شبكة النبأ: قدرت منظمة الصحة
العالمية أن تتسبب الأزمات الناجمة عن تبدلات المناخ والاحتباس الحراري
بموت 150 ألف شخص حول العالم سنوياً، وخاصة في البلدان الفقيرة
والمنخفضة الدخل بسبب فشل زراعة المحاصيل وسوء التغذيّة والفيضانات
وانتشار الأمراض مثل الإسهال والملاريا.
من جانب آخر قال تقرير حديث أن ذوبان الجليد بالقطب الشمالي يمكن ان
يكلف قطاعات الزراعة والعقارات والتأمينات في كل مكان من العالم ما بين
2.4 الى 24 تريليون دولار قبل حلول 2050 بسبب خسائر من ارتفاع مستويات
البحار والفيضانات والموجات الحارة.
وفي غضون ذلك قال خبراء إن التأثير الرئيسي لتغير المناخ سيكون على
إمدادات المياه وان العالم بحاجة إلى التعلم من التعاون في الماضي مثل
التعاون بشأن نهر الاندوس أو نهر الميكونج للمساعدة في تجنب الصراعات
في المستقبل.
تبدل المناخ يقتل 150 ألف شخص سنوياً
وقالت منظمة الصحة العالمية إن تغيّر المناخ سيترك "تأثيرات هائلة
ومتنوّعة على الصحّة البشريّة،" بسبب ارتفاع درجة الحرارة ومستوى
البحار وحوادث الأحوال الجوية الشديدة مثل الفيضانات التي تشّبع التربة
بالماء، والتلوّث الذي يسهم بدوره في تفاقم أمراض الإسهال، واتساع نطاق
حركة الأمراض السارية.
وأبدت المنظمة خشيتها من أن تكون مناطق جنوب شرق آسيا التي تضم 26
في المائة من سكان العالم، و30 في المائة الأكثر تعرضاً لهذه المخاطر
التي وصفتها بأنها "كارثية" خاصة لجهة تزايد الأمراض السارية التي هي
اليوم مسؤولة عن 14 مليون وفاة سنوياً في تلك المناطق.
وذكرت المنظمة في تقريريها أن معظم دول جنوب شرق آسيا "تفتقرإلى خطط
ملائمة لرصد الأمراض والعوامل الناقلة ومكافحتها،" إلى جانب نقص
الموارد الماليّة والبشريّة والبنى التحتيّة.
يذكر أن تقرير برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة كان قد أشار إلى
المياه الملوثة تفتك بالبشر بشكل يفوق أشكال العنف قاطبة، بما في ذلك
الحروب. بحسب سي ان ان.
ذوبان الجليد يكلف العالم 24 تريليون دولار
من جانب آخر قال تقرير ان ذوبان الجليد بالقطب الشمالي يمكن ان يكلف
قطاعات الزراعة والعقارات والتأمينات في كل مكان من العالم ما بين 2.4
الى 24 تريليون دولار قبل حلول 2050 بسبب خسائر من ارتفاع مستويات
البحار والفيضانات والموجات الحارة.
وقال ايبان جودستاين وهو اقتصادي في مجال الموارد بكلية " بارد
كوليدج" بولاية نيويورك والذي شارك في اعداد التقرير الذي يحمل اسم "الخزانة
القطبية الشمالية والاصول العالمية تذوب" ان "كل فرد في كل انحاء
العالم سيتحمل التكاليف". بحسب رويترز.
وقال ان هذا التقرير الذي راجعه اكثر من 12 عالما واقتصاديا ومولته
"مجموعة بيو للبيئة" وهي ذراع المنظمة الخيرية "بيو شاريتابل ترستس"
يقدم أول محاولة لاحصاء تكلفة خسارة أحد اكبر صناع الطقس في العالم.
وقال "القطب الشمالي هو مكيف الهواء لهذا الكوكب وبدأ في الانهيار".
وقال التقرير ان فقدان جليد البحر القطبي الشمالي والغطاء الجليدي يكلف
العالم بالفعل ما بين نحو 61 مليار دولار و 371 مليار دولار سنويا من
نفقات ترتبط بالموجات الحارة والفيضانات وعوامل اخرى.
