد في الجنوب والذي انتهى عام 1972 وكأحد مؤسسي الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تقود الان حكومة الجنوب. بحسب رويترز.

وبعد تمرد جنوبي استمر لمدة عقدين ضد الخرطوم والذي انتهى بابرام اتفاق سلام عام 2005 يرى كثيرون في جنوب السودان من المسيحيين والوثنيين ان الاولوية الكبرى تتمثل في اعادة بناء منطقتهم.

لكن الخطط الرامية لاجراء استفتاء اوائل العام القادم لتحديد ما اذا كان جنوب السودان سيظل متحدا مع الشمال ذي الاغلبية المسلمة ام سينفصل تمثل بصفة يومية بواعث قلق كبيرة بالنسبة للناخبين. وقال كير امام تجمع حاشد "لم نشهد في هذه السنوات الخمس شيئا يمكن ان يجذب انتباه الجنوبيين على قبول الوحدة."

وقام كير الذي تولى السلطة بعد اتفاق السلام بجولة في المناطق الريفية النائية وسعى لربط نفسه بالاستفتاء القادم والاستفادة من مشاعر السخط الكبيرة تجاه الرئيس السوداني عمر حسن البشير في الخرطوم.

واذا أدى التشاحن السياسي بين شمال وجنوب السودان الى تأجيل او الغاء الاستفتاء فان جنوب السودان ربما ينفصل بأي حال رغم العواقب الوخيمة على الاستقرار في انحاء شرق افريقيا.

والسباق من اجل اختيار زعيم جديد للولايات الجنوبية هو جزء اساسي من الانتخابات العامة الشاملة التي ستبدأ في 11 ابريل نيسان والتي ستكون اختبارا مهما للديمقراطية الهشة في الجنوب.

وانسحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان -التي تقود المقاطعة التي اعلنتها المعارضة- من الانتخابات في معظم شمال السودان متهمة الحزب الحاكم بزعامة البشير بالتزوير.

ومن المتوقع ان تدعم الانتخابات التي ستجرى الاسبوع القادم حكم البشير المستمر منذ فترة طويلة وستحيط بها شكوك واسعة النطاق حول شرعيتها.

وربما يتعين على سلفا كير العمل بجدية من اجل كسب اصوات في ظل تذمر الناخبين من الفساد في الحكومة وضعف التنمية. والمنافس الرئيسي لسلفا كير هو لام اكول الذي شكل الحركة الشعبية لتحرير السودان - التغيير الديمقراطي المنشقة عن الحركة الشعبية الرئيسية.

وكانت حملة اكول الانتخابية اكثر هدوءا رغم حملة الاعتقالات والمضايقات التي تعرض لها عدد من اعضاء حزبه في بلدات جنوبية وهو ما اصاب المراقبين الدوليين بالقلق. وانفصل اكول عن المتمردين السابقين في اوج الحرب ليشكل جماعته المسلحة الخاصة به. ولا يبدو كير قلقا بشأن المنافسة.

نقاط التوتر المحتملة في انتخابات السودان

يتصاعد التوتر مع الاستعداد لاول انتخابات تعددية يجريها السودان منذ 24 عاما والمقرر أن تبدأ يوم الاحد. وقاطع المنافسان الرئيسيان للرئيس الحالي عمر حسن البشير الانتخابات ويهدد الجدل السياسي المحيط بالانتخابات بمفاقمة الصراعات في أنحاء البلاد المنتجة للنفط. وفيما يلي بعض النقاط التي قد تفجر أعمال عنف، بحسب رويترز:

الاحباط بسبب الانتخابات

سيواجه الناخبون السودانيون الذين يفتقرون للخبرة واحدة من اكثر الانتخابات تعقيدا على الاطلاق تشمل ثلاثة أنظمة مختلفة للتصويت. في الشمال سيحصل الناخبون على ثماني بطاقات اقتراع مختلفة وفي الجنوب سيمنحون 12 من أجل انتخابات الرئاسة والانتخابات التشريعية وانتخابات الولايات المختلفة.

ويرجح أن يواجه الناخبون وكثير منهم أميون طوابير طويلة ومسؤولين غير مدربين بشكل جيد وقوائم ناخبين ناقصة ووجودا أمنيا مكثفا ونقصا في بطاقات الاقتراع.

وتتزامن هذه العوامل مع شكوك في ارتكاب الحكومة تزويرا وارتباك بسبب مقاطعة المعارضة وحرارة الظهيرة التي تتجاوز أحيانا 45 درجة مئوية في بعض المناطق وكل هذا يمكن أن يسبب حالة من الغليان.

وقال توبي مادوت من حزب الاتحاد الوطني السوداني الافريقي في جنوب السودان "توعية الناخبين في بعض المناطق ضئيلة للغاية وفي مناطق أخرى كثيرة منعدمة... اذا شعر الناس أن النتائج غير صحيحة فسيكون لهم رد فعل. ستقع أعمال عنف بسبب هذا الارتباك."

