الأزمة الصومالية بين أمركة الصراع واسلمة النزاع

شباب وقاعدة وقراصنة والإرهاب واحد

 

شبكة النبأ: نفت الولايات المتحدة أي دور تنسيقي لها في خطط الحكومة الصومالية الرامية لشن هجوم ضد المقاتلين الإسلاميين قائلة انه ليس لديها خطط لأمركة الصراع على خلفية التجربة الأمريكية السابقة التي كانت مريرة في هذا البلد الممزق.

ومن جانب آخر أفاد مسئول أميركي إن وجود مسلحين على متن السفن التي تبحر قبالة الصومال فعّال في التصدي للقراصنة، لكن هذا التهديد سيبقى قائماً طالما لم يتم تثبيت الاستقرار..

محلياً طلبَ رئيس بلدية العاصمة الصومالية مقديشو من سكانها ضرورة مغادرة المناطق التي تشهد معارك ضارية بين الفصائل المسلحة. وقتل 50 شخصا على الاقل خلال الأيام الثلاثة الماضية التي شهدت هجمات من جانب المسلحين الإسلاميين، حسبما قال مسؤولون وشهود عيان.

ووصف جوني كارسون مساعد وزيرة الخارجية الامريكية التقارير التي أشارت الى أن مسؤولين أمريكيين مستعدون لمشاركة عسكرية أكبر في الصومال في حين تقاتل الحكومة الصومالية حركة الشباب الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة بأنها تفتقر للدقة.

وقال كارسون "الولايات المتحدة لا تخطط ولا توجه ولا تنسق العمليات العسكرية التي تقوم بها الحكومة الاتحادية الانتقالية ولم ولن نقدم الدعم المباشر لاي هجوم عسكري محتمل."

وقال كارسون للصحفيين ان الولايات المتحدة قدمت دعما عسكريا محدودا للحكومة الانتقالية لكن معظم هذا الدعم نقل من خلال جهود الاتحاد الافريقي لحفظ السلام.

وهاجم مقاتلو حركة الشباب مواقع حكومية سعيا لتحسين اوضاعهم قبل هجوم للحكومة طال انتظاره لطردهم من العاصمة مقديشو.

ويفتقر الصومال الى حكومة مركزية فعالة منذ 19 عاما. وتقول الدول الغربية والدول المجاورة ان الصومال أصبح ملاذا للمتشددين.

وقال كارسون ان الولايات المتحدة قدمت نحو 185 مليون دولار خلال الاشهر التسعة عشر الماضية لدعم قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي ونحو 12 مليون دولار كدعم مباشر للحكومة الانتقالية في الصومال. واضاف "كميات الاموال التي نتحدث عنها صغيرة نسبيا في واقع الامر."

وانفقت الاموال على اجهزة الاتصالات والزي العسكري ولدعم تدريب قوات الحكومة على أيدي دول افريقية أخرى. بحسب رويترز.

وتقدم الولايات المتحدة ايضا نحو 150 مليون دولار كمساعدات غذائية للصومال. وتعقدت هذه العمليات بسبب قرار برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة تعليق العمل في انحاء كثيرة من جنوب الصومال بسبب تهديدات ضد موظفيه ومطالب حركة الشباب بأموال من اجل توفير الامن.

وقال كارسون ان الولايات المتحدة تواصل السعي لايجاد حل سياسي شامل للازمة الصومالية وتعتقد ان الحكومة الانتقالية التي لا تسيطر الا على جزء من مقديشو في وضع افضل لتحقيق ذلك.

واضاف "الحكومة الانتقالية في الصومال أظهرت قدرة هائلة على البقاء."

تحقيق الاستقرار السبيل لمحاربة القرصنة

ومن جانب آخر أفاد مسئول أميركي إن وجود مسلحين على متن السفن التي تبحر قبالة الصومال فعال في التصدي للقراصنة، لكن هذا التهديد سيبقى قائما طالما لم يتم تثبيت الاستقرار في الصومال.

وقال توماس كانتريمان كبير مساعدي مكتب الشؤون السياسية العسكرية ان اطلاق النار على القراصنة يعطي نتيجة، وان كانت الولايات المتحدة لا تشجع تصعيد العنف في المنطقة.

وقال كانتريمان للصحافيين "اطلاق طلقات تحذيرية غالبا ما يكون كافيا لردع القراصنة عن مطاردة" السفن. واضاف انه "لم تسجل عملية قرصنة ناجحة" ضد سفينة مسلحة ترفع العلم الاميركي.

