
شبكة النبأ: تكشف ثورة غضب عارمة
عكستها تصريحات أدلى بها الرئيس الأفغاني حامد كرزاي عن وجود صدع غائر
بينه وبين الدول الغربية التي توفر له قواتها الحماية مما قد يؤدي الى
عواقب خطيرة على حرب أفغانستان التي دخلت عامها الثامن.
في الوقت الذي تشن فيه القوات الدولية هجوما ضد تنظيم طالبان بدت
مظاهر فقدان الثقة بادية بين الأطراف ذات العلاقة، توجتها التصريحات
التي أطلقها كرزاي في عدة مناسبات، قبل أن تطالب واشنطن الأخير
بالانضباط.
تصدع بين كابول والغرب
حيث ينتقد كرزاي من وقت لاخر الدول الغربية التي يصل عدد قواتها في
أفغانستان الى 120 ألف جندي لكن تصريحاته الغاضبة التي أدلى بها يوم
الخميس حملت مرارة وجاءت مباشرة بشكل لم يسبق له مثيل.
ففي كلمة أمام مسؤولي انتخابات اتهم كرزاي السفارات الغربية بدفع
رشى وتهديد مسؤولين والتلاعب بنتيجة الانتخابات والتامر لاضعاف الحكومة
الافغانية.
وقال الرئيس الافغاني "الاجانب سينتحلون الاعذار. فهم لا يريدون لنا
ان نجري انتخابات برلمانية. يريدون ان يكون البرلمان ضعيفا وان أكون
رئيسا صوريا وان يكون البرلمان غير فعال." بحسب رويترز.
وتأتي تصريحات كرزاي بعد تراجع علاقاته مع الغرب وبعد أيام من زيارة
غريبة الى أفغانستان قام بها الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي وصل
تحت جنح الظلام ولم يجب على أسئلة وسائل الاعلام في حضور كرزاي.
وحاول كرزاي اقالة أشخاص عينتهم الامم المتحدة ويمثلون أغلبية في
لجنة شكاوى الانتخابات بعدما وصفت اللجنة ثلث الاصوات التي حصل عليها
الرئيس الافغاني في انتخابات رئاسة العام الماضي بأنها مزورة.
وصوت مجلس النواب الافغاني على الغاء قرار كرزاي باقالتهم. ولكن
جذور التوتر أعمق من التشاحن على قواعد الانتخابات.
فعلاقة كرزاي منذ البداية بادارة أوباما فاترة جدا وتدهورت أواخر
العام الماضي في أعقاب فوزه المثير للجدل بانتخابات الرئاسة.
وكتب السفير الامريكي كارل ايكنبري في برقية سرية في نوفمبر تشرين
الثاني تم تسريبها فيما بعد أن كرزاي "ليس شريكا استراتيجيا ملائما"
وأوصى بعدم ارسال تعزيزات للقوات في أفغانستان ما لم ينفذ كرزاي
اصلاحات.
حشد تأييد القبائل
وفي سياق متصل نأى الرئيس الافغاني حامد كرزاي بنفسه عن القوى
الغربية الداعمة له وقال في حديث لمشايخ القبائل ان الافغان لا يريدون
أن يروا قادتهم "دمى" في يدي أحد.
وفي حديث أمام نحو 1500 من شيوخ القبائل في اجتماع لمجلس "شورى"
القبائل بمدينة قندهار في جنوب افغانستان قال كرزاي انه سيمنع هجوما
كبيرا تعتزم قوات حلف شمال الاطلسي شنه في المنطقة اذا لم يحظ بتأييد
سكانها. بحسب رويترز.
وقال كرزاي "أفغانستان ستستقر عندما يثق شعبها في أن رئيسه مستقل...
وعندما يثق شعبها في أن الحكومة مستقلة وليست دمية". وأضاف انه يتعين
على مسؤولي الحكومة ألا يدعوا "الاجانب" يتدخلون في عملهم.
وتابع كرزاي "في ذلك اليوم أبلغت السيد (باراك) أوباما انني لا
أستطيع السيطرة على هذه الامة بالحرب". ومضى يقول "مرت ثماني سنوات
وهذا الوضع مستمر نحن نريد السلام والامن... وأنا أبذل قصارى جهدي
لاحلال السلام في هذا البلد."
وفي حديثه وعد كرزاي بالتشاور مع القبائل قبل بدء تنفيذ العملية
ومنع القيام بها اذا لم تؤيدها.
وتساءل كرزاي "هذه الايام يتحدث الاجانب عن عملية في قندهار. أعرف
أنكم قلقون. هل أنتم قلقون".وصاح بعض الحضور "نعم نحن كذلك." ورد كرزاي
بالقول "حسن. ان كنتم قلقين فلن تكون هناك عملية.. ان كنتم غير راضين."
وكانت الرسالة من معظم زعماء القبائل الذين تجمعوا للاستماع لكرزاي
واضحة "تعالوا ولكن ابقوا".