ويمكن ان تزيد هذه الخسائر حيث قد يطلق القطب الشمالي عندما ترتفع
درجة حرارته مخزونا من الميثان في التربة المتجمدة. ويزيد تأثير هذا
الغاز في ارتفاع حرارة الارض 21 مرة عن ثاني اكسيد الكربون.
وقال ان ذوبان جليد البحر القطبي الشمالي يؤدي بالفعل الى نتيجة
اكثر دفئا حيث تمتص المياه المظلمة التي كشف عنها بفعل انحسار الجليد
المزيد من طاقة الشمس. وقد يؤدي هذا الى ذوبان اكبر للانهار الجليدية
على الارض ويرفع مستويات البحار في كل انحاء العالم.
تغير المناخ وإمدادات المياه
وقال خبراء إن التأثير الرئيسي لتغير المناخ سيكون على امدادات
المياه وان العالم بحاجة الى التعلم من التعاون في الماضي مثل التعاون
بشأن نهر الاندوس او نهر الميكونج للمساعدة في تجنب الصراعات في
المستقبل.
ومن بين اثار ارتفاع درجة حرارة الارض المرتبطة بالمياه التي لا مفر
منها التصحر والفيضانات وذوبان الانهار الجليدية والموجات الحارة
والاعاصير والامراض التي تنتقل بواسطة المياه مثل الكوليرا. وقد يتسبب
التنافس على الامدادات في نشوب صراعات.
وقال ظفر عديل رئيس برنامج المياه بالامم المتحدة والذي ينسق العمل
بشأن المياه بين 26 وكالة تابعة للامم المتحدة "المظاهر الرئيسية
لارتفاع درجات الحرارة... بشأن المياه."
وقال لرويترز عبر الهاتف "سيكون لذلك اثر على كل اجزاء حياتنا
كمجتمع .. على النظم الطبيعية والمواطن الطبيعية." وقد تهدد اضطرابات
الزراعة أو امدادات المياه العذبة من أفريقيا الى الشرق الاوسط.
واضاف "هنا تكمن احتمالات نشوب صراعات." وقد يكون نقص المياه كما هو
الحال في دارفور بالسودان عاملا مساهما في الصراع.
ولكن عديل قال إن المياه قد أثبتت في كثير من الاحيان انها طريق
للتعاون. فقد عملت الهند وباكستان على ادارة نهر الاندوس على الرغم من
النزاعات الحدودية وتعاونت فيتنام وتايلاند ولاوس وكمبوديا في لجنة نهر
الميكونج.
وقال عديل الذي يشغل ايضا منصب مدير معهد المياه والبيئة والصحة في
الجامعة التابعة للامم المتحدة ومقرها كندا "المياه وسيلة جيدة جدا (للتعاون).
انها عادة قضية سياسية يمكن التعامل معها."
وتشمل المناطق المحتمل أن تصبح أكثر جفافا بسبب التغير المناخي اسيا
الوسطى وشمال افريقيا. ويقول خبراء لجنة الامم المتحدة للمناخ ان ما
يصل الى 250 مليون شخص في افريقيا قد يعانون من ضغط اضافي بشأن امدادات
المياه بحلول عام 2020.
الأعشاب بالوعة كاربون
ومن جهة أخرى قالت منظمة دولية إن الأعشاب التي تغطي 30 في المائة
من مساحة اليابسة على كوكب الأرض، يمكن أن تلعب دورا كبيرا في الحد من
تغير المناخ، عبر امتصاص فعال للكربون.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" أن المراعي
والأراضي العشبية إذا ما أديرت جيدا يمكن أن تشكل "بالوعة كربون" على
نحو يفوق الغابات ذاتها،" وفقا لبيان صدر عن المنظمة يوم الأربعاء.