وقال ان السفن الاميركية التي تنقل مساعدات غذائية حكومية الى الصومال يطلب منها اتخاذ "تدابير امنية، وفي المناطق العالية الخطورة، يتضمن ذلك حمل اسلحة" مشيرا الى ان "الامر مفيد من وجهة نظرنا".

ويعمل تحالف يضم عدة دول من الصين الى الولايات المتحدة والدول الاوروبية على فرض الامن في البحر قبالة الصومال حيث تعبر كما قال كانتريمان نحو 30 الف سفينة شحن سنويا جيئة وذهابا باتجاه قناة السويس. وتوفر عدة حكومات سفنا حربية مرافقة لسفن بلادها، لكن لا توجد سياسة متفق عليها بشأن تسليح السفن التجارية. بحسب فرانس برس.

وفي وقت سابق من اذار/مارس، تصدرت سفينة اسبانية لصيد التونة الاخبار عندما تمكن حراس امنيون على متنها من رد هجوم للقراصنة.

وقال كانتريمان ان الدوريات البحرية نجحت اخيرا في تشكيل "ممر معترف به دوليا للنقل". ولكنه شدد على وجوب تعزيز المحاكم في المنطقة وخصوصا في كينيا لمحاكمة القراصنة الذين يلقى القبض عليهم. وقال "لا توجد في الوقت الحالي اجهزة قضائية كافية في المنطقة. صحيح القول بانه سيتم الافراج عن قراصنة مشتبه بهم". واضاف ان الحل الوحيد الممكن على المدى البعيد هو انهاء حالة الفوضى السائدة في الصومال وتوفير فرص عمل للسكان المعدمين.

وقال "لكي نتمكن من التصدي للمشكلة علينا ان نحل الاستقرار في الصومال. وفي ما يتعلق بانهاء الدافع الذي يجعل شبانا صوماليين يخاطرون بحياتهم، فان المسالة تكتسي بعدا اقتصاديا". واضاف "الاهم هو التمييز بين الشبان الذين يخرجون الى البحر وزعماء الجريمة الذين يجنون المال".

دعوة للتفريق بين الشباب والقاعدة والقراصنة

من جهة أخرى شددت وزارة الخارجية الأمريكية على ضرورة عدم المزج بين تنظيم "القاعدة" في الجزيرة العربية، وبين حركة "الشباب المجاهدين" التي تسيطر على أرجاء واسعة من الصومال، مشيرة إلى أن بين التنظيمين صلات كثيرة لكنهما ليسا منظمة واحدة.

وقال توماس كونتريمان، مساعد وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الأمنية والسياسية، في حديث للصحفيين السبت، إنه من الخطأ أيضاً الربط بين عمليات القرصنة وتنظيم القاعدة، ولكنه أقر بأن الأخير قد يلجأ لهذا الأسلوب بهدف جمع المال اللازم لعملياته، بعدما "تورط في شبكات للاتجار بالبشر والمخدرات والسلاح"، على حد تعبيره.

وأشاد كونتريمان بالقوات الدولية العاملة بالمياه الدولية المجاورة للصومال، ودعا أصحاب السفن إلى اعتماد إجراءات دفاعية، وقال إن واشنطن سبق أن فرضت ذلك على السفن التي تقوم بنقل مؤن أمريكية لأفريقيا، وقد حقق ذلك نجاحاً كبيراً. بحسب سي ان ان.

وأكد المسؤول الأمريكي دعم بلاده لكل من يلاحق القراصنة ويحاكمهم، باعتبار أن القرصنة "جريمة دولية"، لكنه دعا في الوقت عينه إلى "الوصول إلى الشعب الصومالي، لجعله يدرك أن القرصنة ليست الوسيلة الأفضل لمجابهة أوضاعه الأمنية والسياسية."

كما طالب كونتريمان بتجنب دفع الفدية لأنها تغذي القرصنة، وشدد على ضرورة التمييز بين قادة العصابات والشبان الذين يقصدون البحر للقرصنة، متهماً قادة العصابات بأخذ أموال الفدية إلى ملاجئ آمنة خارج البلاد.

ولدى سؤاله عن الروابط بين تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وحركة الشباب الصومالية، قال المسؤول الأمريكي: "هناك بعض التعاون بينهما، ولكنهما ليسا فصيلاً واحداً، والنظر إليها على هذا الأساس غير صحيح سياسياً."