وقال حاجي حبيب الله الزعيم القبلي من مقاطعة أرغنداب وهي منطقة
ريفية على مشارف قندهار ان مقاتلي طالبان نشطون هناك و"دائما ما يقومون
بترهيب السكان".
وأضاف حبيب الله "نريد ان تنفذ القوات الاجنبية عملية في قندهار
ولكن ليس مثلما حدث من قبل اذا قاموا بعملية يتعين عليهم اجتثاث طالبان."
ومضى يقول "ما يقومون به حتى الان (القوات الغربية) هو انهم يأتون
الى قرية لبضعة أيام ويخوضون معارك محدودة مع طالبان ثم ينسحبون تاركين
الناس وراءهم لطالبان."
استبعاد مراقبين أجانب
من جهة اخرى انتقد حزب المعارضة الرئيسي في أفغانستان استبعاد
الرئيس الافغاني حامد كرزاي مراقبين أجانب من هيئة مراقبة انتخابية
تدعمها الامم المتحدة ووصفه بانه "استبدادي" وحث على الضغط الدولي
لضمان حياد الانتخابات.
وكانت لجنة شكاوى الانتخابات المكونة من خمسة أفراد والتي تتولى
مهمة المراجعة للتأكد من عدم وجود تلاعب في التصويت تضم ثلاثة اجانب
عينتهم الامم المتحدة وقامت في العام الماضي بابطال ثلث الاصوات التي
حصل عليها كرزاي في انتخابات الرئاسة بوصفها مزورة. بحسب رويترز.
وقد يثير المرسوم الذي أصدره كرزاي بتغيير القانون شكوكا حول
استقلال اللجنة ويثير توترات سياسية جديدة بينما يشن حلف شمال الاطلسي
عملية كبيرة ضد طالبان.
كما قد يجعل المرسوم كرزاي يدخل صراعا جديدا مع مانحين غربيين قالوا
انهم لن يمولوا انتخابات برلمانية تجرى يوم 18 سبتمبر أيلول دون اجراء
اصلاحات انتخابية.
وحث حزب الجبهة الوطنية وهو حزب المعارضة الرئيسي في أفغانستان دولا
مانحة ومشرعين وأحزابا سياسية أخرى على وضع الية لضمان شفافية
الانتخابات.
وقال فاضل سانجشاراكي وهو متحدث باسم الجبهة الوطنية "يظهر هذا أن
السيد كرزاي يستخدم أحد أساليبه الاستبدادية بعدم تشاوره مع البرلمان
والمجتمع المدني والاحزاب السياسية."
وقال سيد يوسف حليم وهو رئيس ادارة التشريع في وزارة العدل
الافغانية ان المرسوم دخل حيز التنفيذ يوم 13 فبراير شباط. وأضاف أن
كرزاي يملك حاليا سلطة اختيار أعضاء لجنة شكاوى الانتخابات بعد التشاور
مع وزير العدل ورئيسي مجلسي البرلمان الافغاني.
ولم تنتقد الولايات المتحدة الداعم الاكبر لكرزاي المرسوم لكن كندا
العضو في ائتلاف حلف شمال الاطلسي عبرت عن قلقها من أن يؤدي ذلك الى
اضعاف لجنة شكاوى الانتخابات وتعريض مصداقية الانتخابات البرلمانية
للخطر.
وقالت فوزية كوفي وهي نائبة أفغانية من المعارضة "هذه ضربة لعملية
اجراء انتخابات تطبق معايير دولية وتكون حرة ونزيهة ... علمنا أنه
سيفعل ذلك حتى قبل أن نبدأ عطلتنا. كرزاي يمارس لعبته على هذا النحو."
وقال سياماك هيراوي وهو متحدث باسم كرزاي ان الحكومة الافغانية
أرادت منذ وقت طويل أن تضفي الطابع الافغاني على العملية الانتخابية.
دعوة الى الانضباط
من جهتها دعت الولايات المتحدة الرئيس الافغاني حميد كرزاي الذي
اثار استياء المجتمع الدولي باتهامه الغربيين والامم المتحدة بعمليات
تزوير شابت اخر انتخابات في افغانستان، الى الانضباط فامتثل.
واعتبرت واشنطن وهي اكبر مزود لافغانستان بالمال والقوات، الجمعة
تلك الانتقادات "مقلقة" وطلبت منه "توضيحات" عبر الناطق باسم الرئيس
باراك اوباما روبرت غيبس.
وبعد ذلك اعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان السفير الاميركي في
افغانستان التقى الرئيس الافغاني وطلب منه ايضا "توضيحات" بشان
انتقاداته.
وجاء التوضيح عصرا عندما اتصل الرئيس الافغاني هاتفيا بوزيرة
الخارجية الاميركية هيلاري كلينون. بحسب فرانس برس.