وأشارت المنظمة إلى أن "الأراضي العشبية تملك إمكانيات هائلة غير
مستغلة للحد من تغير المناخ بامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون واحتجازه
في جوف التربة،" وبوسعها أن تؤدي دورا حاسما في دعم جهود التكيف مع
تغير المناخ وتقليل حدة التعرض لعواقب الظاهرة.
وتغطي الأراضي العشبية والمراعي رقعة تبلغ مساحتها 3.4 مليار هكتار
أي نحو 30 في المائة من رقعة الكوكب البرية غير المجمدة، وما يصل إلى
70 في المائة من الرقعة الزراعية الكلية، وفقا للبيان.
ونسب بيان المنظمة إلى أليكساندر موليير، المدير العام المساعد لدى
المنظمة قوله إنه "يجب على العالم اللجوء إلى جميع الخيارات لاحتواء
متوسط الاحترار العالمي في حدود درجتين مئويتين، وتملك الزراعة
واستخدامات الأراضي قدرات كامنة للحد من كميات العوادم المنطلقة في
الأجواء."
وأضاف أن ذلك يتأتى "من خلال تطبيق أساليب بعينها وعلى الأخص زيادة
محتوى التربة الكربوني وكتلتها الحيوية، على نحوٍ يعزز أيضا إنتاجية
التربة ومرونة الزراعة ككل مما سيدعم الأمن الغذائي ويحد من مستويات
الفقر السائدة أيضا."بحسب سي ان ان.
وأشارت المنظمة إلى أنه "في حالة كمية الكربون المحتجز في الأراضي
العشبية يحصل الرعاة على مساعدة قيمة في سياق التكيف مع تغير المناخ
نظرا إلى أن الكربون الإضافي يحسن قدرة احتفاظ التربة للمياه، وبذا
يزيد قابليتها لتحمل الجفاف وصون التنوع الحيوي."
انقسام بشأن ثاني اوكسيد الكربون
وشهدت محادثات المناخ في مؤتمر الامم المتحدة بكوبنهاغن مؤخراً
شقاقا كبيرا بين الدول النامية. وطرحت الجزر الصغيرة والدول الافريقية
الفقيرة المهددة بالاثار السلبية للتغير المناخي مطالب بالتوصل الى
صفقة ملزمة قانونا اشد صرامة من بروتوكول كيوتو.
وعارضت الدول النامية الأغنى كالصين تلك المطالب خشية ان تؤدي
الاجراءات الصارمة الى تعطيل نموها.
وطلبت توفالو ـ وتحقق طلبها ـ تعليقا للمفاوضات الى ان يتم حل
المشكلة. والانقسام بين الدول النامية امر غير شائع، اذ تميل دوما
للتحدث بصوت موحد.
وأوضح مفاوض توفالو ايان فراي ان بلاده لن تقبل باقل من مناقشة
كاملة لمقترحها بشأن بروتوكول جديد ملزم قانونا، والذي تقدمت به لمؤتمر
المناخ للامم المتحدة قبل ستة اشهر.
وقال، رئيس وزراء بلادي وعدة زعماء دول آخرين ينوون القدوم الى
كوبنهاغن للتوقيع على اتفاق ملزم قانونا. وأضاف، أن توفالو واحدة من
أكثر دول العالم عرضة لتاثيرات التغير المناخي، ومستقبلنا يعتمد على
نتيجة هذا المؤتمر.
وأيدت تلك الدعوة رابطة دول الجزر الصغيرة التي تضم جزر كوك
وباربادوس وفيجي، وكذلك بعض الدول الافريقية الفقيرة مثال سيراليون
والسنغال والرأس الاخضر.
وأكد آخرون على مطلب دول الجزر الصغيرة النامية بتحديد الزيادة في
درجة حرارة الارض عند 1.5 درجة مئوية، وجعل تركيز الغازات المسببة
لارتفاع حرارة الارض عند 350 جزء في المليون بدلا من 450 جزء في
المليون كما ترغب الدول المتقدمة وبعض الدول النامية الكبيرة.
جماعات البيئة تحث على خفض الانبعاثات
وأشار السكرتير التنفيذي لاتفاقية الامم المتحدة المبدئية بشأن
التغير المناخي خلال الجلسة العامة الى سياسة الباب المفتوح التي
يتبعها.