دارفور

رفضت جماعات التمرد الرئيسية في دارفور الانتخابات ووصفتها بالمهزلة بينما لا يزال الصراع الممتد منذ سبع سنوات مستمرا.وهدد فصيل بمعاملة مسؤولي الانتخابات كجنود أعداء.

وهناك مخاطر بحدوث اضطرابات بين لاجئي دارفور المسيسيين ويقاطع كثير منهم الانتخابات لنفس الاسباب. ويقول مراقبون ان نسبة التسجيل في بعض المخيمات تقل عن عشرة بالمئة.

خارج المخيمات يقول مراقبون ان مسؤولي التسجيل لم يستطيعوا الوصول الى الكثير من المناطق النائية بما في ذلك منطقة جبل مرة مما يحرم سكانها المشتتين من التصويت.

وحتى الان لم ترد تقارير عن وقوع أعمال عنف مرتبطة بشكل مباشر بالانتخابات. ويبدو أن الحكومة مسيطرة على جماعات التمرد الكبيرة اما من خلال المحادثات او المواجهة. وشددت السلطات الاجراءات الامنية حول مراكز الاقتراع بالمدن والمستوطنات الرئيسية.

احتجاجات المعارضة

أطلقت قوات الامن السودانية الغاز المسيل للدموع وضربت المحتجين حين أرسلت أحزاب المعارضة أنصارها الى شوارع الخرطوم في ديسمبر كانون الاول للضغط من أجل اجراء اصلاحات ديمقراطية.

وتقاطع معظم هذه الاحزاب الانتخابات الان وربما تحتج مجددا. وقال مسؤول من حزب الامة المعارض لرويترز "لن نقبل هذه الانتخابات في صمت."لكن مصادر مطلعة تقول ان الكثير من النشطاء يعارضون المقاطعة.

وفي ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان القريبتين من الحدود بين الشمال والجنوب اللتين استثنيتا من المقاطعة الرئيسية التي أعلنتها المعارضة يرجح أن تكون المنافسة شرسة وقد تفجر أي مزاعم بالتزوير هناك احتجاجات.

أبيي وولاية الوحدة

تعتبر منطقة أبيي المنتجة للنفط بوسط البلاد احدى اكثر المناطق المشحونة سياسيا بالسودان في فترة الاعداد للانتخابات بالاضافة الى استفتاء عام 2011 على ما اذا كان يجب ضمها لجنوب السودان.

وأعادت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي رسم حدودها في يوليو تموز في محاولة لحل النزاع المحتدم بين الشمال والجنوب على حدود المنطقة. لكن القرار الذي وضع بلدة أبيي وأراضي الرعي الخصبة داخل حدود منطقة أبيي رفضه بدو المسيرية المدججون بالسلاح.

وهم يخشون ان يحرموا من استخدام المراعي اذا صوت سكان أبيي المستقرين من قبائل الدنكا على الانضمام للجنوب ثم صوت جنوب السودان على الانفصال كدولة مستقلة في استفتاء ثان متزامن.

العنف القبلي في الجنوب

قتل 2500 شخص على الاقل في أعمال عنف قبلي عام 2009 وفي العام الحالي في جونجلي وولايات نائية أخرى في جنوب السودان.

وابتليت المنطقة المتخلفة لفترة طويلة بالقتال بين القبائل بسبب سرقة الماشية والرعي. لكن نطاق هجمات 2009 صدم كثيرين.

وأنحى الكثير من زعماء الجنوب باللائمة على خصومهم السابقين الشماليين في الحرب الاهلية في تسليح ميليشيات لزعزعة استقرار الجنوب قبل الانتخابات والاستفتاء. وقال اخرون ان القادة الجنوبيين يسلحون رجال قبائل موالية لهم لتعزيز موقفهم.

المرشحون الرئيسيون لانتخابات الرئاسة

وأصبحت خطط اجراء انتخابات في السودان في وضع سيء بعد أن انضم حزب الامة المعارض لاحزاب أخرى في قرار الانسحاب من الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات الولايات قائلة ان التزوير يقوضها.

وجاء انسحاب مرشح حزب الامة الصادق المهدي الذي كان يعتبر أحد المنافسين الرئيسيين للرئيس عمر حسن البشير بعد مقاطعة الحركة الشعبية لتحرير السودان ذات الوزن الثقيل في جنوب البلاد والحزب الشيوعي السوداني وأحزاب أخرى صغيرة. وفيما يلي نبذة عن المرشحين الرئيسيين للانتخابات المقرر أن تبدأ يوم الاحد، بحسب رويترز:

عمر حسن البشير - حزب المؤتمر الوطني

عمليا يضمن انسحاب المنافسين الرئيسيين للبشير وهما مرشح حزب الامة الصادق المهدي ومرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان فوز الرئيس الحالي بالانتخابات. لكن مقاطعتهما ستقوض شرعية فوزه المرجح.

ويقول محللون ان البشير كان يأمل أن يظهر أنه يستطيع احتلال المركز الاول في سباق تنافسي لاكساب حكمه شرعية في مواجهة أمر اعتقال أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بزعم ارتكابه جرائم حرب في دارفور.