واوضح الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي ان "الرئيس كرزاي
جدد التاكيد على التزامه بالشراكة التي تربط بلدينا وجدد القول انه
ممتن كثيرا لمساهمات وتضحيات الاسرة الدولية".
وكان كرزاي اعلن الخميس امام اعضاء اللجنة الانتخابية المستقلة
الافغانية ان "عمليات تزوير مكثفة شابت الانتخابات الرئاسية والمحلية".
لكنه اوضح انه "لم يرتكبها افغان بل اجانب" مشيرا تحديدا الى "مكتب
مساعد ممثل الامم المتحدة (بيتر) غالبرايث وكذلك (فيليب) موريون
الجنرال الفرنسي الذي كان يقود بعثة مراقبي الامم المتحدة في الاقتراع.
واعربت فرنسا التي كانت اول من رد على تلك التصريحات، عن "استغرابها"
وقال الناطق باسم الخارجية انه "لا اساس لها من الصحة".
من جانبه قال الاميركي غالبرايث مساعد رئيس بعثة الامم المتحدة
اثناء اقتراع العشرين من اب/أغسطس 2009 والتي اتهمت كرزاي مباشرة "اكيد
انه امر عبثي ومذهل".
واضاف مشيرا الى الرئيس الافغاني "بصراحة اننا نتساءل حول صحته
العقلية وعلاقته بالواقع".
وبعد ان نصبته الاسرة الدولية وعلى راسها الولايات المتحدة رئيسا
على افغانستان اثر الاطاحة بنظام طالبان نهاية 2001، اعيد تنصيب كرزاي
في تشرين الثاني/نوفمبر رئيسا بعد انسحاب منافسه قبل الجولة الثانية من
الانتخابات في حين الغت السلطات الانتخابية ربع بطاقات الانتخاب
باعتبارها مغشوشة ومعظمها لصالح الرئيس المنتهية ولايته.
واعتبر دبلوماسي اجنبي طلب عدم كشف هويته ان حميد كرزاي "استاء" من
طلب الولايات المتحدة فتح المجال امام ترشيحات معارضة مثل عبد الله عبد
الله لكنه "اعترف لاول مرة بحصول تزوير".
ولم يخف ذلك عن منافسه المهزوم عبد الله عبد الله الذي قال "انه
اعترف بذلك وبالتالي فانه اعترف بعدم شرعيته شخصيا".
تصريحاتي اسيئ فهمها
الى ذلك قال المتحدث باسم الرئيس الافغاني حامد كرزاي ان تصريحات
الاخير حول تزوير الانتخابات الافغانية اسيئ فهمها.
واضاف ان كرزاي اعرب عن امتنان الشعب والحكومة الأفغانية للدعم الذي
يقدمه المجتمع الدولي من أجل ترسيخ السلام في افغانستان.
وقد اجرى كرزاي اتصالا هاتفيا مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري
كلينتون بعد ان طلبت واشنطن توضيحا من كرزاي حول تصريحات له اتهم فيها
سفارات غربية في كابول بالوقوف وراء عمليات غش وتزوير في الانتخابات
الاخيرة، سعيا لاضعافه واضعاف حكومته.
وكان فيليب كراولى المتحدث باسم الخارجية الامريكية قد وصف هذه
التصريحات بانها "غير منطقية".
وقال وحيد عمر المتحدث باسم كرزاي ان "كلينتون وكرزاي أجريا محادثات
بناءة في جو ودي، وان الطرفين عبرا عن التزامهما بالشراكة بين
بلديهما".
وكان روبرت جيبس المتحدث باسم البيت الأبيض قد وصف تصريحات كرزاي
بأنها "مثيرة للاستياء وباعثة على القلق".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن السفير الأمريكي لدى
كابول كارل ايكنبري التقى كرزاي وطلب منه توضيحات حول ما كان يقصده من
تصريحاته.
وأضاف جيبس قائلا "أعتقد أن الرئيس أوباما أوضح لكرزاي في نهاية
الأسبوع الخطوات الواجب اتخاذها لتحسين أداء الحكومة ومكافحة الفساد".
وكان المبعوث الأممي السابق إلى أفغانستان بيتر جالبرايث قد رفض
اتهامات الرئيس الأفغاني حامد كرزاي للمراقبين الأجانب بالتزوير خلال
الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي.
لكن جالبرايث قال إن الأمم المتحدة لم تقم بما يكفي لضمان نزاهة
وحرية الانتخابات الأفغانية.
واضاف جالبرايث أن الرئيس وبعض مفوضي الانتخابات الأفغان هم الذين
قاموا بعمليات الغش.
وقال انه اعتقد ان تصريحات كرزاي ليست سوى نكتة ابريل لكنه تذكر ات
علاقته به لا تسمح بهذا النوع من المزاح.
وقال جالبرايث لبي بي سي ان اشارة كرزاي الى "سرقة الأمم المتحدة
لأصوات" يذكرنا بالتزوير الذي حصل في الانتخابات. |