شبكة النبأ: قيل الأطفال أحباب الله
وزينة الحياة الدنيا ولم يحدد هذا القول في أي بقعة من بقاع الأرض هوية
الطفل أو جنسيته أو الطريقة التي وُلد فيها إذا كانت بغطاء شرعي أو غير
شرعي فلم يختر أي طفل أن يكون ابن زنا، ولم يختر أن يُرمى في حاوية
نفايات أو على باب المساجد والبيوت أو على قارعة الطريق. فما هي حقوق
هذا الطفل في مجتمع يستهجن الطريقة التي وُلد فيها ولكنه يتعاطف مع
قضيته؟ ومن المسؤول عن رعايته والانفاق عليه حتى يبلغ سن الرشد؟ وما هي
شروط الاحتفاظ بطفل لقيط وتبنيه؟.
استمعت إلى قصص كثيرة لاتخلو من غرابة وعلامات استفهام كثيرة أجاب
عليها ذوي الاختصاص خلال التحقيق التالي..
(ف.هـ)30 سنة له أربعة أولاد يقول،" خرجت في احد الصباحات المبكرة
للحصول على عمل المسطر فشاهدت كلباً يشمّ بلفّة قماش بيضاء في حاوية
للنفايات، كانت طفلا ذكر حملتهُ إلى زوجتي وكانت مرضعة في طفلها الأخير".
ويضيف،" رفضت زوجتي في البداية رعايته لأن إعمالها المنزلية كثيرة
وهي مرضع، فطلبتُ منها أن ترضعه فقط وذهبت به لأمي وكانت زوجتي تذهب كل
يوم لترضعه حتى بلغ الشهر الثالث وصار يبتسم ويناغي، استرجعتهُ زوجتي
ولم تستطع أن تفارقه وتربى مع أولادي بعد أن استصدرت له بيانا باسمي
واسم زوجتي".
ويتابع،" القصة لم تنتهي لهذا الحد بل صارت أختي تخرج كل يوم إلى
احد المراقد المقدسة القريبة من هذه الحاوية وتجلس ساعات طويلة قريباً
من السدَنة، حتى قالوا لها إن هناك طفلة في الشهر الثالث أخذتها عائلة
منذ ولادتها ولم تستطع أن تتحمل مسؤوليتها..أخذت أختي الطفلة وتربت مع
أولادها، أما فتى الحاوية فقد أصبح الان في الثامنة عشر وفتاة المرقد
في الثالثة عشر، وكنتُ أنوي تزويجهم لبعضهم لكني لاحظت إن الطفلة ذكية
جدا وقد تفوقت في دراستها في حين ترك الولد دراسته وصار يعمل معي في
البناء، وليس له رغبة فيها أبداً وربما لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن
كما يقولون..
(س.ع) شابة في الثلاثينات من عمرها كنت اعرفها منذ أعوام تعيش مع
سيدة عجوز كانت قد تبنتها، والجميع يعرف أنها طفلة غير شرعية إلا هي،
وعندما توفيت والدتها اكتشفت الحقيقة عندما طالبت خالاتها بالميراث
شرعاً، لأنها طفلة غير شرعية ولاتستحق ميراث العجوز شرعا.
التقيت الشابة في المحكمة وهي تبكي قائلة،" إن أمي كانت تملك بيتين
ومخبز ومصوغاتها الذهبية، وبعد المفاوضات والوساطة تم الاتفاق أن تأخذ
خالاتي البيت والمخبز والباقي لي وتصالحنا على اثر هذه الاتفاقية لأني
كنت بحاجة لأهل ولا استطيع العيش بمفردي وفي هذه الأثناء تقرب مني ابن
خالتي".
وتضيف هذه الشابة،" لا أعرف كيف خُدعت بمشاعره فتزوجنا وكنت سعيدة
بزواجي منه واعترافهم بي كفرد من العائلة، وكنت مستعدة للتنازل عن كل
شيء مقابل الشعور بالأمان والحماية رغم إني حاصلة على جنسية وحصلت على
الشهادة الإعدادية في حياة امي وعملت في إحدى الدوائر الحكومية في
كربلاء".
وتتابع الشابة،" ولا اعرف كيف أقنعني زوجي ببيع البيت الذي املكه في
قضاء الهندية لشراء قطعة في مركز كربلاء بثمنه، واقترح أن تُسجل بأسمه
حتى يبنيها، ولم تستمر هذه التمثيلية سوى عام واحد بعد أن جردني من كل
شيء.. ثم طلّقني، وأخذ البيت، وتزوج من امرأة ثانية".
وفيما بعد ساعدني زملائي في الدائرة ووجدوا لي غرفة مشتركة مع سيدة
تعيش وحيدة، ولا زلت أتجول في المحاكم لإثبات حقوقي ولم احصل على شيء
سوى مؤخر زواج بالتقسيط.