كما حض كونتريمان على التمييز بين حركة الشباب والقراصنة، قائلاً إن الصلات الوحيدة تنشأ عن استخدام القراصنة للمرافئ الواقعة في مناطق نفوذ الحركة، الأمر الذي تسهله الحركة لقاء مبالغ مالية.

وعن إمكانية ضلوع القاعدة في عمليات القرصنة، قال: "لقد سبق للقاعدة أن استخدمت شبكات إجرامية مثل نقل المخدرات والأسلحة والبشر، وهم قد ينظرون إلى إمكانية القرصنة إن توفر لهم ذلك، ولكن اعتبار أن عمليات خطف السفن مرتبطة قطعاً بالإرهاب لا يساعد سياسياً على تحديد المشكلة ومعالجتها."

من جانبه، قال دونالد ياماموتو، من مكتب الشؤون الأفريقية التابع للخارجية الأمريكية، إن واشنطن لا تمتلك "مقاربة أخرى" للوضع في الصومال، رداً على سؤال ألمح إلى احتمال حصول تدخل أوسع في البلاد، قائلاً إن بلاده "ملتزمة بدعم الحكومة الصومالية"، داعياً  إلى تطبيق اتفاقية جيبوتي للسلام بشكل صحيح، قبل التفكير في سياسات جديدة.

مناشدة السكان المغادرة بسبب القتال الضاري

محلياً طلبَ رئيس بلدية العاصمة الصومالية مقديشو من سكانها ضرورة مغادرة المناطق التي تشهد معارك ضارية بين الفصائل المسلحة. وقتل 50 شخصا على الاقل خلال الأيام الثلاثة الماضية التي شهدت هجمات من جانب المسلحين الإسلاميين، حسبما قال مسؤولون وشهود عيان.

وقال رئيس بلدية المدينة عبد الرزاق محمد نور إن الهجوم المنتظر من جانب القوات الحكومية سيبدأ قريبا، لذلك يجب ان يتراجع السكان مسافة كيلومترين. بحسب رويترز.

وكان نحو نصف سكان مقديشو قد فروا من المدينة بعد عقدين من النزاع المسلح. ويقول مراسل بي بي سي في مقديشو محمد ولد حسن إن هذا هو أعنف قتال منذ مايو/ أيار 2009، عندما حاول المتمردون الإطاحة بالحكومة الضعيفة المدعومة من جانب الأمم المتحدة. وأضاف أن السكان الذين مازالو في المدينة لم يستجيبوا بعد لمناشدة رئيس البلدية. وقال رئيس البلدية اننا نحث المدنيين على الفرار من مناطق القتال، والابتعاد مسافة 2 لتجنب التعرض للاصابة . وحسب تقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقد نزح حوالي 33 ألف شخص من منازلهم في مقديشو على مدى الأسابيع الستة الماضية.

ويقول مراسلنا ان القوات الحكومية تقوم بقصف الخطوط الأمامية للمتمردين، لمنعهم من التقدم نحو المناطق القليلة التي ظلت تحت سيطرة تلك القوات، المدعومة من جانب قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي. بعض من أولئك الذين فروا من المدينة قالوا لبي بي سي إن العديد من أقاربهم وجيرانهم محاصرون في منطقة الحرب. وقالت دهبو دوهولو وهي أم لستة أطفال: زوجي وستة من أقاربي وبعض جيراني محاصرون داخل منازلهم في شمال مقديشو في منطقة أو العز التي تتعرض لهجوم بقذائف الهاون والرصاص يتطاير في كل مكان . وقال ادو يوسف داود انه سار ثلاث ساعات في شوارع وأزقة خطرة هربا من القتال، واضاف خلال النهار الليل، كانت القذائف تتساقط فوق منازلنا . وأضاف ابني البكر لا يزال هناك لرعاية المنزل والممتلكات . وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين انها قلقة خصوصا وأن الآلاف من السكان غير قادرين على الفرار من العاصمة. وقد أصبج هناك ما يقرب من 1.5 مليون شخص من النازحين داخل بلادهم. ومنذ شهور يتحدث قادة الحكومة والقادة العسكريين عن عملية وشيكة للسيطرة على كامل مقديشو.