وكان البشير المرشح المرجح فوزه بالفعل بفضل هيمنة حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه على الجيش وأجهزة الامن ووسائل الاعلام الحكومية فضلا عن الشعبية التي منحها له موقفه من المحكمة الجنائية الدولية الذي ينطوي على تحد للمحكمة وتحد ضمني للغرب.

كان البشير عميدا مغمورا بالجيش حين تولى الحكم في انقلاب ابيض عام 1989 في تحالف مع الاسلاميين أطاح باخر حكومة مدنية منتخبة بالبلاد.

وفي الاعوام الاولى من حكمه أشرف على تحول السودان الى دولة اسلامية متشددة ومنبوذة ووفر ملاذا لزعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن والارهابي الدولي كارلوس.

في عام 2005 قاد بلاده صوب الانخراط في المجتمع الدولي باتفاق للسلام أنهى حربا أهلية استمرت لاكثر من عقدين بين شمال السودان وجنوبه. وألقى تمرد في دارفور بظلاله على هذا التقدم.

فاطمة عبد المحمود - حزب الاتحاد الاشتراكي السوداني الديمقراطي

ستدخل فاطمة عبد المحمود التاريخ في انتخابات ابريل نيسان كأول مرشحة لانتخابات الرئاسة.

كانت المفوضية القومية للانتخابات قد رفضت في البداية ترشيحها مما فاجأ الكثير من المعلقين وأثار اتهامات بالتحيز ضد المرأة من قبل أنصارها. وأيدت محكمة سودانية طلب استئناف قدمته وانضمت الى السباق.

كانت طبيبة الاطفال البالغة من العمر 65 عاما ايضا أول وزيرة بالسودان عام 1973 . ويريد حزبها الصغير المساواة للنساء وأن يقر السودان قانونا يضمن حصول الشعب السوداني على نسبة من الارباح من عائدات النفط والموارد الاخرى.

وهي تقول ان النساء يمثلن أغلبية الناخبين وتحثهن على اعطاء أصواتهن للمرشحين الذين يطالبون بحصول المرأة على حقوق مساوية للرجل.

قضت فاطمة عبد المحمود عشر سنوات في البرلمان وتقول ان هذه الانتخابات فرصة تاريخية لانها تضمن حصول النساء على 25 في المئة من مقاعد البرلمان.

عبد الله دينق نيال - حزب المؤتمر الشعبي

حين بدأت الاحزاب الاخرى اعلان مقاطعتها للانتخابات الشهر الماضي أوضح حزب المؤتمر الشعبي الاسلامي أنه عاقد العزم على الاستمرار في السباق.

وقال مسؤولون من أحزاب أخرى انهم اتفقوا على أن يخوض الحزب الانتخابات لتوثيق تزوير الانتخابات بحجمه الكامل.

ونيال هو مسلم من جنوب السودان كان عضوا بحكومة البشير قبل أن يخسر المنظر الاسلامي حسن الترابي معركة مريرة على الزعامة في 1999-2000 وينشق ليشكل حزب المؤتمر الشعبي.

وقال الترابي الذي قضى سنوات في السجن أو قيد الإقامة الجبرية في منزله منذ خلافه مع البشير انه يريد أن يظهر أن حزبه حزب وطني لا يلتفت للعرق من خلال اختيار نيال مرشحا للرئاسة.

وينتمي نيال (56 عاما) الى قبيلة الدنكا اكبر قبيلة في جنوب السودان وهو قريب لجون قرنق الزعيم الراحل للحركة الشعبية لتحرير السودان.

ويأمل نيال اذا أصبح أول رئيس من جنوب السودان -وهو المرشح الجنوبي الوحيد- تشجيع الجنوبيين على التصويت لصالح الوحدة في استفتاء عام 2011. وقال ان حزبه لن يطبق الشريعة الاسلامية في الجنوب.

حاتم السر - الحزب الاتحادي الديمقراطي

عاد حاتم السر الى سباق الانتخابات الرئاسية بعد خمسة أيام من إعلان حزبه الانسحاب مع جماعات معارضة أخرى. وقالت القيادة انها عدلت عن هذا القرار بعد ضغوط من أنصار الحزب من المواطنين العاديين.

وأجرى الحزب الاتحادي الديمقراطي محادثات مع حزب المؤتمر الوطني في الايام السابقة لعودته وكان دوما عضوا هامشيا في ائتلاف فضفاض للمعارضة يحتج على المخالفات. وكان بعض المعلقين في وقت سابق يعتبرونه حليفا محتملا لحزب المؤتمر الوطني في الانتخابات قائلين انه قد يحصل على مقاعد وزارية في حالة فوز حزب المؤتمر الوطني.

ويمت السر بصلة قرابة لعائلة الميرغني القوية التي سيطرت على الحزب ونشأ في بيت عائلته بالخرطوم قبل أن يغادر البلاد ليلحق بالزعيم الديني للحزب محمد عثمان الميرغني الى المنفى عام 1989 . ويعتقد أتباع الطائفة الختمية أن ابناء عائلة الميرغني من نسل النبي محمد أي من الأشراف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12/نيسان/2010 - 26/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م