ويسعى المبعوثون في أكبر محادثات تخص المناخ في التاريخ الى الاتفاق
على معاهدة جديدة تتصدى لارتفاع مستويات البحار والتصحر والفيضانات
والاعاصير وهي الظواهر الطبيعية التي من شأنها أن تخرب اقتصاديات وتدمر
حياة ملايين البشر.
لكن الشقاق بين الدول الغنية والدول الفقيرة مازال يخيم على
المفاوضات بشأن التمويل وخفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس
الحراري.
وشجعت جماعات البيئة الاتحاد الاوروبي على قيادة المسيرة نحو المزيد
من الخفض والالتزام بنسبة 40 بالمئة عندما يجتمع مجلس الاتحاد الاوروبي
في بروكسل يومي 10 و11 ديسمبر كانون الاول.
وقالت سونيا ميستر من جماعة أصدقاء الارض الاوروبية "لم يكن العلم
في أي وقت أوضح من الان بشأن ما يجب أن نفعله وتظهر الدراسة وجود سبيل
الى تحقيق نسبة خفض 40 في المئة للانبعاثات في أوروبا بدون حلول خطرة
أو غير مثبتة. لذا فما نحتاجه الان هو الارادة السياسية لتحقيق ذلك."
وأعطيت وكالة حماية البيئة الامريكية سلطات اضافية يوم الاثنين تسمح
لها بتنظيم الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري دون الحاجة الى
قوانين جديدة يقرها الكونجرس.
ورد ألدين ماير من اتحاد العلماء المهتمين على سؤال بشأن سلطات
وكالة الحماية البيئة الامريكية قائلا "هذا يضع ضغطا على الكونجرس كي
يتحرك لان الامر لا يتعلق بما اذا كانت الصناعة ستنظم واذا ما كانت
انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ستنخفض وانما الامر هو من
سيفعل ذلك وكيف سيفعله."
ويقول الخبراء ان التعهدات التي قطعت حتى الان ليست كافية للوصول
الى الحدود الموضوعة لوقف الاسوأ في التغير المناخي مثل ضمان انخفاض
الانبعاثات الضارة في العالم بعد عام 2020.
وقال ستيفن سينجر رئيس الوحدة الاوروبية للمناخ وسياسة الطاقة في
الصندوق العالمي للحياة البرية ان الدول المتقدمة تتخفى وراء احصائيات
تشير الى أنها ستثبت فقط من الانبعاثات على مستويات 1990.
وقال "هؤلاء اذن جميعا يمكن أن يؤدوا الى حقيقة أن الدول الصناعية
كمجموعة لن تخفض انبعاثاتها أبدا الى ما دون مستويات 1990 بحلول عام
2020 وهو من غير المقبول بالمرة. انه علاج المناخ... ويحث الصندوق
العالمي للحياة البرية كل من يهمه هذا الامر على ألا يغطي الفضيحة وأن
يضغط على الدول المتقدمة كي تصبح واضحة فيما يخص الكربون لاغلاق
ثغراتهم وأن تقول بوضوح ما تفعله محليا وما تفعله في الخارج. أعتقد أن
هذا هو الحد الادنى من الاهمية وبالطبع رفع الاهداف الى 40 بالمئة."
البقع الجليدية تذوب بسرعة اقل من المتوقع
وفي غضون هذه التطورات برهن فريق علمي فرنسي كندي بواسطة صور ملتقطة
عبر الاقمار الاصطناعية ان الكتل الجليدية في الاسكا ذابت بسرعة اقل من
السرعة المتوقعة لها بين العامين 1962 و2006، على ما اظهرت دراسة
نشرتها الاحد مجلة "نيتشر جيو ساينس".
وفقدت الكتل الجليدية في هذه المرحلة حوالى 42 كلم مكعب من الماء
سنويا مما ساهم بارتفاع مستوى مياه البحار 0,12 ملم سنويا "اي اقل مما
كان مقدرا ب34%" على ما يفيد اتيان برتييه من المركز الوطني للابحاث
العلمية في فرنسا و جامعة تولوز وزملائه. الا ان تراجع سماكة الكتل
الجليدية يتفاوت بين منطقة وأخرى من هنا صعوبة التوصل الى تقديرات عامة.