ويقول مراسلنا ان هناك مدنيين بقوا في مناطق قليلة كثيرا ما تشهد معارك، ولكن أعدادا كبيرة لا تزال موجودة في بعض المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. كما كان مسؤولون في بلدية مقديشو قد دعوا المواطنين الى مغادرة وسط المدينة لتجنب القصف.

يشار الى ان الصومال تعاني من ضعف الحكم المركزي منذ 19 عاما كما تتهم دول مجاورة للصومال مقديشو بتوفير ملاذ لمتشددين يعتزمون شن هجمات في شرق افريقيا.

تجاهل العالم لأزمة الصومال

وأبلغ مندوبون قمة الاتحاد الافريقي بأن الأزمة المتفاقمة في الصومال تمثل تهديدا كبيرا للأمن العالمي مثل أفغانستان لكنها تواجه تجاهلا من المجتمع الدولي.

وتقاتل الحكومة الانتقالية في الصومال والمدعومة من الامم المتحدة تمردا إسلاميا وأصبحت الحكومة محاصرة في بضعة شوارع بالعاصمة مقديشو.

وتكافح قوة حفظ سلام تابعة للاتحاد الافريقي قوامها 5000 جندي من بوروندي وأوغندا لصد المتمردين.

وطلب الاتحاد الافريقي مرارا إرسال قوات حفظ سلام تابعة للامم المتحدة لدعم جهوده لكنه لم يحصل سوى على التمويل.

وشارك الامين العام للامم المتحدة بان جي مون في القمة السنوية للاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا يوم الاحد ولم يقدم مجددا أي تعهد بارسال قوات حفظ سلام.

وقال بان لنحو 30 من الزعماء الافارقة "الاحداث الاخيرة في الصومال أظهرت بشكل مأساوي ان الصراع له تأثير مباشر على الامن العالمي."

وفي إفادة صحفية لاحقة قال بان ان الامم المتحدة ما زالت تدرس "ما اذا كانت الظروف ملائمة لعملية حفظ سلام."بحسب رويترز.

وأدى العنف في الصومال الى مقتل 21 الف مدني منذ بداية عام 2007 بالاضافة الى تشريد 1.5 مليون شخص وهو ما ساهم في حدوث واحدة من أسوأ الأزمات الانسانية في العالم.

ويقوم قراصنة مدججون بالسلاح من الصومال بترهيب طرق الشحن في المحيط الهندي وخليج عدن الاستراتيجي الذي يربط اوروبا باسيا.

وقال رامتين لامامرا مفوض الاتحاد الافريقي للسلم والامن ان الصومال اصبح يمثل الان تهديدا كبيرا للامن العالمي مثل افغانستان ولا يجب تجاهل ذلك. واضاف لامامرا "الارهاب الدولي هو نفسه وهناك صلة بنفس المنظمة الام القاعدة..وهناك ايضا قرصنة."

وقال رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو للوفود انه معجب بعمل الاتحاد الافريقي في الصومال لكنه اضاف انه ليس "كافيا". واضاف ثاباتيرو باللغة الاسبانية "اذا لم ندعم الحكومة الانتقالية بشكل اكبر فقد يصبح الصومال مكانا قد يدمر الانسانية." وتابع "الرد الملائم هو رد القوي من المجتمع الدولي الذي تقوده الامم المتحدة. الصومال يعاني."

واصبح جناح القاعدة في اليمن يمثل الولوية للامن العالمي بعد ان اعلن الجناح مسؤوليته عن الهجوم الفاشل في 25 ديسمبر كانون الاول على طائرة ركاب أمريكية وتزايدت المخاوف بشأن علاقاته بمتشددي حركة الشباب الصومالية.

الأزمة الصومالية أصبحت عالمية

من جانبه اعتبر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في الصومال، أحمدو ولد عبد الله، أن الأزمة الصومالية لم تعد أزمة محلية أو إقليمية، بل أصبحت أزمة عالمية، كما أصبحت، أكثر من أي وقت مضى، تشكل "تحدياً صعباً، يجب ألا يتم تجاهله."

وقال ولد عبد الله، أمام اجتماع لمجلس الأمن الدولي، إنه "بعد سنوات من الصراع لن يتغير الوضع في الصومال بين ليلة وضحاها، ورغم ذلك فإننا ننتقل من مرحلة الدولة الفاشلة، إلى الدولة الهشة، وهذا يعد تقدماً"، وفقاً لما أوردت إذاعة الأمم المتحدة الجمعة.

