الأمن مسؤولية مشتركة بين الحاكم والمحكوم

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: العمليات الإجرامية التي طالت الأبرياء في بغداد وغيرها مؤخرا لم تأت جزافا، بل ثمة جهات خططت لذلك مسبقا ثم أمرت توابعها لتنفذها على الارض، ومما يثير الاستغراب والعجب، أن المواطنين الابرياء هم هدف هذه التفجيرات الاجرامية الاخيرة، فليس هناك هدف عسكري او حكومي او حتى مؤسساتي مستقل، بل كان المستهدفون مواطنون عزل أبرياء لا علاقة لهم بالسلطة او السياسة ولا يتحكمون بهذا المسار او ذاك.

وهذا يدل على نحو قاطع إصرار الجهات التي تقف وراء هذه العمليات على الإيذاء  المتعمد والشامل لعموم العراقيين من دون تمييز في الانتماء السياسي او الديني او العرقي او غيره، بل الهدف كما يتضح للجميع هو إيذاء الناس الابرياء بكل السبل المتاحة.

إن ما حدث مؤخرا من عمليات ارهابية تستدعي وقفات متبصرة من لدن المعنيين من سياسيين في السلطة وخارجها وعلماء ورجال دين ومثقفين وعموم المواطنين، إذ أننا نلاحظ نمطا جديدا من الاجرام في الساحة العراقية، وجدّته تتمثل في استهداف هذا الكم من البنايات (المدنية) في وقت متزامن وإيذاء العدد الاكبر ممن لا علاقة له بالسلطة او السياسة على نحو عام، لهذا ينبغي أن يحدث استنفار كبير لمواجهة هذه العمليات الاجرامية الكبيرة، ويقف العلماء وصفوة المجتمع في المقدمة كما حثّ على ذلك في مناسبات كثيرة سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) ضمن كتابه القيّم الموسوم بـ (إضاءات مرجعية) إذ قال سماحته في هذا الصدد:

ينبغي (إجتماع ثلة من العلماء الأعلام وأن يتحرك المؤمنون وذوو الضمائر الحية في العالم للضغط نحو تحقيق هذا الأمر الإنساني المهم) المتمثل بمحاصرة المجرمين والمافيات التي تستهدف الابرياء لتعيد العراق الى ما كان عليه من ظلم وتجبّر وطغيان أدى الى حرمان ملايين الأفراد من الحياة الكريمة.

كما طالب سماحة المرجع الشيرازي في مناسبات عديدة أن يتحلى المسؤولون باليقظة والشعور بالمسؤولية ازاء ما يحدث للابرياء، وأكد على الاشتراك الكلي بين الجميع لغرض تحجيم المجريم وسحب البساط من تحتهم وحماية ارواح الناس، كما دعا سماحته المواطنين الى الحذر والتنبَه ومكافحة بؤر الخطر من خلال المراقبة التامة لما يحدث، وقد جاء في كتاب سماحته المرجع الشيرازي حول هذا الموضوع:

(كما إننا ندعو العراقيين الكرام إلى اليقضة والحذر وضبط النفس وتوحيد الصف ونبذ الفرقة وعدم الإنجرار إلى دوامة العنف الذي سيكونون هم أول المتضررين منه، والإستمرار في المطالبة بالحقوق المشروعة عبر الطرق السلمية التي هي أحمد عاقبة، وهذا هو المترقب من الشعب العراقي الكريم الذي أثبت جدارته وحكمته وخاصة في الظروف العصيبة).

لإن الهدف من هذه العمليات الاجرامية واضح للجميع، وهو إعادة الوضع الامني الى المربع الاول ومحاولة إثارة الفتن بين مكونات الشعب، لذلك يعتبر المواطن مسؤول في هذا المجال، أي مجال حفظ الامن وحماية ارواح الآخرين كما هي مسؤولية الجهة الامنية الحكومية، وذلك من خلال قيامه بدوره كما يجب والاخبار عن أية مؤشرات غريبة وغامضة ومشكوك بها ربما تدخل ضمن التحضير لمثل هذه العمليات الارهابية التي تستهدف الابرياء.

ويؤكد سماحة المرجع الشيرازي على الدور الحكومي في هذا المجال ودور القضاء وضرورة: (تسريع محاكمة الذين ثبتت عليهم ـ بالطرق الشرعية ـ جرائمهم، والحيلولة دون استمرار هذه العمليات الإرهابية).

فيما طالب سماحته في مناسبات عديدة مماثلة الى: (تنظيف الدوائر الحكومية من المندسين، لتقوم بواجباتها ومنها حفظ الأمن بأتمّ وجه).

ولعل الامر بالغ الوضوح ولا يتطلب عقولا عبقرية لكي نكتشف اسباب مثل هذه الخروقات الامنية الكبيرة، إذ أن المعنيين أمنيا يجب أن يتنبهوا الى من يندّس في صفوفهم ولا يقوم بدوره الامني كما يجب وكما يفرضه عليه دينه وضميره فيفشل في حماية الناس من خلال فشله باداء دوره كما يجب.

ولكننا نتفق جميعا على أن الشعب العراقي معني أيضا بالاضافة الى الرسميين في مكافحة الاحتقان والتصادمات والصراعات الدنيوية من خلال منظومة مبادئ وفرتها له التعاليم الاسلامية السمحاء لكي يحمي بها نفسه. وقد قال سماحة المرجع الشيرازي بهذا الصدد في كتابه الثمين نفسه:

(أوصي الشعب العراقي الأبى ـ الذي اثبت عبر تاريخه الطويل انه شعب الصمود والصبر والفداء والتضحية وخاصة في هذه العقود السوداء الأخيرة ـ أن لا تثنيه هذه المحاولات الاثيمة عن عزمه ولا يستلب منه الصبر والحلم والتعايش ووحدة الصف والمطالبة بحقوقه العادلة التي ضمنتها له مبادئ الاسلام وأقرتها القوانين الوضعية).

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/نيسان/2010 - 24/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م