فالبقع الجليدية في الوديان مثلا قد تكون مغطاة بالترسبات مما
يحميها من اشعة الشمس ويبطئ عملية ذوبانها بالتالي. ويفيد البيان
الصادر عن المركز ان مثل هذه العوامل "لم تؤخذ في الاعتبار في الدراسات
السابقة".
واوضح واضعو الدراسة ايضا ان الصور التي وفرها القمران الاصطناعيان
"سبوت 5" و"استر" سمحت بالحصول على "دقة اعلى" فاتت المعطيات اكثر
وضوحا.
وذكر البيان ان "تراجع الكتل والبقع الجليدية في السنوات الخمسين
الاخيرة ادى الى ارتفاع مستوى مياه البحر 0,5 ملم سنويا". وكان يتوقع
ان تساهم الكتل الجليدية في الاسكا بثلث هذا الارتفاع، اي 0,17 ملم
سنويا، بالاستناد الى الدراسات التي نشرت في العام 2002 من قبل باحثين
في جامعة ألاسكا.
الا ان برتييه وفريقه اعتبر ان هذه التقديرات "ارتكزت على عدد محدود
من الكتل الجليدية" ملمحا الى ضرورة اعادة النظر بالحسابات التي اجريت
لكتل جليدية او بقع جليدية جبلية اخرى.
تغير المناخ يجعل الطيور تنكمش
الطيور المغردة في الولايات المتحدة تصبح أصغر فأصغر، ويعزى الأمر
حاليا إلى تغير المناخ أو بالأحرى، يشتبه في أن يكون التغير المناخي
وراء هذه الظاهرة.
وقد أوضحت دراسة حديثة شملت ما يقرب من نصف مليون طائر، ينتمون إلى
أكثر من 100 نوع، أن الكثير من الطيور تصبح تدريجيا أخف وزنا، وأقصر في
أجنحتها .
هذا التقلص حدث خلال نصف قرن فقط، ويعتقد أن الطيور أصبحت أصغر حجما
مع ارتفاع درجات الحرارة. إلا أنه لا توجد أدلة على أن التغيير يسبب أي
أضرار للطيور. وتفاصيل هذا الاكتشاف ستنشر في مجلة "أويكوس".
وهناك قاعدة في علم البيولوجي تتلخص في أن الأحياء تميل الى أن تصبح
أصغر حجما في المناخ الدافئ، وتعرف هذه القاعدة باسم قاعدة بيرجمان.
وهذا التغير يمكن ملاحظته عادة في الأنواع الحيوانية التي تعيش في
المناطق المرتفعة، في أعالي الجبال مثلا حيث يبرد الطقس، وحيث تصبح
الحيوانات التي تعيش هناك أطول من غيرها من الكائنات التي تعيش في
السهول. أما كيف يحدث هذا، فليس معروفا تماما، لكن الظاهرة دفعت مجموعة
من العلماء إلى طرح السؤال التالي: هل ستستجيب الطيور بالطريقة نفسها
لتغير المناخ؟
للتوصل إلى الاجابة على ذلك، قرر الدكتور جوش بوسكيرك من جامعة
زيوريخ، في سويسرا وزملاؤه روبرت موهيفيل وروبرت ليبرمان من متحف
كارنيجي للتاريخ الطبيعي في جامعة ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة،
تقييم أحجام مئات الآلاف من الطيور.
وقام هؤلاء العلماء بفحص سجلات 486 ألف من الطيور التي تم الإمساك
بها وقياسها في محطة مخصصة لذلك في معهد كارنيجي في الفترة من عام 1961
حتي عام 2007.
وتنتمي هذه الطيور إلى أكثر من مائة نوع، وقد وصلت خلال مواسم
مختلفة من السنة.وتم تسجيل طول أجنحتها، والمسافة من أسفل جسد الطائر
إلى أعلى قمة في ريشه.