وشدد ولد عبد الله على "ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي الإجراءات اللازمة، للتغلب على التحديات الرئيسية في الصومال، ومنها غياب التعهدات الملموسة، ومواصلة التردد، وعدم اتخاذ إجراءات عملية فعالة، بما أدى إلى تشجيع المتطرفين، وإضعاف الحكومة"، بحسب قوله.

وقال: "يجب أن نتفهم أن المتطرفين، المسؤولين عن ارتكاب أعمال العنف، يضمون عدداً كبيراً من الأجانب، ويسعون، ليس فقط إلى الإطاحة بالحكومة بالقوة، وإنما إلى معارضة إقامة أية سلطة"، مؤكداً أن "منتهى هدفهم هو إما الإبقاء على حالة دائمة من الفوضى، أو إنشاء دولة متشددة."

كما شدد ممثل الأمين العام للمنظمة الدولية على "ضرورة أن يترجم التوافق الدولي بشأن الصومال إلى مساعدات مادية"، وأشار إلى أن المشاركين في مؤتمر المانحين في بروكسل العام الماضي، تعهدوا بتقديم أكثر من مائتي مليون دولار، إلا أن ما تم الوفاء به بالفعل أقل بكثير من احتياجات الصومال.

وقدم ممثل بان كي مون، المعني بالصومال، عدة توصيات إلى مجلس الأمن الدولي، لتحسين الوضع في الدولة العربية الواقعة في منطقة القرن الأفريقي، منها تقديم الدعم الكامل للحكومة، وتعزيز دورها بشكل عملي، والتعاون بشكل مقرب مع المنظمات الإقليمية. بحسب سي ان ان.

وكان برنامج الغذاء العالمي، التابع للأمم المتحدة، قد أعلن مطلع يناير/ كانون الثاني الجاري، تعليق عمليات الإغاثة في معظم جنوب الصومال، بسبب تهديدات للعاملين به، ومطالب "غير مقبولة" من مسلحي حركة "الشباب المجاهدين"، التي تسيطر على المنطقة.

إسلاميو الصومال يحظرون تدريس الانجليزية والعلوم

وفي سياق آخر قال سكان ومدرسون في بلدة أفماداو بجنوب الصومال ان اسلاميين صوماليين متشددين حظروا تدريس اللغة الانجليزية والعلوم في مدارس بالبلدة تجاهلت طلب المتمردين أن ينضم أشخاص لصفوف مقاتليهم.

وذكر سكان البلدة الواقعة بالقرب من الحدود مع كينيا أن ثلاث مدارس أعطيت مهلة شهر لتنفيذ أمر أصدره متمردو الشباب بتغيير المنهج الدراسي بحيث يتضمن تدريس اللغة العربية والعلوم الاسلامية.

وقال مدرس لم يذكر اسمه "طلبوا منا ضم طلاب الى الميليشيا التابعة لهم حتى يقاتلوا معهم لكننا رفضنا."

وتريد حركة الشباب التي تقول واشنطن انها تقاتل بالوكالة عن تنظيم القاعدة في الصومال الاطاحة بالحكومة المدعومة من الامم المتحدة وفرض تفسيرها المتشدد للشريعة الاسلامية في البلد الواقع بمنطقة القرن الافريقي.

وتسيطر الحركة المسلحة جيدا على أجزاء كبيرة من جنوب الصومال وأجزاء من العاصمة مقديشو وأصدرت محاكم يديرها رجال دين تابعون للحركة أحكاما بالاعدام والجلد.

وحظرت الحركة الافلام والرقص في حفلات الزفاف ولعب أو مشاهدة كرة القدم في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وقال شيوخ ان ميليشيا الحركة أغلقت مدارس وامو ودوبال وعثمان محمود لفترة وجيزة يوم الاحد قبل أن تفرض حظر اللغة الانجليزية التي وصفتها بأنها "لغة جواسيس."

وقال علي مولد محمد وهو شيخ عشيرة في أفماداو لرويترز بالتليفون " أغلقت الادارة الاسلامية مراكز تعليمية وأمرتها بوقف تدريس اللغة الانجليزية التي قالوا انها لغة غربية."وأضاف "قالوا للمدارس نعلم أن كل من سيكون جاسوسا للحكومات الغربية يتعلم هذه اللغة."