وتروي(ن.ي) شابة أخرى قصة أكثر غرابة ورفضا من المجتمع لنسَب للقيط
فتقول،" عندما تخرجتُ من الجامعة تقدم لي شاب مؤدب وطموح كان طالبا معي
في الكلية وعندما تعارفنا قال أن نفس العشيرة تجمعنا ولم أجد بالشاب
عيبا يذكر على الإطلاق وقد استغربت عندما رفضه أهلي رفضا قاطعا وبدون
نقاش ليس لأنه إبن غير شرعي، بل لأن والده كان غير شرعي وقد تبنته
عائلة من عشيرتنا حرمها الله من نعمة الأولاد وتربى وحمل اسم المربي
ونسب العشيرة وزوّجهُ جدي من راعية أغنام فقيرة لحسن أخلاقه".
ويقول (س.ج) 45 سنة،" استطعت الحصول على طفلة في الشهر الثالث من
عمرها مصابة بذات الرئة وبين الحياة والموت فتفرغت زوجتي لرعايتها بعد
إن أخذت إجازة طويلة من عملها ومن ثم تحسنت صحتها، وبمجرد بلوغ البنت
الخامسة من عمرها أخذت تلعب مع أطفال الجيران، فقال لها احد الأطفال يا
بنت الحرام يا (نغلة)، ومن اجل ذلك انتقلتُ إلى مكان آخر خشية تفاقم
حالة الطفلة التي أخذت تتسائل لماذا ينعتني الاطفال انني بنت حرام..
ويضيف المتحدث متسائلا،" الولد غير الشرعي قد يخرج للعمل أو يعيش في
مجتمع آخر اقل صرامة في ضوابطه العشائرية القبلية، إلا إن الفتاة وضعها
صعب جدا وعلى الآباء القائمين على رعايتها ضمان مستقبلها وزواجها في
حياتهم".
دار الأيتام لاتستقبل اللقطاء!
منال القريني من دار البراعم للأيتام تقول،" إن دار الأيتام لايستلم
الأطفال المجهولي النسب واللقطاء وهناك دار خاصة بالمشردين تستقبلهم في
بغداد، ومن جميع المحافظات وهي المسئولة الرعائية والتربوية عنهم".
وتضيف منال،" إذا حصل وان وجد مواطن طفلا لقيطا عليه أن يسجل بلاغ
في الشرطة ويسلِّم الطفل إلى دار المشرّدين في بغداد، أما إذا كانت
العائلة ترغب بتبني الطفل فعليها أن تخضع لضوابط التبني المنصوص عليها
في القوانين العراقية وعن طريق القضاء وكثيراً ما يحدث أن يعثر مواطن
على طفل لقيط ولكن على الأغلب يستلمه مواطن آخر ويتحمل مسؤوليته أو
تحصل عليه عائلة قبل أن يصل إلى الشرطة وتستصدر له بيان بطريقة ما ،
ولكن كل رعاية هذه العائلة لا تحميه من رفض المجتمع!!.
رأي الشريعة الإسلامية
الشيخ عبد الستار الدكسن من العتبة الحسينية المقدسة يقول،" إن
اللقيط هو ما وُجد على قارعة الطريق أو أبواب البيوت الدينية وليس له
مالك، ولا يشترط أن يكون غير شرعي والشريعة الإسلامية تحلل بل توجب
كفالة اللقيط إلى أن يبلغ سن الرشد حاله حال اليتيم، ولكنه يحرم
التبني، ومنح اسم العائلة واللقب للطفل المجهول النسب إلا إذا كان
لأغراض الحصول على اسم وأوراق رسمية ضرورية للتعليم أو العمل أو لأي
غرض آخر، على أن يكون هذا الإجراء بشهود حتى لايطالِب الابن الغير شرعي
بحصة من الميراث، إلا إذا كانت هناك مبايعة أثناء حياة الشخص الكفيل،
أو يمكن أن يتنازل الإخوة أو الأقارب عن جزء من هذا الإرث بطواعية
كهدية للأخ المتبنى..
رأي المجتمع المدني
تقول أمل عبد، رئيس منظمة الطفولة العراقية،" إن من حق الطفل أياً
كانت هويته أن يتمتع بحقوقه الإنسانية، ومعاملته بطريقة غير أخلاقية
تتنافى مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحقوق الطفولة المُقر 1990
وكان العراق من ضمن الدول التي صادقت عليه وكانت أكثر مواده تنص على إن
من حق الأطفال إن يتمتعوا بحق الحياة والتعلم والتسلية والتغذية
والحصول على اسم وهوية البلد المولود فيه، ولم يحدد الإعلان إذا كان
الطفل شرعي أو غير شرعي".
وتضيف أمل،" إذا كان المجتمع يرفض طفل بريء لاذنب له فانه بذلك يخلق
روح متمردة مجرمة قد تسيء إليه في المستقبل إذا ما حرمت من حقوقها
كاملة. وتؤكد أمل انه،" توجد في كربلاء لان مؤسسات خيرية ومجتمعية
كثيرة لرعاية الأيتام لحين بلوغ سن الرشد ولكنها لا تقبل الطفل مجهول
الهوية.. |