وشملت العينة التي تم اختبارها بعض أنواع الطيور التي يحتفظ بها
السكان المحليون، بل وحتى بعض أنواع الطيور المهاجرة التي تفد على
المنطقة من مسافات طويلة. وقد توصل العلماء إلى النتائج التالية:
من بين 83 نوعا من الطيور التي تم اصطيادها، خلال موسم الهجرة في
الربيع وجد أن هناك 60 نوعا أصغر مما كانت على مدى 46 سنة من سنوات
الدراسة، وأيضا أقل وزنا، وأقصر في طول الأجنحة. ومن بين 75 نوعا من
الأنواع المهاجرة في موسم الخريف، وجد أن 66 نوعا أصبحت أصغر حجما.
ومن موسم الهجرة في الصيف، وجد أن 51 نوعا من 65 نوعا تقلصت أيضا في
الحجم، وكذلك الأمر بالنسبة لـ 20 من أصل 26 نوعا من موسم الهجرة في
فصل الشتاء.إلا أن الاختلافات في الحجم ليست كبيرة. لكن بعض الأنواع
تفقد المزيد من الوزن. غير أن المزيد من الافتراضات الحديثة ترى أن
استجابة الطيور والحيوانات في الواقع قد تأتي نتيجة لشيء آخر يلتقي مع
تغير درجات الحرارة، مثل توفر المواد الغذائية، أو معدل التمثيل
الغذائي.
تزايد العواصف الثلجية نتاج الاحتباس الحراري
ومن جهة أخرى شكلت العواصف الثلجية التي ضربت النصف الشمالي من
العالم خلال الأشهر الماضية مادة دسمة للجدل السياسي والعلمي بين
العديد من الجهات، خاصة بالنسبة للذين اعتبروا أنها ترخي ظلالاً من
الشك حول حقيقة الاحتباس الحراري.
فقد مرر الحزب الجمهوري إعلانات متلفزة هاجم فيها نظريات الحزب
الديمقراطي في الولايات المتحدة حول تبدل المناخ، وانتقد دعوة الإدارة
الأمريكية للحد من انبعاثات الكربون.
واعتبر الجمهوريون أن كثافة الثلوج في الولايات المتحدة تتناقض مع
التحذيرات حول ارتفاع حرارة الأرض، بينما عاد علماء للحديث عن "فبركة"
أرقام تتعلق بحرارة الكوكب.
ولكن الباحث في علوم المناخ، جيف ماسترز، اعتبر أن العواصف الأخيرة
هي دليل إضافي على ضخامة تأثيرات الاحتباس الحراري ومدى قوته، مضيفاً
أن تعرض مدن أمريكية في العام نفسه إلى أقسى عواصف ثلجية في تاريخها
ليس بمحض الصدفة.
واعتمد ماسترز على أبحاث متعقلة بالمناخ قالت إن الهواء الساخن -
بخلاف البارد - قادر على حمل كميات كبيرة من الرطوبة الناتجة عن تبخر
مياه البحر، الأمر الذي ينعكس بتساقط المزيد من الثلوج، علماً أن
تبدلات المناخ هي المسؤولة عن ارتفاع حرارة الهواء.
وذكر تقرير علمي نشرته مجلة "تايم" أن العالم سيصل في نهاية المطاف
إلى نقطة يتوقف فيها تساقط الثلوج بسبب ارتفاع حرارة الأرض، ولكن
بانتظار تلك اللحظة، فإن العواصف الثلجية ستكون أكثر حدة بسبب رطوبة
الهواء المرتفعة.
واعتبر التقرير أنه بناء على ما سبق، فإن قلة الثلوج في مدينة
فانكوفر الكندية التي استضافت الألعاب الأولمبية الشتوية الأخيرة لم
ينجم عن الاحتباس الحراري العالمي، بل عن ظروف محلية، باعتبار أن
التقلص الدائم للغطاء الثلجي بالنسبة الكبيرة المسجلة في فانكوفر بحاجة
لعقود من الزمن. |