وفتحت المدارس أبوابها من جديد بعدما قبل الشيوخ والمدارس قرار حركة الشباب. وأمرت الحركة بفصل 23 معلما لم يتعلموا اللغة العربية.

وقالت صفية علي وهي أم لطفل في احدى المدارس الثلاثة انها تعلم أبناءها في المدراس القرآنية في وقت مبكر من حياتهم حتى يتمكنوا من الحصول في وقت لاحق على بعض التعليم الغربي والانضمام الى مؤسسات تعليم أعلى في أماكن أخرى.

وقالت لرويترز "علمنا أبناءنا بالفعل المباديء الاسلامية والدين. لا أعرف كيف سيلبي المنهج الدراسي الجديد الاحتياجات التعليمية لابنائنا."

مسلحو الشباب يتدفقون على مقديشو

وقال شهود عيان إن المئات من المقاتلين الموالين لجماعة الشباب بتدفقون على العاصمة الصومالية مُقديشو، في غمرة توقعات لمعركة حاسمة. وذكرت هذه المصادر أن المقاتلين وحوالي عشرين سيارة وآلية مدفعية قد وصلوا إلى المدينة.

وبدأ سكان مقديشو منذ بضعة أيام موجة نزوح خارج المدينة لاعتقادهم أن المتمردين والقوات الحكومية باتوا على شفا مواجهات خطيرة. وتبسط جماعة الشباب وعدد من حركات التمرد سيطرتها على معظم مناطق جنوب الصومال. وكانت الحكومة قد أعلنت عزمها على شن حملة لاسترجاع السيطرة على جميع مناطق البلاد.

ويقول مراسل بي بي سي في مقديشيو محمد أولاد حسن إن المتمردين تعهدوا بمقاومة الحكومة. وأضاف مرسلنا قائلا إن الحرب الكلامية بين الطرفين أشاعت جوا من الخوف في المدينة.

وقال محمد عيسى عبد الله -أحد من فضل النزوح- لوكالة الأنباء الفرنسية: لقد تعهدت الحكومة باستعادة السيطرة على المدينة، وسيصر المتمردون على الصمود في مواقعهم، وسيكون المدنيون هم الضحية الوحيدة، لأنهم هم من يكتوي بنار الحرب.

ويذكر انه خلال الأيام التسعة عشرة الماضية، فرّ ما يقارب من 63 ألف صومالي من منازلهم هرباً من القتال بين القوات الحكومية والمليشيات المسلحة، إلى جانب حالة انعدام الأمن التي تسيطر على البلد الذي تمزقه الحرب الأهلية منذ الإطاحة بالرئيس الصومالي الأسبق، محمد سياد بري عام 1991.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، روبيرتا روسو، إن 14 ألف لاجئ منهم هربوا من منطقة داخل العاصمة مقديشو إلى منطقة أخرى وذلك خلال الأسبوعين الماضيين.

وقالت روسو إن القتال الذي اندلع بين القوات الحكومية ومسلحي حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص، من بينهم عدد من الأطفال.

كذلك نقلت روسو عن تقارير مفادها سقوط ما يزيد على 30 مدنياً وإصابة نحو 50 آخرين بجروح في المعارك التي اندلعت بين مليشيات "السنة والجماعة" المؤيدة للحكومة المؤقتة، ومسلحي الشباب في مدينة بلدوين بوسط الصومال.

وكتبت روسو تقول: "لقد أجبر الآلاف من السكان على الهرب من منازلهم (جراء القتال في بلدوين) ويقدر عدد من استقروا حول بلدوين وفي ظروف بائسة بنحو 11900 شخص."

بالإضافة إلى ذلك، ثمة 50 ألف شخص تشردوا من منازلهم بسبب القتال ويقيمون في منطقة هيران المحاذية للحدود الإثيوبية.

هذا ومازال الصومال يشكل واحداً من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث شردت الحرب الأهلية حوالي 1.5 مليون صومالي ونزحوا قسراً ولكن داخل الأراضي الصومالية، في حين لجأ ما يزيد على 560 ألف صومالي إلى الدول المجاورة، بحسب ما ذكرته مفوضية شؤون اللاجئين.

ويبلغ عدد اللاجئين الصوماليين في كينيا بحدود 309 آلاف لاجئ، وهناك قرابة 163 ألف لاجئ في اليمن و59 ألف لاجئ في إثيوبيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/نيسان/2010 - 20/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م